أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرتضى العبيدي - الانتخابات الجهوية بفرنسا: الشعب يعبّر عن رفضه لبرامج الأحزاب المهيمنة















المزيد.....

الانتخابات الجهوية بفرنسا: الشعب يعبّر عن رفضه لبرامج الأحزاب المهيمنة


مرتضى العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 5020 - 2015 / 12 / 21 - 15:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شكلت الانتخابات الجهوية التي دارت بفرنسا في دورتين أجريتا يومي 6 و13 ديسمبر الجاري محطة مهمّة ليعبّر فيها الشعب الفرنسي على موقفه من سياسييه عموما ومن حكامه بصفة أخصّ، حيث وضعهم في الدور الأول في موقع لا يُحسدون عليه باختيار جزء كبير منه الإمساك عن التصويت، مما فسح المجال أمام قوى أقصى اليمين العنصري الممثلة بحزب الجبهة الوطنية لتصدّر النتائج في ستّ جهات من بين الجهات الثلاثة عشر المكوّنة لفرنسا حسب التقسيم الجديد بينما كان عددها عشرين جهة في الانتخابات الأخيرة التي دارت سنة 2010.

وإن لم تكن لهذه المجالس المنتخبة صلاحيات كبيرة إذ أن أبرزها تتمثل في إدارة المدارس ومساعدة المؤسسات والإشراف على النقل العام، وإن كان لهذه الانتخابات طابع جهوي فقط، فإن المراهنة على الفوز بها كان كبيرا لأنّها تؤشر على القادم من المواعيد السياسية ومن بينها الانتخابات الرئاسية التي لم تعد تفصلنا عليها سوى سنة ونصف. فكانت الفرصة إذا سانحة للشعب ليعبّر عن تقييمه لأداء الأغلبية الحاكمة بقيادة الحزب الاشتراكي، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار فوز هذا الحزب بكامل المجالس الجهوية في انتخابات 2010 ملحقا هزيمة نكراء بتحالف أحزاب اليمين بقيادة ساركوزي وممهدا لإزاحة هذا الأخير في الانتخابات الرئاسية اللاحقة. مع التذكير كذلك أن هذه الانتخابات جرت بعيد العملية الإرهابية بباريس وفي ظل حالة الطوارئ التي كان من نتائجها التقليص في أيام الحملة الانتخابية واحتلال المسألة الأمنية مقدمة خطب جميع الساسة، وتنامي ظاهرة الخوف والتخويف من الإسلام والمسلمين. وهي المواضيع المفضلة لحزب الجبهة الوطنية والتي لا ينازعه فيها أيّ من الأحزاب الأخرى حتى وإن أراد.

الحزب اليميني العنصري يتصدّر نتائج الدور الأول

وبفوزه بنسبة 28٪-;- من الأصوات المعبّر عليها في الدور الأول (حوالي 6 ملايين صوت) وبتصدره للنتائج في 6 جهات من بين 13، متقدما بذلك على جميع الأحزاب الأخرى للمرة الأولى في تاريخه، برز حزب الجبهة الوطنية ولو لأيام معدودات كقوة أولى في البلاد، وهو الحزب الذي أسسته عناصر قديمة من بقايا ميليشيات نظام فيشي العميل، المتعاون مع النازية، الحزب الذي يقيم سياساته على فكر قومي رجعي وعلى العنصرية ومعاداة المهاجرين والعمّال. وقد استفاد أيّما استفادة من العملية الإرهابية التي شهدتها باريس أياما فقط قبل موعد الانتخابات، فعزز الخطاب القومي الرجعي المعادي للهجرة والمهاجرين خاصة بعد الكشف على أن اثنين من المهاجمين تسللا إلى فرنسا مع مهاجرين قدموا من اليونان. فما الذي يجعل حزبا بهذه المواصفات يفوز على باقي أحزاب فرنسا بيمينها ويسارها؟
لا بد من التذكير أولا أن هذا الحزب كان يسجل تقدّما مطّردا من موعد انتخابي إلى آخر، إذ أن عدد الأصوات التي حصل عليها في الدور الأول لهذه الانتخابات، فاق تلك التي حصل عليها في انتخابات المناطق التي جرت خلال السنة الجارية، والتي سجل فيها تقدما مقارنة بمثيلتها السابقة، ولكن ذلك لم يكن كافيا لسياسي فرنسا للإنصات لناقوس الخطر المحدق. وقد ذهب بعض المحللين إلى استنتاج أن حزب الجبهة القومية أصبح الحزب الحامل لمشاغل الفئات الشعبية وهو يكتسح أحياءها ويسحب البساط من قوى اليسار خصوصا. ونعتقد أن مثل هذه الاستنتاجات متسرعة إن لم تكن مُغرضة.

