أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - خليل اندراوس - مدخل إلى المادية الجدلية (3)















المزيد.....

مدخل إلى المادية الجدلية (3)


خليل اندراوس

الحوار المتمدن-العدد: 5053 - 2016 / 1 / 23 - 14:54
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الفهم المادي للتاريخ هو الأساس النظري العام الفلسفي للنظرية الماركسية عن الثورة. وقد سحب ماركس وانجلز، خلافًا لأسلافهما، المادية الفلسفية والديالكتيك ونظرية التطور إلى ميدان التاريخ.


"اننا كلينا، ماركس وأنا، كنا وحدنا تقريبًا اللذين وضعا نصب أعينهما مهمة إنقاذ الديالكتيك الواعي" (من دك المثالية بما فيها الهيغلية).
"وثقله إلى صعيد المفهوم المادي عن الطبيعة". "إن الطبيعة هي التأكيد على صحة الديالكتيك وان العلوم الطبيعية الحديثة بالضبط تبين ان هذا التأكيد غني للغاية" "وانه يكدس كل يوم معطيات لا تحصى ويبرهن على ان الأمور في الطبيعة تسير في آخر التحليل، على النحو الديالكتيكي، ولا على النحو الميتافيزيائي".
وقال انجلز أيضًا: "إن الفكرة الأساسية الكبرى التي تقول بأن العالم لا يتألف من أشياء جاهزة، مكتملة بل هو مجموعة من العمليات التي يطرأ فيها على الأشياء التي تبدو في الظاهر ثابتة، وكذلك على انعكاساتها الذهنية في دماغنا، أي الأفكار، تغير مستمر من الصيرورة والفناء، إن هذه الفكرة الأساسية الكبرى قد نفذت على نحو عميق منذ هيغل، في الإدراك العام، حتى انه يكاد لا يوجد من يعارضها في شكلها العام هذا. ولكن الاعتراف بهذه الفكرة قولا شيء وتطبيقها في الواقع، في كل حال من الأحوال وفي كل ميدان من ميادين البحث شيء آخر" "ليس هناك من أمر نهائي مطلق، مقدس بنظر الفلسفة الدياليكتيكية، فهي تُرى على كل شيء وفي كل شيء، خاتم الهلاك المحتوم، وليس ثمة شيء قادر على الصمود في وجهها غير الحركة التي لا تنقطع، حركة الصيرورة والفناء، حركة التصاعد أبدًا دون توقف من الأدنى إلى الأعلى. وهذه الفلسفة نفسها ليست إلا مجرد انعكاس هذه الحركة في الدماغ المفكر".
فالديالكتيك هو إذًا، في نظر ماركس: "علم القوانين العامة لحركة العالم الخارجي والفكر البشري على السواء" (لودفيغ فورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية).
إن هذا الجانب الثوري لفلسفة هيغل هو ما تبناه ماركس وطوره. فالديالكتيك حسب مفهوم ماركس، كما هو حسب مفهوم هيغل، يشمل ما يسمى اليوم بنظرية المعرفة، التي يجب عليها ان تعالج موضوعها من وجهة نظر تاريخية أيضًا وذلك بان ندرس وتعمم منشأ المعرفة وتطورها، أي الانتقال من اللامعرفة إلى المعرفة.
ولن نستطيع الاقتراب من الحقيقة إلا إذا تبنينا الفلسفة الجدلية الماركسية هذه الفلسفة المتحزبة لأكثر الطبقات تقدمًا من الناحية التاريخية.
ومن هنا، فان تعريف المادية الجدلية بأنها فلسفة حزب الطبقة العاملة الثوري ليس أمرًا لا يمكن التوفيق بينه وبين دعوى المادية الجدلية التعبير عن الحقيقة وانها وسيلة الوصول إلى الحقيقة، بالعكس، ان لنا كل الحق في هذا الادعاء بالنظر إلى الوضع التاريخي للطبقة العاملة ولدورها الثوري.
استنتاجات الفهم المادي للتاريخ تؤكد استمرارية العملية التاريخية، تحول التاريخ إلى تاريخ عالمي، ضرورة الثورة الشيوعية. وهذه الاستنتاجات توصل إليها كارل ماركس وفريدريك انجلز من خلال تطوير الفهم المادي الجدلي عن التاريخ، وحصولهما على الاستنتاجات التالية:
1. القوى المنتجة تبلغ في تطورها درجة تنبثق فيها قوى منتجة ووسائل معاشرة، لا تجلب معها في ظل العلاقات القائمة، غير البلاء ولم تبق قوى منتجة بل صارت قوى مدمرة (الآلات والنقود)، ومع هذا تنبثق طبقة تضطر إلى تحمل جميع أعباء المجتمع، دون أن تستفيد من خبراته، وتصبح حتمًا بعد إزاحتها من المجتمع الطبقات الأخرى، ان هذه الطبقة تؤلف أغلبية جميع أعضاء المجتمع، ومنها ينطلق وعي ضرورة الثورة الجذرية، والوعي الشيوعي الذي يمكن ان يتشكل بالطبع بين الطبقات الأخرى أيضًا بفضل فهم وضع هذه الطبقة.
2. ان الظروف التي يمكن فيها استخدام قوى منتجة معينة هي ظروف سيادة طبقة معينة في المجتمع، طبقة تنبع سلطتها الاجتماعية من وضعها المادي وتجد كل مرة تعبيرها المثالي عمليًا في شكل للدولة مناسب، ولذا يتجه كل نضال ثوري ضد الطبقة التي كانت سائدة حتى ذاك.
3. في ظل جميع الثورات السابقة على اختلافها بقي طابع النشاط دائمًا كما كان، فان الأمر لم يكن يتعلق دائمًا إلا بتوزيع آخر لهذا النشاط وبتوزيع جديد للعمل بين أشخاص آخرين، بينما الثورة الشيوعية تعمل ضد طابع النشاط، القائم حتى ذاك، وتستبعد العمل ("استبعاد العمل" "القضاء على العمل" – المقصود هنا القضاء، نتيجة الثورة الاشتراكية، على نظام استثمار العمل الذي يرتكز على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وعلى انقسام المجتمع إلى طبقات متناحرة). وتقضي على سيادة الطبقات، أيًا كانت هذه الطبقات، كما تقضي على الطبقات ذاتها، لأن هذه الثورة إنما تقوم بها تلك الطبقة التي لم تعد تُعتبر في المجتمع طبقة، ولا يُعترف بها كطبقة، وغدت تعبيرًا عن انحلال جميع الطبقات والقوميات والخ في المجتمع الراهن. هذه النقطة الثالثة تصيغ الفروق المبدئية للثورة الشيوعية عن جميع الثورات السابقة: تحطيم العمل كنشاط بقسر خارجي، تحطيم السيطرة الطبقية والطبقات نفسها.
