أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد عبدول - وجهة نظر ...في صراع الشخصية العراقية















المزيد.....

وجهة نظر ...في صراع الشخصية العراقية


احمد عبدول

الحوار المتمدن-العدد: 4782 - 2015 / 4 / 19 - 19:24
المحور: الادب والفن
    


بادىء ذي بدء يعلم جميع الاخوة القراء اني لست بباحث او دارس لمواد علم الاجتماع بشكل منهجي (اكاديمي) ,وان كل ما في الامر اني اتابع ما يكتبه هذا العالم او ذاك المختص ,في اكثر من حقل من حقول العلم والمعرفة ومنها على وجه الخصوص حقول علم الاجتماع ,ولا شك ان متابعاتي لما يتعلق بهذا العلم الحديث قياسا الى العلوم الانسانية الاخرى وعلى مدار اكثر من عقدين من الزمن ,كان قد ولد عندي بعض التصورات البسيطة ,التي ارغب بتسجيلها كرؤية نابعة من وجهة نظر شخصية لكنها في ذات الوقت وجهة نظر مدعومة بعدة قرائن وتجارب واقعية . من هنا فقد حرصت على تضمين عنوان المقال مفردة (وجهة نظر ) والسبب انني في هذا المقال لم ولن ازعم اني قدمت لنظرية منهجية تخص موضوعة مهمة تتعلق بشخصية الفرد العراقي ,فكل ما في الامر اني في صدد طرح وجهة نظر قد تصح لدى البعض وقد لا تكون كذلك عند البعض الاخر ,الا اني ازعم بأن وجهة النظر تلك لا تخلو من جوانب هامة وموضوعية في كل الاحوال .الجميع يعلم ان عالم الاجتماع الراحل (علي الوردي ) كان قد اعتمد في ما اعتمده من طروحات بخصوص الشخصية العراقية, ما يسمى ب(صراع الحضارة والبداوة ) والتي تتلخص بأن العراق وبحكم موقعه الجغرافي كان يتعرض باستمرار الى موجات من المد البدوي الذي كان بدوره يعزز من صراع تلك القيم مع قيم المدنية والحضارة ,والجميع يعلم ان الراحل الوردي كان قد فسر مجمل احوال العراقيين وعاداتهم بل وحتى جزء من عقائدهم على ضوء صرا ع البداوة والحضارة الذي كان يراه يقف وراء ازدواجية الفرد العراقي حسب وجهة نظر الراحل الوردي.
الحقيقة ان صراع الشخصية العراقية هو جزء لا يتجزأ من صراع الشخصية العربية بشكل عام وذلك لتشابه جملة من الظروف والعوامل الجغرافية والاجتماعية والسياسية ,الا ان هذا التشابه لن يكون تشابها مطلقا ,حيث تبقى ثمة فروق تميز صراع هذه الشخصية عن تلك.
كذلك فمن المهم والضروري ,ان نشير الى حالة لم يتطرق اليها الكثير ممن تصدوا لموضوعة ذلك الصراع بشكل عام وما عرفته شخصية الفرد العراقي بشكل خاص, الا وهي ان الفرد قد يكون عرضة لأكثر من صراع يقع تحت وطأته بين مرحلة تاريخية واخرى وهذا عين ما وقع للفرد العراقي خلال مراحله التاريخية السحيقة ,فقد كان الفرد العراقي العراقي على الدوام عرضة الالوان من الصراعات والتناقضات والتجاذبات التي كانت تلقي بظلالها على مجمل سماته وتوجهاته بين مرحلة واخرى, . لقد جرب الفرد العراقي اكثر من لون من الوان الصراعات التي كانت تختلف في طبيعة شدتها ,لذلك فأن الامر لا يتعلق بثنائية (حضارة ـبداوة ) او ثلاثية(حضارة ـريفـ بداوة ) بقدر ما يتعلق بعدة مستويات للصراع كانت قد احتدمت داخل ساحة الشخصية العراقية على امتداد التاريخ .
فالصراع الذي كابدته شخصية الفرد العراقي في العصور القديمة في ظل الالهة الرافدينية ,يوم كان العراقي يعيش ما اسماه الباحث ( حسن سرمك ) بحالة التضاد العاطفي والذي جاء بسبب مخاوف العراقيين من بطش الهتهم من جهة وطمعهم في تأمين حياة آمنة ومستقرة لهم من جهة اخرى ,مثل ذلك الصراع يختلف عما عاشه العراقيون من صراعات وتناقضات في عهود لاحقة ,فقد يتحول الصراع فيما بعد من صراع مع الالهة الى صراع مع قيم او ثقافات او تعاليم دينية او موجات من الغزو المعرفي والثقافي الذي يشمل كل نواحي الحياة .
يخطى الظن من يعتقد ان العراقي عاش لونا واحدا من الصراع نستطيع ان نرجع اليه كل ما اتصفت به شخصية الفرد العراقي ,فقد تعرض الفرد العراقي ولعدة اسباب الى الوان من الصراعات التي كانت تحتدم داخل شخصيته ليترك كل صراع منها بصماته وخصائصه على طبيعته كما هو الحال مع الصراعات والحروب التي كانت ولا تزال تحتدم على ارض تلك الشخصية لتترك هي الاخرى تأثيراتها وافرازاتها على ذات المختلفة .
