أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - دون عمل نظري ، لا طليعة شيوعية يمكن أن تظلّ طليعة - الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي- اللينيني – الماوي )















المزيد.....



دون عمل نظري ، لا طليعة شيوعية يمكن أن تظلّ طليعة - الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي- اللينيني – الماوي )


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 4789 - 2015 / 4 / 27 - 00:08
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


دون عمل نظري ، لا طليعة شيوعية يمكن أن تظلّ طليعة - الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي- اللينيني – الماوي )
كلمة للمترجم :
فى أيّامنا هذه ، من أهمّ معضلات النضال الشيوعي الثوري فى أقطار الوطن العربي و عالميّا ، إستهانة الماركسيين إلى درجة كبيرة جدّا بالعمل النظري و هيمنة التحريفيّة التى شوّهت العلاقة الصحيحة بين النظريّة الثورية و الممارسة الثورية . لذلك مساهمة منّا فى إبراز أهمّية النظريّة الثوريّة فى صلة بالممارسة الثورية و الحثّ على الخوض فيها جدّيا بهدف التقدّم بالنضال الشيوعي الثوري ، نعيد هنا نشر مقتطف من وثيقة للحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسية - اللينيني - الماوي ) تعالج هذه القضيّة من زاوية تستحقّ الإنكباب على دراستها. و المقتطف الذى نضع بين أيديكم هو جزء من وثيقة صيغت فى إطار إنقسام الحركة الماويّة العالمية و الصراع العالمي حول الخلاصة الجديدة للشيوعية ، ردّا على هجوم الحزب الشيوعي ( الماوي ) الأفغاني على خطّ الحزب الماوي الإيراني ( أنظروا " نظرة على الخلافات بين الحزب الشيوعي الإيراني(الماركسي – اللينيني – الماوي ) و الحزب الشيوعي (الماوي ) الأفغاني " - اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي- اللينيني – الماوي ) ؛ نشر المقال فى جوان 2011 و تمّت مراجعته فى 8 مارس 2013 . وقد صدر ضمن كتاب شادي شماوي " الماويّة تنقسم إلى إثنين " ، مكتبة الحوار المتمدّن ). و يتناول هذا المقتطف نقاط غاية فى الدلالة منها : العلاقة بين النظرية و الممارسة ؛ الفهم التجريبي للممارسة ؛ " حديث نظري كبير" لكن " هيكل تنظيمي صغير " ؛ الدغمائيّة تجعل الماركسية هشّة ؛ حين تتذيّل النظريّة للممارسة ؛ قال ماو : إنتبهوا إلى التجربة التاريخيّة ؛ دون عمل نظري ، لا طليعة شيوعية يمكن أن تظلّ طليعة .
=====================

العلاقة بين النظرية و الممارسة :
العلاقة بين النظرية و الممارسة موضوع نقد آخر توجّهت به الشعلة لنا . تعتقد الشعلة أن لحزبنا نظرة " إطلاقية " لدور النظرية ، و كتبت :
" لدينا صيغ شهيرة حول العلاقة بين النظرية و الممارسة : واحدة منها تقول إنّ النظرية ترشد الممارسة ، و واحدة أخرى تقول إنّ الممارسة هي فى آن معا مصدر النظرية و محكّ صحّتها . و يكفى أن نأخذ بعين الإعتبار الصيغتين حتى نتمكّن من أن نحدّد أدوار النظرية و الممارسة تحديدا صحيحا . "
نقد الشعلة يخصّ بالأساس هذا الموقف فى مقال " مفترق طرق " : " على خلاف الشائع العام بانّ النظرية ينبغى أن تتبع خطوات الممارسة العملية ، يجب أن تتقدّم النظرية خطوات على الممارسة العملية و تصبح مرشدتها . هذه هي المهمّة المطلوبة من جميع شيوعيي العالم ".
و ردّنا على هذا النقد هو :
مشكل الفهم الصحيح للماركسية لا يمكن أن يحلّ بالصيغ . فالتحريفيون أيضا يستعملون هذه الصيغ لكن بفهمهم الخاص للعلاقة بين النظرية و الممارسة . و هذه الصيغ ذاتها التى على ما يبدو أنّنا نتّفق فيها مع الشعلة هي عمليّا مليئة توتّرات ، و التيارات التجريبية و الإيجابية [ بوزيتيفز] لها تأويلاتها الخاصّة و فهمها الخاص لها .
الممارسة الإجتماعية هي نقطة إنطلاق النظرية ( أو المعرفة ) و نهايتها . و يتمّ التوصّل إلى النظرية من خلال الممارسة الإجتماعية أو تعاطى الناس مع العالم خارج الذهن بغية تفسيره و تغييره . و فى النهاية ، صحّة النظرية تحدّد كذلك بالعالم الموضوعي . تنبع معرفتنا كلّيا من التجربة الإجتماعية الناجمة عن ممارسة الصراع الطبقي و الصراع من أجل الإنتاج و التجريب العلمي .
الإيجابيون [ بوزيتيفستس ] إمّا يلغون نعت " الإجتماعية " أو يفهمونه فهما ضيّقا جدّا . " التجربة الإجتماعية " تعنى تجربة أبعد من الممارسة المباشرة لشخص أو مجموعة أو أمّة . فى عصرنا ، الممارسة الإجتماعية تعنى الممارسة العالمية . و نظرياتنا الثورية ليست رئيسيا نتيجة ممارستنا الخاصّة و إنّما هي تجريدات الممارسة التاريخية العالمية . و النظريّات المتحصّل عليها من الممارسة الإجتماعية بدورها تصبح مرشدا لإنجاز ممارسة إجتماعية أخرى . و قد دافع ماو تسى تونغ عن هذه النظرية الجوهرية للفلسفة الماركسية و طوّرها . و قد شدّد على أنّ للممارسة الإجتماعية الموقع الأوّلي والحيوي فى سيرورة تحصيل المعرفة .
و النقطة المهمّة التالية فى العلاقة بين النظرية و الممارسة هي أنّ المعرفة الإنسانية ( و قدرة البشر على تغيير ظروفهم جزء لا يتجزّأ منها ) لا تقفز عفويّا من الممارسة الإجتماعية . يتمّ تحصيل هذه المعرفة من خلال العمل الفكري و التلخيص . و إلى جانب هذا ، يجب أن تكون لدي المرء مقاربة المضيّ من المظهر إلى الجوهر و إلى إكتشاف العلاقات الباطنية و غير المرئية للظاهرة لأجل تحقيق قفزة عقلانية فى المعرفة . و فقط من خلال ممارسة التلخيص النظري يمكن للبشر المرور من تجربتهم لكي تتطوّر الممارسة فى شكل لولبي عوض الضياع فى دائرة مفرغة . إذا لم تخضع الممارسة للتحليل و التلخيص لن تكون التجربة قابلة للنقل و فى آخر المطاف سيضيع التحليل . و اليوم ينطبق هذا القانون بجدّية على الشيوعيين .
و بالفعل ، ستضيع الممارسة الإجتماعية التى لم يقع تلخيصها أو التى تلخّص بصفة خاطئة . و هذا خطر يحدق بتجربة الثورات الإشتراكية للقرن العشرين . و فى صفوف شيوعيي العالم ، بوب أفاكيان وحده هو الذى لخّص تلخيصا صحيحا تلك التجارب و بهذه الطريقة جعل من الممكن ليس الحيلولة دون تلاشيها فحسب بل أيضا الحفاظ على دروسها العميقة و كذلك الإعتراف بأخطائها و نقائصها . وهو يلخّص هذه التجارب ، أنتج بوب أفاكيان معرفة عقلانية أكثر علمية ودقّة لما هي الشيوعية و ما هو الطريق المعقّد لبلوغها . و فعلا ، " المجال " الرئيسي للخلاصة الجديدة لبوب أفاكيان هي الثورات الإشتراكية للقرن العشرين بالذات – ثورات غيّرت دراماتيكيّا وجه التاريخ . و هنا أيضا يمكن أن نرى أنّ فى تطوّر الخلاصة الجديدة الممارسة الإجتماعية كان لها الموقع الأوّلي و الحيوي .