4. سواء لأجل ولادة هذا الوعي الشيوعي الجماهيري أم لأجل بلوغ الهدف بالذات، لا بد من تغيير للناس على نطاق واسع لا يمكن ان يتم إلا في الحركة العملية في الثورة. ولذا تكون الثورة ضرورية، ليس فقط لأنه يستحيل بأي أسلوب آخر إطاحة الطبقة السائدة، بل أيضًا لأن الطبقة المطيحة لا تستطيع إلا في الثورة ان تخلع عنها كل خساستها القديمة وتصبح قادرة على بناء أساس جديد للمجتمع (كارل ماركس فريدريك انجلز الفصل الأول من "الايديولوجية الألمانية").
من هنا فالثورة الشيوعية عملية ذات حدين موحدين: تغيير ظروف حياة الناس، وفي الوقت نفسه تغيير ذوات الناس القائمين بالثورة.
هذه الفكرة الرائعة تعود إلى ماركس: "إن اتفاق تبدل الظروف والنشاط الإنساني أي التبدل الذاتي لا يمكن بحثه وفهمه عقلانيًا إلا بوصفه عملا ثوريًا (راجع ماركس – "موضوعات عن فورباخ" الموضوعة الثالثة – ص 38). فالمهمة العظيمة في الثورة الشيوعية وبناء الشيوعية لا يمكن دفعها إلى الأمام بدون التطور المتعدد الجوانب للإنسان ذاته، بدون مستوى عال من الثقافة والتعليم والوعي الاجتماعي والنضج الداخلي للناس، فالشيوعية غير ممكنة، كما أنها غير ممكنة أيضًا دون قاعدة مادية تكنيكية مناسبة. ومن هنا على الأحزاب الشيوعية العمل المثابر من اجل تطوير متعدد الجوانب لأعضائه وللطبقة العاملة، من اجل الوصول إلى مستوى عالٍ من الثقافة والتعليم والوعي الاجتماعي والنضج الداخلي والايديولوجي. فلا يعقل ان يكون أعضاء في قيادة أحزاب ثورية وتطرح القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من منطلق ميكانيكي مثل طرح موقف من قضية معينة بأننا نقف أمام جدار ويصمت. فالتحليل الجدلي لأي قضية يجب ان يكون النضال من خلال تحويل واسع يجمع فئات مختلفة من المجتمع وكسر الجدار أي جدار.
كما انه لا يمكن معالجة أي قضية أو مشكلة اجتماعية سياسية اقتصادية مثل الفقر إلا من خلال نشاط ثوري جماهيري واسع يضم غالبية المجتمع أي مجتمع وليس من خلال شعارات أو نشاط أفراد. وكما قال ماركس في "موضوعات عن فورباخ" – في النشاط الثوري يجري تبدل الذات نفسها في آن واحد مع تحول الظروف".
هذا الفهم المادي للتاريخ هو الأساس النظري العام الفلسفي للنظرية الماركسية عن الثورة. وقد سحب ماركس وانجلز، خلافًا لأسلافهما، المادية الفلسفية والديالكتيك ونظرية التطور إلى ميدان التاريخ.
وبرهنا ان إنتاج وتجديد إنتاج الحياة المادية هما أساس الحياة الاجتماعية والعملية التاريخية. ان التاريخ هو عملية محتمة للتطور المتواصل ولتعاقب التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية. وحركة الأشكال الاجتماعية تتوقف في آخر المطاف على تطور القوى المنتجة والتي يجب ان تتكيف علاقات الإنتاج وعلاقات الملكية حتمًا حسب مستواها. وهكذا تشكل علاقات الإنتاج البناء التحتي للمجتمع، الذي ينتصب فوقه البناء الفوقي – أي العلاقات السياسية والحقوقية وخلافها والمؤسسات المناسبة لها وأشكال الوعي الاجتماعي والايديولوجية الخ.. إن التناقض الموضوعي بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج، بين أسلوب الإنتاج في مجتمع معين وأشكاله، يؤدي في درجة معينة من التطور، إلى تغيرات جذرية في حياة المجتمع، إلى انعطاف اجتماعي إلى ثورة اجتماعية. وهذا التناقض يشكل أساس الثورة المادي، والثورة تنجز عملية نضوج مقدمات النظام الجديد تدريجيًا في أحشاء النظام القديم، وتحل التناقض بين القوى المنتجة الجديدة وعلاقات الإنتاج القديمة وتحطم علاقات الإنتاج البائدة، والبناء الفوقي السياسي الذي يدعم هذه العلاقات، وتفسح المجال لاطراد نمو القوى المنتجة.
وفي مقدمة ماركس لمؤلفه "مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي" الصيغة الكلاسيكية لجوهر الفهم المادي للتاريخ، فان ماركس يشير إلى ان جوهر الثورة الاجتماعية يكمن في حل النزاع بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج، وفي الانتقال من نظام اجتماعي اقتصادي إلى نظام آخر، ويؤكد ان "أي تشكيلة اجتماعية لا تموت قبل ان تتطور جميع القوى المنتجة التي تفسح لها ما يكفي من المجال ولا تظهر أبدًا علاقات إنتاج جديدة أرقى قبل ان تنضج شروط وجودها المادية في قلب المجتمع القديم بالذات". ويضيف : "ولهذا لا تضع الإنسانية أبدًا أمامها إلا المسائل التي تستطيع حلها إذ انه يتضح دائمًا، عند البحث عن كثب، ان المسألة نفسها لا تبرز إلا عندما تكون الشروط المادية لحلها موجودة، أو على الأقل، آخذة في التكون، ان أساليب الإنتاج، الأسلوب الآسيوي، والقديم والإقطاعي والبرجوازي الحديث، مرسومة بخطوطها الكبرى ويمكن اعتبارها بمثابة عهود متصاعدة من التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية.




