أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهند احمد الشرعة - قراءة في سورة يوسف















المزيد.....

قراءة في سورة يوسف


مهند احمد الشرعة

الحوار المتمدن-العدد: 5178 - 2016 / 5 / 30 - 04:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قراءة في سورة يوسف:
الى اليوم لا توجد أي دلائل أثرية تشير الى وجود شخص اسمه يوسف عبراني أصبح وزيرا في مصر ولكن يصر البعض والبعض كثير على أخذ الأمور بحرفية دون القيام بعملية حفر لمراجعة السطور القرآنية – بشكل خاص- لمعرفة ما يكمن خلف هذه القصة.
فالقصة تبدأ بالحلم الذي كان يلعب دورا كبيرا في تلك العصور ليكون تنبؤا بالتحديات التي ستحدث للبطل. فمن ناحية سيميائية هناك بطل وهناك من يقفون معه ومن يقفون ضده وهناك أمور ومشاكل وعقد عديدة ستحدث في القصة والتي سيتمكن البطل من التغلب عليها وحلها.
تبدأ القصة بالبطل يوسف الذي يحلم حلما يتنبأ فيه بالسيادة على إخوته وينصحه والده بأن لا يخبر إخوته لكي لا يكيدوا له كيدا وهنا نجد إستباق الأحداث كنوع من التلويح والتشويق السردي. إذن في البداية لدينا البطل الذي يتنبأ له بأنه سيسود اخوته عبر حلم يحلمه ويخبر والده الذي يحبه أكثر من إخوته بذلك وهناك تنبؤ باطني من الأب بالخوف على ابنه من كيد إخوته له.
أما إخوة يوسف وهم من سيقفوا ضده في البداية فالحسد يأكل قلوبهم غيرة من يوسف لكون والده يحبه أكثر منهم مما جعلهم يدبرون لقتله ليخلو لهم قلب أبيهم ولكن أحدهم يطرح عليهم طرحه في البئر. وهذا ما يجعلنا نجد ثيمة رئيسية في النص وهي الحسد ولكن هذا الحسد ليس من نوع عامي ( يصيبوا بالعين) بل هو الحسد الذي يجعل الانسان يقوم بأفعال تجاه المحسود لازالة ما هو عليه من نعمة ولكن في هذا النص هل الحسد فقط لأجل أن يحظوا بمحبة واهتمام والدهم بالطبع لا فمن الممكن أن يكون لأجل رئاسة أو تحقيق مصالح مادية إن هذا النص القصصي يطرح مشكلة انسانية نفسية هي مشكلة الحسد ولكن بطريقة أخرى إنه سيطرح مشاكل أخرى والبحث عن إجاباتها.
بعدها قام الأخوة بمراودة أبيهم يعقوب على أخيهم وأخذوه معهم للرعي ورموه في البئر ونزعوا عنه قميصه ولوثوه بالدم وذهبوا إلى أبهام عشيا يبكون ليخبروا والدهم أنهم قد سهوا عن يوسف فأكله الذئب ولكن يعقوب لا يصدق بالأمر قائلا بمعنى مختصر بل سولت لكم أنفسكم أمرا. وهذا ما يأخذنا الى الفعل الذي ينتج عن الحسد حيث أنه يوصل العداء بين الأخوة الى أعلى درجاته وما يجعل الانسان يتجرد عن كونه انسانا بل ويرفض ذلك كما يظهر لنا أن النص يترك أشياءا مفتوحة فهل كان يعقوب يعرف أن ابنه لم يقتل وذلك من قميصه حيث تذكر التوراة والتفاسير أن القميص كان مغطى بالدم؟! أم أن الأمر كان غير ذلك وهو ظن يعقوب بأن إخوة يوسف قد قتلوا يوسف هذا ما ستجيب عنه نصوص لاحقة لتدلل بأن التفسير الأول هو الأصح.
ثم تمر قافلة فتجد يوسف الذي يتم بيعه بدراهم معدودة ويحظى به عزيز مصر ليأخذه لزوجته والتي يأمرها بالعناية بها عسى أن ينفعهم او يتخذوه ولدا وكأن المسألة نوع من التبني ليشب يوسف عنده ولتهواه زوجة العزيز ولتراوده عن نفسه وحيث هما ببعضهما ولكن يوسف يتراجع وليكتم شهوته وذلك عبر علاج ميتافيزيقي يظهر عبر الخوف من الله وهنا وكأن النص القراني يقع في مغالطة التفخيم التوارتي لبني اسرائيل وهذا ما سنتكلم عنه لاحقا وهنا نجد الصراع بين النفس الأمارة بالسوء والنفس اللوامة من الناحية الانسانية ولكن برهان ربه يصل بهذه النفس الى مرحلة الطمأنينة.
بعدها يجد العزيز زوجته ويوسف وهي تراوده حيث تسبق المرأة الى التأكيد على أن يوسف هو من راودها ولكنه يجيب بالنفي ويتبادل معها التهم ويكون الحل بحكم طرف ثالث من أهل زوجة العزيز وعبر تحليل جنائي يجدون أن القميص قد قد من دبر مما يؤكد كلام يوسف وهنا نجد ثاني تحقيق بهذه القصة وتشير هذه الأسطر المتعلقة بموضوع يوسف وزوجة العزيز الى جدلية الشهوة والعفة وجدلية النفس الامارة واللوامة والتي ستصل الى الطمأنينة عبر برهان ميتافيزيقي وخشية من الله وتثبيت منه. كما تشير بطريقة الإضمار الى كيد النساء والى شهوتهن كما تشير الى محاولة الحط من المصريين عبر طريقة العهر وهذا ما يخفيه النص التوراتي الذي استقى منه القرآن ما استقى.