و فى الواقع ، تأثّرت التطويرات اللاحقة التى أنجزها الحزب الشيوعي الثوري ( فى مجال النظرية و الممارسة الثوريتين فى الولايات المتحدة الأمريكية ) بالخلاصات التى كان يصوغها بوب أفاكيان فى "مجالات " أخرى غير مجال الصراع المباشر فى الولايات المتحدة . مثلا ، غدت قطيعة الحزب الشيوعي الثوري مع الإقتصادوية ممكنة مع إكتشاف معنى الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى الصين و مضمونها . و لم يكن الدور الطليعي الذى لعبه الحزب الشيوعي الثوري فى علاقة بالحركة الأممية الثورية ( فى آن معا نظريّا و تنظيميّا ) ليصبح ممكنا دون خلاصات بوب أفاكيان لتجارب الحركة الشيوعية العالمية بما فيها حلّ الكومنترن من قبل ستالين و لاحقا غياب المبادرة من قبل ماو تسى تونغ بصدد إعادة تنظيم الحركة الشيوعية العالمية و كذلك الإعتراف ببعض التوجهات القومية فى تفكير ماو ذاته .
و قد تأثّر التطوّر التالي للأحزاب الماوية بكيفية تلخيصها للصراع الطبقي فى الصين و ما آل إليه . جميعها كان عليها أن تشرح لماذا إنهزم الشيوعيون فى الصين و لماذا وقعت الإطاحة بدكتاتورية البروليتاريا و وقعت إعادة تركيز الرأسمالية هناك. و قد وظّف التروتسكيون هذا الحدث للمحاججة بأنّ هذا علامة أخرى على أن الإشتراكية فى بلد واحد أو فى بلدان ذات قوى إنتاج متخلّفة " غير ممكنة " . و بعض التيّارات الماوية مثل الحزب الشيوعي الفليبيني إعتقدت أنّ الهزيمة مردّها " يسراوية مجموعة الأربعة " التى سعت إلى فرض علاقات إشتراكية على الصين . و رأى البعض الآخر الهزيمة على أنّها نتيجة " دولة الحزب الواحد " و غياب " الديمقراطية " فى ذلك البلد ( مثلا ، ك. فينو قائد اللجنة المركزية لإعادة تنظيم الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني ) المسمّى اليوم مجموعة " نكسلباري"، و بابوران باتاراي ، قائد الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي ) ). و إعتقد غنزالو قائد الحزب الشيوعي البيروفي أنّه لأجل منع إعادة تركيز الرأسمالية فى البلدان الإشتراكية ، يجب أن توجد " حرب الشعب إلى الشيوعية " . و هكذا .
كافة الخلاصات أعلاه كانت خاطئة و وجدت لدي أحزاب الحركة الأممية الثورية و أثرت فيها بشكل أو آخر- وفى نظرتها إلى سيرورة الثورة فى بلدانها . بكلمات أخرى ، كان لتلخيصهم للصين الأثر الحاسم فى ممارستهم .
و جانب آخر هام من هذا النقاش للنظرية و الممارسة هو أنّ المعرفة أو النظرية حقيقة نسبية . و هذه " النسبية " مرتبطة تماما بالواقع " خارج " النظرية أو العالم الموضوعي المشار إليه فى الفلسفة الماركسية على أنّه " الحقيقة المطلقة ". فى كلّ مرحلة ، معرفتنا بالعالم الموضوعي وسيروراته نسبية . و هذه النسبية مردّها أنّ البشر محدودون و كذلك أنّ العالم الموضوعي فى تطوّر مستمرّ.
و مع نموّ فهم البشر للظواهر الموضوعية تتراجع درجة " النسبية " . بكلمات أخرى ، يتغيّر منحنى المعرفة . بهذا المضمار قال بوب أفاكيان :
" ...رغم أنّه منذ ماركس لم يوجد تغيير جوهري فى مبادئ الشيوعية و أهدافها و أسسها و منهجها و مقاربتها العلمية ، فإنّ فهم الشيوعية ذاته عرف الكثير من التغيّرات ." (13)
و خلاصة القول ، معيار صحّة أو عدم صحّة النظرية ليس الأطر السابقة لهذه النظريّات و إنّما قصبة القياس هي العالم الموضوعي عينه أو الحقيقة الموضوعية و النظرية إنعكاس نسبي لها .
الفهم التجريبي للممارسة :
فى الصين الإشتراكية ، تمّ إيلاء النضال ضد التجريبية أهمّية كبرى . و تمّ التشديد على دراسة جماهير العمّال و الفلاحين للماركسية لأنّ " ... الذين ضربتهم عدوى التجريبية يستهينون بالدور القيادي للماركسية فى الممارسة و لا يولون إنتباها لدراسة النظرية الثورية . يكتفون بعرض النجاحات و الحقائق الجزئية . إنّهم مسمَّمون بممارسات ضيقة الأفق و غير مبدئية و ينقصهم التوجّه الصحيح و الصلب . تنقصهم الإرادة وهم عبيد للمشعوذين السياسيين – أي الماركسيين المزيفين . و لأجل تجاوز التجريبية المنهج الأساسي هو دراسة الماركسية بوعي ". (14)
و بهدف " التدليل " على صحّة " طريق براشندا " ، إلتجأ كذلك قادة الحزب الشيوعي النيبالي( الماوي ) إلى التاويلات التجريبية للعلاقة بين النظرية و الممارسة . مثلا ، من حججهم الإنتصارات المتكرّرة التى تحققت طوال العشر سنوات من حرب الشعب ( 1996-2006 ) فى النيبال تحت قيادة براشندا و ما سمّوه " طريق براشندا ". بهذه المنهجية عينها ، إستنتجوا أنّه نظرا لكون " دكتاتورية البروليتاريا " فى الصين الإشتراكية قد مُنيت بالهزيمة ، يجب أن يكونوا خاطئين . و على ذلك الأساس إقترحوا أنّ " الدولة الجديدة " ينبغى أن تتأسّس على الديمقراطية الإنتخابية بين الحزب الشيوعي و الأحزاب البرجوازية . (15) لو وسّعنا هذا المنهج التجريبي يجب أن نقرّ أنّه " فقط ما هو كائن هو المرغوب فيه و الممكن " – بما فى ذلك النظام الطبقي الإضطهادي و الإستغلالي . لقد عوّض الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) الحقائق العالمية التى جرى التوصّل إليها إنطلاقا من الممارسة الواسعة للصراعات الطبقية التاريخية - العالمية بتجربته الخاصة المحدودة و الجزئية . و قد حذّر ماو من هذا الإنحراف مشيرا إلى أنّ :
" أولئك الذين حصلوا على التجارب العملية يجب عليهم أن يدرسوا النظرية و أن يقرأوا بصورة جدّية و بذلك فقط يتمكّنون من جعل خبرتهم منتظمة و ملخّصة و من ترقيتها إلى مستوى النظريّة و عندئذ فقط سوف لا يعتبرون خطأ أن خبرتهم الجزئية هي حقيقة عامة و لا يقعون فى أخطاء التجريبية ". (16)
دون شكّ ، الممارسة المديدة للأفراد أو الأحزاب فى النضال الثوري تجربة ثمينة جدّا لكن إن لم يقع تلخيصها بصورة صحيحة ، لن تصبح " مرشدا " للممارسة الثورية و قد تنتهى أيضا إلى أن تصبح مرشدا للممارسة المعادية للثورة . و يمكن أن نرى أنّه بتأويلات تجريبية ليس بمقدور المرء أن يفهم فهما صحيحا العلاقة بين النظرية و الممارسة . نعم ! إستطاع براشندا أن يستعمل حرب الشعب كرافعة فى مفاوضات الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) مع أحزاب دولة النيبال . بيد أنّ حالة سُكر أولئك " الماويين " لم تعمّر طويلا ، و الذين كانوا متحمّسين جدّا عوض تعبيرهم عن إستنكارهم لهذه المفاوضات ، همسوا : " آه ! يا لها من ممارسة عظيمة ! يا له من إنتصار عظيم ! ".
