أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام حمدي - تديين المظهر وتسييس الجوهر














المزيد.....

تديين المظهر وتسييس الجوهر


هشام حمدي

الحوار المتمدن-العدد: 4808 - 2015 / 5 / 16 - 01:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لطالما استخدم الغطاء الديني بشكل عام والإسلامي بشكل خاص، ولطالما حمل هذا الغطاء الأهوال والدمار والقتل للبشر والشجر وحتى الحجر لم يسلم منه، وكم حمل الغطاء الديني الكثير من المفاسد والمفسدين والاستغلال والمنتفعين والقتل والمجرمين.
نبدأ بتفاصيل صغيرة في حياتنا اليومية، عندما تركب تاكسي صغير ويضع السائق شريط أناشيد دينية أو درسا دينيا مذاعا على أمواج الراديو لأحد أشباه الدعاة، تحدث نفسك قائلا: لابد أن هذا السائق يخاف الله وتضيف إنه ابن حلال (ولد الناس زعما). وعندما تؤدي ثمن الرحلة حسب العداد يهب في وجهك ويطلب ضعف العداد، هي ليست حادثة وحيدة ويتيمة بل الأكيد أنها حصلت يقينا مع أغلبكم؛ الأمر مختلف عندما تقصد السوق النموذجية فتجد دكان بائع الفواكه والخضروات وتجده واضعا للوحة تقرأ فيها " وفاكهة مما يتخيرون " لتكتشف بعد دقائق من خلال جولة في السوق أنك دفعت ثمن فاكهة يفوق سعرها الحقيقي، نفس الأمر ينطبق على دكان بائع العصير لوحة كبيرة تثير انتهابك وبها تقرأ " وسقاهم ربهم شرابا طهورا " بانتظار كأس عصيرك المفضل الذي لا تعلم كمية المواد الملونة الغريبة الموجودة والذي لا طعم له سوى الحلاوة المفرطة؛ هناك أيضا الحلاق الذي يريد إقناع زبائنه ببراعته في قص الشعر تجده واضعا كذلك للوحة مكتوب عليها " نحن نقص عليك أحسن القصص "؛ أما العجيب الغريب فهو محامي توجد فوق مكتبه آية منقوشة على الخشب مفادها " ادفع بالتي هي أحسن " عوض وضع آية عن العدل والقسط فتدرك بأن زبناءه لا يدفعون له الأتعاب.
ننتقل إلى المصالح الإدارية والوظائف الحكومية ونعاين بعضهم يضع في مكتبه زرابي صغيرة أو سجادة للصلاة فيما نرى موظف يقتني سبحة وتقول في نفسك الحمد لله ستكون المعاملة هادئة ومن دون إعطاء رشوة، ما تلبث أن تصدم بأن ثمن السبحة أغلى بكثير من عدم وجودها، باختصار يمكن تلخيص ما يحصل في أيام الحرب الظالمة والجائرة على العالم العربي منذ سقوط حائط برلين على مستوى التفاصيل الحياتية، زيادة النفاق والكذب والتجارة باسم الدين.
يصادفك كثرة من يتبرعون بإعطاء الدروس، في البرلمان أو عبر الإعلام بجميع وسائله، بالقيم والأخلاق ومحاربة الفساد بجميع أشكاله والاستبداد بكامل التواءاته وتلويناته وكثيرا ما يستشهدون بآيات قرآنية وأحاديث نبوية ونراهم يحفظون ويتقنون ببراعة فن الإقناع بالكلام حتى تحسب بأنك عثرت على القدوة المثلى، وتفجع بهؤلاء الأشخاص عندما ترى كلامهم لا يتطابق مع أفعالهم أو أنهم يسردون قصص الأنبياء والرسل دون أن يتمثلوا سلوكهم وأخلاقهم متخذين من ألسنتهم تجارة رابحة.
