أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - في وداع الدكتور أحمد الجلبي















المزيد.....

في وداع الدكتور أحمد الجلبي


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4975 - 2015 / 11 / 4 - 19:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رحل عن عالمنا هذا، صباح يوم الثلاثاء، 3/11/2015، رئيس المؤتمر الوطني العراقي، النائب الدكتور أحمد عبدالهادي الجلبي بنوبة قلبية مفاجئة، في منزله ببغداد. والمفارقة أن الرجل الذي أنذر حياته منذ وقت مبكر لأصعب المهمات، وهي الإطاحة بأشرس نظام دكتاتوري فاشي عرفه تاريخ العراق، وأثار أشد العواصف السياسية المثيرة للجدل، مات وهو نائم مرتاح في فراشه بكل هدوء بعد أن حقق مهمته الصعبة. وبرحيله بوقت مبكر وهو في أوج نشاطه وخبرته السياسية، كان مفاجأة وصدمة للجميع.

ولا شك أن رجلاً بقامة الجلبي خاض العمل السياسي في عراق منقسم على نفسه و يمر في اشد مراحل تاريخه عربدة، لا بد وأن يكون مثيراً للجدل العنيف، ويكون له أعداء أللداء كثيرون، ومحبون اللداء كثيرون. وهو من أوائل الذين جازفوا بحياتهم وأعلنوا معارضتهم للنظام البعثي الصدامي المعروف بدمويته وملاحقة معارضيه وقتلهم أينما كانوا بما له من تنظيم إرهابي أخطبوطي في كل مكان.

والجدير بالذكر أن السياسة ليست جديدة على الدكتور أحمد الجلبي (أبو هاشم)، فهو من عائلة مارست السياسة أباً عن جد، فوالده عبدالهادي الجلبي كان نائباً في البرلمان و وزيراً في العهد الملكي، وكذلك جده عبد الحسين الجلبي، وزيرا وعضوا في مجلس الاعيان، إضافة إلى كونه من أسرة غنية. والدكتور الجلبي حاصل على شهادات الماجستير و الدكتوراه في الرياضيات من الجامعات الأمريكية، إضافة إلى خبرته السياسية. ولذلك كان يعي صعوبة مهمته فتبنى البراغاماتية والواقعية في عمله السياسي، حيث أدرك منذ البداية أنه لا يمكن إنقاذ الشعب العراقي من طغيان الحكم الدكتاتوري البعثي الصدامي الدموي إلا بمساعدة الدولة العظمى، أمريكا.
لذلك لم يضيِّع وقته في النظريات المثالية، والتمنيات الرغبوية غير القابلة للتنفيذ، فبذل كل مساعيه لكسب أمريكا. وبإمكانياته الفذة ولباقته في فن الحوار والاقناع استطاع تكوين لوبي (مجموعة ضغط) من السياسيين المتنفذين في الإدارات الأمريكية المتعاقبة من أعضاء مجلسي الكونغرس والشيوخ ، وهو الوحيد من العالم الثالث الذي نجح في تشكيل لوبي قوي من الحزبين الديمقراطي في عهد بيل كلنتون ، والجمهوري في عهد بوش الإبن، لصالح العراق، فأصدرت إدارة كلنتون قانون تحرير العراق، الذي استند عليه الرئيس بوش في إسقاط حكم البعث وإلى غير رجعة. كما ولعب دوراً رئيسياً في تأسيس المؤتمر الوطني الموحد كمضلة لجمع أغلب فصائل المعارضة العراقية في الخارج، من اليسار إلى اليمين، إسلاميين وعلمانيين، ومن مختلف مكونات الشعب العراقي برئاسته. وبعد أن تحقق الهدف الرئيسي من المؤتمر وهو إسقاط الحكم الصدامي، أسس حزباً بهذا الاسم (حزب المؤتمر الوطني العراقي) ألذي ترأسه إلى لحظة وفاته.

يؤاخذ خصوم العراق الجديد على الجلبي أنه جلب الاحتلال الأمريكي إلى العراق، وأن أمريكا هي عدوة للعراق لأنها هي التي جاءت بحزب البعث إلى السلطة عام 1963، وعام 1968، ولأن أمريكا لم تسقط صدام لسواد عيون العراقيين بل من أجل مصالحها...الخ. طبعاً أمريكا كانت ومازالت وراء مصالحها. والمصالح ليست كلمة قذرة كما يتصور البعض، والسياسي الناجح هو الذي يستطيع أن يوفق بين مصلحة بلاده ومصلحة الدولة العظمى، والدول الأخرى، ويجيرها لصالح شعبه، وبذلك يستفيد من إمكانيات أمريكا لصالح العراق. وهذا ما قام به الراحل الجلبي ونجح فيه.

كما نسي هؤلاء النقاد أن العراق كان محتلاً من أبشع عصابة مافيا البعثية الدموية التي عاملت الشعب العراقي كأعداء، فكان المواطن العراقي أسوأ حالاً من أي عبد ذليل في عهود الرق، وبدد ثوراته الهائلة في الحروب العبثية، لذلك، ورغم ما مر به العراق من تداعيات بسبب إسقاط البعث الفاشي، فما زلنا نعتقد أنه كان من حسن حظ العراق أن سقط النظام على يد أمريكا. ولكن أغلب الناس لا يسألون أنفسهم، ماذا كان وضع العراق الآن لو لم تتدخل أمريكا بإسقاط حكم البعث؟ بالتأكيد لكان الحصار الاقتصادي مازال مفروضاً، ومصير العراقيين في الداخل بأيدي أبناء وأحفاد صدام وآل المجيد وأبناء عشيرته وغيرهم من الحلقات الداخلية من الحكم الفاشي يحكمون البلاد والعباد بالقبضة الحديدية والنار.

