أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ أبو كيلة - محمود مختار: شخصية من مصر















المزيد.....

محمود مختار: شخصية من مصر


محفوظ أبو كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 4963 - 2015 / 10 / 22 - 11:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


محمود ابراهيم العيساوى مختار (10 مايو 1891 - 28 مارس 1934) ولد بقرية طنباره نواحي مدينة المحلة الكبرى، والده كان عمدة القرية لكن مختار عاش مع جدته لأمه في بيت خاله في قرية نشا في المنصورة، انتقلت الأسرة إلي القاهرة عام‏1902‏ وتعددت إقامتها ما بين أحياء حوش الشرقاوي والحنفي وعابدين. . وتلقى مختار أول الدروس في مدرسة الفنون الجميلة، التى انشأت برعاية الأمير يوسف كمال أمام"درب الجماميز" عام ‏1908، بعد أن التحق بصف أول دفعة، وهو في السابعة عشرة من عمره. بدت موهبة مختار ساطعة للأساتذة الأجانب، مما حدا بهم إلى تخصيص مرسم خاص له، ضمن مبنى المدرسة، لإعداد منحوتاته بها ، من تماثيل، وأشكال تستعيد مشاهد الريف، وملامح رفاق الحي. في إحدى المظاهرات عام 1910، إنقض على حكمدار القاهرة الإنجليزي وجذبه من على حصانه فهوى إلى الأرض. وقبض عليه وأودع السجن ثم أفرج عنه بعد 15 يوما. وعاد إلى المدرسة يقود الطلاب إلى الحركة الوطنية وفصلوه من المدرسة، إلا انه عاد أليها بعد فترة. موهبته دفعت راعى المدرسة، الأمير يوسف كمال، إلى أن يبعثه إلى باريس عام 1911، كي يتم دراسته هناك.
عاش مختارحياة عريضة مملوءة بقصص النجاح والتفوق والصراع من اجل وضع فن النحت في أعلى مكانة من المجتمع الذي كان يعادى صناعة التماثيل ويعتبرها امتداداً لصناعة الأصنام. درس مختار في مصر على يد النحات الفرنسي لابلانتي وفي باريس باشراف المثال مرسييه وكان قد تشبع بالجذور الاصيلة للنحت الفرعونى التي شب بين ربوعها، كما تأثر بالمجسمات الشعبية المصرية التي كانت شائعة في مشاغل الازبكية وشارع محمد علي، وانعكست على تماثيل عديدة صغيرة ذات طابع شعبي ساخر أبدعها أثناء سنوات الدراسة في مدرسة الفنون الجميلة العليا قبل أن يرحل إلى باريس، مثل تمثال (ابن البلد) المحفوظ بمتحف مختار بالجزيرة. بعد العودة من باريس وفي أعقاب ثورة 1919 تفاعلت موهبته مع الحركة الوطنية معبراً بتماثيله عن المرحلة الاجتماعية والسياسية التي عاشها المجتمع، مرحلة النهضة والبحث عن الشخصية المصرية. وقد حظي فنه بتأييداً حماسياً من جماهير الشعب المصري التي أشعلت هذه الثورة الوطنية... فهو الفنان الوحيد الذي استقبلته مظاهرات الترحيب بالإسكندرية عند عودته إلى مصر من أوروبا ليقيم تمثالاً يخلد ثورتها الوطنية بعد أن كانت تماثيل الميادين لا تصور سوى الملوك والقادة..
وتمثل أعماله نقطة البداية الرائعة لحركة فن النحت الحديث، ليس في مصر وحدها ة لكن في البلاد العربية كلها.. ذلك لأنه حقق شهرة واسعة وحظي بتكريم جماهيري لم يفز به أي فنان مصري آخر، سواء في حياته أو بعد وفاته على الرغم من أن عمره الفني كان قصيراً لوفاته مبكراً، إلا أنه نجح في أن يخلف تراثا كبيرا متميزاً من أعماله التي تضمنت تماثيل ميدانية وأعمال كثيرة تعبر عن حياة الريف والقرية المصرية ، وتمثل صورا للحياة اليومية التي أجادها إبداعا وعبر عنها بشكل فني رائع. ومن اعماله النحتية العظيمة لوحتان من الرخام الأبيض منحوتتان على جانبي تمثال ايزيس, يعتبران من معجزات النمنمة النحتية البارزة, اما تمثال ايزيس نفسه الذي يعلو القاعدة فهو بدوره رائعة منحوتة في الرخام الأبيض يصور الآلهة المصرية تجلس القرفصاء وترفع ذراعيها خلف رأسها مجللة بالحزن واللوعة على اوزوريس ومأساته في الأسطورة الفرعونية. وكأعمال كل العظماء كانت تماثيل محمود مختار ترديداً لنبض شعبه في حركته الاجتماعية نحو التغيير, مع الثراء قولاً وابداعاً حتى حين شكل تماثيله الصغيرة الشهيرة للفلاحات, التى انجز معظمها بين عامي 1924 و1930 ومن أهمها الخماسين والفلاحة التي تمسك جرتها بيد واحدة وتنحني عليها كأنها تملؤها, وغيرها من الاعمال التي توحي بالحركة وتنفجر بالديناميكية، أبدعها مفعمة بالقوة والحيوية والخصوبة والأنوثة المعتدة بنفسها، حتى تمثال المفاجأة المنحوت في الرخام الأبيض بارتفاع قدم واحد يلتقي فيه الحبيبان بلا اسفاف أو ابتذال, تتدلل الفتاة في رقة وعذوبة بينما يبثها الفتى حبه. كما نحت مختار تمثالي الزعيم المصري الشعبي سعد زغلول بالقاهرة والإسكندرية في الفترة ما بين عامي 1930-1932. لم يكن مختار مجرد نحات عبقري فقط، بل كان مفكراً يحس قضايا شعبه ويعبر بتماثيله عن رغباته واحلامه.