اتساع الهوّة بين الشعب والأحزاب التقليدية

إذ لا بد من التذكير بأن قرابة الأربعة ملايين من سكان فرنسا (أي بنسبة 6٪-;-) وأغلبهم من العمّال والمعطلين والأجراء محرومين من المشاركة في هذه الانتخابات، رغم طابعها المحلي لعدم امتلاكهم للجنسية الفرنسية، بينما هم يشاركون في انتخاب المجالس البلدية. وهذا الإقصاء تتفق حوله أحزاب أقصى اليمين واليمين والحزب الاشتراكي. كما أنّ الدور الأول شهد نسبة إمساك عن التصويت قاربت حدود الخمسين بالمائة (أي 22 مليون من المرسمين في سجلات الناخبين) وأن هذه النسبة بلغت 61٪-;- في الأوساط العمالية، وذلك يعني أن الجمهور الانتخابي لهذا الحزب لا يمكن البحث عليه في هذه الأوساط. كما بلغ عدد البطاقات الملغاة والبيضاء 900 ألف بطاقة، وهو شكل آخر من أشكال الاحتجاج والرفض للسائد. وجميع هذه المعطيات تجعلنا نعتقد أن النتائج المذكورة جاءت بمثابة رسالة إنذار إلى حكام فرنسا وكتعبير عن رفض لسياساتها التي لم تتغيّر منذ عقود رغم تغيّر الائتلاف الحاكم مرات عديدة وتداول اليمين واليسار الاشتراكي الديمقراطي على الحكم. إن هذه النسبة العالية من الإمساك عن التصويت والذي يتكرر من اقتراع إلى آخر يعكس حجم الهوّة التي تفصل الفئات الشعبية من عمّال ومعطّلين ومهمّشين المكتوية بنيران سياسات التقشف التي ورثتها حكومة اليسار عن حكومة اليمين وتفانت في تطبيقها، حتى أن نسبة البطالة بلغت في شهر الانتخابات نسبة 10,9٪-;- وهي أعلى نسبة تسجّل منذ سنة1997 . لذلك يصح القول أن الرفض الشعبي لا يخص حزبا بعينه بل لعله إرادة في القطع حتى مع النظام التمثيلي القائم والذي لا يسمح بالاختيار إلا بين الأخوين العدوّين: اليمين الجمهوري واليسار الجمهوري.

التلاعب بالأرقام استعداد للدور الثاني

وقد عمدت الدعاية الحزبية للحزب الاشتراكي وحزب الجمهوريين إلى التلاعب بأرقام الدور الأول لبث الرعب في نفوس الفرنسيين بإقناعهم أن سلوكهم الانتخابي فسح المجال لتقدّم حزب مارين لوبان، واقتصروا في تقديم النتائج على النسب وحدها دون الحديث عن عدد الأصوات التي تحصل عليها هذا الحزب. فالقول بأن حزب الجبهة الوطنية حصل على ثلث أصوات الناخبين دون ذكر عددها، والتي وإن بلغت 6 ملايين صوتا كما ذكرنا، فإنها لا تمثل رقما كبيرا إذا ما قارنّاها فقط بعدد الممسكين عن التصويت وعددهم 22 مليون في الدور الأول، والذين لن يقدر حزب الجبهة الوطنية على كسب المزيد من الأصوات منهم في الدور الثاني، إذ أنه قام بتعبئة كل طاقاته وإمكانياته خلال الدور الأول، على عكس الحزبين الآخرين. ثمّ كما كان منتظرا أعطيت التعليمات من طرف جميع الأطراف من أجل "هبّة جمهورية" لقطع الطريق أمام حزب أقصى اليمين. فلم يكتف الحزب الاشتراكي بسحب قائماته فقط لفائدة حزب ساركوزي بل أعطى تعليمات صريحة لجمهوره الانتخابي بدعم قائمة هذا الأخير حتى وإن لم يتصرف هو بالمثل إذ أبقى على قائماته في جميع المناطق وهو ما يؤدي حتما إلى إضعاف قائمات الحزب الاشتراكي وحلفائه في مواجهة قائمات أقصى اليمين.