كذلك يردد البعض، وخاصة الصحافة الغربية، أن الجلبي كذب على الإدارة الأمريكية بامتلاك صدام للسلاح الدمار الشامل، وأنهم لم يعثروا على هذا السلاح بعد إسقاط حكم البعث. السؤال هنا، هل يُعقل أن رجلاً مثل الدكتور أحمد الجلبي من دولة من العالم الثالث، يستطيع أن يخدع دولة عظمى مثل أمريكا، تتمتع بإمكانيات استخباراتية هائلة مثل (CIA) و(FBI) وكل إمكانياتها العلمية والتكنولوجية والعسكرية والتجسسية...الخ ، التي تكلف خزينة الدولة أضعاف ما يعادل موازنات دول في العالم الثالث، هذه الدولة العظمى وبإمكانياتها الهائلة يستطيع شخص مثل أحمد الجلبي أن يخدعها ويجرها إلى حرب باهظة لإسقاط صدام؟ هذا الكلام هراء في هراء... فصدام هو الذي كان يتباهي بامتلاكه لهذا السلاح، أما ما قاله أعوانه فيما بعد أنه صرح بذلك ليخيف بها إيران، فهذا الكلام لا يقنع الغربيين، لأن امتلاك سلاح الدمار الشامل ليس مزحة، خاصة وهو يهدد بحرق نصف إسرائيل. فإسرائيل عبارة عن ولاية من ولايات أمريكا، وأمنها من الخطوط الحمراء في الاستراتيجية الأمريكية. لذلك فتهمة أن الجلبي خدع الأمريكان كلام فارغ ولن يصمد أمام أية محاكمة منصفة.

وحسناً فعلت الحكومة العراقية في تنظيم تشييع رسمي (State funeral)، للفقيد الجلبي، فهو يستحق ذلك حيث كرس كل حياته لخدمة العراق وحقق ما أراد. ولكن المشكلة أن العراق أبتلى بعصابات البعث التي يتمتع بقدرات هائلة في التضليل وصناعة الإشاعات لتشويه سمعة خصومه، وهناك جمهرة واسعة ذات عقلية خصبة في تصديق الأكاذيب والافتراءات وتدمير الذات. وقد بلغ الخبث بالبعثيين إلى حد أنهم فتحوا صفحة على الفيسبوك باسم الجلبي، ينشرون فيها الأكاذيب ضد المسؤولين العراقيين ليخلقوا خصومة بينه وبين الآخرين من زملائه السياسيين. ولذلك نجح البعث في حكم العراق وتدميره لأربعة عقود، وما يعانيه الآن من دمار بسبب الإرهاب البعثي المتستر بلباس داعش والنقشبندية وغيرهما. فالبعث يعتاش على الكذب والإشاعات.

لا شك أن وفاة الدكتور أحمد الجلبي خسارة كبيرة للعراق وترك فراغاُ يصعب ملأه. فله الذكر الطيب ، والصبر والسلوان لعائلته وأصدقائه ومحبيه.



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل حقاً أعتذر بلير عن إسقاط صدام؟
- إزدواجية الغرب مع الإرهاب
- محنة العراق بين أمريكا وإيران في مواجهة الإرهاب
- إلى متى يسكت الغرب عن جرائم السعودية؟
- الشعب التركي يدفع ثمن إرهاب أردوغان
- الضربات الروسية لداعش تثير هستيريا الغرب
- الإرهاب هو الجزء الرئيسي من حروب الجيل الرابع
- في وداع الدكتور محمد المشاط
- السعودية ترفض اللاجئين لكنها تبني لهم 200 مسجد في ألمانيا
- حول القرار البرلماني بحجب المواقع الإباحية
- فوز كوربين زلزال سياسي في بريطانيا
- معضلة الفساد في العراق
- من المسؤول عن مأساة السوريين الفارين إلى الغرب؟
- البديل عن حكومة الطوارئ
- مناقشة هادئة مع دعاة حكومة الطوارئ
- حذار من تحريف التظاهرات عن أغراضها المشروعة
- حوار مع القراء حول سقوط الموصل
- هل حقاً المالكي هو السبب في سقوط الموصل؟
- معوقات الإصلاح السياسي والإداري
- مرحى لقرارات العبادي الإصلاحية


المزيد.....




- فندق فاخر في أبوظبي يبني منحلًا لتزويد مطاعمه بالعسل الطازج ...
- وفاة 61 شخصا في تايلاند منذ مطلع العام بسبب موجة حر شديدة تج ...
- زعيم الحوثيين يعلق على موقف مصر بعد سيطرة إسرائيل على معبر ر ...
- بعد صدمة -طفل شبرا-.. بيان رسمي مصري ردا على -انتشار عصابات ...
- المزارعون البولنديون ينظمون اعتصامًا في البرلمان بوارسو ضد و ...
- فيديو: ملقيًا التراب بيديه على التابوت... زعيم كوريا الشمالي ...
- تكثيف الضربات في غزة وتحذير من -كارثة إنسانية- في رفح
- باير ليفركوزن.. أرقام غير مسبوقة وأهداف في الوقت القاتل!
- من أين تحصل إسرائيل على أسلحتها ومن أوقف تصديرها؟
- مستوطنون يقطعون الطريق أمام قافلة مساعدات إنسانية متوجهة إلى ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - في وداع الدكتور أحمد الجلبي