أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد صالح الطحيني - مهام الدين الخلقية















المزيد.....

مهام الدين الخلقية


محمد صالح الطحيني

الحوار المتمدن-العدد: 5038 - 2016 / 1 / 8 - 19:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مهام الدين الخلقية
الدين والحكومات – المحرمات الجنسية – تأخر الدين – التحول العلماني

تقوم الأخلاق في الديانات على دعامتين أساسيتين هما الأساطير والمحرمات ، الأساطير تخلق العقيدة من ما وراء الطبيعة وهي التي تضمن بقاء انواع السلوك التي يريد المجتمع بقائها فمهوم الثواب والعقاب يذعن الفرد للقيود التي تفرضها الأديان عن طريق رجال الدين وسادته ، فليس من طبع الأنسان الطاعة والإذعان وليس الخوف من الآلهة اخضع الانسان لتلك الفضائل التي لا تتفق مع طبيعته فأنظمة الملكية والزواج تتوقف على العقوبات الدينية ، والحكومات على مر العصور تستعين بالدين والكهنة كما فعل نابليون وموسليني وحتى كثير من الانظمة بوقتنا الحالي بقيام دول دينية فلما كانت قوى الرئيس البدائي تستمد قوتها من السحر والسحراء فان كثير من الحكومات ومنها حكوماتنا تستمد هذه القوة من الدين والمؤسسات الدينية .
وظهرت كلمة "تابو" ومعناها التحريم وتشمل كثيرا من الافعال والأقوال وبعض الاشياء التي تعتبر "مقدسة" او "نجسة" وللكلمتين نذيرا واحدا وهو ان تلك الاشياء او الافعال لا يجوز لمسها "فتابوت العهد" مثلا كان محرما ويعتقد ان من يلمسه يسقط مصعوقا كما ان المصريون القدماء اكل بعضهم بعضا إثر مجاعة حلت بهم ولكنهم لم يقربوا الحيوانات التي كانت تعتبر طوطم لهم ويقدسونها .
وإننا لنجد الكثير في معظم الجماعات البدائية عددا كبيرا من هذه المحرمات فكلمات معينة وأسماء معينة ما كان لها قط ان تنطق ، وهناك ايام معينة واشهر معينة يحرم فيها بعض الاشياء فيوم السبت عند اليهود الى يومنا يحرم عليهم فيه اشعال النار وهناك الاشهر الحرم عند الاسلام ، وهناك ايضا تحريمات معينة لبعض انواع الطعام لا تعتمد على مبادئ الصحة بقدر ما تعتمد على مبادئ الدين كتحريم لحم الخنزير عند الاسلام مثلا .
وكانت المرأة اهم ما اتجه اليه التحريم منذ اقدم الاديان الى يومنا فآلاف الخرافات نشأت عن المرأة لتجعلها محرمة اللمس خطرة نجسة إن منشأ هذه الاساطير تعود في الاساس لأزواج غير موفقين بزواجهم فكانوا يصورون المرأة مصدرا للشر كله ولم يقتصر هذا على الديانات القديمة والوثنية بل هو موجود في الديانات التي تعتبر الان ديانات سماوية كاليهودية والمسيحية والإسلامية ، واهم التحريمات في هذه الديانات كان خاصا بالمرأة عند حيضها فكل من لمسها في هذه الفترة فقد فضيلته وهذا ما تجمع عليه معظم الديانات ، حتى الولادة كانت عندهم نجسة والعلاقة الجنسية حرام في تلك المرحلة وفي فترة الرضاعة وربما هذه التحريمات قد انشأها النساء انفسهن بما لهن من ادراك سليم لمل يحتجن من وقاية وراحة ، ومع الزمن اصبحت المرأة نجسة وانتهى بها الامر الى ان توافق الرجل على وجهة نظره فيها ، وبدأت تشعر بالعار من فترة حيضها بل وفي حملها ومن التحريمات نشأ الحياء ونشأ الشعور بالخطيئة والنظر الى العلاقة الجنسية بأنها نجسة ونشأ التقشف والرهبنة ونشأ إخضاع النساء للرجال .
ليس الدين أساس الاخلاق لكنه عونا لها فمن الممكن تصور الاخلاق من غير الدين