وبعد أن يفضح أمر زوجة العزيز بين نساء طبقتها تقوم بجمع النساء وتناول كل واحدة منهن سكينا ثم تدخل يوسف ليقطعن أيديهن لتخبرهم بأن هذا الذي لمتنني فيه وان لم يفعل ما يأمره فإنه سيسجن ويتمنى يوسف السجن خوفا على طهارته وبالفعل يسجن وهنا نجد مرة أخرى دلائل سابقة ويدخل معه في السجن فتيان يحلم كل واحد منهما حلما ويتنبأ فيه لهما بأن احدهما سيسقي الملك خمرا والاخر سيأكل من رأسه الطير ويطلب من الذي ظن أه سينجو ان يذكره عند ربه ولكن هذا الشخص ينسى وذلك عقابا من الله كما يدلل النص لأن يوسف قد نسي ذكر ربه ولا يتذكر الشخص الا بعد أن يحلم الملك حلما عجز عنه المفسرون فيخبر الساقي الملك عن يوسف ويستدعيه ليفسر للملك الحلم وبالفعل يفسره وتعاد مسألة زوجة العزيز والنسوة اللواتي قد قطعن أيديهن فتستدعى زوجة العزيز وتعترف بالحقيقة فيؤكد يوسف على أمانته وعدم خيانته للعزيز. وهنا يؤكد النص على أهمية الحلم لدى البشر القدماء ودلائله والأمر قديم بقدم البشرية وقد ارتبط الحلم بظهور عبادات معينة كالطوطمية أضف الى ذلك فإن النص يعالج مسألة الاله الواحد الذي في السماء والذي يغضب إن نسي أن يذكره عبده إن اله المشاعر والمتعالي عن المشاعر بنفس الوقت!! ويشير النص الى مسألة ظهور الحقيقة والتي ستستمر الى التقاء يوسف بإخوته وعاقبته لهم وتعذيبهم بطريقة نفسية الى أن يظهر نفسه لهم ليؤكدوا له بأن الله قد فضلهم عليهم وبعدها يلتئم شمل يوسف بأبيه وأخوته ليسجدوا له وليتأكد حلم يوسف.
هذه القصة المثيولوجية كان محورها الحلم منذ البداية والتأكيد على أهميته كما يعالج مسألة الحسد وما ستسببه من مشاكل كما يقوم بوصف علاج ميتافيزيقي لمسألة الشهوة وكونها بشرية بحتة وأن العفة هي من الله ومن هنا نجد فهم مسألة أن الله منه الخير ومن الانسان الشر ليتم الصاق كل ما هو دنيء بالانسان!! أوليست صفة الفعل دليل على الفاعل؟! ويعالج النص موضوع الكذب الذي نتج عن الحسد والشهوة وأن في النهاية سيتم كشفه ولو بعد حين أي أن القصة هي بحد ذاتها معالجة لمشاكل أخلاقية عبر ربطها بالدين وبالايمان ومن هنا نجد فهما لمعنى ارتباط الأخلاق بالدين كما يدعي السذج بدائيو التفكير الذين لا يبحثون بجينالوجيا الأخلاق.
والقصة تحوي الكثير من الاضمارات والاستباقات وارجاع خارج عن النص يتجلى باية إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل ولكن لدينا ناحية نفسية جماعية مهمة قائمة بحد ذاتها يتناولها النص وهي مسألة الصراع الرعوي والحضاري الذي يتجلى عبر الصراع المختفي وراء النص بين بني اسرائيل والمصريين والذي سيتجلى عبر موسى بشكل أوضح.
فالنص القراني هو مستقى من مصادر توراتية أو تحلق حول الأفق التوراتي وهذا النص هو أولا تأكيد على أن العبرانيين الرعاة أفضل نفوسا من الحضر المصريين وذلك أن يوسف كان رجلا وزوجة العزيز امرأة انها دلالة رمزية على نوعية المجتمعين فالرعوي هو مجتمع الذكورة والزراعي هو مجتمع الأنوثة ثانيا أن يوسف كان عفيفا على عكس زوجة العزيز الشهوانية التي تراود فتاها عن نفسه وثالثا فإن يوسف كان صادقا على عكس زوجة العزيز الكاذبة رابعا أن يوسف كان أكثر حكمة من حاشية ملك مصر خامسا أن يوسف تحيط به العناية الالهية وفي هذا انتصار لله الاسلامي أو يهوه العبراني.
لقد استفدت كثيرا في هذا المقال من كتاب تجليات الأسطورة لداود سليمان الشويلي. وخلال قراءاتي المتعددة لهذه القصة استنتج أمورا أخرى وأتمنى أن تزداد الاستنتاجات وأن أراجع ما استنتجته وارحب بأي نقد.



#مهند_احمد_الشرعة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجنس في المخيال العربي (قراءة في نصوص أدبية وقرآنية)
- نظرة حول التخلف
- عبثية العالم بأبعاده وعبثية الواقع الانساني
- اللادينية في الاسلام
- تأملات وجودية
- هروب
- اعجاز علمي.....!
- قراءة في سيكولوجيا الجماهير الشرق أوسطية
- انتحار
- نقد فكرة العدالة في الإسلام(الجزء الأول):
- الوجودي التائه
- هل نحن جاهزون؟
- نافذة الى الوجود
- نظرة حول موضوع الاخلاق
- ما وراء رفض دول الشرق الأوسط للملحدين والمتنورين
- المعتزلة فرقة عقلانية
- قراءات حول العقل الشرق أوسطي
- مغالطات النقاش العربي (الملحدين والمتدينين)
- ((مشكلتنا مع الاسلام 2 )) قراءات وآراء حول كتاب الانسداد الت ...
- مشكلتنا مع الاسلام


المزيد.....




- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهند احمد الشرعة - قراءة في سورة يوسف