أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسر جاسم قاسم - التطرف لا دين له















المزيد.....

التطرف لا دين له


ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)


الحوار المتمدن-العدد: 4980 - 2015 / 11 / 9 - 14:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



نتكلم كثيرا عن التطرف الناشئ من المجتمعات الإسلامية وسببه الدين كما يقول البعض والسبب الاخر هو التفسيرات المغلوطة للنصوص الدينية وبغض النظر عن ان تكون الأسباب متعلقة بالدين نفسه او بالتطبيق المغلوط للنصوص والفهم الخاطئ لها فالتطرف موجود في كل فكر وفي كل دين وفي كل مجتمع ... وما دفعني للكتابة هنا ما اقدم عليه شاب في عمر الزهور بالدخول على مدرسة بالسويد وكانت ضحيته الأساس هذه المرة شاب عربي عراقي والمجرم كان اوربيا مسيحيا وبيده سيف ينوي قتل التلاميذ به ، ولكن الذي منع من ذلك تضحية الشاب العراقي البطل الذي قاوم المجرم السويدي مما أدى الى ان يفقد حياته وبالتالي شاغله حتى وصول الشرطة السويدية والتي قتلت السويدي المتطرف القاتل وهو شاب جميل هيئته لا تعط انطباعا عن انه مجرم وسفاح. والملاحظ لهذه الحادثة يجد ان المتطرف السويدي قد عكس الية التطرف التي اعتدنا عليها على مشاهدتها فعادة ما يكون المتطرف مسلما او عربيا ويكون الضحية مسيحيا او يهوديا او علمانيا الا في هذه الحادثة فقد كان المتطرف مسيحيا والضحية رجلا عربيا مما يدلل على ان التطرف ليس له دين او هوية.
ما يهمني من هذه المقدمة ان التطرف ليس له دين محدد فمن غير الممكن ان نلصق التطرف فقط في الإسلام ، الإسلام التطرف معروف فيه منذ نشوئه بسبب كما اسلفنا احاديث او تصرفات قام بها السلف أدت الى فهم لدى الخلف وتطبيق في بعض الأحيان يكون متميز في التطرف والقتل وإلغاء الاخر خصوصا ما يتعلق بالآخر نفسه المختلف عن المسلم ولكن ان نرى متطرفا في السويد دولة العدالة هذا مما يحدونا الى ان نتعرف عن أسباب تطرفه وكيف قام بهذه العملية الاجرامية وماهي الدوافع لها ، هذا من باب ومن باب اخر نرى تطرف مبني على أساس أيديولوجي حزبي او حركي كالتطرف النازي الذي قام بمحرقة الهولوكوست والتي راح ضحيتها ملايين من اليهود العزل والمسالمين بسبب أفعال هتلر الاجرامية في الحرب العالمية الثانية ، وهنالك تطرف حزبي عندما يلغي حزب أحزاب أخرى مشاركة له في الحكم وتؤدي الى منازعات وفي بعض الأحيان حروب. وهنالك تطرف شوفيني قومي كما فعل صدام مثلا بالكورد والتركمان وبقية المكونات القومية للشعب العراقي او كما فعل الاتراك بالارمن في مذابح يخشع لها التأريخ ،ومن هذا الباب نجد ان التطرف الديني أيضا اخذ مداه في الحروب بين البروتستانت والكاثوليك والمنتمين لنفس الديانة المسيحية وهذه أدت الى مذابح كبرى اطفأت بسببها مدن ، والتطرف الذي نشهده اليوم في المنطقة العربية اصبح قبليا حتى ومثال حرب القبائل في اليمن مثلا والقائمة على أساس عشائري ومذهبي في ان واحد فعشائر سنية تقاتل عشائر زيدية والقتال في سوريا أيضا سببه تطرف طائفي حيث الاتهام لعائلة الأسد بكونهم علويين على الرغم من علمانية النظام وعدم اعترافه بهذه المسميات ... كذلك نجد التطرف البوذي ضد طائفة الروهنكا المسلمين في ماينمار وما فعل البوذيون هناك من جرائم بحق المسلمين ، والامثلة احبتي القراء اكثر من ان نحصرها في هذه المقالة ، ولكن ما اريد ان اخلص اليه ان التطرف لا يحده شيء بتاتا ولا ينتمي لارض معينة دون ارض ولا ينتمي لشعب دون اخر او لمذهب دون اخر ، فلذلك نجد العنف المتبادل بين اليهود والفلسطينيين وخصوصا هذه الأيام في الأقصى فما معنى ان يقوم شاب فلسطيني بطعن امراة ومعها طفلها مثلا فقط لكونهم يهود ، هذه قمة الوحشية وما معنى ان يقوم يهودي مستوطن بقتل فلسطيني او بحرق بيته وموت اطفاله داخل البيت فهذه قمة التطرف لانه قتلهم بداع انهم فلسطينيون ليس الا ، وانا اكتب في هذه السطور تتمثل امامي داعش بكيانها العجيب الذي سجل اعلى نسب للتطرف والغلو في اقصاء الاخر وبالتالي التطرف هو كيان صعب ان يتعايش في ظله أبناء المجتمع الواحد .
في يوم من الأيام شاهدت فلما يحكي قصة مقتل الفيلسوفة وعالمة الرياضيات المصرية هيباتيا في الإسكندرية ثم رجمها بالحجارة ثم قتلها بشناعة وسلخ جلدها وتمزيقها اربا ثم حرق اشلائها من قبل المتعصبين للديانة المسيحية وذنب العالمة الوحيد انها كانت تحمل أفكارا نسميها الان بالمعارضة لتعصب الأديان ... فالنموذج هذا هو تصوير واقعي لما نعانيه من تعصب اعمى ومرير .
وللعمل على القضاء على التطرف في المجتمعات ينبغي ان تكون لنا رؤى في هذا المجال ومنها:
1- ان يكون لرجال الدين او السياسة المؤثرين دور في إشاعة قيم قبول الاخر ، لان اغلب التطرف ينشئ من رجل دين متزمت لدينه او رجل سياسة ناقم على شعبه او مجموعة منه وبالتالي فان الإصلاح يجب ان يكون من هذين الرجلين كي تنعم الشعوب بالرحمة الناشئة من التسامح.
