|
هل حققت روسيا اهدافها في سوريا
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4988 - 2015 / 11 / 17 - 19:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
باختصار شديد، هناك اهداف قصيرة المدى الى جانب اخرى استراتيجية، في مجيء روسيا السريع الخاطف الى سوريا، و ما بداتها بتكثيف العمليات العسكرية التي استهلتها بشكل خاطف بقصف مكثف على التنظيمات الارهابية و المعتدلة ايضا، و من ثم تباطات و بينت انها جاءت من اجل انهاء الارهاب و لكنها في الحقيقة لم يكن كذلك، الا انها تلقت ما لا يمكن قد تصورته من التكتيكات العسكرية للجماعات الارهابية، و داعميهم الذين غيروا من خطواتهم معتقدين بان روسيا جدية في انهائهم في وقت قياسي . فامريكا كانت تدعي احتياج داعش الى سنين لانهاءه، بينما تصرح اليوم بانه بات الخلاص من داعش قريبا جدا، و المنطقة تستريح منه كما تدعي . كل هذا يوضح لنا ان ما وراء مجيء الارهاب و عملياتهم، ان توقعنا بحسن النية بانه لم يكن من صنع نظرية المؤامرة و المخابرات العالمية، و ان لم يكن وسيلة فاصبح علة على من يتعامل معه، بعد مجيء روسيا و تغييرها للمعادلات التي كانت تنتظر امريكا التسيير وفق مجرياتها و بتخطيط ما بعد مجيء داعش تقريبا . اصبحت روسيا جزءا مهما من معادلات المنطقة و جزءا لا يتجزا منها، و لا يمكن ان يمر اي شيء ولو بخطوة دون اذن او موافقة روسيا مبدئيا على الاقل، ويعتبر هذا تحقيق اول و اهم هدف اساسي مهم لها . فان سوريا اصبحت تحت رحمة روسيا اكثر من ايران، و ما حصلت من الخلافات الخفية بينهما تدل على صحة ذلك على الارض، و هي سحبت البساط بشكل ما من تحت ارجل ايران لحدما، و هذا ما يعطيها الاهمية الاكبر لدى تعامل امريكا مع المنطقة بعد الاتفاق النووي الامريكي الايراني، ان لم يكن المجيء بتوافق امريكي روسي سريا بعيدا عن اِخطار ايران مسبقا بما حصل، و هذا تحقيق هدف ثاني لروسيا ايضا . روسيا امنت الكثير من الخطوات الاستراتيجية من ضمان ما يمكن ان يحل محل الخطوط الاقتصادية العالمية التي فكرت و خططت و تقدمت روسيا في خطوات من اجل تنفيذها منذ مدة و خاصة في مجالي النفط و الغاز، و اقدمت على مجموعة من الاتفاقيات في المنطقة من اجل ذلك، و منعت فشلها، عندما احست بان هناك من يريد افشالها بالتحايل عليها في هذه المنطقة من قبل المنافسين، و هذا تحقيق لهدف ثالث لروسيا ايضا . اضافة الى التغطية على المشاكل التي كانت عند عتبة بابها من اوكرانيا و جزيرة قرم و المناطق المجاورة لها، و هذا هدف رئيسي اخرحققتها بسهولة . اما ما ادعته روسيا من انهاء الارهاب لم تكن الا حجة بداية من اجل تقبل العالم لهذا التدخل الذي اعتبر تدخلا دون مقدمات و بشكل مفاجيء، مما استفزت الكثير من البلدان نتيجة قوته و سرعته . نتذكر العمليات العسكرية الروسية المكثفة في بداية الامر في سوريا، و من ثم لم نسمع الا عن تحديد مناطق سورية مهمة لروسيا بحيث اصبحت خط احمرا للتقرب منها من قبل اي كان، و لاسيما داعش و النصرة وحتى التنطيمات المعارضة المعتدلة ايضا . اي انها تساند النظام لحد باب بيته لضمان بقاء شرعيتها في هذه الدولة، و من ثم متى ما احتاجت التغيير او اعتلت اهمية التغيير لديها فانها لا يمكن ان تتردد في حال فرضت المصالح العليا ذلك، و الاهم هو فرض شروط لتحقيق اهداف استراتيجية مهمة بعيدة عن سوريا و من داخل سوريا . لعبت روسيا لعبتها الكبيرة و انها انقذت نفسها بشكل جميل، و خرجت من التقوقع و الحصار، و بدات من اتساع نفوذها بضربة قاضية لم ينتظرها الكثيرون رغم ما يُشم منها احتمال بانها مخططة من قبل بحنكة و دقة و مرسومة بشكل محكم و اتخذت في الوقت المناسب برضا الاخرين . اصبحت روسيا على الارض، و تسلمت الوضع و الازمة و هي تملي من الشروط على الاخر، و لا يمكن ان نتصور كيف كانت الحال لو تقربت المعارضة السورية اكثر و فرضت سطوتها، و كان بالامكان حدوث فوضى و نتيجة غير متوقعة، و لم تكن الخطوة الاخرى معلومة، و عليه تحركت روسيا و قلبت الطاولة على الجميع حقا، و هذا ما يدعونا الى الاعتقاد بانها حقق ما جائت من اجلها بنجاح دون اعتراض هنا و هناك، و هذا ما دعت دول المنطقة ان تتعامل مع روسيا بشكل و بنظرة اخرى و تتلهف جميعها دون استثناء لزيارة روسيا و تداول ما يهمهم على طاولة العلاقت الدبلوماسية التي كانت فاترة حتى الامس القريب . من ما سبق يتبين لدينا بان روسيا حققت الاكثرية الغالبة من اهدافها السياسية و ستحقق ما تريد من خلال الخطوات الناجحة المنتظرة منها، لو لعبت مع حلفائها كما مع الاخرين اللعبة السياسية التي تفرض علو شانها على الاخرين، و من خلال وجودها اقوى و اكثر من اطراف النزاع الاخرين، و بيدها اكثر من ورقة، و السياسة و المصلحة لا تعرف الصديق و القريب في حال تقاطعت المصالح . اذا مصير النظام السوري و المنطقة و ما يجري الان تحت رحمة الكثيرين و في مقدمتهم روسيا التي لولا تدخلها لما كانت لها تلك الاوراق المهمة . اذا، لحد الان يمكن ان نقول ان روسيا حققت ما ارادت ليس في سوريا فقط و انما في المنطقة بشكل عام و من ثم اصبح تغيير موقعها من الصراعات الكبرى و قوة و ثقل و اهمية كلامها التي نقلتها الخطوة الى المقدمة مرة اخرى تحصيل حاصل لا يمكن انكاره .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يأن المثقف تحت ثقل السياسة في العراق
-
هل حقا غيٌرنا اقليم كوردستان ؟
-
نحن مع التضامن مع فرنسا و لكن!
-
كوردستان بين تعنت قياداته و التطرف العرقي المذهبي للاخر
-
عدم الاحتساب لسمعة اقليم كوردستان
-
البيشمركَة يضحي بينما تتباهى قيادات القصور و الفنادق بالانتص
...
-
لقد لطخوا التجربة الكوردستانية من اجل مصالح ضيقة
-
هل نظرية المؤامرة لازالت سارية المفعول
-
كيف تشبع المراة العراقية استحقاقاتها الذاتية في ظل الظروف ال
...
-
التوازن بين متطلبات الذات و ما يفرضه المحيط
-
ليس حبا ببوتين و انما لوجود ندٍ لامريكا
-
لماذا اُغلقت ابواب الاصلاح السياسي نهائيا في اقليم كوردستان
...
-
هل يخرج الكورد من متغيرات المرحلة بلا حمص ؟
-
ما البديل عن عدم تقبل مجتمعاتنا الديموقراطية ؟
-
هل مسعود البرزاني واثق الخطوة يمشي ملكا ؟
-
دور المثقفين المستقلين في حل ازمة اقليم كوردستان
-
هل استقلال كوردستان ضد اليسارية ام العكس ؟
-
هل يكون فوز اردوغان على حساب السلم و الامن الاجتماعي ؟
-
هل غيرت امريكا ما نوته سابقا في المنطقة ؟
-
نعم اخطات حركة التغيير بمشاركتها السلطة في اقليم كوردستان مب
...
المزيد.....
-
رئيس كوريا الجنوبية يعتزم إنشاء وزارة لحل أزمة انخفاض معدل ا
...
-
مصادر تكشف لـCNN ما طلبته -حماس- قبل -توقف- المفاوضات بشأن غ
...
-
ماذا قال الجيش الإسرائيلي بشأن تعليق الأسلحة الأمريكية والسي
...
-
-توقف مؤقت- في مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.. ومصادر توضح ال
...
-
فرنسا: رجل يطلق النار على شرطيين داخل مركز للشرطة في باريس
-
إسرائيل تبلغ نهائي يوروفيجن وسط احتجاجات على مشاركتها بسبب ا
...
-
?? مباشر: محادثات الهدنة تنتهي دون اتفاق وحماس تقول إن -الكر
...
-
نتنياهو ينتقد بايدن وواشنطن تقترح -بدائل- لاجتياح رفح
-
تشاد تعلن فوز محمد إدريس ديبي بالرئاسة ومنافسه: الانتخابات س
...
-
ما مخاطر الذكاء الاصطناعي بين الأيدي الخاطئة؟
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|