و فعلا ممارسة / تجربة النيبال قد برهنت على صحّة النظرية لكن ليس " نظريّات " الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) الذى إدّعوا أنّها وُلدت نتيجة تجربتهم العملية الخاصّة . لقد برهنت تجربة النيبال مرّة أخرى عن صحّة النظريّات التى نبعت من ممارسة غيرهم – من تجربة الثورات البروليتارية المظفّرة و الهزائم المريرة للشيوعيين فى أماكن و أوقات أخرى .
" حديث نظري كبير " لكن " هيكل تنظيمي صغير " :
تقيّم الشعلة بغضب تشديدنا على أهمّية النظرية على أنّه " حديث نظري كبير " ... شكل من أشكال الغرور النظري " و تضيف : " يغطّى هذا الغرور النظري على أهمّ نقائص هذا الحزب ، مثل كونه هيكل تنظيمي صغير جدّا ، له مصنع فكري شديد الحيوية ، وهو منقطع عن قاعدته الإجتماعية الطبقية و يضع يده من بعيد فى نار حركة الصراع الطبقي فى إيران ما يشرح شلل نضاله المزمن و يغذّى نزعة من الرضا على النفس خاطئة و لا أساس لها لدي قياداته ما يوسّع بدوره أكثر فأكثر عيوبها . "
لنفترض أنّ كافة الصورة التى يرسمها هؤلاء الحكماء ذوى اللحي البيضاء لحزبنا و" هيكله التنظيمي " تتناسب مع الواقع . لكن نودّ أن نسأل هؤلاء الرفاق المحترمين : هل أنّ " الهيكل التنظيمي " القوي للحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) و روابطه مع " قاعدته الإجتماعية " قد منعاه من خيانة الآمال و الطموحات الثورية لتلك القاعدة الإجتماعية ؟
ولننظر فى التجربة فى أفغانستان : ألم يستعمل أشباه " ساما " و " منظمة راحاي " نفس الحجج البراغماتية المثيرة للشفقة من مثل " وضع اليد من بعيد فى النار " أو " الشلل العملي " ضد الشيوعيين لأجل تبرير خطّهم الإنتهازي اليميني التقليدي و التذيّل للتيارات الإسلامية الرجعية ؟ و بالمناسبة ، ما هو تلخيصكم لكون عديد اليساريين و الشيوعيين قد قاتلوا و ضحّوا فى ظلّ راية المجاهدين خلال الحرب ضد الجيش السوفياتي ؟ [ المجاهدون إسم للقوى الإسلامية فى أفغانستان ، القوى التى قاتلت السوفيات كجزء من القوى التى تقودها الإمبريالية الأمريكية – المترجم إلى الأنجليزية ] . هل كانت طبيعة هذا النضال ثورية أم مضادة للثورة ، كيف يتمّ تبرير الإلتحاق بجبهات الحرب تحت قيادة القوى الإسلامية و إلى أية نظريّات إستند ذلك ؟ لقد كنتم منخرطين فى هذه التجربة الأليمة ليس " من بعيد " جدّا . لذا ما هو تلخيصكم لهذه " النظريّات " التى رفعت لتبرير هذا النوع من الممارسة و إفرازه ؟
و نودّ مرّة أخرى أن نذكّرالشعلة بأنّ : الخطّ الإيديولوجي والسياسي محدّد لطبيعة أي حزب ولممارسته . النظرية و الممارسة ليستا منفصلتين . ممارسة الإقتصادويين و البراغماتيين معتمدة أيضا على النظرية و كذا الحال بالنسبة لممارسة الشيوعيين . للشعار الثوري " كن واقعيّا ! أطلب المستحيل ! " قاعدة نظرية بقدر ما للشعار البراغماتي " الممكن هو الكائن ". كلا الصيغتان قائمتان على الممارسة . صيغة تعكس بصورة صحيحة الواقع و الأخرى خاطئة . واحدة ترشد الممارسة الثورية و الأخرى مرشد للإستسلام و الوفاق الطبقي . إن لم تكن الممارسة مسترشدة بالنظرية الثورية و قائمة عليها – عندئذ فى النهاية ستنطلق من أساس نظري غير ثوري و بالتالي ستصبح غير ثورية ، و حتى ممارسة مضادة للثورة . و هذا صحيح حتى بشأن ممارسة الثوريين . النظرية دائما مرشد للممارسة و كلّ ممارسة تعتمد على بعض النظرية . و معنى الكلمة الماركسية " براكسيس" يعبّر عن عدم الإنفصال هذا. وعليه ، يحسن بنا أن نضمن أن يكون هذا " المرشد " صحيحا ( وتجاوزه الممارسة جزء من " صحته " ) من أجل أن ننير حقّا طريق الممارسة . هذه حقيقة بسيطة جدّا لكنّها حقيقة قويّة . والإستهانة بهذه الحقيقة يساوى الإستهانة بدور العنصر الواعي و ستؤدّى إلى شطبه . لئن كانت النظرية تتذيّل للممارسة والوضع الموضوعي ، كيف يمكنها أن تلعب دور المرشد ؟
تدّعي الشعلة أنّ حزبنا ينكر دور الممارسة فى إنتاج النظرية و أنّه سقط فى إطلاقية الدور الموكل للنظرية . و بهذا تقصد أن للممارسة أولوية نسبة للنظرية و أنّ حزبنا يعطى الأولوية للنظرية و قد أصبح هذا تبريرا لما يدّعى أنّه " إنعدام النشاط " و " الشلل العملي " ؛ و مستوى آخر من حجّة الشعلة بشأن العلاقة بين النظرية والممارسة هو أنّ النظريّات العظيمة يمكن أن تنجم فقط عن ممارسات عظيمة و تستخلص أنّ " مجال " النضال فى الولايات المتحدة كئيب بشفقة كبيرة إلى درجة أنّه من غير الممكن بالنسبة للشيوعيين هناك أن يطوّروا النظريّات الشيوعية .
و للمحاججة من أجل وجهة نظر أولوية الممارسة نسبة للنظرية ، تقدّم الشعلة مثال تطوّر النظرية الماركسية – وهو مثال خاطئ - فتدعى أنّ نظرية " دكتاتورية البروليتاريا " طوّرها ماركس عقب كمونة باريس (1871) و أنّنا ندين بهذه النظرية إلى ممارسة الكمونة . لقد إخترعت الشعلة هذا التاريخ الذى لا يتناسب مع الواقع . و ماركس فى مؤلّفه الشهير " الصراع الطبقي فى فرنسا من 1848 إلى 1850 " كتب أنّ " دكتاتورية البروليتاريا فترة إنتقالية " لبلوغ الشيوعية . و كتب هذا 20 سنة قبل كمونة باريس !