2- ان يكون للاعلام الدور الحقيقي في إشاعة قيم قبول الاخر والتسامح ونشر مبادئ لا عنفية من خلال ندوات وبرامج تحض على التسامح وتبين الاخر من هو ، للأسف الشديد كم لدينا من القنوات اليوم في العراق على سبيل المثال ، ولكن عندما حصلت ازمة الايزيديين وكيف قتلتهم وهجرتهم وسبتهم داعش كثير من العراقيين لا يعرفون شيئا عن هذا الدين وهنا دور الاعلام ان يسلط الضوء على كل المتعايشين معا في الوطن الواحد وان يعرف بهم وبديانتهم كي يكون للجميع الدور الاسمى في قبول الاخر .
3- التركيز على الدور الإيجابي للتاريخ ، واقصد بالدور الإيجابي اععادة الروايات والنصوص التي تحض على التسامح في اية أيديولوجية كانت وتجميد النصوص الحاثة على العنف وان كانت مقدسة وابعاد الجيل المتعلم عنها .
4- التركيز على الكلمات التالية ووضع تعاريف محددة لها وتعريف المجتمعات بها ومن هذه الكلمات : التعدد الحضاري ، التعدد المجتمعي، حوار الحضارات قبول الاخر ، التلاقح الحضاري، التمازج المجتمعي ، وبالتالي ستكون هذه الكلمات ذات مردودات إيجابية على بناء دولة وامة.
5- استلهام النصوص العالمية التي تحث على التسامح ووضع برنامج لإدخالها كنصوص قانونية للدول التي تعاني من العنف والغرض من هذه القضية ان يكون للنصوص المعتدلة والإنسانية الرائعة كالإعلان العالمي لحقوق الانسان واتفاقية سيداو في حقوق المرأة واتفاقية حقوق الطفل دور في الدستور كي نضمن من خلالها تأسيس صحيح لدولة .
6- التركيز على التربية ومفاهيمها ووضع برامج تربوية هادفة لتنشئة الجيل وحثه على قبول الاخر بعيدا عن الأساليب العنفية في مجالات التربية التي تمنع النشئ من ان يكون متسامحا .
7- وضع دراسات استراتيجية هادفة تشتغل على الأجيال لسنوات قادمة هدفها الإصلاح المجتمعي ومراعاة وقبول الاخر والتركيز على هذه الدراسات عبر الاعلام وعبر منظمات المجتمع المدني وعبر المؤسسات المجتمعية الأخرى، ويكون هدف الإصلاح الأسمى هو الحوار مع الاخر واحترامه.
8- مقاومة النظام الابوي والنزعة الاستبدادية حيث نتج عن ترسيخ البنية الفكرية الماضوية للعقل العربي تواطؤ غير معلن بين السلطة والنظام الابوي ، لان كليهما ذو نزعة استبدادية قمعية وقفت حجر عثرة في مسار الإصلاح والتحديث والتقدم الاجتماعي ، وولدت عجزا عن توليد تيارات اجتماعية وثقافية نقدية فاعلة لها القدرة على تغيير العلاقات الاجتماعية والسياسية التقليدية وتجاوزها الى صياغة مشروع نهضة تحديثية يمتلك مقومات البقاء والتطور والاستمرارية .
9- ويشير الدكتور إبراهيم الحيدري الى ان النظام الابوي البطرياركي هو بنية اجتماعية متميزة ناتجة عن شروط وظروف تاريخية واجتماعية وثقافية وتتكون من سلسلة من المراحل التأريخية والتشكيلات الاجتماعية المترابطة في ما بينها حيث ترتبط كل مرحلة منها بمرحلة انتقالية تسبقها حتى تصل الى مرحلة النظام الابوي الحديث ، وعلى الصعيد الاجتماعي يهيمن النظام الابوي على العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تغلب عليها الانتماءات القبلية والطائفية والمحلية ، لان المجتمع الابوي هو نوع من المجتمعات التقليدية التي تسودها أنماط من القيم والسلوك واشكال متميزة من التنظيم ، وهو يشكل لذلك بنية نوعية متميزة تتخذ اشكالا مختلفة من بينها بنية المجتمع الابوي العربي، الذي هو اكثر ابوية وأشد تقليدية واكثر محاصرة لشخصية الفرد وثقافته وترسيخا لقيمه واعرافه الاجتماعية التقليدية وتهميشا للمرأة واستلابا لشخصيتها ، لانه ذو طابع نوعي وخصوصية وامتداد تأريخي يرتبط بالبيئة الصحراوية والقيم والعصبيات القبلية التغالبية ، فالعالم العربي هو اعظم موطن للبداوة .
10- يمتد النظام الابوي الى تشكيلات السلطة التي ما زالت تعتمد على النفوذ العائلي ، وما زالت التكتلات العائلية والعشائرية والطائفية تؤدي دورا هاما وبارزا في المدن والقرى والارياف وليس من النادر ان نجد افراد قبيلة واحدة او طائفة واحدة او مدينة واحدة او منطقة واحدة يسيطرون على السلطة والدولة والمجتمع ويتحكمون في رقاب الناس، وهذا دليل على ان السلطة الابوية ترتكز على العائلة الممتدة، التي هي النمط القرابي السائد الذي يمتد الى النظام السياسي الحديث ويستمد شرعيته من كونه نظاما قرابيا ابويا يطرح الحاكم نفسه في انه " الاب القائد" ، " مختار العصر" ، "القائد الضرورة" وان جميع افراد الشعب هم أبناؤه وعليهم جميعا الطاعة والولاء .
11- ان هذه العلاقة التي تتحكم بالرئيس والمرؤوس ، في العائلة والقبيلة والطائفة والدولة هي شكل من السيطرة الابوية الهرمية التي تقوم بين الحاكم والمحكوم
ان التطرف الذي تعاني منه جميع المجتمعات والأديان بلا استثناء والأحزاب بلا استثناء انما منشؤه الحالة العمياء التي تكون بعيدة كل البعد عن حالة الصفاء الفكري الإنساني واننا ملزمون كلنا كأنسانيين ان نبرهن على انسانيتنا عبر قبولنا وحبنا للآخر المختلف عنا وبذلك نبرهن على انسانيتنا التي سلخت في الكثير من احوالها .



