أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - فوز كوربين زلزال سياسي في بريطانيا















المزيد.....

فوز كوربين زلزال سياسي في بريطانيا


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4924 - 2015 / 9 / 13 - 16:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فوز كوربين زلزال سياسي في بريطانيا

د.عبدالخالق حسين

كان يوم السبت المصادف 12 أيلول/سبتمبر الجاري، يوماً تاريخياً في بريطانيا، إذ أحدث السياسي اليساري البريطاني جيريمي كوربين مفاجأة للجميع، و زلزالاً سياسياً بفوزه في انتخابات زعامة حزب العمال، لأن معظم المراقبين اعتبروه مرشحا هامشيا في المنافسة، على المرشحين الثلاث الآخرين: أندي بيرنام، وأيفيت كوبر وليز كندال. وحصل كوربين على 251,417 صوتا، أي بنسبة 59.5 في المئة، متقدما بنسبة 40 في المئة على أقرب منافسيه بيرنام الذي حصل على 19 في المئة.

والسيد كوربين، الذي قضى نحو 32 سنة في البرلمان، معروف بمواقفه اليسارية، ومناهضته، ليس لحكومة حزب المحافظين فحسب، بل وحتى لحزبه عندما كان في السلطة، حيث صوت ضد قرارات الحزب أكثر من 500 مرة. ولذلك يعتبر مناهضاً حتى للمؤسسة البريطانية(Anti-establishment).

جاء ترشيح السيد كوربين لزعامة الحزب مع ثلاثة مرشحين آخرين، بعد استقالة الزعيم السابق إد مليباند، إثر خسارة الحزب في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في أيار من هذا العام. فالتقليد الجاري في أوربا، أنه إذا فشل زعيم أي حزب كبير في الانتخابات فيستقيل ليفسح المجال لشخص آخر ربما ينجح في قيادة الحزب للفوز في الانتخابات اللاحقة.

والجدير بالذكر أن ترشيح كوربين جاء من قبل نواب على شكل مزحة، ولم يكونوا جادين، لأنهم كانوا يعتقدون باستحالة فوزه، وإنما رشحوه، وكما صرحت السيدة مارغريت بكيت، القيادية البارزة في الحزب، ليمثل الجناح اليساري في المنافسة، وإضفاء الحيوية والنشاط على الجدال الدائر في قضية تتعلق بمستقبل الحزب وبريطانيا، وأنها ندمت على تأييدها لترشيحه بعد أن تأكدت أنه الأكثر حظاً للفوز على حساب المرشحين الآخرين المعروفين بالوسطية والاعتدال.

ولكن ما حصل بعد الترشيح لم يدر بخلد أحد، وكان بدون سابقة. فمنذ بروز اسم كوربين اليساري كمرشح لزعامة الحزب، تقدمت مئات الألوف من المواطنين بطلب الانتماء للحزب من أجل التصويت له. فالانتماء هنا لأي حزب، وحق التصويت في قراراته سهل جداً، فكلما مطلوب من طالب الانتماء هو أن يدفع 3 جنيهات للحزب. ولذلك خلال ثلاثة أشهر الماضية قفزت عضوية الحزب من حوالي 200 ألف عضو إلى 600 ألف، مما فسره كثيرون أن معظم هؤلاء جاؤوا من حزب المحافظين الحاكم، وأحزاب أخرى من أجل التصويت لجرمي كوربين بغية تحويل الحزب إلى حزب احتجاجي معارض دائم غير قابل للفوز بالانتخابات القادمة، لأن غالبية الناخبين البريطانيين لا يصوتون للحزب الذي يبتعد عن الوسطية، سواءً إلى اليسار أو اليمين.
على أنه ليس كل المنتمين الجدد هم من المحافظين، بل هناك الكثير من العمال النقابيين، والشيوعيين واليساريين وغيرهم من الذين ابتعدوا عن حزب العمال، اعتبروا ترشيح كوربين فرصة لإعادة الحزب إلى عهد ما قبل زعامة توني بلير الذي غير سياسة الحزب من اليسار إلى الوسط، وأطلق عليه (حزب العمال الجديد)، وهو صاحب نظرية الطريق الثالث (Third way)، فاستطاع أن يحقق الفوز للحزب في ثلاث انتخابات برلمانية، وهذا غير مسبوق في تاريخ الحزب. إلا إن ما خيب أمل الناخبين بتوني بلير هو مشاركته في الحرب مع أمريكا في العراق، وما حصل من مضاعفات وتداعيات، وعمليات إرهابية حسبوها عليه. ومما يجدر ذكره أن جرمي كوربين صوت ضد مشاركة بريطانيا في تلك الحرب، وشارك في التظاهرات المناهضة لها، وهو معروف بعدائه الشديد لتوني بلير.
وفي كلمته بعد فوزه، تعهد كوربين بالنضال من أجل بريطانيا أكثر تسامحا وأكثر تقبلا للتنوع الثقافي، وبمعالجة "الفوارق الاجتماعية الفاضحة". وأضاف أن "الناخبين عبروا عن رفضهم للفوارق الاجتماعية والظلم والفقر غير المبرر". ودعى الشباب إلى العودة إلى الحزب، "فالحزب بيتهم ومكانهم الصحيح"...
وأبدى زعيم حزب العمال السابق، إيد ميليباند، عن دعمه للزعيم الجديد، لكنه قال إنه يأمل منه "أن يمد يده إلى جميع تيارات الحزب".