و فضلا عن كون الشعلة تشوّه التاريخ كي " تثبت " وجهة نظرها ، هذا علامة على الفهم الإيجابي [ البوزيتيفست] لديها للعلاقة بين النظرية و الممارسة . تعتقد الشعلة أنّ نظرية معيّنة يمكن أن تفرزها ممارسة معيّنة فى حين أنّ ماركس إستنتج نظرية دكتاتورية البروليتاريا من خلال دراسة عامّة لتاريخ التطوّر الإجتماعي للبشر و ظهور الطبقات و تعبير ذلك فى مجال الفلسفة و السياسة إلخ . تعدّ النزعة الإيجابية [ البوزيتيفستٍ] تلك الممارسات التى أتت بنتائج " إيجابية " فقط هي معيار صحّة نظرية ما. و الواقع هو : أوّلا، أنّ الهزائم العملية ليست بالضرورة إنعكاسا لأخطاء أو نقائص نظرية ما . ثانيا ، حتى أمثلة هزائم الممارسة هي منابع لقياس النظريّات وتصحيحها و تطويرها . و مثال كارثي فى أفغانستان كان وحدة منظمتي راحاي و ساما مع القوى الإسلامية ( و التى كانت فى الواقع وحدة مع النظام الإقطاعي و الكمبرادوري فى أفغانستان ). هذا منبع هام لدراسة و نقد نظريتهما عن " المقاومة الوطنية " التى أسفرت عن هذه الممارسة الكارثية .
الدغمائية تجعل الماركسية هشّة :
ليست الدغمائية قادرة على فهم أنّ المعرفة نسبية . فى فترات حيث تصبح هذه المعرفة النسبية غير كافية و خاطئة ، ليس الدغمائيون بقادرين على الإعتراف بهذا الواقع و التعاطي معه . فالدغمائية تجعل الماركسية هشّة و تحوّلها إلى شيء فاقد للحياة . يكرّر الدغمائيون بإيمان ديني أنّهم ماركسيون وثوريّون لكنهم غير قادرين على التعاطي مع مشاكل الثورة أو شرح الظاهرة المعقّدة التى ظهرت فى الصراع الطبقي . و تشلّ الدغمائية الثوريين عمليّا أيضا لأنّ الممارسة الثورية تعنى تغيير العالم وتغيير العالم ليس شيئا متاحا بقوة الإرادة . لأجل ذلك ، على المرء أن يستوعب تناقضاته الباطنية و إمكانية الإطاحة به و يعمل على ذلك الأساس . على النظرية أن تعكس العالم الموضوعي الخارجي . الدغمائية فى الحقيقة شكل من أشكال المثالية . و قد قال لينين إنّه نظرا لكون الماركسية ليست عقيدة دغمائية و لكونها مرشدا حيويّا للعمل ، إعتبارا لأنّها تتفاعل مع العالم المادي والظروف الإجتماعية و إعتبارا لأنّ هدفها هو تغيير ذلك العالم – لكلّ هذه الإعتبارات أي تغيير فجئي فى الظروف المادية للمجتمع يأثّر بطريق الحتم على الماركسية و ينعكس عليها . لهذه الأسباب تشهد الماركسية و يشهد الماركسيون أزمة – أزمة تطوّر . و الدغمائيّون لا يحبّون كلمة أزمة لأنّهم لا يرون سوى مظاهرها السلبية . و ليس بوسعهم رؤية أنّ الحرارة ردّ فعل الجسد الذى يطالب بمعالجته . و يريد الماركسيّون رفع هذا التحدّى بحكم أنّهم يتطلّعون إلى تغيير الواقع المادي .


حين تتذيّل النظرية للممارسة :
لقد عرفت الحركة الشيوعية العالمية على الدوام تيّارات إزدرت بالنظرية و قدّست الفقر النظري . و عادة يصف القادة الإقتصادويون والبراغماتيون و يروّجون فى صفوف الجماهير نظريات " ملموسة " و " قريبة من القلب " و يحوّلون الجماهير إلى " أطفال " و هذه هي ذات الطريقة التى تستخدمها البرجوازية للتحكّم فى الجماهير . هذا من وجهة و من جهة أخرى ، عبّر القادة الشيوعيون من ماركس إلى ماو صراحة عن أهمّية دور النظرية الثورية . لقد أرسى لينين الدور الحاسم للنظرية الثورية فى مؤلّفه الكلاسيكي الماركسي الخارق للعادة " ما العمل ؟ " . و من مكوّنات تطوّر الماركسية إلى ماركسية – لينينية الفهم المتقدّم الذى عرضه لينين فى ذلك المؤلّف . و من الواضح أنّ هذا التطوير لم يكن مرتبطا بتغيّر فى " الوضع الموضوعي " أو تغيرات فى النظام الرأسمالي . بالأحرى ، كان نتاجا لفهم أفضل لضرورات الصراع الطبقي و الثورة الشيوعية . فى " ما العمل ؟ " ، شرح لينين فهمه المتقدّم فى تعارض مع و صراع ضد الإقتصادويين الذين إدّعوا أنّ نظراتهم التجريبية ماركسية و أرادوا أن يفرضوها على الحركة الثورية . و قد سعوا إلى القيام بذلك باللجوء إلى تصريح لماركس " إنّ كلّ خطوة تخطوها الحركة العملية أهمّ من دزينة من البرامج ". (17) و قد إستعملوا هذا التصريح ليهاجموا الأهمّية الحاسمة للنظرية الثورية فى تطوير النضال الثوري للبروليتاريا و لتبرير خطّهم الخاص " الإقتصادوي" ( أو الإصلاحي ) . و قد أجابهم لينين قائلا :
" إنّ تكرار هذه الكلمات فى مرحلة التفكّك النظري يشبه صراخ من يصرخ : " إم شاء الله دايمه ! " عند رؤية جنازة " ( 18) غير أنّ لينين لم يكتف بهذه المقارنة اللاذعة بل إسترسل و شرح عمليّا أنّ هذا المقتطف لماركس مأخوذ من " نقد برنامج غوتا " حيث يحذّر ماركس فى رسالته إلى قادة الحزب من : " إذا كانت هناك من حاجة إلى الإتحاد ، فأعقدوا معاهدات بُغية بلوغ أهداف عملية تقتضيها الحركة ، و لكن إيّاكم و المساومة بالمبادئ ، إيّاكم و " التنازل " النظري . " (19)
و ينتهى إلى " لا حركة ثورية دون نظرية ثورية " (20).
حيوية مقاربة لينين ل " عنصر الوعي " فى نجاح الثورة البروليتارية ركيزة من ركائز اللينينية كانت حاسمة فى إنتصار الثورة الروسية لكنّه وقع قبرها من قبل التيارات اليمينية و اليسارية ضمن الحزب البلشفي و خلال فترة ستالين و فى إطار الكومنترن ، تفشّت الخطوط الإقتصادوية و البراغماتية بشكل خطير و كانت لها بصمات قاتلة على الحركة الشيوعية العالمية .
و قد خاض ماو تسى تونغ فى مسألة النظرية الثورية و ضرورة تطويرها إلى مستوى أرقى ممّا فعله لينين و ذلك عند معالجته للقضايا و التناقضات التى واجهتها الثورة الصينية ، خاصة عند معالجته لإعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي و تعقيدات البناء الإشتراكي و مشاكله . لكن حتى قبل إنتصار الثورة ، كان التشديد المستمرّ على و الإنتباه إلى مسألة النظرية و صراعات الخطّين صلب الحزب على رأس الأولويّات بالنسبة لماو تسى تونغ فى قيادة الثورة و الحفاظ على الطابع الثوري للحزب . و الثورة الثقافية و عديد نظريّاتها فى هذا المجال ، بما فى ذلك " القيام بالثورة مع تطوير الإنتاج " جزء من مزيد تقدمّه فى فهم " ما العمل ؟ " فى ظلّ الإشتراكية . ومثّلت الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى صراعا عظيما ضد النظرات الإقتصادوية التى ظهرت فى ظلّ ظروف دكتاتورية البروليتاريا و ساعدت على التقدّم فى إستيعاب و فهم دور الوعي فى التغيير الثوري لذلك المجتمع .
