أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - أجدلُ السعفَ لأنني أحبُّ














المزيد.....

أجدلُ السعفَ لأنني أحبُّ


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5143 - 2016 / 4 / 25 - 02:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



كتبَ على صفحته يقول: “هذا العام أيضا سنذهب كعادتنا معًا ليلة الأحد، نحصدُ عيدان السَّعف وسنابل القمح، لتعلقيها بكفّيكِ فوق باب البيت؛ كعادتك كل عام. عند مساء السبت سأنتظرك، ونذهب معًا. كلُّ عام وأحباؤنا المسيحيون صائمون، يرفعون أياديهم إلى السماء ضارعين بالدعاء لكي يحمي اللهُ مصرَ ونيلَ مصرَ وشعبَ مصرَ من كل شرّ،....اللهم تقبل عبادتكم. أمين.”
هذا رفيق دربي، صخرةُ حياتي التي عليها أتكئ كلّما هدّني التعبُ. هذا زوجي وأبو ولديّ مازن وعمر. المهندس المعماري الجميل نبيل شحاته، كتب من القاهرة هذه الكلمات على صفحته قبل أيام، ورغم أنني لم أره، إلا أنني أكاد أرى العبرات التي تقطر من كلماته تترقرق في عينيه الطيبتين. فأنا هذا العام، لست معه ولا مع أبنائي، أنا لستُ في بيتي، ولا في وطني، بل في مكان آخر.
أنا خارج وطني منذ أربعين يومًا، وبدأت تتواتر المناسباتُ التي تمرُّ عليّ ونحن (لأول مرّة ما بنكون سوا)، كما تقول جارة القمر. قبل شهر، مرّ عيد الأم وأنا بعيدة، فخسرتُ أربع قبلات: من أمي ومن طفليّ وأبيهما، واليوم يمرُّ عيد السعف (الزعف كما نسميّه بالدارجة المصرية)، فخسرتُ أن أجدل شرائح السعف تاجًا وأساورا وخواتم ولُعبًا لي ولأسرتي، وخسرت سنبلة قمح خضراء أعلّقها على باب شقتي، أراقبُها وهي تجفُّ يومًا بعد يوم حتى تتحوّل إلى شعلة من الذهب المشعّ يجلبُ الخير على بيتي ويحمي أسرتي من عيون الحاسدين، كما كان يؤمن أجدادي الفراعنة.
قرأت كلماته على صفحته فغام الحزنُ فوق صفحة وجهي. قاتل الله الغربة التي تمزّق نسيج الأهل والأحبة والجيرة والصداقة. لكن السماء تهبنا الأصدقاء حيثما تحطّ رحالنا. لمح صديقي السفير رأفت إسكندر حزني، فأهداني جريدة ضخمة من سعف النخيل الغضّة الخضراء، ثم جلس معي ليلة الأمس لنجدل التيجان والحُليّ، كما اعتدّت أنا أفعل في وطني، ولم يشأ اللهُ أن يقطع عادتي، فمنحتُ أمي تاجها، ورددتُ لنبيل عهدي الذي أبدًا لن ينقطع بإذن الله.

من خارج مصر، أكتبُ إليكم نهار "أحد السعف" وأكاد أرى شوارع مصر تعجّ بباعة سنابل القمح وجريد النخيل في كل مكان. فتلك عادتنا الفرعونية الجميلة قبل آلاف السنين، قبل أن تتأكّد باصطفاف أهالي القدس الشريف، على الجانبين حاملين أغصان الزيتون رمزًا للسلام وعيدان السعف رمزًا للرغد، انتظارًا للحظة وصول السيد المسيح، عليه السلام، رسولا للسلام والمحبة. قبل ألفي عام دخل أورشليم القديمة منتصرًا مكللاً بأوراق الغار.
 لكن غياب الحب عن بني الإنسان جعلت هذا السيد الكريم، الذي جال يصنع خيرًا، يسير بعد أيام قليلة طريقًا وعرة من باب الأسباط إلى كنيسة القيامة حاملاً صليبَه الخشبيَّ الهائل، قربانًا لخلاص البشر من الشرور والبغضاء.
غيابُ الحبّ أصلُ كلّ شرور العالم. فاجلسْ الآن إلى طاولتك واجدلْ شيئًا من السعف لمن تحبّ. ثم افحصْ قلبَك. قلبك يخفق؟ إذن أنت بخير، ولا خوفٌ عليك. أنت بخير حين تتيقّن أن قلبك مازال قادرًا على الحب، رغم ما تصادفه في حياتك من قبح. الحب نعمة هائلة لا يدرك معناها إلا ذوو القلوب الخافقة. أما ذوو البلادة القلبية فليس لهم إلا الشفقة والدعاء لهم بأن يتعلّموا كيف أحبّنا الله ُولم يطلب منّا سوى أن نحبه ونحب خلقه فنعمّر الكون بالرغد والسلام. أنت تحب، إذن أنت إنسان. أحبّ حبيبتك، أحب أخاك، أحب جارك، أحب عدوك، أحب الحيوان والطير والشجر. أحب الكون، فتكون بهذا مُحبًّا لله.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما الهزيمة؟
- القطة .... التي كسرت عنقي
- العصفورُ المتوحّد
- أولاد الوزّة
- سامحيني يا سمراء | أم الشهيدة والأرنب المغدور
- أيها الشعراء غنّوا وأُسجنوا!1
- قفص العيب
- مَن هُم خصومُنا؟
- اسمُها زَها حديد
- ثغرة في قانون ازدراء الأديان
- كنتي سيبيه يمسكها يا فوزية!
- توب الفرح يا توب
- لماذا اسمها -آنجيل-؟
- لماذا هرب الجمل؟
- دولة الأوبرا تزدري الطبيعة!
- لابد من الموسيقى
- أمهاتُ الشهداء وأمهات الدواعش
- عبقريةُ البسيط وعبطُ الفيلسوف
- سوطٌ لكل امرأة
- كُن مرآةً ولا تكن عكازًا


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - أجدلُ السعفَ لأنني أحبُّ