//المراجع:


- كارل ماركس وفريدريك انجلز في ذكريات معاصريهما.
- لينين المؤلفات الكاملة.
- مدخل إلى المادية الجدلية – موريس كورنفورث.
- ماركس انجلز – مختارات.
(يتبع)



#خليل_اندراوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدخل إلى المادية الجدلية (2)
- مدخل إلى المادية الجدلية (1)
- دور روسيا في إفشال خريطة طريق أمريكا لإعادة هيكلة الشرق الأو ...
- الصهيونية حركة كولونيالية
- قراصنة العصر
- المفهوم المادي عن التاريخ وعلم المجتمع (2-2)
- المفهوم المادي عن التاريخ وعلم المجتمع (1-2)
- حول المفهوم المادي عن التاريخ
- القوى المناهضة للامبريالية والصهيونية لا يمكن قهرها
- الواقع المأساوي للعالم العربي وإمكانيات تغييره
- الذكرى ال 70 للنصر على النازية
- من يحمل الفكر الماركسي يمتلك الرؤيا التعددية الأممية الإنسان ...
- الفقر وسياسات الامبريالية العالمية
- عن العنصرية وواجب الساعة
- حول أهمية دراسة الفلسفة المادية وربط النظرية بالممارسة
- التنظيم والمعرفة عناصر نجاح النضال الثوري للطبقة العاملة (2- ...
- عناصر نجاح النضال الثوري للطبقة العاملة (1-2)
- تفاقم الأزمة العامة للرأسمالية
- الموقع التاريخي للامبريالية من وجهة نظر ماركسية
- آل سعود وكارثة فلسطين (الحلقة الأخيرة)


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - خليل اندراوس - مدخل إلى المادية الجدلية (3)