و لم يفتأ ماو يردّد أنّ " صحّة أو عدم صحّة الخط ّ الإيديولوجي والسياسي هي المحدّدة فى كلّ شيء ." و أطروحة ماو هذه تعبير عن أهمّية النظرية الثورية فى تغيير المجتمع و العالم . لا حركة ثورية دون نظرية ثورية . وطبيعة أية ممارسة يُحدّدها الخطّ الإيديولوجيا و السياسي القائد لها . لا معيار آخر كدرجة مساندة الجماهير أو القوّة المسلّحة بمستطاعه أبدا أن يعوّض هذا .
و على عكس الإعتقاد الشائع ، العمل الشهير لماو " حول الممارسة العملية " لم يُكتب بهدف التشديد على أنّ الممارسة أهمّ من النظرية . لقد كتب هذا خلال حملة تصحيح أسلوب عمل الحزب و فى الصراع ضد الدغمائيين و الذاتيين الذين دون النظر إلى " الواقع الموضوعي " و بمجرّد إستعمال الإستشهاد خارج الإطار الزماني و المكاني يلتفّون على الآراء . كان عمليّا صراعا ضد الذين ينتهجون مقاربة دينية و غير علمية للماركسية . و فى معارضتهم ، طبّق ماو الجدلية شارحا العلاقة بين المادّة و الوعي و تغيّرهما المستمرّ الواحد إلى الآخر . و سلّط الضوء على أهمّية البنية الفوقية و السياسية و الوعي فى قيادة الممارسة الثورية لتغيير العالم ، وهي مفاهيم أعاد ماو إحياءها و طبّقها و طوّرها ليس فقط فى علاقة بالحرب الثورية بل أيضا فى سيرورة بناء الإشتراكية و توجيه الثورة الثقافية .
لسوء الحظّ ، رغم هذه الجهود الكبرى التى بذلها لينين و ماو فى رفع مستوى فهم الحركة الشيوعية للدورالحيوي للوعي ، فإنّ نزعة الحطّ من دورالنظرية و التقديس العبودي للممارسة دون الإنتباه لطبيعتها ( المحدّدة بالخطّ الإيديولوجي و السياسي القائد ) تطوّرت بصفة متصاعدة ناخرة الحركة الشيوعية العالمية من الداخل كالسوس . و كانت هيمنة هذا النوع من التفكير من جهة طريقة لإفراغ الماركسية من جوهرها الثوري مبقية فقط على القشرة ؛ و من جهة ثانية ، باتت حاجزا دون تأثير الماركسية فى الجيل الجديد من المقاتلين فى كلّ البلدان .
لننظر مجدّدا فى تصريحات الشعلة كي نفهم كيف ترى العلاقة بين النظرية و الممارسة :
" " الخلاصة الجديدة " لأفاكيان التى تقدّم على أنّها نقطة بداية هذا التغيّر و التطوّر الجوهري للتفكير ليست حتى فى مستوى ونوعية إعلانها كفكر ضمن سيرورة تطوّر الماركسية – اللينينية – الماوية لتقدّم على أنّها ماركسية – لينينية – ماوية – أفاكيانية . لذا لننسى إعتبارها نقطة بداية التلخيص العام النهائي للماركسية – اللينينية – الماوية و بداية نوع جديد مطلقا من الإيديولوجيا و السلاح الفكري . عمليّا ، هذه الخلاصة لا تبعث حتى على الحماس ولا تعكس الصراع النضالي على النطاق العالمي ، و لا فى المجتمع الأمريكي عينه ، هذا الخطّ السلبي غير الحماسي فى مجالات العمل المباشر و الجماهيري لا يمكن مطلقا مقارنتها بفكر غنزالو و طريق براشندا الحماسيين . "
و نرغب فى أن نقترح على الحزب الشيوعي (الماوي ) الأفغاني ، عوض أن يصبح متحمّسا جدّا ل " مجالات العمل المباشر " ، أن يعير بعض الإهتمام للطابع الطبقي لهذه الحقول . فى حال النيبال ، إسألوا أنفسكم : ما هي النظرية التى قادت هذا الحزب فى الإتجاه الرجعي ؟ ما هو الطريق الذى دفع قادة هذا الحزب إلى دوس مبادئ الشيوعية و الثورة و المضيّ نحو الإلتحاق بالنظام الإضطهادي و الإستغلالي ؟ المستنقع هو المستنقع و الطريق إليه ينبغى أن نفضحها ، لا أن نمدحها .(21)
و تبيّن هذه التجربة أنّه لا يجب أبدا أن ننسى أنّ لكافة النظريات جذور و أسس وقواعد فى الممارسة ، و كلّ ممارسة تتقدّمها نظرية محدّدة و سياسة تبيّن طريق الممارسة . و المسألة هي : إلى أين تقود كلّ نظرية و ما هو الطابع الطبقي للممارسة التى تكرّس ؟ قال ماو : إنكم تمارسون على الدوام سياسة سواء كنتم واعين بذلك أو لم تكونوا . و الخلاصة الجديدة لبوب أفاكيان راسخة بعمق و قائمة على الممارسة الثورية لطبقتنا العالمية – لا سيما الثورات الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي و الصين ، و لاحقا على جهود كشف لماذا جرت إعادة تركيز الرأسمالية هناك . هذه أعظم ممارسة ثورية لطبقتنا العالمية ، قمّتها. و ليس دون سبب أنّ النظريات التحريفية للحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) تطوّرت هي الأخرى عبر تلخيص خاطئ و مناهض للشيوعية لهذه التجارب ، و هو بدوره شكّل الممارسة الإستسلامية للحزب .
ليس بوسع أي صنف من الخداع أن يحجب حقيقة أنّه صلب الحركة الأممية الثورية ظهر خطّان – خطّ ماركسي و خطّ تحريفي – فى تلخيص الدولة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا فى الإتحاد السوفياتي و الصين و مضمون دكتاتورية البروليتاريا و ديمقراطيها و الطريق إلى بناء الإشتراكية فى عالم تهيمن عليه الإمبريالية .
تجارب الثورات الإشتراكية للقرن العشرين هي أعظم المصادر العملية لإثراء الماركسية و ولادة الخلاصة الجديدة . و هذه الممارسات الكبرى و دروسها الإيجابية منها و السلبية يجب أن تقبض عليها النظرية لتفسح المجال لمزيد من الممارسة الثورية للبروليتاريا الأممية . و النظريّات المرشدة لهذه الممارسات الكبرى إنقسمت إلى إثنين . و هذا الإنقسام مصدر لتطوّر النظرية لغدُوّها أصحّ و أكثر تحرّرية و بالتالي أقوى . و المظهر الصحيح الذى هو المظهر الأساسي يجب المسك به و إلى جانب تطوير تحليل صحيح للوضع الموضوعي المتغيّر ، يجب إعادة صقله فى إطار جديد من الماركسية . و هذا الطريق إنتهجته الخلاصة الجديدة بخطوات كبرى وهو يتطوّر أكثر و علينا بتفاني دعم بنائه .
