أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دعد دريد ثابت - لنتعلم الإسلام من الشعب الألماني















المزيد.....

لنتعلم الإسلام من الشعب الألماني


دعد دريد ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 4931 - 2015 / 9 / 20 - 22:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا أستطيع إنكار أو طمس حقيقة، دعم الحكومة والسياسة والإحتكار الألماني للحكومات الديكتاتورية في المنطقة العربية ومن ضمنها حكومة نظام صدام الدكتاتوري في العراق. وللآن بشكل غير مباشر ربما، من دعم لوجستي وبيع الأسلحة الكيمائية والأسلحة والدبابات وغيرها. وماسببه ذلك من مآسٍٍ وحروب وسفك دماء، لاتزال الشعوب العربية تعاني ويلاتها لحد اليوم، وبشكل أفظع من أي مرحلة زمنية سبقتها.
أما موقف الشعب الألماني، فهو وإن كان ينتقد هنا وهناك سياسة حكومته، ولكن بسبب إقامتي ولفترة طويلة، لم أر تحركاً فعلياً في الضغط المباشر. فالكل منشغل بدوامة الحياة وبتحصيل قوتهم وقضاء حياتهم شبه متفرجين على مايحدث. ولكنهم يفاجئونني كلما أعتقدت إنهم شعب غير مبال بمواقف أشبه بالمآثر التي لانسمعها الا من حكواتي عندما يقص حكايا البطولة والإيثار.
ففي حرب الخليج الأولى، خرجت حشود غفيرة من الآلاف من الشعب الألماني إحتجاجا وتظاهراً، ضد حكومة بلادهم وحكومات الحلفاء وأمريكا للإعتداء وتدمير العراق بحجة تحريره من الطاغية، وحملوا لافتات" لانريد النفط مقابل الدم". والأسمى من كل هذا، في مدينة ماينز عاصمة مقاطعة راين لاند بفالز، يقام فيها سنوياً في شهر شباط كرنفال فلكلوري يعود تاريخه الى عصور قديمة يرمز الى إنتهاء الشتاء وتهليلاً بقدوم الربيع، وهو إحتفال ضخم يأتيه السواح خصيصاً لمشاهدته من بقاع العالم البعيدة، وتعطل الدوائر والمدارس ليستطيع الجميع المشاركة به. وقد أنقطع الإحتفاء بهذا المهرجان مرة واحدة أثناء الحرب العالمية الثانية. بل ووصلت قمة مشاركتهم وتعاضدهم مع شعب العراق، إنني في مرة من المرات، كنت في حافلة للعودة لبيتي في تلك الفترة وكانت في بداية تواجدي في المانيا، عندما توقفت الحافلة في غير الموقف المخصص لها وفي وسط الشارع، ليعلن سائق الحافلة، أن كل الحافلات ستتوقف لمدة 3 دقائق حداداً على أرواح الشعب العراقي الذي قُتل ويُقتل، وأنا لم أستطع منع نفسي من البكاء وكنت سأصرخ به أن يسير فلا أريد أحداً أن يكفن شعبي وأنا أحيا بدونه.
والمرة الثانية حين قرر في تسعينيات القرن العشرين محافظ مدينة ماينز إلغاء هذا الإحتفال وأيده سكان مدينة ماينز بقراره هذا، تعبيراً عن حزنهم وسخطهم من سياسة دولتهم ودول التحالف بسبب ماتعرض له العراق وشعبه من القصف والدمار. فتصوروا هل سيلغي مثلاً الشعب العربي والمسلم ذهابهم للحج، وتبرعهم بمبالغ وتكاليف الحج للشعوب العربية وهي شعوب مسلمة وتحمل نفس القومية، لما يتعرضونه من تهجير وتشريد وفاقة ومآسي الحروب من تشويه جسدي ونفسي؟؟