من وجهة نظري المتواضعة ارى ان اكبر واهم واخطر صراع عانته شخصية الفرد العراقي منذ قرن ونيف هو ما تمثل في وقوع تلك الشخصية تحت تأثير ثلاثة كوابح مهمة ورئيسية وفعالة في ذات الوقت وهذه الكوابح هي كالآتي .
1ـ الدين وتعاليمه الصارمة والمتشددة لا سيما فيما يخص حرية الفرد الشخصية .
2ـ العشيرة وقيمها المحافظة والمتزمتة والتي تتخذ من الدين ونصوصه ظهيرا لها .
3ـ مجموعة ما تعارف عليه من قيم واعراف وتقاليد هي في الاعم الاغلب مزيج من نصوص وقيم وتعاليم دينية وعشائرية محافظة .
مثل هذه الكوابح التي تشترك فيما بينها بعدة مميزات وخصائص كانت وما تزال تشكل اهم اسباب ما تعانيه شخصية الفرد العراقي وعلى امتداد عقود من الزمن في طريق تحقيق ما تصبو اليه من حياة , وهو الصراع الذي سيبقى تأثيره فاعلا حتى يحسم العراقي امره ويختار اي الطريقين انفع له ,وهو امر اشبه بالمستحيل ,وذلك لعدة اسباب تفوق بقوتها وفاعليتها قدرة الفرد العراقي على تخطيها وتجنبها . ان تلك الكوابح التي تشترك بشدتها وتزمتها , ما زالت تضغط على الفرد العراقي بقوة ,ففي حين ينزع الفرد العراقي الى العيش وفق نمط الحياة في المجتمعات المتحضرة ,حيث الحرية والاختلاط والتحلل من اكبر عدد من القيود التي تثقل كاهله وتزيد من معاناته ,نجد ان تلك الكوابح تعيقه من تحقيق تلك الاماني وتعود به الى خانة الطاعة والالتزام المبالغ فيهما بشكل واخر .
العراقي يريد ان يلهو ويرتع ويلعب لكن النصوص الدينية تتحفظ على طبيعة هكذا مفردات اشد التحفظ ,العراقي يريد ان يختلط لكن امر الاختلاط امر فيه نظر واخذ ورد شرعا ان لم يكن محرما من اساسه ,العراقي يريد ان يستمع للغناء والموسيقى وسائر الفنون الاخرى لكن نصوص كثيرة تتوعده بالقصاص والعقوبة لان في ذلك مضيعة للوقت الذي يجب ان يكون مخصص لأعمال نافعة ومفيدة ليست من سنخ الاستماع والاستمتاع بسماع الغناء والموسيقى ,العراقي يريد ان يرقص وان يحرك اطرافه بكل الاتجاهات ليعيش حالة من الغبطة والتفاؤل من جهة ولكي يتخلص من الكثير من الهموم والشحنات السالبة التي استوطنت فؤاده المثقل بالهموم والابتلاءات من جهة اخرى لكن قيم الدين والعشيرة تعتبر ذلك من مظاهر الميوعة التي تتنافى مع طبيعة الرجل التي يجب ان تكون على قدر عال من الغلظة والخشونة ,العراقي يرغب ان تكون له عشيقة وان يجرب الحب والجنس قبل الزواج كما هو حال الشباب في اوروبا واميركا وسائر المجتمعات المنفتحة ,الا ان النصوص الدينية والعشائرية اضافة الى سطوة القيم والتقاليد تعتبر ذلك مروقا عن المألوف وخرقا للمقدس .
ان حقيقة ما يعيشه العراقيون منذ قرن واكثر لا يكمن في ما اعتمده الراحل الوردي من ثنائية (البداوة والحضارة )الذي اختزل من خلالها طبيعة صراع الفرد العراقي وعلى امتداد مراحله التاريخية المتعاقبة
ان حقيقة الصراع الذي نعيشه منذ زمن بعيد هو ما يتمثل بذلك التضاد والتنافر والتقاطع بين ما يصبو اليه الكثير منا من حياه تعرف على معالمها وانبهر بمظاهرها من خلال الاعلام بكل مستوياته وادواته, وبين ما يراد منه وفق قوانين وانظمة ونصوص تتقاطع تقاطعا كليا مع ما يطمح له من رؤى وتطلعات .ان ابرز ظواهر ما اشير اليه من صراع هو ان الكثير من العراقيين يعيش او يرغب ان يعيش اكثر من حياة بمعنى انه يسعى جاهدا ان يعيش حياة تتماشى مع قيم الدين والعشيرة والاعراف من جهة (حياة عامة ) ومن جهة اخرى يسعى جاهدا للعيش وفق ما تنزع اليه ميوله وغرائزه(حياة خاصة ) والذي يجد لها مصاديقا من خلال الحياة في المجتمعات الاوربية ,ولو انك نظرت من حولك لو وجدت مصاديق كثيرة على ما اشير اليه فالكثير من العراقيين اليوم (رجالا ونساءا ) يعيشون اكثر من حياة لكل حياة خصائصها وسماتها. ان الصراع الاكثر فاعلية والذي لم يشر اليه الوردي ولا غيره من الباحثين العراقيين , والذي ما يزال قويا بتأثيراته على شخصية الفرد العراقي هو ما يتمثل بذلك التضاد وليس الازدواج الذي يعاني منه الكثير منا ومنذ عقود بين انموذجين متعاكسين للعيش والحياة .
1ـانموذج العيش وفق نصوص الدين وقوانين العشيرة وسطوة الاعراف والتقاليد .
2ـ انموذج العيش وفق قيم ومعايير التحضر والمدنية .




#احمد_عبدول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقفة مع الكاتب والمفكر غالب حسن الشابندر
- اسطورة علي الوردي في ميزان سليم علي الوردي (الجزء ا الثامن و ...
- اسطورة الراحل علي الوردي في ميزان سليم علي الوردي(الجزء السا ...
- اسطورة الراحل علي الوردي في ميزان سليم علي الوردي(الجزء السا ...
- اسطورة علي الوردي في ميزان سليم علي الوردي (الجزء الخامس )
- اسطورة الراحل علي الوردي في ميزان سليم علي الوردي (الجزء الخ ...
- اسطورة علي الوردي في ميزان سليم علي الوردي(الجزء الرابع )
- اسطورة الراحل علي الوردي في ميزان سليم علي الوردي(الجزء الثا ...
- اسطورة الراحل علي الوردي في ميزان سليم علي الوردي(الجزء الثا ...
- اسطورة الراحل علي الوردي في ميزان سليم علي الوردي الجزء الاو ...
- الرمزية في حياة العراقيين
- العودة الى مغامرات السندباد البحري
- هل تجوز المفاضلة بين السيد المالكي والسيد العبادي ؟
- هل زور التاريخ ام لا؟
- من المسؤول عن تحديد قناعاتنا الشخصية ؟
- فقه الحسين بن علي (عليهما السلام )
- فيروز واحزاب الاسلام السياسي
- التكريم جاء متأخرا
- أميركا في ميزان الكاتب العراقي عبدالخالق حسين
- الشيعة والاميركان


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد عبدول - وجهة نظر ...في صراع الشخصية العراقية