أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ أبو كيلة - مصر التى فى خاطرى














المزيد.....

مصر التى فى خاطرى


محفوظ أبو كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 5056 - 2016 / 1 / 26 - 11:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ولدت ونشأت فى احدى قرى شمال غرب الدلتا تدعى الكنيسة تابعة لمركز دسوق، أول ما كنت أشاهدة من الشرفة لدى يقظتى ضريح "مقام" ستى عامرية. وهى ولية من أولياء الله الصالحين، سرها باتع وقد كان القسم بها عنوان الحقيقة فلم يكن أحد منا يجرؤ بالحلفان بها كذبا إلا وناله شراً لا قبل له به. كان مقامها بديع المنظر بلونيه الأبيض والأخضر وكان أبى يتولى ترميم المقام وتجديد ألوانه كل فترة وقد خصص فدان ينفق ايرادة على المقام سمى قطعة عامرية، بالإضافة الى تخصيص بقرة تسمى بقرة ستى عامرية يخصص انتاجها من العجول لتوزيع لحمة على أهالى القرية تقربا لها، وكان اطفال القرية يمرون من أمامها خاشعين يقرأون فى سرهم سورة الفاتحة. تقبع فى قاع ذاكرتى وأنا طفل أبن أربع سنوات فى عام 1950، صورة ثلاثه من الرهبان ينزلون ضيوفا على أبى ليسهل لهم دعوة عائلات المنطقة لإرسال ابنائهم للدراسة بمدرسة الليسيه التابعة لإشراف دير الفرنسسكان بطنطا. و صورة الرهبان الثلاثه فى الصباح الباكر وهم يمتطون الركايب " الحمير"بصحبة عدد من المرافقين متوجهين لجولة بالمنطقة يزورون فيها بعض العائلات بناء على ترتيبات سابقة. وقد اثمرت هذه الزيارة ذهابنا أنا وثلاثه من أخوتى منهم فتاة ضمن 15 من أبناء عائلات المنطقة وانتظامنا فى الدراسة بمدرسة الليسيه حتى انتقالنا الى المدارس القومية التى أنشأتها الثورة تحت تأثير الدعاية الوطنية والدينية التى بثتها الإذاعة.
يجول فى خاطرى بعض ذكريات أجازة الصيف، ونحن فى طريقنا إلى كتاب الشيخ مطاوع المتميز بقرية "أبتو" المنشأة على انقاض مدينة بوتو إحدى عواصم مصر القديمة التى تبعد عن قريتنا نحو 4 كيلو، لقد كان يتعين علينا أن نقطع مسافة تستغرق نحو 5 دقائق والركايب تجرى بأقصى سرعتها فى وسط أطلال من الحجارة والأسوار والأعمدة كبيرة الحجم فيما يطلق عليه كوم فرعون، ونحن فى حالة من الهلع تحت تاثير مايتداول من حكايات حول المساخيط المتواريين خلف الأنقاض لشدة غضب ربنا عليهم. وذات صباح استيقظنا على حالة من الهرج بسب عودة محمود أخى الكبير من الغيط " الحقل " يحمل فى يداه شقفتين عليهما رسوم " قال انها فرعونية – حيث كان طالب فى الثانوى"، وقد عثر عليهما لأن الحرث كان جائرا، إنتهى الأمر بأن أخذ الشقفتين أحد أقاربنا من عشاق التاريخ ويعمل مدرسا له ليعرضهم على أساتذته، عرفنا بعد ذلك أن هذه الشقاف كانت عبارة عن ألواح وان الكتابات عباره عن كتابات مدرسية لتعليم تلاميذ المدارس فى مصر القديمة، وان بلدتنا كانت فى الغالب هى المكان الذى يتجمع فيه المحتفلون فى طريقهم إلى بوتو العاصمة للإحتفال بالأعياد والمهرجانات.
وفى الصيف كانت القرية تموج بالإحتفالات مابين مولد سيدى عمرومولد النبى, وتتنوع فعاليات الإحتفالات وفقراتها ما بين تمثيل مسرحيات يؤلفها ويخرجها شباب القرية، وإلقاء أشعار قديمة وحديثة، ومغنى "سييط" يشدو بمواويل المديح لسيدنا الرسول، وحلقات الذكرومواكب الصوفية، وفى الستينيات كانت ترسل لنا وزارة الثقافة قافلة ثقافية للمشاركة فى الإحتفالات ضمنها عربة "فان"، لتقديم عروض سينمائية وأخرى مكتبة. كنا نشاهد أيضا فى نهاية الأجازة نساء القرية و هن يغنين ويصفقن و يتجمعن ويركبن عربات الكارو" عربة خشبية يجرها حصان"، فى طريقهن لمولد سيدى المرشدى على بعد نحو 20 كيلو، ليصلن اليه بعد إنحسار الفيضان وتكون بركة كبيرة بمحيطة، تقضى النساء على شاطئها ويأكلن من أسماكها نحو أسبوع فى جوار مقام سيدى المرشدى، يتبركن به ويتوسلن أليه لتحقيق احلامهن فى زيجة سعيدة أوالحمل والإنجاب ورد العكوسات.
فى طريقنا إلى طنطا و القاهرة حيث التحقت بعد الثورة، مع أخوتى وبعض أقاربنا، بالقسم الداخلى بمدرسة المنيل القومية بالقاهرة. وأيما كان الطريق الذى نسلكه كنا نمر إما على بوتو عاصمة مصر فى الدولة القديمة 3200 قبل الميلاد، او على صا الحجر التابعة لمركز بسيون عاصمة مصر فى العصر الصاوى بالدولة الحديثة 1000 قبل الميلاد، وغالبا ما كانت تثار الأسئلة حول هذه الأنقاض و كانت الإجابات تدور حول حكايات المساخيط وغضب ربنا على قوم فرعون لما فعلوه مع قوم موسى، أو لعقاب قوم من المصريين كانوا يستحمون باللبن ويعاشرون القرود، وحكايات الكنوز التى ينهبها الأهالى من حفارياتها. وفى بعض الأحيان كنا نسمع بعض المعلومات التاريخية عن مصر القديمة.
فى أيام العطلات كانت ادارة المدرسة تنظم رحلات للتلاميذ الذين لم يذهبوا لقضاء العطلة مع اهاليهم، أمضينا أياما طوال بالحدائق والمنتزهات، و قد خلب لبى ماشاهدته بالمتاحف والآثار ، (المتحف المصرى والقبطى والإسلامى والزراعى ومتحف الشمع، وأهرامات الجيزة وهرم سقارة وقصر التيه بالفيوم وقلعة الجبل والجوامع والأحياء القديمة). وكلما تقدم بى العمر تتشابك الأسئلة مع الإجوبه، وماكنت اظنه إجابة يتحول إلى سؤال، كتاب الشيخ مطاوع ومدرسة الفرنسسكان، موسيقى القداس والتراتيل مع أناشيد الصوفية ومديح الرسول فى مولد النبى، حلقات الذكر وحفلات الرقص التى كنا نشاهدها بالقاهرة، كوم فرعون بأبتو وحجارة صا الحجر مع مشاهد الآثار والمتحف المصرى، أسيادنا الأولياء وما لهم من تغلغل وسطوة واختفائهم فى القاهرة، والكثير من الأسئلة ... أخيرا أدركت إنها مصر.