قال ماو : إنتبهوا إلى التجربة التاريخية :
إنّ التجارب المُرّة تنبّهنا إلى الفقر النظري كمرض وسط الحركة الشيوعية . فتحذير الشعلة بشأن " الإطلاقية النظرية " وصفة مميتة . و لنقارن مشكل نقص الممارسة و الإرادة و الشجاعة فى النضال بالفقر النظري و رؤية أيهما مثّلت المشكل الأكبر عموما . و حتى إلقاء نظرة على بعض التجربة التاريخية المعاصرة فى المنطقة التى توجد بها أفغانستان و إيران تثبت أنّ الفقر النظري و غياب النظرية الثورية و المنظّرين الثوريين بالذات من المشاكل المميتة . تزخر هذه المنطقة بالتضحيات وبتحمّل الثوريين المشاق و التعذيب و السجون . لكن التعلّم الجزئي للماركسية و كذلك فتور الهمّة النظري ممزوجا بالتعويل على النظريّات المعدّة سلفا و الإقتباس الأعمى منها وتحويلها إلى عناوين إيمان ، قد نخر الجوهر الشيوعي لهذه الحركات . فى هذه المنطقة ، خلال العقود المضطربة الأخيرة ، حصلت تمرّدات بيد أنّه فى كلّ مرّة ضاعت التمرّدات تحت راية القوى القومية أو الإسلامية و فضلا عن ذلك ، بالنتيجة لم تتحول إلى حركات ثورية .
و إلى نظرة على إيران . هل أنّ تاريخ عشرات الآلاف من الشيوعيين و الثوريين الذين مرّوا بالسجون القروسطية و قاوموها و قاوموا زنزانات التعذيب و فى النهاية وقع إعدامهم تبيّن تكاسلا فى الممارسة ؟ لماذا فى 1979 ، إستطاعت قوّة رجعية أن تضع جانبا كافة القوى الأخرى بما فيها الشيوعيين و تستولي على ثورة كبيرة بصدد النهوض ما أدّى إلى الإطاحة بنظام قويّ مرتبط بالإمبريالية ؟ لماذا صارت عديد التنظيمات التى أجرت قطيعة مع التحريفية السوفياتية و حزب تودة فاقدة البوصلة و سقطت فى الخلل ؟ لماذا حلّل إتحاد الشيوعيين الإيرانيين طبيعة التناقض بين الإسلاميين و الإمبريالية على أنّه " معاداة للإمبريالية " و أخفق فى إستيعاب الطابع الرجعي لهذا التناقض ؟ هل كان كلّ هذا فتورا فى الهمّة فى الممارسة لدي الشيوعيين ؟
و الحركة اليسارية فى أفغانستان مثال آخر هام جدّا من العقود الحديثة . كانت ممارستها و مصيرها خلال الحرب المناهضة للإحتلال ضد الإمبريالية – الإشتراكية السوفياتية تجربة مُرّة أخرى للحركة الشيوعية ، ومن الهام جدّا تلخيصها . و لسوء الحظّ ، على حدّ علمنا ، ما من أحد قام بتلخيص جدّي لهذه الحركة . و تظلّ المسألة عالقة ، لماذا فى ثمانينات القرن العشرين أضحت تلك القوّة الكبيرة المنحدرة من الحركة الماوية لستينات القرن العشرين – تحت قناع " مقاومة الحرب "- خزّانا و إحتياطيّا يزوّد بالقوّة القوى الإسلامية الرجعية و من أهمّ عقائدها إستعباد النساء و نشر الإطلاقية الدينية ؟ ألا يتعيّن تلخيص هذا أم لا ؟ لماذا بات قسم كبير من تلك الحركة – أي منظمة راحاي – من أتباع التحريفيين فى الصين و فى النهاية أخذ يتعاون مع الدولة الباكستانية والسي آي آي ؟ لماذا رفع قسم هام آخر من تلك الحركة – ساما – بوضوح و رسميّا شعار الجمهورية الإسلامية أو الحكومة الإسلامية ؟
مرير هو مذاق تذكّر هذا التاريخ . و تلخيص هذا التاريخ مهمّة ملحّة بالنسبة للشيوعيين . و المسائل التى تصرخ من أجل معالجتها هي : ما هي التبريرات النظرية التى إستخدمتها القوى التى إعتبرت نفسها " يسارية " أو " ثورية " لتتوحّد مع البرنامج الإجتماعي للقوى الإسلامية و الجهادية ؟ لماذا سمحت لهم قوميتهم تحت غطاء إعطاء الأولوية ل " حرب مقاومة وطنية " او " النضال المناهض للإمبريالية " ، سمحت لهم بالوحدة مع البرنامج الديني الإجتماعي الإقطاعي – البطرياركي ؟ لماذا لم تستطع هذه القوى التى إعتبرت نفسها شيوعية وثورية أن تربط الحرب ضد القوى المحتلّة السوفياتية برؤية تحطيم نظام الطبقة السائدة وإنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة و الإشتراكية فى أفغانستان ؟ ما هي المفاهيم " اللينينية " و " الماوية " التى إستعملتها هذه القوى " اليسارية " لتبرير ممارستها الرجعية والوحدة مع القوى الإمبريالية الغربية والمحلّية الباكستانية ؟ حين يقع إحتلال بلد ( حتى بلد إشتراكي ، مثل إحتلال الإتحاد السوفياتي من قبل جيش هتلر أثناء الحرب العالمية الثانية ) ، هل لحرب قومية و حرب وطنية طابع طبقي أصلا ؟ ألا يجب لحرب مناهضة للإحتلال أن تخاض فى إطار الثورة البروليتارية وأن تقام على نظرتها و برنامجها الإجتماعي ؟ ألا يجب على الجماهير أن تستنهض حول هذه النظرة و هذا الهدف و ألا يجب وضع المشاعر المعادية للإحتلال والمطالب فى هذا الإطار ، أم العكس ؟ ما هي الإختلافات بين هتين المقاربتين للخطّ و الممارسة السياسيين ؟ (22) لماذا لم يقع إرساء مدارس شيوعية فى معارضة المدارس الدينية ؟ لقد شكّل القناع المضلّل " الشيوعي " و " الإشتراكي " الذى تقنّع به الإمبرياليون السوفيات مشكلة كبرى للشيوعيين فى أفغانستان . فما كانت مقاربتهم لهذه القضية ؟ هل تعلّموا من ماو و شرحوا للجماهير أنّ السوفيات شيوعيون مزيفون ؟ هل فضحوا أنّ خيانة الإتحاد السوفياتي للبروليتاريا و شعوب العالم قد بدأت مع الإطاحة بالإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي ذاته ، مخضعين البروليتاريا والشعوب فى الإتحاد السوفياتي ذاته ؟ هل إغتنموا هذه الفرصة لنشر الشيوعية الحقيقية ؟ أم أنّهم لجؤوا فى الأساس إلى المشاعر الوطنية العفوية و التقليدية للجماهير وحاولوا الحفاظ على شرف الشيوعية و الشيوعيين من خلال التضحية فى حرب المقاومة الوطنية ضد القوى المحتلّة ؟ بعض هؤلاء الناس " اليساريين " مضوا بعيدا إلى حدّ الإلتحاق بصلوات الإسلاميين بُغية كسب ثقة الجماهير عوض النضال ضد الظلامية الدينية .
