أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - ليته يستقيل قبل تشرين















المزيد.....

ليته يستقيل قبل تشرين


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 4808 - 2015 / 5 / 16 - 21:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تبنى البابا فرنسيس الاول منذ أول إطلالة إعلامية له رعاية المثليين والسحاقيات والمتحولين جنسيا بشكل ملفت للنظر، لم يفعله أيٌ من رجال الدين وضعيين كانوا أو إبراهيميين، وهو يسير بخطى ثابتة كما يبدو لإقرار زواج المثليين كنسيا، ما يعني انه سيخرج بالكنيسة الكاثولكية عن الخطوط الاخلاقية والاُسرية والعقائدية التي وضعها المسيح رأس هذه الكنيسة وتلاميذه، وسيجعل باقي الكنائس في وضع بالغ الحرج أو في صدام مع رعاياها.
ولكي لا يكون الكلام مجرد موقف هجومي ينفعل معه سلبيا الناس الذين يطالعون بعواطفهم، أو مقال غير مفهوم لمن لا يتابعون اخبار الحبر الأعظم، أذكر بعض أخطر الوقائع.
تعميد مريب
قال البابا فرنسيس الاول في بدايات إطلالته الاعلامية لصحافيين على متن الطائرة التي أقلته إثر عودته من زيارة البرازيل في أول رحلة له خارج روما: "إذا كان هناك شخص مثلي الجنس، يسعى إلى الله، ويتحلى بالإرادة الخيّرة، فمن أنا كي أحكم عليه". وأشار البابا في مداخلته ودردشته معهم إلى مقولة الكنيسة الكاثوليكية الرومانية التي تقول إنه "بينما تعتبر أفعال المثليين مؤثمة، فإن التوجه الجنسي المثلي ذاته غير مؤثم". وهذا أمر طبيعي فعلى سبيل المثال معظم الناس لديهم ميل للسرقة لكن الكثير يقمعون هذا التوجه، والروادع الاخلاقية تساعدهم ترغيبا أو ترهيبا.
ثم قال البابا في الدردشة نفسها في معرض دفاعه عن القساوسة المثليين: "ينبغي أن يشمل الغفران رجال الدين مثليي الجنس، وأن تُنسى خطاياهم، وإن"التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية يفسر هذا بشكل جيد للغاية"، حيث ينص على "إنهم لا ينبغي أن يهمشوا بسبب هذا ولكن لابد من ادماجهم في المجتمع".
وبعد هذه الدردشة بشهور أعلنت الكنيسة الكاثوليكية بالأرجنتين عن موافقتها على تعميد ابنة سحاقيتيّن تساكنان بعضهما بعضا، في سابقة هي الأولى في تاريخ الكاثوليكية ولن تكون الاخيرة، لأن البابا ببساطة فتح الباب بنفسه علانية. كما تعامت الكنيسة الكاثوليكية الارجنتينية وعلى رأسها البابا شخصيا (من المستحيل ان يتم هذا التعميد غير المسبوق منذ ايام يوحنا المعمدان بدون علم رأس الكنيسة وموافقته مسبقا) عن امرين في منتهى الخطورة أولهما ان الرضيعة يحتمل ان تكون من زواج سابق لإحدى السحاقيتين، ما يعني إنها مطلقة، والطلاق غير مسموح به في الكنيسة الكاثوليكية إلاّ لعلة الزنا، التي يزني من يتزوجها حسب شريعة المسيح، الذي قال من تزوج مطلقة فقد زنى. الامر الخطير الآخر هو وجود هذه الرضيعة بالتبني، وتعميدها وتقبيل السحاقيتين بعضها بعضا داخل الكنيسة وامام المذبح، يفتح الباب على مصراعيه لرجلين مثليين يساكنان بعضهما بعضا قريبا جدا للوقوف في المكان نفسه في كنيسة كاثوليكية اخرى، يطلبان تعميد إبنهما أو إبنتهما، بناء على سابقة قانونية/إيمانية واضحة يستحيل ان تتراجع عنها الكنيسة الكاثوليكية.
أكثر إيجابية