أعود لموضوعي من مفاجآت الشعب الألماني والتي أثبتت لي إنه عند المحك، تظهر إنسانية هذا الشعب بأجمل صورها. فمن عادتي الذهاب لسوق الأنتيكة والمسمى "بسوق البراغيث" والذي يقام لحين إنتهاء الصيف كل يوم أحد. أستمتع وأتبرغث بجموع الناس اللطيفة، ليست كأسواقنا بتدافع الناس وخشونتهم، بل على العكس فالكل بشوش ومتسامح ومابين شار وبائع ليس غرضهم الربح بقدر قضاء وقت ممتع والتخلص من أشياء قديمة قد تنفع أو تجلب المسرة في قلب آخر. رأيت اليوم أكثر من طاولة علق أصحابها لافتات كُتب عليها إن ريع بيع ماموجود هو لدعم اللاجئين في برلين، مع وضع أرقام تلفونات والعنوان البريدي في حالة إستعداد المارة للمساعدة في مجالات أخرى. هل لكم أن تتصوروا، إن يوم الأحد هو يوم راحة وعطلة للألماني، وعند مشاركته في هذا السوق الشعبي، عليه الإستيقاظ مبكراً والتهيؤ والتجهيز له ودفع رسوم المشاركة، والوقوف ساعات طوال والعودة مساءاً وبعد كل هذا الإرهاق مايحصل عليه مما يبيعه سيتبرع به! للأسف طبعاً، لم أر أي الماني من أصول عربية أومسلمة يفعل نفس الشئ، وهي ظاهرة لم تقتصر على مارأيته اليوم. وإنما بشكل عام، وماعدا بعض المؤسسات الدينية الإسلامية والتي تعرض مساعدتها، وبعض شباب الجاليات العربية والإسلامية المتعلمة والمثقفة الذين بدورهم يتطوعون أيضاً للمساعدة، غالبية هذه الجاليات تقف متفرجة على الرغم من إمكانيات البعض منهم الجيدة. إذا كلما أزداد وعي البشر أزداد تسامحهم وحبهم للعون.
لا يقتصر الأمر على شريحة معينة من الشعب الألماني، فالكل من أغنياء مرموقين، فنانين، أدباء أو طلبة، يتبرعون بالعمل أو بالملابس أو الدواء أو النقود، وحتى عرض البعض منهم لإيواء عائلة أو أفراد معهم في مساكنهم. ونحن ينام لاجؤنا من بلادنا في العراء او خيام متهرئة بعد أن تشردوا وهربوا من بطش وفتك داعش بهم. فقدوا آباءهم وأخوتهم وكل مصادر رزقهم وحتى أعراضهم، ببيوت من الصفيح وخيام، ولايقتصر الأمر عند هذا الحد، بل يخاف منهم سكان المدن التي يلتجؤون اليها ويُنظر اليهم شزراً ومقتاً وتوجساً، لأنهم قد يحتلون مدنهم وبسببهم قد تحدث الأزمات وترتفع أسعار المواد الغذائية وإيجارات البيوت. وهذا بالفعل مايحدث لبطش وجشع التجار ومالكي البيوت. وينسون إن هؤلاء النازحين كانوا الى فترة قصيرة أناسا لهم بيوتهم وعيشهم وعزتهم، وقد عانوا الأمرين، والآن يعاملون كحثالة أو قمامة مرمية، لاتعيلهم دولتهم ولاشعبهم. بل وصل الأمر ببلدان الخليج أن ترفض اللاجئين السوريين بحجة إنهم لن يستطيعوا التأقلم في بلادهم لإختلاف البيئة وظروف الحياة. أي بيئة يملكها الخليجي ولا يملكها السوري؟ وسوريا مهد الحضارات والخصب والجمال، بتنوعها بجمال طبيعتها بكرم شعبها، الذي أستقبل الآلاف من شعوب أخرى التجأت اليه من الأرض المحتلة، ومن العراق. وكما تشرد قبله الشعب الفلسطيني والعراقي وغيرها من شعوب المنطقة، يتشرد الشعب السوري الرائع المسكين في بقاع الأرض. فهناك مليونا سوري في تركيا، وفي لبنان 1،2 مليون سوري حسب المصادر الرسمية. وكلنا يعرف بأعداد المهاجرين النازحين الى أوربا. أما دول الخليج التي تقف متفرجة بل وهي المحرك لكل مايحدث في المنطقة ترفض إيواء بل حتى مساعدة الدول التي تأوي هؤلاء اللاجئين، بل وتستغل عجز وفقر وحاجة هذه العوائل السورية كما أستغلت قبلهم عوز الشعب العراقي، بخداع النساء الأرامل وبناتهم القصر ليتزوجن منهن رجال مسنّون منحرفون أخلاقياً، بزواج متعة صوري ليرموهن بكل مذلة، وعدم الإيفاء