أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - تحت خط الفقر العلمي















المزيد.....

تحت خط الفقر العلمي


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 4923 - 2015 / 9 / 12 - 22:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    





تاريخيا، ورثت الاديان الإبراهيمية ميثولوجيا وعقائد واخلاقيات وقوانين حضارات شرقي البحر المتوسط ونسبتها لنفسها. كما استخدمت الاديان الابراهيمية تقريبا وصف وتعابير وكلمات اساطير تلك الحضارات لوصف عملية خلق الكون والانسان. فعلى سبيل المثال، ورد في إحدى الأساطير السومرية أن الآلهة الذين حملوا عبء العمل على الارض ثم ملُّوا منه، رفعوا شكواهم للإلهة "نمو" سيدة المياه الأولى، وذرفوا الدموع أمامها، وتأثرت "نمو" وحملت دموعهم على راحة يدها، وخاطبت ابنها الإله "إنكى" المضجع بجوارها لكي يحل مشكلة أبنائه وإخوته الآلهة، فاقترح إبنها "إنكى" خلق إنسان من طين ليحمل عبء العمل عن الآلهة، على أن تطبع الإلهة "ننماخ " صورة الآلهة على هذا الإنسان، حتى لا يشعر أنه غريب عن الآلهة.
خلق الانسان
سياق الاسطورة نفسه ورد في سفر التكوين والقرآن، وبلغ التطابق ذروته حين جعلا الانسان على صورة الله ومثاله. فقد ورد في سفر التكوين على لسان الله: "لنصنع الانسان على صورتنا ومثالنا"، وبعيدا عن التفاسير وتفاسير التفاسير، إقتبس النبي محمد هذه العبارة نفسها وقال في حديث :"إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته".
كان التطابق ايضا في غاية خلق الانسان، فالمفكرون السومريون اعتقدوا أن الإنسان خُلق من أجل غرض واحد فقط، هو أن يعبد الآلهة ويخدمها بتزويدها بالطعام والشراب والمسكن ليتوفر وقت لها لأعمالها في الكون، وقد إنفرد الاسلام بأمر العبادة فقط (وما خلقتُ الانس والجن إلاّ ليعبدون) لأن فكرة الإله الذي يأكل ويشرب، ويعمل بعد خلق الكون لم تكن موجودة في فكرهم، فالاديان الابراهيمية كافة تعتقد أن الانسان خُلق وانتهت عملية خلقه من تراب، واستوى الله في السماء أو على العرش في اليوم السابع، وبدأ يتابع الكون ويرصد أفعال الانسان ليثيبه أو يعاقبه.
يقول العلم ان الإنسان الموجود على الأرض حالياً، لم يكن الوحيد الذي نزل قبل ملايين السنين عن الشجر وانتصب على قدميه، ثم مر بأطوار تغيرت معها تركيبته الجسدية والعقلية، فقبل مليونين و500 ألف عام عاش جنس على الأرض كان منتصب القامة أيضاً وبذكاء بشري، وهذا الجنس لا علاقة بينه وبين سلالات قديمة للإنسان الحالي، بل كان سلالة بذاتها، غير معروفة للعلماء حتى سنتين، وعظامها التي اكتشفوها في أيلول/سبتمبر 2013 بأحد الكهوف، ترغمنا على إعادة النظر في زعم البشر بتفردهم عن بقية الكائنات بالذكاء والحياة الاجتماعية، كما ستساهم في حلّ لغز نشوء الإنسان وتطوره، وليس خلقه، بالطريقة الاسطورية أو الإبراهيمية، مرة واحدة.
العظام التي عثروا عليها في منطقة تبعد حوالي 50 كيلومترا عن جوهانسبرغ في دولة جنوبي أفريقيا، لإناث وذكور؛ اطفال حتى كبار السن. تشمل أجزاء من الجمجمة، والأسنان، والأقدام، وكلها بحالة جيدة. وتتشابه أجزاء الهياكل المكتشفة مع أجزاء جسم الإنسان، كشكل الأيدي والأرجل والأصابع والفك، لكن حجم المخ في الكائنات المكتَشفة أصغر من مخ الإنسان الذي يتمتع بشكل أكثر تطورا للجمجمة، وأسنان أصغر، وأرجل أطول، وهذه العظام تؤكد وجود جنس لم نعرفه من قبل شبيه بالبشر على الأرض، أطلق عليه العلماء اسم "هومو ناليدي" أو ما ترجمته "النجم الصاعد" بلغة "السيسوثو" الجنوب إفريقيين على الكائنات التي عثروا على بقاياها العظمية في كهف "رايزنغ ستار".
"هومو ناليدي" كان يدفن موتاه، وهو أمر إجتماعي ثابت علميا منذ 100 ألف سنة مضت، وكان مقتصراً على البشر حسب ما كان يعتقد الخبراء، الذين يقولون أن "ذلك الكائن مخه أكبر من الشمبانزي، ويعتبر نفسه منفصلاً ومتميزاً عن الحيوانات الأخرى في البرية"، لأنه كان "يعمد ايضا إلى إخفاء لحوم ما كان يصطاده من الحيوانات في جوف الأرض، لتكون بمنأى عن الحيوانات المفترسات التي تنبش في الفضلات، لكن عمره لا يزال لغزاً".
الاكتشاف سيعيد تشكيل العديد من مفاهيمنا، بل حتى معنى "الإنسان"، الذي أصبح مستحيلا تقبل فكرة خلقه مرة واحدة في الاساطير وسفر التكوين والقرآن منذ بضعة آلاف من السنين، لأن وجود عظام وبقايا مثل هذه السلالات امام عيوننا يؤدي إلى نتيجتين، ان الله خلق "تجارب إنسان" ثم قضى عليها لفشلها قبل سلالتنا الحالية، أو أن الامر تطور طبيعي سار عبر ملايين السنين ليصل الانسان إلى ما هو عليه حاليا، ولا نعرف حتى في المستقبل ما سينتج الانسان الحالي في المعامل والمختبرات.
خلق الكون