وليس الامر النادر ان تتطور الاخلاق في طريقها الى التقدم بينما يبقى الدين لا يأبه لها ، او يقاومها ففي الجماعات الاولى وفي بعض الجماعات المتأخرة كانت الاخلاق مستقلة عن الدين وفي مثل هذه الحالة لا يعني الدين بقواعد السلوك بل يعني بالسحر والطقوس وتقديم القرابين والرجل التقي من يؤدي محافل الدين أداء المطيع ويمدها في ماله بولاء وإخلاص والدين لا يرعى الخير المطلق اذ ليس هناك خير مطلق بل يرعى معايير السلوك التي وطدت نفسها بحكم الظروف الاقتصادية والاجتماعية وهو كالقانون يلتفت الى الماضي ليستمد منه احكامه ويتغير بتغير الظروف وتغيرت معها الاخلاق ، فقد تعلم الاغريق مع الزمن ان يمقتوا مضاجعة المحارم مع ان اساطيرهم كانت ما تزال تمجد الآلهة التي تفعل ذلك ، والمسيحيون يصطنعون نظام الزوجة الواحدة بينما انجيلهم يحلل تعدد الزوجات ، فالعوامل الارضية هي التي تسود آخر الامر والأخلاق توائم بين نفسها وبين المستحدثات الاقتصادية شيئا فشيئا ثم يتحرك الدين كارهاً فيوفق بينه وبين الاخلاق الجديدة إن الوظيفة الخلقية للدين هي ان يحافظ على القيم القائمة اكثر مما يخلق قيما جديدة .
ومن هنا كان من علامات المراحل العليا في كل مدنية أن يتجاذب الدين والمجتمع يبدأ الدين بمدد من السحر يقدمه للناس في حيرتهم وارتباكهم ثم يصعد الى قمة مجده بمدد من وحدة الاخلاق والعقيدة يقدمها للناس فتجئ هذه الوحدة مُعينة أكبر العون للسياسة والفن ثم ينتهي بقتال يفنى فيه فناء المنتحر دفاعا عن قضية الماضي الخاسرة ذلك لأنه كلما تقدمت المعرفة او تغيرت تغيرا متصلا اصطدمت بالأساطير واللاهوت اللذين يتغيران تغيرا بطيئا لا يحتمل وعندئذ يشعر الناس برقابة رجال الدين على الفنون والآداب وغيرها وكأنها اغلال ثقيلة وحائل كريه ، ويتخذ التاريخ الفكري في مثل هذه المرحلة صيغة الصراع بين العلم والدين والأنظمة التي في ايدي رجال الدين مثل القانون والعقاب والتربية والأخلاق والزواج والطلاق تميل نحو الافلات من رقابة الدين لتصبح انظمة دنيوية ويعدها الدين خارجة عنه ، والطبقات المستنيرة ترمي وراء ظهرها اللاهوت القديم وبالتدريج تطرح معه التشريع الخلقي فتصبح الفلسفة والأدب مناهضة للدين ورجاله وترتفع حركة التحرير الى عبادة العقل ، تكبو فيما يشبه الشلل الذي تسببه خيبة الامل ازاء كل عقيدة وكل فكرة ويتدهور السلوك الانساني اذا ما سلب دعائمه الدينية فينقلب ضربا من الفوضى ، بل ان الحياة نفسها وقد حَرَمتها ما فيها من ايمان يبعث العزاء في النفوس ، تصبح عبئا ثقيلا للفقير الشاعر بفقره وللغني الذي مَلَ غناه آن معا وفي النهاية ينحدر المجتمع وتنحدر معه عقيدته الدينية نحو السقوط معا في ميتة واحة كأنهما الجسد والروح على انه سرعان ما تنشأ أسطورة أخرى بين الناس إذ هم ينوءون تحت هذا العبء الفادح ، أسطورة تصب الأمل الإنساني في قالب جديد وتمد الجهد الإنساني بحماسة جديدة ثم تبني مدينة جديدة بعد أن تنقضي قرون في حالة فوضى .

يتبع الآداب



#محمد_صالح_الطحيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طرائق الدين
- المعبودات الدينية
- نشوء الاديان
- المجنون6
- اعتدت
- عندما تبكي السماء
- أعمى
- الروائي المصري إدوار خراط
- دعيني ....
- المجنون 6
- أتسألين ...؟!
- سادية
- حكاية من عالم القطط
- المجنون 5
- المجنون 4
- الفكر الوهابي
- ضرورة تجفيف منابع الفكر التكفيري
- المجنون 2
- المجنون 3
- يا أبتي


المزيد.....




- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد صالح الطحيني - مهام الدين الخلقية