أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مُضر آل أحميّد - إبراهيم وأمّة العجائز














المزيد.....

إبراهيم وأمّة العجائز


مُضر آل أحميّد

الحوار المتمدن-العدد: 4762 - 2015 / 3 / 29 - 13:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قيل أنّ فخر الدين الرازي (وهو متكلّم وفقيه وعالم) كان يمشي وتلامذته يلحقون به ويكتبون ما ينطق به. فمروا على عجوز وسألت أحد التلاميذ: يا بُني من هذا؟
فغضب التلميذ وقال: أما عرفتيه؟! هذا الإمام الرازي الذي عنده ألف وألف دليل على وجود الله
فرّدت العجوز: لو لم يكن عنده الف شك لما احتاج الى ألف دليل. أفي الله شك؟!
ولمّا بلغ هذا الرازي قال: اللهم إيمانا كإيمان العجائز.
بعيدا عن تخريجاتها ونسبها لأكثر من شخص، فإن القصة مؤثرة، تداعب العواطف وتلامس حاجة التدين الآمِن. ولكن، هل نريد فعلا ايمانا كإيمان العجائز؟ إن احدى اكبر عِلل الأمة الإسلامية هي أنها تظن أنّ ايمانها إيمانا علمي. يقوم على الدليل والحجة والمنطق. ويعود ذلك لقرون الجهل والتجهيل التي مرت على أبناء هذه الأمة. فلمعرفة اساليب المحاججة والإستدلال يحتاج الإنسان الى درس الفلسفة والمنطق؛ ولا يكفي أن نتعلم اساليب الاستدلال إن لم نكن نطبقها. ولنستعر مصطلحا من علم النفس وهو "التحاوز" مأخوذ من الإنقسام الى أحياز، وهي آلية دفاع نفسية تسمح للمصابين بها بحمل الفكرة ونقيضها في أدمغتهم دون الشعور بالتناقض. وامّة المسلمين اليوم مصابة بالتحاوز بشكل وبائي، فلا يكاد يخلو بيت منها، فنرى السيد المثقف المتعالم المطّلع على اساليب الإستقراء والاستدلال –وربما المتخصص فيها- يطبق، متفلسفا، ذينِك الأسلوبين على كل شاردة وقضية مهما كانت تافهة ولكنه يأبى ويرفض استخدام نفس العلم ،وربما يرفضه كعلم بالكلية، في مناقشة أهم القضايا الإنسانية مثل: هل هنالك إله؟ هل خُلقنا؟ من خلقَنا ولماذا؟
ثم يرفض جميع العلوم وينكرها عندما يكون إيمانه محلا للنقاش، مع أنه يثق بتلك العلوم عندما يتناول المضادات الحيوية، او يستخدم التكنلوجيا.. الخ

إن الكم القليل الجاهز من المعلومات السطحية التي يتلقاها المسلم منذ صغره وحتى بلوغه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجعله أفضل من العجائز. فهل فعلا تظن هذه الأمة أنها تؤمن إيمان العلماء؟! ولست أتحدث عن الكتب التي تُقرأ لتكون أرقاما ومعلومات للتبجّح، وإنما أتكلم عن فواصل التفكير والسؤال والتشكيك. هل تساءل المسلمون يوما ماذا لو لم يكن ديننا الحق؟ ربما فعلوا، ولكني أجزم أنّ غالبية الذين فعلوا ذلك إستغفروا ربهم بعدها وقالوا "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، ربما كان للشيطان دور، ولكن دوره لم يكن في دفعهم الى التساؤل، وإنما في إقعادهم عن مواصلة التساؤل والبحث عن إجابة شافية.

يتفاخر المسلمون بإنتماءهم الى إبراهيم؛ ويظنّون حقا أنهم أحنافا ً كإبراهيم. ولنتكلم عن إبراهيم، هل كنتم تظنون أن إبراهيم آمن إيمان العجائز؟ إن مكانة إبراهيم لم تأت لأن له الأسبقية بين الأنبياء، وليس لأن ذريته كانت صالحة ومنها انبياء وملوك. إنّ مكانة إبراهيم جاءت من حنيفيته، فقبل أن يكون إبراهيم نبيا، كان فيلسوفا. قبل أن يعلم ما هي النبوة كان يقلب وجهه يبحث عن خالق من مجموع الالهة التي عبدها قومه. تنّقل ابراهيم بين الشمس والقمر وكوكب، ورأى صفات النقص في تلكم الالهة فكفر بها جميعا. هنالك تبيّن أن إبراهيم يبحث عن الحق فعلا، فبان له الحق. إنّ ابراهيم الفيلسوف لم يكتفِ بالمنهج الصحيح والفكرة الأقرب للصواب بل أراد أدلة، فقد كان إبراهيم يحمل قلب فيلسوف شكاك (قالَ أوَلَم تؤمِن قالَ بلى ولكِن لِيطمئنًّ قلبي) يطلب الدليل ويرفض إيمان العجائز.

إنّ للمسلمين ولغيرهم الإختيار بين ايمان ابراهيم وبين ايمان الجهل، ايمان العجائز. وكما أنّ إبراهيم جرب أربابا في طريق البحث عن الحق، فإنّ من سار باحثا عن الحق ثم وصله موقنا يقين العلماء، خير وأقرب للحق ممن آمن ايمان العجائز بما يظنه الحق.



#مُضر_آل_أحميّد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللادينية الجديدة.. عالمٌ جديد جبان
- أنستهزئ بالإسلام؟
- تجارة الحريّة: الحجاب أنموذجاً
- وداعا ً للسياسة
- لأنكِ بنت!
- انتهى زمن الفلسفة؟!


المزيد.....




- شاهد: المسيحيون الأرثوذوكس يحتفلون بـ-سبت النور- في روسيا
- المرصد الفرنسي للهجرة: الجزائريون أكثر المهاجرين تمسكا بالهو ...
- فرحة العيال رجعت.. تردد قناة طيور الجنة toyour eljanah 2024 ...
- المقاومة الإسلامية للعراق تستهدف ميناء حيفا بأراضي فلسطين ال ...
- بوتين يحضر قداس عيد الفصح في كاتدرائية المسيح المخلص بموسكو ...
- قمة إسلامية في غامبيا وقرار منتظر بشأن غزة
- بالفيديو.. الرئيس بوتين يحضر قداس عيد الفصح في كاتدرائية الم ...
- استعلم الآن … رابط نتيجة مسابقة شيخ الأزهر 2024 بالرقم القوم ...
- شاهد.. الغزيون يُحَيُّون مقاومة لبنان الإسلامية والسيد نصرال ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف بيّاض بليدا والراهب والرا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مُضر آل أحميّد - إبراهيم وأمّة العجائز