أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير - عبد اللطيف بن سالم - الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان















المزيد.....

الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان


عبد اللطيف بن سالم

الحوار المتمدن-العدد: 4916 - 2015 / 9 / 5 - 20:52
المحور: حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير
    


الكرامة الإنسانيّة وحقوق الإنسان
بمناسبة المنتدى الاجتماعي العالمي الذي انتظم في تونس هذه السنة 2015والذي كان شعاره تحقيق الكرامة الإنسانية يمكننا طرح هذا التساؤل عما عساها تكون هذه الكرامة في خضم ما يجري اليوم في العالم ؟ و هل بقيت لنا من كرامة حقا في هذا الزمن, زمن العولمة والرأسمالية المتوحشة,إذ يبدوا أن البشر اليوم قد تنكروا لإنسانيتهم و فضلوا العودة إلى الوحشية البدائية و كأنما الحضارة قد بلغت حدّها الذي انقلبت فيه إلى ضدها وسنبدأ من جديد؟
لنتبيّن جيّدا ما تعنيه هذه العبارة المشهورة (الكرامة الإنسانية )لا بدّ من طرح الأسئلة التالية أيضا والإجابة عنها : هل من قيمة ما للإنسان أم أنه ليس له من قيمة أبدا ؟ و إذا كانت له من قيمة ما هل لنا من معيار واضح لقياسها و كيف لنا بفهمها و تأكيدها أو نفيها و عدم المبالاة بها؟
- هناك من يرى "الانسان " كأي شيء من الأشياء و يُعرف هؤلاء بـ " الشيئيين"
- و هناك من يراه مجرّد كائن حيّ كبقية الكائنات الحيّة الأخرى في مملكة النبات و الحيوان ولا يختلف عنها في شيء: البعض من البيولوجيين و الانتروبولوجيين"
- و هناك من يراه كائنا حيّا أيضا لكنه متميّز عن باقي الكائنات الحيّة الأخرى بـ" النفس العاقلة" و حقيقته الكاملة في عالم المثل أو " الجواهر الفردة" كما يراه أفلاطون اليوناني وأمثاله في الفكر الإسلامي والذين يُعرفون جميعُهم ب"المثاليين"
- و هناك من يراه مجرد آلة في دولاب أو قطعة في ماكنة يتحرك بإرادة غيره وليس بإرادته كما لو صار "روبو" من جملة الربوات العاملة اليوم في المصانع الغربية . ..