ألا نحتاج إلى التساؤل لماذا إنتشرت الحركة الإسلامية مثل النار فى الهشيم فى المنطقة ولماذا بلغت الحركة الشيوعية حدود الموت ؟ كيف جرى تحويل " حركة المقاومة الوطنية " فى أفغانستان إلى حرب بين قوى إمبريالية ، و فى نهاية التحليل كان للقوة " التى جرت مساندتها " دور كبير فى تحطيم الشعب و البلاد شأنها فى ذلك شأن قوى الإحتلال ؟ و أخيرا ، هل أنّ تحليل بوب أفاكيان للوحدة والتناقض بين الحركة الإسلامية والإمبريالية و هما شريحتان عفا عليهما الزمن و لكيف أنّ الوقوف إلى جانب الواحدة منهما يؤدّى إلى تعزيز الأخرى ، إنعكاس صحيح للواقع و مرشد لممارستنا فى المسرح السياسي المعقّد للشرق الأوسط و العالم ؟
بإمكان المرء أن يسأل : ما الفائدة من تقديم إجابات صحيحة و شيوعية ثورية لهذه المسائل الحارقة ؟ و كيف يمكن لهذا أن يخدم الممارسة ( طبعا ، الممارسة التحرّرية والثورية وليس الممارسة الرجعية )؟ سنقول على الأقلّ إنّ الجيل الجديد من المقاتلين سيتعلّم من التجربة المُرّة أن يسأل بحيوية و إلحاح و يقيّم بوعي المضمون الإجتماعي – الطبقي الكامن وراء كلّ راية و وراء كلّ إعلان " المقاومة الوطنية " و " الجبهة الوطنية " و " منظمة التحرير" و أي " حرب " ، لكي لا ينزلق إلى ممارسات رجعية و تدميرية . غير أنّ " إستعمال " هذا النوع من التلخيص فوق ذلك و بالفعل ضرورري جدّا لتشييد قطب الثورة و الشيوعية فى المسرح السياسي الأفغاني و الإيراني و فى الشرق الأوسط عموما .
لنمضي الآن إلى كردستان . هل من شكّ فى تضحيات و بطولة مقاتلي البشمركة الثوريين فى كردستان؟ لماذا تحوّلت كومولا رانج داران التى شكّلها الجيل الشيوعي لستينات القرن العشرين إلى ممثّلة للطبقات البرجوازية – الإقطاعية لكردستان العراق فى وحدة مع الإمبريالية الأمريكية ؟
و فى النيبال ، لم يعاني الشيوعيون من غياب فى الممارسة ؟ لم يخشوا العدوّ المدجّج بالسلاح . و بيّنوا قناعة عملية بقضية التحرير . و شكّلوا جيشا شعبيّا و إستنهضوا العمّال و الفلاحين فى الثورة . هل أنّ نقص ممارسهم هو الذى أوقف الثورة فى منتصف الطريق و جعلها تستسلم إلى الماسكين بمقاليد النظام الرأسمالي ؟
لقد وجد دائما صراع خطّين بين الماركسية و التحريفية حول مختلف مظاهر النظرية و الممارسة الشيوعيين : فى الفلسفة و فى تنظيم الثورة و فى الإقتصاد الإشتراكي و دكتاتورية البروليتاريا إلخ . و هذه النقاشات ليست منفصلة عن الحياة الفعلية و لا مطلّقة عنها . و حيث تهيمن التحريفية ، سيكون لها تأثير هدّام و مميت على الممارسة الثورية ؟ لا أحد يجب أن يشكّ فى ذلك . و بالرغم من القدر الكبير من المشاكل الجديدة التى تواجه الشيوعيين منذ هزيمة البروليتاريا فى الصين ، لسوء الحظّ ، بعض الشيوعيين ، بمن فيهم الحزب الشيوعي ( الماوي ) الأفغاني ، لا يرون ضرورة معالجتها .
دون عمل نظري ، لا طليعة شيوعية يمكن أن تظلّ طليعة :
لكي يستهينوا بدور النظرية الثورية و أهمّيتها ، عادة ما يسوّى الإقتصادويون بين العمل النظري و المؤسسة الأكاديمية و السكولاستيكية ، إلاّ أن العمل النظري الجاري و دراسة المواضيع النظرية فى شتى حقول العلم و الإكتشافات العلمية الجديدة من أوكد مسؤوليّات الشيوعيين الثوريين . و أي حزب شيوعي يستهين بهذا العمل و ينظر إليه كجهد سلبي سيقترف أخطاء جدّية و سيتحوّل إلى حزب متخلّف و دغمائي لأنّ فهم النظام المتحكّم فى العالم و تغييره ليس مسألة هيّنة و إنّما يتطلّب التفكير الدائم و تحديثه ؛ يتطلّب نظرة للعالم و إستراتيجيا سياسية و إستراتيجيا عسكرية وتكتيك و فلسفة و إيديولوجيا و تحليل للتناقضات و تلخيص للمكاسب و كذلك للأخطاء و التراجعات . وهذا ليس قفلا مفتاحه يستخرج مرّة و من ثمّة فصاعدا لن يكون علينا سوى المسك الأبدي بالمفتاح و إستعماله . و لا شكّ فى أنّ العمل النظري الذى يقف بعيدا عن ممارسة تغيير العالم يتحوّل إلى نقيضه و عوض فتح الأبواب أمام الثورة سيتحوّل إلى معرقل لها . لكن فى نفس الوقت ، فصل النظرية عن الممارسة لا يجب النظر إليه بصورة ضيقة و بطريقة تجريبية . بالأحرى ، علينا أن ننظر إلى أعظم و أهمّ التجارب الثورية لتسليط الضوء على المجالات الأصغر . لننظر على سبيل المثال إلى الذين يريدون تطوير النظرية الشيوعية دون إعارة أي إهتمام للتجربة العظيمة للثورتين الإشتراكيتين فى الإتحاد السوفياتي والصين( رئيسيّا الصين). هذا مثال عن فصل النظرية عن الممارسة .
أجل ، النظرية مرشد لممارستنا و بما أنّها ترشد ممارستنا حريّ بنا أن نضمن أن يكون لنا تحليل صحيح للهيكلة الطبقية و الوضع الملموس لمجتمعاتنا . مثلا ، لنلقى نظرة على أفغانستان . كيف يجب تحليل ساحة الصراع الطبقي فى أفغانستان ؟ كيف تحلّلون الطبيعة المشابهة للقوى الرجعية ضمن " المقاومة " من جهة و الحكم و النظام السائد و المحتلّين الإمبرياليين فى أفغانستان من الجهة الأخرى ؟ هل من الصحيح تحديد أولويات حول من يجب أن تطيح به الثورة أوّلا ؟ و فى النهاية المسألة هي : ما هو نوع الممارسة و شكلها الأرقي ( الحرب الثورية ) الذى نحتاج إلى خوضه بغية تحقيق المصالح المباشرة و كذلك البعيدة المدى للعمّال و الفلاحين و النساء فى أفغانستان ؟ و أي نوع من البرامج و خطط التغيير الإجتماعي ينبغى أن تقود تلك الممارسة ؟
ليست الحرب فى أفغانستان مجرّد حرب عسكرية . إنّها حرب طبقية معقّدة وقوّتان إجتماعيتان عفا عليهما الزمن تحتلاّن الساحة السياسية ؟ ومهمّة القوى البروليتارية الثورية هي تغيير هذا الإستقطاب غير المواتي و تمكين الجماهير من القتال تحت راية خطّ و أفق سياسيين يمثّلان مصالحها ، عوض أن تغدو كبش فداء لهذه أو تلك من هذه القوى الرجعية .
