أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال حكمت عبيد - طائرُ اللّقلق..قصة قصيرة














المزيد.....

طائرُ اللّقلق..قصة قصيرة


جمال حكمت عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 4796 - 2015 / 5 / 4 - 23:31
المحور: الادب والفن
    


لم أعد أتذَكّر تأريخ ولادتي ، لكني أعرف كيف وصلْت إلى هذا المكان... يومَها حمَلَني طائرُ اللّقلق حلّق بيّ بعيداً ورماني عند باب قصر أحد المسنّين، المتمكنين ... وقف فوق المدخنة العالية ينتظر من يلتقطني .. كنتُ ملفوفاً بقِماطي. أخرسٌ لا أنطق ،أرقَب من يأتي لي ويأويني... فجأة فُتِحَت باب القصر، يدٌ امتدت نحوي حملَتني داخل القصر.. وضعَني في غرفة طويلة، رأيت فيها الكثير من المقمَّطين مثلي!!. طرحني على السرير وتركني .
خيالاتي في تلك اللحظة زاحمت أفكاري، تُذَكرني بسابق حياتي التي فقدتها بأحداثٍ متسارعة ...وكيف فقدتها ؟؟ لا أدري.
سؤال حيّرَني: لماذا هذا العجوز يهتم بيّ وبغيري ؟
أنظرُ إلى المقمَّطين من حولي، منهم من يشبهني ومنهم من يختلف عني. عرفتُ حينها إن العجوز يهوى جمع المقمَّطين كجامع الطوابع..
كان هناك من يداريني ويطعمني ..في اليوم التالي أقبل الرجل العجوز نحوي، فتح التحقيق معي ، سألني عن أسمي وعن حالي. صعبَ عليه لفظ أسمي؛ لكن لم يصعب عليه معرفة حالي. . بعد أن اِستقرَ معه أمري أماطَ القِماط عن جسمي، واستغربتُ برؤية حالي !! يدايّ قصيرتان جداً ورِجْلايَّ طويلتان لا يناسبان حجمي، كنت صغيراً لكن عقلي كان كبيراً ، يُذكرني بأني قد عشت حياة أخرى . اِلتَفَتُ إلى الرجل العجوز.. قلت له:
لماذا يدايّ قصيرتان هكذا...انها ليست مثل يداك؟؟
قال: ألا تدري.. تذَكَر جيداً ؟؟
سرَحتُ مع نفسي، تذَكَرت حالي القديم وحال أترابي ، عادت بي ذاكرتي إلى مدرستي الإبتدائية ، تذكرت فيها ضرب المُعلِم لنا بالعصا، والخوف منه يلاحقنا، نخفي أيدينا تحت آباطنا كي لا يؤذينا...وكم مرة في صبانا وضعناها داخل جيوبنا، نحمل رسائل الغرام فيها...
كبرنا وكبرت فينا عادة اِخفاء أيادينا، تحضن كتبنا الممنوعة! نخفيها تحت ملابسنا، نخاف أن تسقط منا فتفشينا... مضت الأيام وأصبحنا لا نطيق حال بلدنا، نتوق إلى التغيير، نبحث عن الحرية ، نريد أن نبرهن للناس نتاجاتنا بأيدينا... وفي أول ظهور لها باتت مكبلة بأصفاد حديدية... ومع مرور الأيام والسنين قَصرَت وما عادت تحمينا.
عدتُ في سؤالي للرجل العجوز عن رِجْليّ لماذا طويلةً هكذا، انها لا تناسب حجمي؟
قال :ألا تدري.. تَذَكَر جيداً ؟؟ أنت من عاش هناك..
توّهتُ عنه رأسي، ذهبت أبحث عن أسباب طول رِجليّ .. فتبين لي أنها كانت العَون لي ولأترابي.. أرجلهم طويلة مثل رِجليّ، نتسابق بها عند اللهو في أيام الطفولة.. كبرنا وكبرت معنا أرجلنا وصارت منقذنا في بعض الأحيان من رجال الأمن كي لا يمسكونا ويتَهِمونا بتنظيم معادي للحزب الحاكم .. ولمّا اِشتدت الحروب.. طالت أرجلنا أكثر، تُعيننا في الكرِّ والفرِّ...
آخر مرة اِستخدمتها عند هروبي من وطني ،سابقتها مع الريح كي لا يعتقلني حرس الحدود حتى بلغتُ دليلي.. بعدها أُغْمِي عليّ وجاء طائرُ اللّقلق يحملني.
اِحتار العجوز في أمري.. قال لي : لو تغير الحال في بلدك.. هل ترغب العودة اليه؟؟
حدّقتُ بوجهه و لم أجبه.. من قهري ومن تعبي ..



#جمال_حكمت_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا وأُمي ووطني
- من هذه السيدة...قصة قصيرة
- عيد الحب...قصة قصيرة جداً
- حبٌ..وألم....قصة قصيرة جداً
- استوقفني مظفر النواب ...في قصتين قصيرتين جداً
- خربشة عند الفجر...قصة قصيرة
- حرب وأشياء أخرى...قصة قصيرة
- صور متشابكة...قصة قصيرة
- سنة سعيدة وأمنيات...قصة قصيرة
- ذكريات لاجئ عراقي...لحظة وداع...قصة قصيرة
- غثيان...قصة قصيرة
- رائحة الحرية...قصة قصيرة
- نَبْض الضّمير..قصة قصيرة
- عُرْسٌ فوق السطوح
- صديق الطفولة...قصة قصيرة
- أنا...ونفسي في ثلاث قصص قصيرة جداً
- اعادة نشر ( أنْسامٌ عذبة )
- اعادة نشر قصة قصيرة ومرة اخرى بعنوان القصة(انسام عذبة)
- قصة قصيرة
- قصة قصيرة/ أنسامٌ عذبة


المزيد.....




- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال حكمت عبيد - طائرُ اللّقلق..قصة قصيرة