ولكن الملاحظ من الأرقام أن النسبة المئوية (60%) التي صوتت لكوبيرن، تتناسب مع الزيادة في عضوية الحزب من الذين غزو الحزب بعد إعلان ترشيح كوبيرن. مما يجعلنا نعتقد أن الـ 40% الذين صوتوا للمرشحين الثلاثة الآخرين هم الأعضاء الحقيقيون السابقون لحزب العمال أي ما قبل هذه المد. ولذلك يمكن القول، أنه تم اختطاف حزب العمال من قبل ناس هم من خارج الحزب، انضموا إليه بغية انتخاب جيرمي كوبيرن، لجعل الحزب غير قابل للإنتخاب من قبل غالبية الشعب البريطاني الذين يمقتون التطرف إلى اليسار واليمين. وهذه مأساة بحق حزب العمال والشعب البريطاني.

لا شك أن الشعارات والمبادئ التي رفعها وناضل من أجلها جيرمي كوربين، هي إنسانية ونبيلة، ولصالح الفقراء والمعدمين، ولكن هذه السياسة تواجه معارضة شرسة من قبل أرباب المال والمهيمنين على الإعلام والأحزاب الأخرى. ويعتبرونها سياسة متطرفة، لذلك تبنى المعتدلون من قادة حزب العمال سياسة وسطية لتحقيق أقصى ما يمكن تحقيقه من عدالة للطبقات الفقيرة، والشعب البريطاني، ورأوا أن هذه السياسة أفضل من سياسة التطرف (كل شيء أو لا شيء)، التي دائماً تنتهي بلا شيء. فتحقيق العدالة لا يتم دفعة واحدة بل بالتدريج ، إقبل بالممكن وناضل من أجل المزيد.

ولذلك فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل سينجح كوربين في إقناع نسبة كبيرة من الناخبين البريطانيين، وخاصة الطبقة الوسطى التي تشكل الغالبية العظمى من الشعب، أن ينتخبوا حزب العمال بقيادته لتحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على الفقر دفعة واحدة كما يريد؟
لا أعتقد ذلك، لأن هذه الشعارات رفعها الزعيم السابق إد مليباند، المعروف بيساريته، (وهو بالمناسبة ابن عالم الاجتماع الماركسي المعروف الراحل رالف مليباند)، ولكنه فشل في الانتخابات، إذ شن عليه قادة الشركات العملاقة والمؤسسات الاقتصادية والإعلامية حملة ضارية، وادعوا أن سياساته ستدمر اقتصاد البلد، وتضر حتى بالفقراء، وأن معظم الرساميل ستهجر بريطانيا إذا فاز، رغم أن إد مليباند لم يعتبر متطرفاً في يساريته. فكيف يفوز حزب العمال بقياد كوربين وهو يريد إخراج بريطانيا من حلف الـ(NATO)، ونزع السلاح النووي من طرف واحد، والتخلي عن الترايدنت، ويريد زيادة الضرائب على الشركات والأغنياء..الخ. وفي هذه الحالة يجعل بريطانيا في مواجهة مع أمريكا وهذا غير ممكن لأن قوة بريطانيا مرتبطة بعلاقتها الحميمة مع أمريكا، وتعتبر التوأم لها منذ الحرب العالمية الثانية وإلى الآن. ولأمريكا الفضل الكبير على بريطانيا في دحر ألمانيا النازية، ودعمها اقتصادياً بعد الحرب. لذلك بدأت حملة المحافظين على كوربين من الآن، إذ صرح وزير الدفاع أن سياسات كوربين ستعرض الأمن القومي إلى الخطر.
لا شك أن السياسة فن الممكن. وفي هذا الخصوص قال هارولد ويلسون، رئيس الوزراء الأسبق في حكومة العمال في السبعينات، في رده على اليساريين المعارضين له في الحزب آنذاك: "من حق الرفاق أن يطالبوا بالنقاء الأيديولوجي للحزب، ولكن في هذه الحالة سيحيلون الحزب إلى منتدى ثقافي، وليس حزباً قابلاً للانتخاب ليقود السلطة".
لذلك فبقيادة كوربين يمكن أن يتحول الحزب إلى معارض صلب وعنيد في البرلمان، وتنظيم احتجاجي فقط، لكنه لا يستطيع أن يحقق ولو جزءً ضئيلاً من أغراضه المعلنة في خدمة الفقراء وتحقيق العدالة الاجتماعية بالمعارضة، ولا بالإضرابات وقيادة التظاهرات، بل باستلامه للسلطة.