حث البابا فرنسيس كبار الكرادلة في "سينودس الاسرة"، الذي انعقد اواخر السنة الماضية، وبحث قضايا الاسر ومشاكلها وقضايا الإجهاض ووسائل منع الحمل والمثلية الجنسية والطلاق، إلى ضرورة اتخاذ الكنيسة الكاثوليكية مواقف"أكثر ايجابية" تجاه المثليين جنسياً، واطار السينودس وتوجه البابا فرنسيس يطرحان أسئلة : ما العلاقة بين مشاكل الاسرة الطبيعية والمثلية الجنسية؟ ولماذا لم يبال بهذه العلاقة، إن وُجدت، رجل بحجم دالاي لاما وهو يرأس روحيا ما يقارب ملياري بوذيا؟ ولماذا اختار البابا فرنسيس هذه التوقيت ليترأس انقلابا من هذا النوع، بعد استقالة سلفه البابا بنديكتوس الذي قيل ان لوبي المثليين جنسيا داخل الكنيسة الكاثوليكية ضغط عليه من أجل تنازلات معينة تجاههم رفض حتى مجرد مناقشتها.
هكذا تجاوز البابا فرنسيس تعريف الزواج منذ فجر الإنسانية منذ بدأت تتحضر بأنه علاقة يعيش فيها رجل هو الزوج وامرأة هي الزوجة لبناء أسرة، وهي علاقة متعارف عليها ذات أسس قانونية وأعراف في المجتمعات والديانات إبراهيمية كانت أم غيرها، والإطار المقبول للعلاقة الجنسية وإنجاب الأطفال من أجل الحفاظ على الجنس البشري وحقوق الابناء والزوجة في حال الطلاق أو وفاة أحد الزوجين.
ما يحاول المثليون عمله هو تدمير هذا التعريف مدنيا وقد نجحوا، عندما أقر الزواج المثلي الرئيس أوباما ووهب العاملين منهم في الحكومة الفيدرالية والجيش الاميركي الحقوق المدنية نفسها التي يتمتع بها زوجان طبيعيان، وبناء على توجهه ألغت المحكمة العليا الأميركية قانونا يعرِّف الزواج كعلاقة فقط بين رجل وإمرأة، ويعني القرار الذي صوت لصالحه خمسة قضاة مقابل أربعة، أن المثليين الذين يعتبرون متزوجين في نظر القانون باتوا يتمتعون بحقوق الزواج التقليدي نفسها في شتى الولايات الأميركية.
يتمثل النجاح الثاني والديني للمثليين في جعل الحبر الأعظم شفيعهم الذي يتجه بخطوات سريعة نحو ترسيخ هذه العلاقة كاثوليكيا ليعلن صراحة إباحة زواجهم كنسيا، أو على الأقل سيورط من يأتي بعده ويجعله محاصرا فعليا بضغوط تتمثل في حريات شخصية وعدم وضع عراقيل امام زواج المثليين لأن الزواج حق لكل إنسان، لن يستطيع خلفه تجاوزها، لأن سينودوس تشرين الأول/أكتوبر 2014، أعلن صراحة مباركة زواج المثليين "بدون إنكار المشكلات الأخلاقية المتصلة بالروابط بين المثليين جنسيا، يجب الإشارة إلى أن هناك حالات يبلغ فيها العون المتبادل حد التضحية وتنطوي على مساندة ثمنية في حياة الشركاء". وقد خرج الحبر الأعظم مبتسما في نهاية السينودس ليقول: الله لا يخاف التغيير. وتوجه البابا فرنسيس، الذي نذر خدمته له كما يبدو، يقول صراحة إنه عنى خوف الله من الاعتراف بزواج المثليين، وهي مغالطة وجملة سقيمة من عالم لاهوتي مثله لأن الله إذا وُجد يستحيل أن يخاف من أي شيء!
تناقضات وأمنية
رغم أن البابا فرنسيس أولم منذ حوالي شهرين لمثليين وسحاقيات ومتحولين جنسيا وجلس بينهم وبينهن ملاطفا ومبتسما ومتحدثا، رفضت دولة الفاتيكان قبول أوراق اعتماد السفير الفرنسي الجديد لديها لوران ستيفانيني كونه مثلي الجنس، وهو الذي رُشح رسمياً ليكون سفيراً لفرنسا لدى الفاتيكان ولم يتمكن من مزاولة مهامه كما كان مقرراً بسبب رفض البابا فرنسيس تسلّم أوراق اعتماده لكونه مثليا جنسياً، وهو ما لا يتوافق مع تقاليد الكنيسة الكاثوليكية، حيث لا تعترف بالمثليين جنسياً ولا تعترف بالزيجات التي يعقدونها. وكان الرفض غير مفسر تماما بعد كل الاشارات والتلميحات التي صدرت علانية من البابا، خصوصا ان ستيفانيني كان الرجل الثاني في السفارة الفرنسية في الفاتيكان بين عامي 2001 و2005، والمسؤول عن شؤوون الاديان، كما وصفت وزارة الخارجية الفرنسية ستيفانيني بانه "واحد من أفضل الدبلوماسيين".