يجب على قوى البروليتاريا الثورية أن تقدّم بجرأة بديلها السياسي و الإيديولوجي و الإجتماعي و الإقتصادي فى تعارض مع و ضد هتين القوتين ( الفاسدتين ) اللتين عفا عليهما الزمن و أن تبيّن بإستمرار و شمولية تمايزها السياسي و الإيديولوجي مع تلك القوتين اللتين عفا عليهما الزمن عبر التحريض و الدعاية و المبادرة بحركات مقاومة و حملات خاصة أخرى ، مثل حملة ضد الحرب ، حملات ضد التديّن و العلاقات الإجتماعية البطرياركية . إن لم تحمل ممارسة أو حرب مقاومة هذا المضمون لا يمكن إعتبارها ممارسة ثورية أو حربا تمثّل مصالح الشعب المضطهَد و المستغَلّ . يجب على قوّة بروليتارية ثورية أن تنشر هذه النظرات السياسية و الإيديولوجية و الإجتماعية التى تمثّل و تعرض النظام الإجتماعي المستقبلي الذى تناضل من أجله و بلا كلل تأخذه إلى الجماهير حتى قبل الشروع فى حرب الشعب . و بصورة خاصة ، فى بلدان مثل إيران و أفغانستان التى تعزّز فيها الطبقات الحاكمة حكمها و قبضتها على قسم من الجماهير عبر تقوية الأخلاق الدينية و إستبعاد النساء ، فإنّ خوض حرب ضد الأخلاق الدينية و إستعباد النساء جزء لا بدّ منه من خوض الصراع الطبقي ، و فى الواقع دون هذا ، الحديث عن الإعداد لحرب الشعب لا معنى له . و هذا الخطّ حيوي بالخصوص لإستنهاض النساء و تنظيمهنّ كقوّة مفتاح فى الثورة البروليتارية . على الشيوعيين أن ينشروا بجرأة نظرتهم التحرّرية للعالم و أخلاقهم التى تنبع من النظرة الشيوعية للعالم و المنهج الشيوعي بما فى ذلك الإلحاد و معارضة المعتقدات الدينية و أوهام الإلاه . و البروليتاريا و الشباب و النساء يجب أن يكونوا ركائز هذه الحركة .
و على وجه الضبط لأنّ النظام فى إيران و أفغانستان يستعمل الدين ليفرض علاقاته الإجتماعية و الثقافية الإضطهادية و القمعية على المجتمع ، ينبغى على كلّ حركة إجتماعية تقدّمية أن تواجه و تقاتل التيوقيراطية و إلاّ لن يكون ممكنا تطوير ثقافة الجرأة و الجسارة و الإستقامة فى القتال ضد هذه الأنظمة و الإمبرياليين : هذا أهمّ شكل ل" الثورة الثقافية " فى صفوف الجماهير فى معارضة " الثورة الثقافية المضادة " للرجعية للإسلاميين . و هذا جزء لا يتجزّأ من نقد الدولة القديمة و النضال فى سبيل الإطاحة بها . و سيؤدّى تجنّب هذا النوع من الصراع إلى الإصلاحية فى النضال ضد الدولة القديمة .
و خصوصية الدولة فى إيران و أفغانستان هو أنها دول تيوقراطية . و بالتالي من أجل تحدى و قتال العلاقات و القيم الإضطهادية و المنحطّة و المخزية التى يفرضها النظام فى هذين البلدين ، تحتاج الجماهير إلى أن تهاجم عن وعي وعلميّا الدين لتعي القوّة التحرّرية للإلحاد . وهدف هذه " الثورة الثقافية " هو أن نقدّم للجماهير نوع المجتمع الذى يقاتل الشيوعيون من أجله . هذا نمط من الممارسة التى يمكن أن تعرض المستقبل أيضا . و سيكون هذا النوع من " الثورة الثقافية " بمثابة صدمة لتفكير الجماهير و سيفرز صراعا فى صفوفها كي تأخذ مصيرها بيديها . و من أجل بناء حركة ثورية فى بلدان مثل إيران و أفغانستان – و حتى فى الولايات المتحدة حيث الأصولية الدينية أحد أهمّ أسلحة البرجوازية فى فرض الحكم الرأسمالي – الإمبريالي – خوض مثل هذا الصنف من النضال الإيديولوجي حيوي و حاسم و لا يجب إعتباره مجالا للنضال قليل الشأن أو ثانويّا ؛ بل لأجل تغيير الإستقطاب غير المواتي المشار إليه أعلاه المهيمن فى الشرق الأوسط ( إستقطاب الإمبريالية / الحركة الإسلامية ) ، له أهمّية حيوية و إستراتيجية . و سيسمح الإنخراط فى مثل هذا النضال لجماهير مختلف الطبقات و الشرائح أن ترى بأنّ الشيوعيين ليسوا مجرّد قوّة " معارضة " ضد الطبقات الحاكمة بل بالأحرى هم قوّة جدّية و مصمّمة لها رؤية واضحة لنظام إجتماعي مغاير تماما تقاتل لإرسائه .
الممارسة الثورية تعنى حضور طبيعة المجتمع المستقبلي و مميّزاته فى كلماتنا مثلما فى ممارساتنا اليوم. إن كانت نظرياتنا خاطئة ، لن تبلغ ممارساتنا هدف " التغيير الإجتماعي ". و ينبغى أن ينظر المرء إلى آثار التصفوية [ تصفية أسس الماركسية – اللينينية – الماوية ، المترجم إلى الأنجليزية ] هنا وليس فى الخلاصة الجديدة . آثار التحريفية يجب العثور عليها فى الخطّ الذى يشجّع على الإختيار بين " السيئ و الأسوأ " من ضمن قوات العدوّ و ليس فى نقد بوب أفاكيان لكتاب لينين " مرض " اليسارية " الطفولي فى الشيوعية " . آثار التصفوية يمكن رؤيتها عندما تدفع بقايا الماضي القذر بحماس إيديولوجيتها القروسطية أو تشجّع الإمبريالية ، فيرفع الشيوعيون الراية البيضاء أو بعدسات مكبّرة بأيديهم تراهم يبحثون عن فتات أو قطع تقدّمية ضمن " البرجوازية الوطنية " أو الرجعيين الإسلاميين . و يجب فضح التحريفية حيث يصبح هدف " حرب الشعب " هو الإلتحاق بالدولة البرجوازية . هذا الوضع ينبغى تحدّيه و تغييره جذريّا .



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قتل فركهوندا جريمة فظيعة ( أفغانستان )
- مقالات تحليلية لأحداث مصر و ليبيا و سوريا من جريدة - الثورة ...
- الإنتخابات الإسرائيليّة البشعة - نزاعات محتدّة و تحدّيات جدي ...
- 12 سنة من غزو الولايات المتحدة للعراق خلّفت القتل و التعذيب ...
- الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) :حرب ...
- الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) : لل ...
- بوب أفاكيان و ريموند لوتا يحلّلان إنتفاضات 2011 ( الفصل الأو ...
- مقدمة كتاب - نصوص عن الإنتفاضات فى بلدان عربية من منظور الخل ...
- - يا نساء العالم إتّحدن من أجل تحطيم النظام الإمبريالي و الأ ...
- الخلاصة الجديدة و قضية المرأة : تحرير النساء و الثورة الشيوع ...
- مقدّمة كتاب : - من ردود أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية على م ...
- آجيث – صورة لبقايا الماضي
- تحيّة حمراء للرفيق سانموغتسان الشيوعي إلى النهاية - الفصل ال ...
- تحيةّ حمراء لتشانغ تشن- تشياو أحد أبرز قادة الثورة الثقافية ...
- شارو مازومدار أحد رموز الماوية و قائد إنطلاقة حرب الشعب فى ا ...
- الإستعمار من جديد بإسم التطبيع وراء إعادة إرساء العلاقات الد ...
- مقدّمة كتاب - قيادات شيوعية ، رموز ماوية - ( العدد 17 من - ا ...
- عشر سنوات من قيادة الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) لحرب الشع ...
- الشيوعيّة أم القومية ؟
- المسؤولية و القيادة الثوريتين - الفصل السادس من كتاب من كتاب ...


المزيد.....




- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - دون عمل نظري ، لا طليعة شيوعية يمكن أن تظلّ طليعة - الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي- اللينيني – الماوي )