المبادئ والشعارات التي رفعها السيد كوربين قد أقنعت نحو 60% من أعضاء الحزب الذين صوتوا له وأغلبهم من الأعضاء الجدد المشكوك بأغراضهم، ولكن ليس بإمكانه أن ينال قبول غالبية الناخبين من الشعب البريطاني من خارج الحزب، وخاصة في دعوته لإخراج بريطانيا من حلف الشمال الأطلسي، و نزع السلاح النووي من طرف واحد. كذلك هناك نسبة كبيرة من البرلمانيين من حزبه وقفوا ضده، فبعد فوزه مباشرة أعلن سبعة من وزراء حكومة الظل استقالتهم، رافضين العمل بقيادته. وإذا كان الأمر كذلك في داخل حزبه، فكيف يستطيع إقناع الناخبين من خارج الحزب؟
ولهذا السبب، فإني أعتقد، وكما يرى غالبية المحللين السياسيين أن فوز كوربين بزعامة الحزب كان بمثابة هدية من السماء للمحافظين، وانتصاراً لهم، وضمان بقائهم في السلطة في الانتخابات القادمة التي ستجرى عام 2020، وتحويل الحزب إلى مجرد حزب احتجاجي ليس غير.
[email protected]
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معضلة الفساد في العراق
- من المسؤول عن مأساة السوريين الفارين إلى الغرب؟
- البديل عن حكومة الطوارئ
- مناقشة هادئة مع دعاة حكومة الطوارئ
- حذار من تحريف التظاهرات عن أغراضها المشروعة
- حوار مع القراء حول سقوط الموصل
- هل حقاً المالكي هو السبب في سقوط الموصل؟
- معوقات الإصلاح السياسي والإداري
- مرحى لقرارات العبادي الإصلاحية
- أزمة كهرباء، أم أزمة أخلاق؟
- لعبة حكومة الإقليم مع العراق و تركيا
- هل تركيا على خطى سوريا؟
- تصريحات المالكي وغضب السعودية ومرتزقتها؟
- حول الاتفاق النووي الإيراني
- تحية لذكرى ثورة 14 تموز المجيدة
- المعضلة العراقية والحلول المقترحة
- الوهابية، حركة فاشية دينة يجب تجريمها
- الإسلام والغرب والإرهاب (متابعة)
- وثائق ويكيليكس تفضح مملكة الشر
- الإسلام والغرب والإرهاب


المزيد.....




- من الحرب العالمية الثانية.. العثور على بقايا 7 من المحاربين ...
- ظهور الرهينة الإسرائيلي-الأمريكي غولدبرغ بولين في فيديو جديد ...
- بايدن بوقع قانون المساعدة العسكرية لأوكرانيا وإسرائيل ويتعهد ...
- -قبل عملية رفح-.. موقع عبري يتحدث عن سماح إسرائيل لوفدين دول ...
- إسرائيل تعلن تصفية -نصف- قادة حزب الله وتشن عملية هجومية في ...
- ماذا يدخن سوناك؟.. مجلة بريطانية تهاجم رئيس الوزراء وسط فوضى ...
- وزير الخارجية الأوكراني يقارن بين إنجازات روسيا والغرب في مج ...
- الحوثيون يؤكدون فشل تحالف البحر الأحمر
- النيجر تعرب عن رغبتها في شراء أسلحة من روسيا
- كيف يؤثر فقدان الوزن على الشعر والبشرة؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - فوز كوربين زلزال سياسي في بريطانيا