#محفوظ_أبو_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نوبار باشا: شخصية من مصر
- التقلص السياسى ، والتمدد الثقافى للتيارات الإسلامية
- عمر لطفى: شخصية من مصر
- محمود مختار: شخصية من مصر
- دكتور نجيب محفوظ: شخصية من مصر
- الشيخ الباقورى: شخصية من مصر
- على باشا مبارك: شخصبة من مصر
- العارف بالله، السيد ابراهيم الدسوقى
- سلامة موسى: شخصية من مصر
- الأب أثناسيوس: شخصية من مصر
- بديع خير: شخصية من مصر
- دكتور ثروت عكاشة: شخصية من مصر
- مينا دانيال: شخصية من مصر
- محمود باشا الفلكى: شخصية من مصر
- شهدى عطية الشافعى: شخصية من مصر
- السيد درويش: شخصية من مصر
- القديسة فيرينا
- درية عونى: شخصية من مصر
- تقى الدين المقريزى: شخصية من مصر
- مجدى عبد الملاك: شخصية من مصر


المزيد.....




- الدوما يصوت لميشوستين رئيسا للوزراء
- تضاعف معدل سرقة الأسلحة من السيارات ثلاث مرات في الولايات ال ...
- حديقة حيوانات صينية تُواجه انتقادات واسعة بعد عرض كلاب مصبوغ ...
- شرق سوريا.. -أيادٍ إيرانية- تحرك -عباءة العشائر- على ضفتي ال ...
- تكالة في بلا قيود: اعتراف عقيلة بحكومة حمّاد مناكفة سياسية
- الجزائر وفرنسا: سيوف الأمير عبد القادر تعيد جدل الذاكرة من ...
- هل يمكن تخيل السكين السويسرية من دون شفرة؟
- هل تتأثر إسرائيل بسبب وقف نقل صواريخ أمريكية؟
- ألمانيا - الشرطة تغلق طريقا رئيسياً مرتين لمرور عائلة إوز
- إثر الخلاف بينه وبين وزير المالية.. وزير الدفاع الإسرائيلي ي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ أبو كيلة - مصر التى فى خاطرى