#ياسر_جاسم_قاسم (هاشتاغ)       Yaser_Jasem_Qasem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عالم داعش خبايا واسرار ... تحليلات فكرية لادارة التوحش الخاص ...
- من هو وكيل الاله على الارض العقل ام رجل الدين
- اثر المدرسة النحوية في البصرة على تكوين العقل البصري ... انت ...
- مشاركة دولية واسعة وبدعم منقطع النظير من محافظ البصرة اقامت ...
- بمناسبة الذكرى السنوية لرحيل الشاعر مصطفى جمال الدين ، نهضة ...
- الفرض للاسلام هو الكفر في نظر عز الدين سليم
- ديانة الخوف والديانة الاخلاقية- دراسة مقارنة
- محي الدين بن عربي ونصر حامد ابو زيد........ العلاقة الفكرية ...
- الشريف الرضي بين عناد غزوان وعزيز السيد جاسم... دراسة مقارنة ...
- خطاب المرأة بين السلب والايجاب
- هل لدينا خطاب نواجه به الاخر
- خطاب المراة المستقل ضمان لتحقيق حريتها
- البريكان شاعر الانسانية بصمت
- التنوع الفكري لدى العلامة الدكتور علي الوردي
- النظرة الى الموروث والقدرة على التقدم
- هل قامت الاديان باختزال مفاهيم الانسانية
- لقاء مع الدكتورة نوال السعداوي
- اس وتراب ..... دلالات فنية ومسيرة شعرية قراءة في مجموعة احمد ...
- المجتمع بين الواقعية والرمزية دلالات اليوتوبيا في تجسيد الوا ...
- الفلسفة التربوية لمعاني الثورة وأسس التربية التاريخية في نظر ...


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسر جاسم قاسم - التطرف لا دين له