هناك عدة اساطير لخلق الكون بدءاً من حضارات البحر المتوسط وصولا إلى حضارة المايا، وكلها تعبّر عن ثقافات مختلفة ويجمعها محاولة وضع جواب لوجود الانسان على الارض، ولم تدع هذه الحضارات انها عرفت ذلك الامر بوحي. أقدم هذه النظريات تاريخيا هي نظرية كهنة إله الشمس في مدينة هليوبوليس الفرعوينة، وأرسوها على أسس ووقائع وحقائق مستمدة من البيئة المصرية القديمة، وأعطت معنى كبيرا وأهمية بالغة تعكس خبرتهم بالحياة فوق الأرض وبالكون من حولهم. ولا تشير نظريات خلق الكون لدى المصريين القدماء إلى أفكار علمية تشرح كيف أوجد الإله الكون من حولهم بكل كائناته، بل كانت تصورات رمزية تحاول فهم الخلق وطبيعته ودور الخالق فى عملية الخلق وكيف خلق الحياة، وعن دور العناصر المختلفة فى الخلق وأهمية كل منها فى هذه العملية المعقدة وتراتب ظهورها فى سلم الخلق.
تلقفت الديانات الإبراهيمة هذا التصور وورد لأول مرة في سفر التكوين الموسوي، والعلم يقول أن هذا التصور قائم على إيمان المصرى القديم بأن العدم كان يسبق حتى ظهور الإله الخالق، والفكرة يشير إليها بوضوح شديد متن رقم 1466 من متون الأهرام: "لم تكن السماء قد خلقت بعد؛ ولم تشكل الأرض بعد؛ ولم توجد الإنسانية بعد؛ ولم تولد الآلهة بعد؛ ولم يحدث الموت بعد".
تكررت قصة الخلق بحذافيرها الموسوية المبنية على الديانة الفرعونية في القرآن، وتتميز قصة خلق الكون في جميع الاساطير والديانة الفرعونية والديانات الإبراهيمة بتصورات ذلك الزمن ومعلوماته وفهمه للسماء/ وهي حقيقة االغلاف الجوي المحيط بالارض الذي تنكسر فيه أشعة الشمس ذات الموجات القصيرة من ألوان الطيف الزرقاء بدرجة أكبر بكثير من الموجات الطويلة الحمراء فتبدو السماء زرقاء/ التي جعلتها الديانات الإبراهيمية مكان البعث الذي ورثوه ايضا عن الديانة الفرعونية بشكل محدد، التي قالت ايضا بفكرة السُراط الذي يسير عليه العابر من حياتنا ليظهر في نهار آخر، بل سَمَتْ الديانة الفرعونية فوق الاديان الإبراهيمية كافة لأن كاهنها كان يخاطب "المنتقل": يافلان.. قم.. لا تخف .. لا تخشي شيئا.. لقد نوديت باسمك.. لقد بُعثت". لم يقولوا له ابدا: انت من التراب وإلى التراب تعود. ورغم ان اليهود عايشوا الفراعنة المؤمنين بحياة اخرى، نلاحظ ان اليهود لا يؤمنون بها "لأنه ليس من عمل ولا اختراع ولا معرفة ولا حكمة في الهاوية التي أنت ذاهب إليها".
الفارق الحاسم بين الاساطير والاديان الإبراهيمية من جهة والعلم من جهة أخرى، أن الكون عندهم مخلوق ثابت غير مطابق تماما لما يقول العلم، لأنهم جميعا تحدثوا بلغة ومعلومات عصرهم، وهي الكون لم يزل يُخلق وهو غير ثابت؛ مجرات بكاملها تولد ومجرات بكاملها تختفى والكون نفسه يتمدد، وأن الارض ليست مركز الكون بل هي مجرد حبة رمل نسبة لحجم الكون. وبلغت عظمة الارض عندهم أن النجوم ( وبعضها مجرات) والكون نفسه خُلق لأجل الانسان، بل أن هناك تعارض في عملية خلق الكون في ستة أيام ما بين سفر التكوين والنبي محمد، فقد "أتت اليهود النبي محمد فسألته عن خلق السماوات ورد فقال: خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين وخلق الجبال يوم الثلاثاء وما فيهن من منافع، وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والخراب، فهذه أربعة، ثم قال: وخلق يوم الخميس السماء، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة". الراوي: عبد الله بن عباس المحدث: بن حرير الطبري - تاريخ الطبري - الصفحة 1/22.
ولأنهم في ذلك الزمان كانوا يعتقدون أن الشمس بعيدة فقط، ولم يعرفوا معنى طول مسافة مجرتنا البالغ 100.000 سنة ضوئية وسماكتها 12.000 سنة ضوئية، ناهيك عن باقي المجرات والمسافات بينها، تحدثوا عن عملية إنتقال المختارين من البشر بين الارض والسماء ( وهي في الحقيقة الغلاف الجوي الازرق) وإذا سألت أحد المؤمنين ما هي السرعة التي تحرك بها فلان أو فلان من المختارين ليخرج من المجرات ويعود ليخبرنا بما شاهد، حيث أن الله وملكوته خارج الكون كافة؟ يقول لك: بسرعة إلهية. وحين تقول له أن الرجل كان ما زال بلحمه وعظامه وأقصى سرعة في الكون والاجسام هي جسيمات الضوء، فهل تعرف كم يستغرق الضوء ليتحرك من أقصى مجرتنا فقط إلى نهايتها؟ هل تعرف ما سرعة الضوء؟ يتهمك المؤمن بالالحاد.
من أصدق ما قيل عن العلم والاساطير ما قاله البابا فرنسيس الاول للعالم هوكينغ بعد حوار بينهما عن الخلق والكون: مجالكم ما بين الانفجار الكبير واليوم، ومجالنا قبله وبعد الحياة. والمؤكد أن عشرات الفضائيات الاسلامية تؤيد ضمنا جوهر حوار البابا مع هوكينغ، ولا يلتفتون لما يقوله العلم وباطن الارض وتاريخ الكائنات وحتى العلاقة العضوية بيننا وبين الحيوانات.