انتصار في طعم الهزيمة

وإذا كان من اليسير الإقرار بهزيمة حزب الجبهة الوطنية الذي لم يستطع الفوز في أيّ من الجهات الستّة التي احتل فيها مركز الصدارة في الدور الأول، فهل يمكن والحالة تلك الحديث عن فوز أي من الأحزاب الأخرى بالانتخابات الجهوية؟ فبلغة الأرقام، فإنّ شعار "قطع الطريق أمام أقصى اليمين" أعطى أكله باعتبار القفزة الحاصلة في نسبة المقترعين التي مرت من 49 إلى 58٪-;-، وهو ما كسب منه بالخصوص حزب الجمهوريين الذي فاز بسبع جهات من بينها باريس وضواحيها وحصل على ما يقارب 9 ملايين صوت، والحزب الاشتراكي الذي استفاد كذلك من دمج قائماته مع قائمات باقي أحزاب اليسار وأحزاب الخضر ففازوا بخمس جهات بعدد جملي من الأصوات قدّر بـ 7,2 مليون صوت. ولم يفز حزب الجبهة الوطنية بأيّ جهة رغم جمعه لـ 6,8 مليون صوت.
والخلاصة فأنّ حزب الجمهوريين الذي كان يمنّي النفس بتحقيق فوز ساحق يثأر به للهزيمة النكراء التي ألحقها به الحزب الاشتراكي سنة 2010، لم يتمكن من تحقيق هذا الفوز المبين، إذ أنّه لم يُفلح في استدراج جزء من الجمهور الانتخابي لأقصى اليمين بالمزايدة عليه في الشعارات التي يرفعها مؤسسا دعايته الانتخابية على مواضيع الهجرة والأمن وبالمناسبة كذلك على الحرب ضد الإرهاب. فلا يمكن إذا اعتباره فائزا بهذه الانتخابات. أمّا الحزب الاشتراكي، والذي كان فاز في انتخابات 2010 بكل الجهات، فإنه بالكاد تجنّب هزيمة نكراء في الانتخابات الحالية، وهو يجني اليوم ما اقترفت يداه طوال فترة حكمه من إجراءات لا شعبية عملت على تحميل الطبقة العاملة والفئات الشعبية الأخرى تبعات أزمة النظام الرأسمالي والسياسات الليبيرالية المتوحشة المطبّقة تحت يافطة التقشف.
ولم يبق أمام القوى الثورية والتقدمية إلا تطوير سياسات مستقلة لاستنهاض الحركة العمالية والشعبية ضدّ سياسة التقشف هذه وضدّ سياسة الحرب الذي ما انفك فرنسوا هولاند يورّط فيها بلاده في أكثر من منطقة في العالم وبالخصوص في إفريقيا والشرق الأوسط.
مرتضى العبيدي



#مرتضى_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صدور العدد 31 (أكتوبر 2015) من مجلة -وحدة وصراع- في نسخته ال ...
- خلفيات إسقاط الطائرة الحربية الروسية وتداعياته
- القمة الدولية للمناخ: رهانات وعوائق
- علامات من ثقافة المقاومة زمن الاستبداد
- ثنائية الأمن والحرية في مواجهة الإرهاب
- حوار مع الأستاذ عبد الحميد الطبابي حول كتابه الجديد -دراسات ...
- ماذا يحصل في تركيا بعد فوز حزب العدالة والتنمية في انتخابات ...
- لا لسياسة الحرب والإرهاب والبؤس! من أجل جبهة مشتركة لنضال ال ...
- العمليات الإرهابية في باريس ترسم مجددا خط الفرز بين القوى ال ...
- حوار مع الأستاذ مصطفى القلعي حول كتابه الجديد -التيار الإخوا ...
- اليونان من الاستفتاء إلى قبول المذكّرة الجديدة
- أمام هجمة رأس المال، الطبقة العاملة العالمية تتجنّد للدفاع ع ...


المزيد.....




- بالأرقام.. حصة كل دولة بحزمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل وأ ...
- مصر تستعيد رأس تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني
- شابة تصادف -وحيد قرن البحر- شديد الندرة في المالديف
- -عقبة أمام حل الدولتين-.. بيلوسي تدعو نتنياهو للاستقالة
- من يقف وراء الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأمريك ...
- فلسطينيون يستهدفون قوات إسرائيلية في نابلس وقلقيلية ومستوطنو ...
- نتيجة صواريخ -حزب الله-.. انقطاع التيار الكهربائي عن مستوطنت ...
- ماهي منظومة -إس – 500- التي أعلن وزير الدفاع الروسي عن دخوله ...
- مستشار أمريكي سابق: المساعدة الجديدة من واشنطن ستطيل أمد إرا ...
- حزب الله: -استهدفنا مستوطنة -شوميرا- بعشرات صواريخ ‌‏الكاتيو ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرتضى العبيدي - الانتخابات الجهوية بفرنسا: الشعب يعبّر عن رفضه لبرامج الأحزاب المهيمنة