بعد هذا التناقض الواضح الذي يصل إلى حد البلبلة الصادرة عن كرسي رسولي مسؤول عن أكثر من مليار نسمة في العالم، تظاهر أكثر من ألف شخص في التاسع من آيار/مايو هذه السنة من مثليي الميول والسحاقيات والمتحوّلين جنسيا، وساروا في شوارع العاصمة الكوبية هافانا للتنديد بالتمييز الذي يتعرضون له، ومطالبين بحقوقهم في الزواج وشارك العشرات منهم في مراسم زواج رمزية ترأسها رجال دين أميركيون وكوبيون من الكاثوليك كان واضحا أن احدهم برتبة مطران، وبدا الرجل مرتبكا وهو يبارك ويرشم علامة الصليب على الكثير من المثليين والسحاقيات الذين وقفوا ووقفن أمامه وقفة زواج رمزي، ويستحيل أن يحدث هذا الامر من مونسينيور أو كاردينال أو مطران أو حتى كاهن في قرية صغيرة بدون موافقة البابا ومباركته للعمل شخصيا، واعتبرت وسائل الاعلام أن المسيرة وما حدث فيها حدثا في كوبا، التي كان يتعرّض بعض المثليين فيها للسجن أيام حكم الشيوعية في عهد فيديل كاسترو إذا جاهروا بمثليتهم.
أعلن البابا في دردشة من اسابيع قليلة مضت إنه يشعر بأن مدة خدمته الرسولية قصيرة، وأن الله إختاره لهذه الفترة لعمل أمر ما، وما حدث مع البابا بنديكتوس لن يكون آخر مرة في تاريخ الكاثوليكية.
تمنياتي الخاصة أن يستقيل البابا قبل تشرين الأول/ أكتوبر القادم قبل بلبلات أكثر وقرارات أخطر منها التصويت النهائي على قرارات لم تحصل على أغلبية الاصوات في سينودس 2014، وهذه القرارات قالت عنها منظمة صوت الأسرة الكاثوليكية المحافظة بأنها "خيانة". ووصف أحد مؤسسي المنظمة جون سميتون الوثيقة بأنها "واحد من أسوأ التقارير الرسمية صياغه في تاريخ الكنيسة"، لكن يبدو ان رغبة البابا فرنسيس في تسويق الجوانب الإيجابية وليس السلبية للميول الجنسية المثلية التي اكتشفها هو فقط، قد اقنع عدد لا بأس به من المطارنة المترهلين المشاركين في "سينودس الاسرة" 2014 المستعدين للبصم في تشربن أول 2015، ما سيفتح الطريق امام المثليين والسحاقيات ليس للوقوف رمزيا امام كاهن كاثوليكي للزواج، بل بوقفة حقيقية تساهم مع ما يفعله المتطرفون المسلمون والمتعنتون اليهود في تقويض الديانات الإبراهيمية، والأخطر قيم حضارات البحر المتوسط وحوض نهري دجلة والفرات، وهي أساس المعرفة والقانون والثقافة في الدنيا.






#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفرق بين رجال السياسة وبائعي التمائم
- تحديث الخطاب الديني مهمة العلمانيين
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا(8)
- قراءة في فكر المستفيدين من الاسلام سياسيا (7)
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (6)
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (5)
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (4)
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (3)
- قراءات في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (2)
- قراءات في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا
- التنويريون والمرأة اعداء المستفيدين من الاسلام سياسيا
- إذا كان الله لا يخاف فالبشر يخافون


المزيد.....




- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - ليته يستقيل قبل تشرين