#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التمييز والعنصرية والتقية ومصادر التمويل
- الازدواجية الاخلاقية في الضمير الجهادي
- ليته يستقيل قبل تشرين
- الفرق بين رجال السياسة وبائعي التمائم
- تحديث الخطاب الديني مهمة العلمانيين
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا(8)
- قراءة في فكر المستفيدين من الاسلام سياسيا (7)
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (6)
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (5)
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (4)
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (3)
- قراءات في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (2)
- قراءات في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا
- التنويريون والمرأة اعداء المستفيدين من الاسلام سياسيا
- إذا كان الله لا يخاف فالبشر يخافون


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف منشآت عسكرية إسرائيلية بال ...
- فتوى جديدة حول أخذ بصمة الميت لفتح هاتفه
- -بوليتيكو-: منظمات وشخصيات يهودية نافذة تدعم الاحتجاجات المؤ ...
- الأردن.. فتوى جديدة حول أخذ بصمة الميت لفتح هاتفه
- الاحتفال بشم النسيم 2024 وما حكم الاحتفال به دار الإفتاء توض ...
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل جمعا من مسؤولي شؤون الحج
- فتوى في الأردن بإعادة صيام يوم الخميس لأن الأذان رفع قبل 4 د ...
- “أغاني البيبي المفضلة للأطفال” ثبتها الآن تردد قناة طيور الج ...
- القمة الإسلامية بغامبيا تختتم أعمالها بـ-إعلان بانجول- وبيان ...
- قادة الدول الإسلامية يدعون العالم إلى وقف الإبادة ضد الفلسطي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - تحت خط الفقر العلمي