بوعودهم بمساعدة عائلاتهن الفقيرة. أو تحت أسماء مزيفة لجمعيات خيرية، تُجمع التبرعات ولا يصل منها لمعوقي الحرب واليتامى فلساً واحداً ليسرقها أصحاب هذه الجمعيات اللاأخلاقية. وتعيش أكثر العوائل السورية النازحة في هذه البلدان في فقر مدقع، وحتى منظمة هيئة الأمم المتحدة المشكوك بها وبمصداقيتها، قد قلصت حجم المساعدات. ففي لبنان بعد أن كانت تدفع لكل عائلة مبلغ 30 دولار شهرياً، أصبحت تدفع لهم 13 دولار شهرياً. ويبقى هؤلاء المنبوذون ينتظرون أما رحمة المؤسسات الأوربية الخاصة والتي يتبرع حتى أطباؤهم بإجراء العمليات القصوى فقط، وعليهم أخذ القرارات لشحة الموارد، أي من هؤلاء الأطفال والكبار المصابين من جراء القذائف ستبتر قدمه وأي منهم سُيبقى عليها!
ولا يبقى لهم إما أن يولوا الأدبار صوب البحر، وليغرق من يغرق، أو من لم يستطع لكبر سنه أو لعجزه فعليه إنتظار الموت البطئ والجوع في تلك البلاد.
أعود بعد هذا التفصيل، للشعب الألماني وغيرها من الشعوب الأوربية ومآثرها في إستقبال اللاجئين، فعلى الرغم من عدم التجهيز وإستعداد بلادهم لإستقبال هذه الأعداد الهائلة، وماسينتج عنه من تغيير في سياسة البلاد والبيوقراطية الألمانية البطيئة، وتمسكهم سابقاً بالأمور من حذافيرها القانونية، لضمان توفير حق كل مواطن بشكل صحيح وعادل. ستضطر الحكومة الآن لتغيير كل هذا للتسريع في معاملات هذه الأعداد الغفيرة، وتوفير السكن وإدماج هذه الحشود بأسرع وقت ممكن من ضمن المجتمع الألماني. لحاجة البلد أيضاً لهذه الطاقات الجديدة بعد تأهيلها بشكل علمي مدروس. وبالرغم من الأزمات التي ظهرت وستظهر في المانيا من جهة وبين دول أوربا من جهة أخرى. لعدم التنسيق بين الدول الأوربية بين بعضها البعض في موضوع اللاجئين، وإغلاق حدودهم بين بعضهم البعض، ورمي مسؤولية وإرجاع اللاجئين من دولة الى أخرى، وهذا بدوره سيؤثر على الوحدة الأوربية ويضعفها، الا إنها من جهة أخرى فرصة كبيرة وثمينة للشعوب الأوربية بشكل عام وللشعب الألماني بشكل خاص. ليخرج من قوقعته وتعود دماء الإنسانية والإخاء والتي طالما أثبتها هذا الشعب بعد كل محنة تخصه أو تخص غيره من الشعوب، بأخلاقية وإنسانية يدعو اليها القرآن الذي لايفهمه ولايطبقه مسلموه، وإنما شعب الأفرنج بكل إباء ومحبة وتعاطف مع إخوانهم البشر وإن أختلفت عقيدة ولون وقومية هؤلاء اللاجئين النازحين الى بلادهم.
إذاً هي بداية البداية الصحيحة للهوية الجديدة " الإنسانية "



#دعد_دريد_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث عن هوية جديدة !
- لقطة العين الثالثة !
- من يخشى صائدة الرؤى ؟؟
- حجيك مطر صيف مابلل اليمشون !!
- قبلات حروف عاشقة
- مطلوب ذراعان للتحليق
- لا أخلاقية الأخلاق
- قلب حصاة
- - النزوح ليس جريمة -
- شهر رمضان في بلاد الفرقان
- خاطرة إمرأة إنسانة
- أشجار الكرز تموت منتشية
- مسرحية مع وقف التنفيذ !
- وكما لله في خلقه شؤون، أقول للسلطات في مصالحها شؤون !
- يالة - يالة
- هل الحياة لحن، أم اللحن حياة؟؟
- مابين نقطتين
- يانساء الشرق إتحدن!
- حنظلة آلامي
- مسمار جحا


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دعد دريد ثابت - لنتعلم الإسلام من الشعب الألماني