عندليب الحسبان
الحوار المتمدن-العدد: 5109 - 2016 / 3 / 20 - 10:55
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
الأزمة السورية فضحت أشياء كثيرة في نظامنا الثقافي , كشفت هشاشة الدولة والمؤسسة مقابل النظام والعصبة , وأسقطت ورقة التوت عن أيديولوجيات الحزب المقاوم الممانع ففلسطين ما زالت محتلة واسرائيل لم يبتلعها البحر , وفتكت بمفهوم التنوير والنخبة الفكرية , فالنخبة ليست شلة تتبادل التنظير اللغوي وتجتر التعريفات والسياقات المفاهيمية مجردة من المعلومة ابنة البحث العلمي , وأجهزت على النخبة المجتمعية , فنخبة المجتمع ليست تلك التي تمارس الاختلاط بين الجنسين , وتشرب الخمرة جهارا , وتلبس ميني جب في الأماكن العامة . ..
الأزمة السورية اخرجت أزمتنا الثقافية الأكثر عمقا منذ قرن مضى , تسيد العقل الأيديولوجيي ممثلا اليوم بداعش وبأنصار النظام السوري .وتسيد انكار قيمة الانسان الفرد المصادر دائما شعاراتيا لصالح القضية الدينية والقومية والوطنية .
داعش يرانا ضالين عن الصراط المستقيم وبقوة الجهاد والدين يريد أن يفرض علينا الهداية والعودة إلى طريق الحق , وأنصار النظام السوري يروننا خونة وجهلة فقدنا البوصلة , وبقوة العقيدة القومية والنضال يريدون هدايتنا إلى طريق التحرر الوطني , ما يجمعهما هو اعتقاد كليهما بأنه يمتلك البوصلة , فواحد معه مفتاح الجنة , والآخر معه مفتاح فلسطين , والشعوب التي هي نحن " الذين لسنا مع داعش ولا مع نظام العصبة وحزب العمة " جهلة وقطيع نقاد بالفتوى الدينية وبالكلمات السياسية الرشاشة .
ما المشكلة مع هؤلاء ؟ ..الجهل ؟ صحيح ولكننا كلنا جهلة , فواقعنا العربي موضوعيا غير مؤهل لانتاج معرفة وعباقرة ليكونوا قادة فكر وأمة . ما المشكلة إذن ؟ المشكلة هي الغرور ...غرور داعش وأنصاره الذين يرون أنهم امتلكوا المعرفة النهائية حين امتلكوا المعرفة الدينية , وغرور أنصار النظام السوري , الذين ظنوا أنهم امتلكوا المعرفة النهائية لأنهم امتلكوا المعرفة اللادينية , خاصة وأن معظم هؤلاء معرفتهم عن العلمانية والفكر الحر أنها " عكس داعش " أو " لا إله والحياة مادة " .
الهتاف لفلسطين , و"فش العجلات والدواليب " ,, والتدبير لقلب نظام الحكم , والمبيت في المعتقلات السياسية , وارتداء الأحزمة الناسفة , والقيام بالعمليات الاستشهادية , وتشجيع النضال السياسي , والهتاف ضد الامبريالية والصهيونية , والخوف على ضياع البوصلة ... كل هذا قد يمنحك لقب مقاوم أو ممانع أو مناضل أو شهيد ,أو" بوصلجي " أو أي لقب كان ....,لكنه أبدا لا يسقط عنك الجهل الغرور ..ولا يمنحك حق امتلاك البوصلة ......
العالم ينتفض من الفلتان والافتتان المعرفيين , والسلحفاة هنا تلاحقه بالبوصلة...!!!
#عندليب_الحسبان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