أما على مستوى العالم العربي فقد كان الدين وما زال نقطة ضعف بدل كونه أهم مكامن قوة العرب والمسلمين، والشواهد التاريخية زاخرة التي تبين كيف استغل الغرب الاستعماري حديثه وقديمه الذين من أجل إشعال الفتن المذهبية وإثارة النعرات الطائفية واستغلال واستعمار المنطقة العربية الغنية بتاريخها وثرواتها الطبيعية، من أيام الحملة الفرنسية على مصر سنة 1798 قرر نابليون بونابرت السيطرة على مصر دون إراقة نقطة دم واحدة وأيضا دون إخلال علاقته مع شعبها، وذلك باستغلال تدينهم للعب بعواطفهم وأحاسيسهم لدرجة أن أول منشور خطاب له باللغة العربية قال فيه: " بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله، لا ولد له ولا شريك له في ملكه إنني أعبد الله سبحانه وتعالى وأحترم نبيه والقرآن العظيم" وقد كان يحضر لأعياد المولد النبوي ويلبس القفطان ويضع الجبة وحولها العمامة ويضيف بأن الشعب الفرنسي شعب مسلم وليس مستعمر، لكن الكذبة لم تدم طويلا، وكتب معترفا في مذكراته في آخر أيامه في منفاه بجزيرة السنت هيلينا التابعة للإمبراطورية البريطانية بأن ما قام به مع المصريين كان دجلا وأن هذا الدجل اصطنعه لأنه السبيل للنجاح. لن تصدق ما قرأته لذلك أدعوك عزيزي القارئ لقراءة كتاب يحمل عنوان "مصر من نافذة التاريخ" للمؤرخ الكبير جمال بدوي وخصوصا الفصل المعنون بالشيخ نابليون، في وقتنا الحاضر المشهد لا يختلف فها هي الصهيونية العالمية والغرب الاستعماري تدخل العالم العربي من بوابة داعش وأخواتها في الرضاعة والتي تعتبر امتدادا للقاعدة، ومن ينظر إلى داعش من باب ما تمارسه من قتل للأرواح وجز للرؤوس يرتكب مغالطة كبيرة لأن الموضوع أخطر وأكبر بكثير من مجرد إرهاب تمارسه جماعات إخوة الشياطين والمجرمين بحق العباد والبلاد، الدول الأورو-أمريكية الكبرى غالبا ما تسعى إلى تحويل صراعاتها وأطماعها على أرض الواقع العربي من الماء إلى الماء، وتدخل علينا من بوابة الدين فتارة تريد التدخل لحماية الأقليات وتارة أخرى تريد التدخل لحماية الشعوب من وحوش صنعتها وأفلتتها لتعبث بأسمى الحقوق وهو حق الحياة لتلكم الشعوب.
أخيرا، ولأن الله يصب الأنبياء والناس تشرب الفقهاء، المطلوب العودة إلى الدين من كونه مصدر قوة وحضارة للناس وتمثل سلوك الأنبياء وأخلاق الرسل بدل نقل الأحاديث عنهم.
الإنسانية هي الحل



#هشام_حمدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغرب فوبيا بدل الإسلاموفوبيا
- العالم العربي الاسلامي بين عار الصهيونية و نار الداعشية
- عن السياقة في الدار البيضاء ... أتحدث
- سؤال التقدم والتنمية، من يجيب؟
- حرية الرأي في التعبير
- فساد أم إفساد الدولة
- الإعلام الافتراضي ومواطنو التواصل الاجتماعي
- الاستهلاك حرب إيديولوجية جديدة
- الإساءة للرسول وأنموذج شارلي إبدو
- إنسانية الإنسان بين مطرقة التدمير وسندان التعمير
- متلازمة فلسطين..... (غزة) و الهوان
- التراث الفكري الإسلامي القديم بين تنقيح وتصحيح أم تجديد! ؟
- أنا أعتذر، إذن أنا موجود
- القوة الناعمة....الجيل الرابع من الحروب
- أنفاق حماس...معابر غزة... حدود فلسطين


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام حمدي - تديين المظهر وتسييس الجوهر