أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - اليساري الذي انتقمَ من ماضيه!














المزيد.....

اليساري الذي انتقمَ من ماضيه!


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 5087 - 2016 / 2 / 27 - 15:39
المحور: كتابات ساخرة
    


أعرفه منذ ما يقرب من نصف قرنٍ مضى، كان كادحا، ليس في نشأته الأولى فقط، ولكن في شبابه أيضا، وكان مقتصدا حكيما، يلبس من الثياب ما يلبسه الآخرون من البسطاء، ويعشق سوقَ البالة، للملابس المستخدمة، وكان إذا رأى مظهرا من مظاهر الترف مثل سيارةٍ فارهة، ولباسٍ ثمين، يقول:
كيف يقبل هؤلاء أن يُثيروا حقدّ الفقراء والكادحين، والعمال والفلاحين؟!
كان يعشق الأسواق الشعبية، ويشتري أغراضه بنفسه، ويركب المواصلات العامة، ولا يركب سيارة التاكسي إلا مضطرا!
وكان يكره الوساطة والرشوة، ويذمهما قائلا:
لا يمكن لمجتمع الرشوة والوساطة والمحسوبية أن يصبح مجتمعا حُرا حضاريا!!
كان يكره كل لابسي الكرفتات، وكان دائما يقول:
أنا لستُ سوى فردٍ عالمي، لا أنتمي إلا إلى طبقة الكادحين في العالم، ولا أؤمن إلا بنصرتهم، ليهزموا البرجوازيين، والإقطاعيين، والرأسماليين، والكمبرادوريين!
وكنتُ يومها معجبا بهذه المصطلحات الثورية، بدون أن أعرف معانيها معرفة كاملة.
كنتُ حينها أردد أمامَهُ المثل المشهور:
قِصر ذيل يا أزعر! فكان يرد بانفعال:
سأظلُّ حتى مماتي محافظا على مبادئي وأفكاري!!
اختفت أخبارُ صديقي القديم سنواتٍ طويلة، بعد أن تخرجنا من الجامعة، وعرفت من خلال صديقٍ آخر أنه أصبح مسؤولا في أحد التنظيمات اليسارية، وأنه مفوَّض سياسي لحزبه في دولة آسيوية.
أخيرا التقينا في النصف الأخير من العمر، حصل على وظيفةٍ رفيعة، وشرع أولا، في جني الأرباح، وتأسيس الشركات الخاصة له ولعائلته وتعيين أقاربه في المؤسسات التي يملك فيها السلطة، وصار عضوا في كثير من الجمعيات( الإمبريالية) !! وفق تسميته، وأصبح يُسخِّر حزبَه لينال ما يبتغيه، ويهدد بحزبه منافسيه، فحول حزبه إلى شرنقة عصبية عائلية، واندمج في النظام الأسري السائد، وصار لا يلبس إلا أفخر الثياب، ويُباهي بماركات المعاطف والكرفتات، وحينما قرر أن يركب سيارة، اختار سيارة مرسيدس باهظة الثمن، وهو لا يسير إلا بسائق خاص، ومجموعة من الخدم والحشم، يشترون له من الأسواق ما يطلبه، إنه كان ينتقم من ماضيه اليساري الكادح!!
إلتقيتُه، وكنتُ في شوقٍ لرؤيته، ولكنه لم يبادلني الشوق والذكريات، وأحسستُ بأن لقائي به كان ثقيلا على نفسه، لأن صورتي تجعله يستعيدُ ماضيه (الغابر)، فابتعدتُ بعد أن أدركتُ بأنه شرع في الانتقام من ماضيه الكادح، وأعلن براءته من ذلك الماضي، وتحول إلى برجوازي بذكريات يسارية غابرة!
سألني أحدهم عنه، فقلتُ:
(كان) صديقي، و(كان) رفيقي، و(كان) محدثي، و(كان) أخا عزيزا، ورفيق دربٍ وطنيا، و(كان) مجتهدا كادحا، ويبدو أنه اليوم أعلن البراءة من كل (ما كان)، وكفَّرَ عن خطيئته في حق نفسه.
وأخيرا... فما أكثر المنتقمين من ماضيهم الكادح!!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملخص كتاب محظور عند العرب 4-5
- دعشنة النضال الفلسطيني
- ملخص كتاب محظور عند العرب 3-5
- ملخص كتاب محظور عند العرب، الجزء الثاني
- ملخص كتاب محظور في دول العرب
- كلسترول الطرب المزيف
- شروط الحصول على الجنسية الإعلامية
- عربتان فوق جسرٍ ضيِّقٍ
- شحنات من التعظيم والمدح!!
- وصفة إبداعية للشفاء من الحزبية
- لا توّرِّثوا التشاؤم لأبنائكم
- عام 2016 العنصرية في إسرائيل
- (مستر أمن) الإسرائيلي
- هل اقتربتْ نهاية رئيس دولة إسرائيل؟
- قصة حفيد مائير كاهانا البريء
- من هم الصحفيون المبدعون؟
- قصة برفسورة كامبرج، والطفلة اليهودية شاحار
- القبلية والفردية في فلسطين
- دُرَرٌ من تراث نسائنا المُبدعات
- المؤرخ، أبو غوغل الطبري


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - اليساري الذي انتقمَ من ماضيه!