- و آخرون يرونه مجرد آلة إنتاج في مصانعهم يمدّونه بانتظام بما يحتاج إليه من المأكل و المشرب و غير ذلك من الضروريات الحياتية ليضمنوا بقاءه حيّا أطول مدّة و قادرا دوما على العمل كما يفعلون مع الآلة التي يجدّدون لها المحروقات اللازمة دائما كي يضمنوا لهم أيضا بقاءها صالحة و استمرارها في العمل دائما .
- و هناك من يراه مجرد أداة استهلاكية في المنظومة الاقتصادية العالمية المعروفة الآن بالعولمة.
– و هناك من يرى في الإنسان كائنا متجاوزا لذاته على الدّوام مثل "باسكال" المفكر الفرنسي. ويُشبهُه في ذلك جان بول سارتر "المفكر الفرنسي أيضا"والذي يراه مشروعا يتحقق على الدّوام.
– و هناك من يراه حيوانا عاقلا يرقي بنفسه في سلم الإنسانية باستمرار "أرسطو اليوناني" و من بعده إمّانويل كانط الألماني" أما ابن سيناء المفكر و الطبيب الفارسي المشهور فيقول عنه ما يلي :
( و الذي حارت البريّة فيه حيوان مستحدث من جماد . ) – لكنٌ هناك من جهة أخرى من يرقى به إلى مصاف الآلهة كما جاء ذلك في الأديان السّماوية فهو
- في التوراة قد خلقه الله على صورته إذ نجد في مؤلف بعنوان : "عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمان" لكاتب وهٌابي اسمه "حمودة التويجري" ما يشير إلى أنه قد جاء في التوراة في ما يسمونه بالإصحاح الأول بالرّقم 26-28 أن اليهود يقولون:" و قال الله: " نعمل الإنسان على صورتنا، على شبهنا...فخلق الله الإنسان على صورته..."
أما في المسيحية فتتلخص الكرامة الإنسانية عندهم في قولهم بـ"الانكارناصيون " التي تعرف في العربية بـ "الحلولية " و التي تعني أن الله حالّ في الإنسان. ألا يقولون بأنه "ابن الله" ؟ كما نجد ما يشبه هذه الفكرة ذاتها في الإسلام _ مع وجود الفارق طبعا _ في اعتباره " خليفة الله في الأرض" هذه الفكرة التي تغلغلت في نفوس المتصوفة من المسلمين و تسبّبت لهم مع بعض الجهلة و المتطرٌفين من المسلمين في مشاكل عديدة انتهت مع البعض منهم مثل الحلاج إلى الاغتيال ظلما و عدوانا،فممّن إذن يمكن أن نحصل على معيار لهذه القيمة ؟ أليست قيمة الإنسان إذن متباينة بتباين الرّؤى المختلفة للعالم و لمكانة هذا الإنسان فيه ؟
لكن في الملخص يمكن أن نستنتج أن للإنسان قيمة تعلو على كل القيم وربما هي قيمة مطلقة لا تُحدّد بأي مقياس ممكن للقيم بدليل أنه يتطور عبر الزمن و باستمرار نحو الرفع من هذه القيمة إذ يُؤثر عن جان بول سارتر أنه كان يقول : " أنا منتظر اليوم الذي سيصير فيه الإنسان ربّا" و كان إيمانويل كانط يطمح أيضا في أن يأتي يوم يحقق المرء فيه إنسانيته بالكامل. هكذا يمكن أن نستنتج أن الكرامة الإنسانية في معناها العميق تتمثل في مدى احترام الإنسان لنفسه و للآخرين من بني جنسه باعتباره واعتبارهم أرقى المخلوقات في هذا الكون ومفضلين عند الله في كونه تفضيلا و هذا ما لا يمكن أن نجده في الأشياء مهما غلا ثمنها و لا في الكائنات الحية الأخرى مهما بلغت من مستويات في تطورها و بالتالي فإن الكرامة هذه هي ما به يتميز الإنسان عن سائر "الخلق" أو الكائنات على وجه هذه البسيطة لكننا عادة ما نفهم هذه "الكرامة " من خلال تصورنا لهذا الإنسان و لمكانته في العالم و على قدر ما يكون وجوده مُحتفيا به كأداة وظيفية في منظومة ما بسيطة أو معقدة أو كدور هام و أساسي في هذه المنظومة أو ضعيف أو ثانوي لا مبال به تكون كرامته في نظرنا فننزلق بالتالي في المعيارية المادية التي تجعل منه كما لو كان شيئا من الأشياء أ وأداة من الأدوات كما ذكرنا آنفا . و لنتحرّر من هذا الأسلوب في التعامل مع هذا الكائن - القضية و لنتجاوز هذه الأزمة النفسية-الاجتماعية لابد أن نتفهم بأن كل قيمة لنا هي من وحي أنفسنا لأننا نطمح دائما لأن نكون الأفضل من بين هذه الموجودات في هذه الحياة الدنيا و لم لا حتى من الآلهة ذاتها لأنها ( الآلهة ) في آخر الأمر هي أيضا من صنعنا و كل ثقافة لنا مهما كان نوعها(معرفة بسيطة أ و أسطورة كانت أو دينا أو علما ) هي من "الكلمة" و الكلمة هذه نتاج طبيعي و اجتماعي لمرحلة ما من مراحل تطورنا على هذه الأرض أمنا وليست هي من خارج عالمنا هذا ، و هذا ما يدلّ دلالة واضحة على أن هذه الكرامة لا تتحقق للإنسان إلا بتوفٌر تلك الحقوق اللازمة و الضرورية المعروفة بحقوق الإنسان ( الطبيعية ) في جملتها و التي شوهتها وتلاعبت بها الامبريالية العالمية بجشعها و ظلمها و طغيانها و استغلالها الفاحش للهيئات العاملة فيها بموظفيها و عمّالها ما جعل الناس يتصورون قيمة الإنسان هذه لا تتحدّد إلا بـ "وظيفته" و "دوره" في المنظومة الاقتصادية و ما يتحقّق له فيها من مكاسب مادية أو لا و نظرا لما لحق بهذا الإنسان من الأضرار و ما صار يتهدده من المخاطر في دائرة هذا الاقتصاد الرأسمالي الجائر ظهر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كرد فعل مباشر لما كان قد لحق به من الهوان .
الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان :
لا يمكن أن تتحقق الكرامة الإنسانية لأي شخص إذن إلا بتوفر شروطها الأساسية التي هي ما يُعرف لدينا اليوم ب " حقوق الإنسان "اللازمة والضرورية والتي طالما انتُهكت كثيرا في الماضي (وحتى في الحاضر ) في خضم الصراع الطبقي وفي خضم الصراع العنصري ،والصراع الديني وبالخصوص في خضم الصراع الاقتصادي والسياسي بين الشعوب وبين الدول وها هي لا تزال تعاني - في الحقيقة - وإلى حد هذه الساعة ما تعاني من المظالم ولكن بطرق أخرى مختلفة باختلاف الظروف المستجدة، وما الإعلان العالمي عن هذه الحقوق في سنة 1948 إثر الحرب العالمية الثانية والموافقة ُعليه والاعترافُ به منذ سنة 1954 من أغلب الدول المنضمّة إلى "الأمم المتحدة " إلا مجرد أسلوب للتعامل القانوني مع الأحداث لا غير لأن مصداقية القوانين المحلية أو الدولية لا تتحقق فقط بالحديث عنها أو بالدعاية لها أو التنويه بها وإنما بالتطبيق والممارسة على أرض الواقع ولا نزال نرى بعيوننا أن الواقع هو ليس كذلك وأن هذه القوانين في الحقيقة لا يلجأ إليها ولا ينادي بها أو " يتأدٌب بها " إن صح هذا التعبير إلا الضعفاء والفقراء وباقي المعذبين في الأرض أما الأقوياء والإمبرياليون وأصحاب الشركات العابرة للقارات وإسرائيل وأمريكا فلا يحفلون بها أبدا أو يُعيرونها أهمية ما بدليل أن إسرائيل مثلا لم تمتثل يوما لأي أمر أو قرار وُجٌه لها من هيآت الأمم المتحدة ، وأن أمريكا أيضا في ما فعلته في العراق وما لا تزال تفعله في أفغانستان وفي غيرهما من الدول الآسيوية والإفريقية ( وما تنوي اليوم أن تفعله هي وربيبتها إسرائيل ) كله خروج عن القانون الدولي وانتهاك لحرمات الشعوب وعبث بما يُقره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هذا جملة وتفصيلا رغم تبجٌحها دوما بأنها جاءت إلى تلك المناطق لتنشر "الديمقراطية " فيها ودونما أي تحرٌج من منظمة الأمم المتحدة تلك أو غيرها من هيآت المجتمع الدولي ويكفي تأكيدا على ذلك كله الإشارةُ هنا إلى استعمالها للأسلحة الممنوعة دوليا في حربها ضد العراق وفي أفغانستان وفي غيرهما من البلدان لنتبين ونتأكد من اقترافها لجرائم حرب ضد الإنسانية قاطبة وكذلك تفعل هي و إسرائيل في " فلسطين وبالخصوص في "غزة " المناضلة . هذا بالإضافة إلى أن إسرائيل تمتلك الأسلحة الذرية والنووية وأمريكا مثلها وغيرهما من دول عديدة في أوروبا وآسيا ولا أحد من الناس أو من الهيآت الدولية تلك يحتجّ على ذلك في حين الجميع الآن يعترضون على إيران أن تعمل على تخصيب الأورانيوم معتبرينها تحضٌر إلى امتلاك الأسلحة الذرية والنووية مثلهم. أليس الحق إذن لا يزال في أفواه المدافع كما كان يقال سابقا وما الإعلان العالمي عن حقوق الإنسان ذاك إلا فقط خدعة استراتيجية لمزيد هيمنة الأقوياء على الضعفاء وبالتالي فيمكن القول اليوم بأنه ليست هناك من كرامة إنسانية حقيقية إلا لمن كانوا يتمتعون فعلا بهذه الحقوق وبالتالي فليست هناك من كرامة إنسانية لكل الناس أبدا وإنما هناك مطالبة مستمرة بهذه الكرامة من طرف الفاقدين لها وسعي دائم منهم لتحقيقها كما هو الأمر بالنسبة للحرية التي نتحدث عنها أيضا كثيرا ودائما ولا نتمتع بها حقا إذ ليست هناك حرية أبدا وإنما هناك عمل دائم للتحرر وهذا هو قدرنا في هذه الحياة شئنا ذلك أم أبينا.
عبد اللطيف بن سالم [email protected]



#عبد_اللطيف_بن_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشذوذ الجنسي .
- هل من علاقة بين الأديان والثقافات وعمر الإنسان ؟
- رسالة مفتوحة إلى أحد شيوخ السلفية
- الدين والديمقراطية : تقارب بينهما أم تباعد ؟
- المغتربون في العالم و -عبقرية المجتمع الغربي -
- السلطة في ما بين الفردية والجماعية
- الدين في الدولة مخالف للشريعة الإسلامية .
- حول الحج وأضحية العيد
- ويسألونك عن العمر .
- الارهاب و ثقافة التمرد
- ومن أهداف الثورة العربية( 2 ) البحث عن الحرية
- حدث ابو هريرة قال
- لماذا التقاعد و الخمول؟
- البحث عن الديمقراطية


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- حملة دولية للنشر والتعميم :أوقفوا التسوية الجزئية لقضية الاي ... / أحمد سليمان
- ائتلاف السلم والحرية : يستعد لمحاججة النظام الليبي عبر وثيقة ... / أحمد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير - عبد اللطيف بن سالم - الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان