أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - إبراهيم ابراش - تحديات ومخاطر علم الاستشراف في العالم العربي














المزيد.....

تحديات ومخاطر علم الاستشراف في العالم العربي


إبراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 4843 - 2015 / 6 / 20 - 15:22
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


في سياق تطور العلوم والمعرفة الإنسانية ظهر علم الاستشراف Futurology أو الدراسات المستقبلية Futures studies ،علم حديث تسبيا يختص بالقدرة على استشراف المستقبل أو التنبؤ بما سيحدث حول موضوع ما انطلاقا من فهم وتحليل الواقع ورصد اتجاهاته واستقراء جزئياته وقراءة ما بين السطور في كل ما يصدر عن الفاعلين الأساسيين في الظاهرة محل البحث ،من أحداث ومواقف وتصريحات ، وفي المتغيرات والتقلبات التي تطرأ على ثقافة مجتمع البحث سواء كانت الثقافة العالِمة أو الثقافة الشعبية ،وانطلاقا أيضا من التتبع التاريخي لتطور الظاهرة محل البحث والربط بين حلقات التاريخ الثلاث :الماضي والحاضر والمستقبل من منطلق أن الحاضر هو مستقبل الماضي وماضي المستقبل في نفس الوقت.
علم الاستشراف والمستقبليات يختلف عن التخمين أو التنجيم ، وبالتأكيد بعيد عن إدعاء المعرفة أو العلم بالغيب،حيث لا يوسم الشخص بصفة المُستَشرِف إلا إذا كان باحثا علميا موضوعيا ،فالاستشراف يوظف منهجية علمية تقوم بدراسة واستقراء الموضوع محل البحث من كل جوانبه وأبعاده الزمنية والموضوعية ثم بعد ذلك يضع تصورات أو سيناريوهات المستقبل المتفائلة أو المتشائمة . والهدف ليس السيناريوهات بحد ذاتها بل ما يجب أن يؤَسَس على هذه السيناريوهات من وضع خطط استباقية لتدارك ما هو آت،وخصوصا إن كانت التوقعات تتضمن مخاطر .
في هذا السياق يفترق التنجيم أو إدعاء الغيب عن الاستشراف ،ففي الحالة الأولى المُنَجِم ومُدعي الغيب يزعم حتمية حدوث أمور انطلاقا من عقله المجرد المنفصل عن استقراء الواقع ،أو استنباطا من معتقد او أيديولوجية يؤمن بها أيمانا مطلقا بحيث لا يرى من مسار للمستقبل إلا بما يتوافق مع مقولات المُعتقد والأيديولوجية التي يؤمن بها،أما في الحالة الثانية فعالِم الاستشراف يضع سيناريوهات محتملة لمستقبل ظاهرة ما – سياسية أو اقتصادية أو إنسانية – انطلاقا من مؤشرات ومعطيات مستمدة من حاضر الظاهرة واستلهاما من سياق تطورها التاريخي ،وبالتالي فعلم الاستشراف لا يؤمن أو يتقيد بالحتمية أو المسار الوحيد لمستقبل الظاهرة ،بل يتعامل مع المستقبل كفضاء مفتوح لسيناريوهات أو احتمالات متعددة ،قد يَصدُق بعضها كليا أو جزئيا ،مع احتمال أن لا تتحقق أية من هذه السيناريوهات، إن الاستشراف علم الاحتمالات وليس علم المطلقات .
.
هذا العلم والمنهج في التحليل الذي كانت بدايته في البحوث الامنية والإستراتيجية العسكرية، فرض نفسه في شتى المجالات المعرفية:السياسية والاقتصادية والتنموية والعلمية الخ ،وأصبح من اساسيات البحث العلمي في كل الدول المتحضرة والمتقدمة .في الجامعات حيث يتم تدريسه كمادة مستقلة أو كمنهاج وأداة بحث توظفه كل العلوم ،كما أصبح من اساسيات رسم السياسات العامة والتخطيط في الإدارات والوزارات وعلى مستوى الدولة بشكل عام . ما ساعد علم الاستشراف أو المستقبليات على الانتشار والرسوخ في المجتمعات المتقدمة وجود عقل جمعي وحاضنة ثقافية وقيمية تتقبل منطق الاستشراف ومخرجاته،لأنها مجتمعات تحترم ماضيها ولا تقدسه، تحترم دياناتها دون أن تجعلها مُعيقة للعقل والعقلانية ،كما أنها غير أسيرة كليا لحاضرها بالرغم من كل ما فيه من ازدهار وانجازات ،بل تتوق دائما لمستقبل افضل ،بالإضافة إلى توفر شرط الحرية ،الحرية الاكاديمية وحرية الرأي والتعبير بشكل عام .
أما في الدول والجامعات العربية فلم يتم الاعتراف والأخذ بهذا العلم إلا حديثا وفي بعض الدول والجامعات فقط ، سواء لغياب العلماء والمتخصصين بهذا العلم ، أو عدم نضج الثقافة والعقل العربي لتقبل منطق علم الاستشراف والمستقبليات الذي يتعارض مع البرادغمات المهيمِنة المؤسَسة على تابوهات تحتجز وتفرض سطوتها على حلقات الزمن الثلاث :الماضي والحاضر والمستقبل ، أو بسبب عدم تحكمنا في حاضرنا من اقتصاد وثروة وحدود الخ ،حيث الدول العظمى تتحكم في حاضرنا وترسم لنا مسار المستقبل. في ثقافة تعتبر إعمال العقل في التخطيط لتدبر أمور المستقبل أمرا يتعارض مع الإيمان بالقضاء والقدر ،واعتداء على اختصاص الرب ،ثقافات تمتد فيها القدرية حتى للسياسة والاقتصاد، في هكذا ثقافات ومجتمعات قد يحدث التباس في أذهان الناس ما بين علم الاستشراف والمستقبليات من جانب ،والتنجيم أو إدعاء العلم بالغيب من جانب آخر.
في ظل عقل ماضوي ونخب سياسية لا تفكر إلا داخل الصندوق الذي صنعه تفكيرها المتخلف أو صنعته لها أطراف خارجية، فلا غرو أن الأحداث والأزمات تدهمهم من حيث لا يحتسبون لأنهم لم يفكروا باحتمال وقوعها ،ليس هذا فحسب بل يمكن أن يُتَهم أي مفكر أو باحث يكسر نمطية التفكير السائدة ويتجاوز التابوهات الفكرية والمؤسساتية ويفكر بالمستقبل محاولا استشرافه بأنه يشارك الله في اختصاصاته ، أو بالتعامل مع جهات أجنبية أو امتلاكه وثائق سرية هي التي مكنته من معرفة ما سيجري ،خصوصا إذا كانت الأمور المُستَشرَفة سلبية سياسيا وتتعارض مع خطاب النخبة الحاكمة.
[email protected]



#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من سيناريوهات حل الصراع إلى سيناريوهات إدارته
- هل غزة مقبلة على الانفجار بالفعل ؟ وفي مواجهة من ؟
- التباس الموقف المصري من القضية الفلسطينية
- حركة فتح : شرعية وديمومة الفكرة وتعثر التنظيم والممارسة
- صحوة خليجية متاخرة : الاتفاق النووي سينقل (الربيع العربي) إل ...
- اللاجئون الفلسطينيون من الريادة إلى التهميش والتصفية
- ما بين د.عصام السرطاوي ود.احمد يوسف : عقلانية الفكرة ومنزلقا ...
- مبادرات تتوالى ، فهل نحن مستعدون؟
- هل تعي حركة حماس ما تفعل ؟
- حكومة الوفاق وضريبة حماس
- استهداف مخيم اليرموك استهداف لحق العودة وللكرامة الفلسطينية
- فلسطين بوابة العرب لاستنهاض مشروعهم القومي
- القادة العظام يصنعون أمجادا والقادة الصغار يبددون حقوقا وأوط ...
- استخلاصات من نتائج الانتخابات الإسرائيلية
- عودة مشروع -غزة أولا- ولكن بثمن أفدح
- لكل أمة مشروعها الحضاري القومي إلا الأمة العربية
- مقاربة مفهومية لتفكيك ظاهرة الإرهاب
- المطلوب من المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية
- انقلاب هادئ وخطير في أراضي السلطة الفلسطينية
- مشهدان متناقضان في فلسطين المحتلة


المزيد.....




- نتنياهو يعلق على قبول حماس وقف إطلاق النار والسيطرة على الجا ...
- لوكاشينكو: العالم أقرب إلى حرب نووية من أي وقت مضى
- غالانت: عملية رفح ستستمر حتى يتم التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح ...
- الرئيس الجزائري: لا تنازل ولا مساومة في ملف الذاكرة مع فرنسا ...
- معبر رفح.. الدبابات تسيطر على المعبر من الجانب الفلسطيني مع ...
- حرب غزة: هل يمضي نتنياهو قدما في اجتياح رفح أم يلتزم بالهدنة ...
- اتحاد القبائل العربية في سيناء.. بيان الاتحاد حول رفح يثير ج ...
- كاميرا مثبتة على رأس الحكم لأول مرة في مباراة الدوري الإنكلي ...
- بين الأمل والخوف... كيف مرّت الـ24 ساعة الماضية على سكان قطا ...
- وفود إسرائيل وحماس والوسطاء إلى القاهرة بهدف هدنة شاملة بغزة ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - إبراهيم ابراش - تحديات ومخاطر علم الاستشراف في العالم العربي