وكان ينفذ تماثيله بالخامة المناسبة للشكل والمضمون, فالمناجاة بالرخام الأبيض ووجه الفلاحة بالصلصال المصبوب برونزاً حتى تكتمل ملامس الصلابة والمشقة رغم الجمال, والحجر الصناعي لتمثال الخماسين حتى يوحي بهبوب العاصفة... ‏ وان كانت اعمال محمود مختار كلها ذات روعة، إلا أن تمثال نهضة مصر فله قصة منفردة، فبعد ان نال شهادة الشرف من معرض الفنانين الفرنسيين عام‏1920 على نموذج لتمثال تتقمص فيه مصر جسد فلاحة, تقف ممشوقة في عظمة واعتزاز تلفها غلالة من الخلود, اما القوى الوطنية فتتمثل في ابي الهول تلمسها مصر الفتاة بيد سحرية لتبعث من جديد وتستيقظ بعد طول رقاد... تعبيرات عميقة هادئة توحي بالتصميم على المضي قدماً في طريق الثورة, التي اندلعت قبل عام واحد. تبنى بعض المفكرين البارزين في ذلك الوقت فكرة إقامة التمثال في أحد ميادين القاهرة الكبرى. ولأنجاز ذلك الهدف ، تمت الدعوة إلى تنظيم اكتتاب شعبي لإقامة التمثال . وإنطلق إسم محمود مختار سريعا بين الجماهير وإعتبروه بطلا قوميا. وأقيم إحتفال بالقاهرة وآخر بالإسكندرية ، وبدأت حركة الإكتتاب وتوالت مقالات الكتاب وقصائد الشعراء وأخذ أفراد الشعب بالأقاليم يتنافسون في مجال التبرع، وساهمت فيه الحكومة أيضا. وتحقق الحلم وأزاح الملك فؤاد الستار عن التمثال يوم 20 مايو 1928، بميدان محطة السكك الحديدية بالقاهرة ليكون في استقبال الداخلين إلى العاصمة، ثم انتقل عام 1955 إلى مكانه الحالى مطلا على نهر النيل قريبا من جامعة القاهرة ليخلى مكانه لتمثال رمسيس.
قامت وزارة الوفد عام 1924بتشكيل لجنة لمدة ثلاث سنوات، سميت "لجنة الفنون الجميلة" ضمت إلى عضويتها محمود مختار ، وتضمن اختصاصها: شئون البعثات الفنية وإعتماد ميزانية للفنون الجميلة والعناية بيتنظيم الدراسات الفنية في مصر وتطويروإعادة تنظيم مدرسة الفنون الجميلة وإنشاء مصنع في أسوان لتعليم فن النحت بالجرانيت. وساهم محمود مختاربعضويته في اللجنة فى إنشاء مدرسة الفنون الجميلة العليا و شارك في إيفاد البعثات الفنية للخارج، كما كون جماعة الخيال عام 1928 بهدف احياء فن التراث وكان من أعضاء هذه الجماعة العقاد والمازني و د.هيكل .
بدأ محمود مختار خطواته نحو العالمية عام 1913 وهو لايزال طالبا فى البعثة،حين عرض تمثال (عايدة) في صالون باريس, الذي كان يعتبر الاشتراك في عروضه شهادة امتياز. قد كان مختار أول فنان مصرى يعرض عملاً فنياً في معرض عالمي بباريس، كما كان أول فنان مصري يكسب جائزة من صالون باريس متفوقاً على فنانيها. كما نال الميدالية الذهبية لمعرض الفنانين الفرنسيين السنوي الذي يقام في السراي الكبرى (جراند باليه) عن نموذجه المصغر لتمثال نهضة مصرعام 1920. كما فاز بجائزة من معرض صالون باريس عام 1925 عن تمثاله أم كلثوم، وكان أول فنان عربي يقيم معرضاً شخصياً لتماثيله في باريس. فاستقطب اقلام كبار نقاد فرنسا واعلنوا ميلاد فنان جديد يضيف ابعاداً مبتكرة لفن التمثال الحديث على اسس من التراث المصري القديم. فى مرحلة تاليةعرض تمثالي الطاقية وكاتمة الاسرار، الذين علق عليهما ناقد فرنسي كبير قائلاً: "انها ظاهرة روحية فذة". وفي عام 1930 بعد اقامة نهضة مصر بعامين عرض اربعين تمثالاً في قاعة برنهايم بباريس ممثلاً وجه الفن المصري المعاصر
وهكذا اثبت محمود مختار ان الواقعية قادرة على إظهار القيم الفنية المطلقة. وكان إنجازه الأكبر هونجاحه فيما لم يحققه أحدا وهو أبداع أسلوب مستمد من تراث مصرالإسلامى والقبطى والرومانى والإغريقى والفرعوني.. ورغم ازدهار العديد من المدارس الفنية في ذلك العصر، إلا أنه لم ينتمى لإحداها، وفضل أن يعبر عن شخصيته وخلفيته بأسلوبه الخاص الذى ميزة عن المدارس الفنية السابقة. وأوصله إلى العالمية، فقد قام بإحياء التقاليد الفنية المصرية في مختلف عصورها دون أن يغفل تجارب الفن الحديث وأصبح رائد فن النحت المصري المعاصر. ‏ ومما قيل عنه أنه أول مسلم يصنع تمثالا.
فى عام 1938، رأت وزارة المعارف ان تساهم فى تكريمه ، بإنشاء متحف لاعماله ومقبرة لوفاته. وتم استرجاع غالبية اعماله من أوربا إلى مصر بفضل هدي شعراوي , و‏طه حسين وزير المعارف في الفترة من عام‏1950‏ حتي ‏1952‏، وقد كان لجهودهما أثر كبيرفى إعادة أعمال محمود مختار إلى مصر. وفي عام ‏1952‏ تم افتتاح متحف مختار في مقر مؤقت عبارة عن ملحق خاص بمتحف الفن الحديث ليعرض 59 تمثالاً، وقام على تأسيس وإعداد المتحف كل من الفنان راغب عياد زميل محمود مختار وصديقه، وكمال الملاخ الصحفي والأثري البارز. وعندما تولى الدكتور ثروت عكاشة وزارة الثقافة عام 1958 حرص على اقامة بناء جديد خاص لمتحف محمود مختار، فكان أول متحف من نوعه شيدته مصر فى بقعة جميلة بالعاصمة بحديقة الحرية بأرض الجزيرة تكريماً للمثال الرائد ، وقد تنازلت اسرة المرحوم مختار عن جميع مقتنياته للمتحف. وقام المهندس رمسيس واصف بتصميم مبناه فى موقعه الحالى ، وقد افتتحه الدكتور ثروت عكاشة فى يوليو 1962. وقد احتفلت وزارة الثقافة والمركز القومى للفنون ومتحف مختار وجمعية اصدقاء متحف مختار لمدة عام كلمل بذكرى مرور 100 سنة على مولده خلال عامى 1990، 1991.



#محفوظ_أبو_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دكتور نجيب محفوظ: شخصية من مصر
- الشيخ الباقورى: شخصية من مصر
- على باشا مبارك: شخصبة من مصر
- العارف بالله، السيد ابراهيم الدسوقى
- سلامة موسى: شخصية من مصر
- الأب أثناسيوس: شخصية من مصر
- بديع خير: شخصية من مصر
- دكتور ثروت عكاشة: شخصية من مصر
- مينا دانيال: شخصية من مصر
- محمود باشا الفلكى: شخصية من مصر
- شهدى عطية الشافعى: شخصية من مصر
- السيد درويش: شخصية من مصر
- القديسة فيرينا
- درية عونى: شخصية من مصر
- تقى الدين المقريزى: شخصية من مصر
- مجدى عبد الملاك: شخصية من مصر
- شخصية منمصر: دكتور فرج فودة
- دكتور فرج فودة: شخصية من مصر
- هيباتيا: شخصية من مصر
- -;-كيف تشكلت دولة الجزائر


المزيد.....




- لماذا لجأت الولايات المتحدة أخيرا إلى تعليق شحنات الأسلحة لإ ...
- كيف تؤثر سيطرة إسرائيل على معبر رفح على المواطنين وسير مفاوض ...
- الشرطة الأمريكية تزيل مخيما مؤيدا لفلسطين في جامعة جورج واشن ...
- تقارير: بيرنز ونتنياهو بحثا وقف هجوم رفح مقابل إطلاق سراح ره ...
- -أسترازينيكا- تسحب لقاحها المضاد لفيروس -كوفيد - 19- من الأس ...
- قديروف يجر سيارة -تويوتا لاند كروزر- بيديه (فيديو)
- ما علاقة قوة الرضوان؟.. قناة عبرية تكشف رفض حزب الله مبادرة ...
- مصر.. مدرسة تشوه وجه طالبتها بمياه مغلية داخل الصف وزارة الت ...
- مدفيديف بعد لقائه برئيسي كوبا ولاوس.. لامكان في العالم للاست ...
- السفارة الروسية لدى لندن: الإجراءات البريطانية لن تمر دون رد ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ أبو كيلة - محمود مختار: شخصية من مصر