أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - اغتيال الحلم














المزيد.....

اغتيال الحلم


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 4755 - 2015 / 3 / 21 - 08:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لم يحلم السوريون خلال تاريخهم الحديث بناظم سياسي ديمقراطي يتيح لهم فرص المشاركة في اختيار من يمثلهم في نظام الحكم، أو إبداء الرأي، على الأقل، في القضايا التي تتعلق بوجودهم وتطورهم، وأنماط عيشهم السياسية والثقافية والاقتصادية وغيرها. كان ثمة ما يشبه الحلم بكل ذلك على مستوى بعض النخب الثقافية والسياسية خلال فترات متقطعة من خمسينات القرن الماضي، كانت تزيحه كلما حاول العودة الانقلابات العسكرية المتتالية التي شهدتها تلك الفترة، حتى قضى عليه المد القومي الذي اجتاح المنطقة العربية، وخصوصاً بلدان المشرق العربي، و مصر أيضاً. لقد نجح القوميون، في السياسة و في الثقافة كذلك، بربط الديمقراطية بالمشاريع الغربية الاستعمارية، وبإسرائيل مما ولد قوة انفعالية سلبية تجاهها في الأوساط المتعلمة، وفي الأحزاب السياسية، وعلى مستوى النخب الثقافية. وكان لليساريين نصيب في كل ذلك، حتى أواخر سبعينات القرن الماضي، تحت تأثير المد الشيوعي السوفييتي، وراياته الأيديولوجية،. ولا يحتاج إلى برهان أيضاَ الدور السلبي لهيمنة الثقافة الدينية على نطاق المجتمع وسيطرتها على عقول وخيارات الجماهير السورية. بكلمات أخرى إن جميع البني الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية التي كانت قائمة في سورية تؤسس للاستبداد، الذي مثله نظام البعث خير تمثيل.
في أواسط شهر آذار من عام 2011 حاول السوريون تجديد الحلم بالديمقراطية، وبدولة القانون والمؤسسات، بما يصون لهم كرامتهم وحقوقهم، فانتفضوا ضد حكامهم مسطرين ملحمة شعبية قل نظيرها، لكن سرعان ما تكالبت قوى عديدة محلية وإقليمية وبعيدة لوأد الحلم، خصوصا بعد أن صار يمشي على الأرض وقد نجحوا في ذلك للأسف. بداية هب النظام بكل جبروته مستنفرا أجهزته الأمنية المختلفة للقضاء على الانتفاضة السلمية التي شارك فيها خلال الأشهر الأولى من انطلاقتها ملايين السوريين،مستخدما كل وسائل العنف التي لديه على تنوعها، لكنه فوجئ بأن الناس لم تعد تخاف من بطشه، وصار عدد المتظاهرين يزداد طردا مع زيادة قمعه لهم. عندئذ لجأ النظام إلى إستراتيجية جديدة وهي دفع الناس إلى حمل السلاح مما يسهل عليه زج الجيش في الصراع، بذريعة محاربة الإرهاب وقد نجح في ذلك. لقد أطلق من سجونه خلال الأشهر الأولى من بدء الاحتجاجات الشعبية آلاف المتطرفين والمجرمين الذي سرعان ما ذهبوا إلى حمل السلاح، وإلى تشكيل المجموعات الجهادية المتطرفة، التي قضت بدورها على الحراك الشعبي السلمي وراياته الوطنية، لترتفع بدلاً منها رايات مذهبية متطرفة.
وليس خافيا أيضا دور بعد الدول العربية والإقليمية في دعم عسكرة انتفاضة السوريين، في استجابة موضوعية، وربما مقصودة، لإستراتيجية النظام. لقد ساعدت تركيا وقطر، وهما الدولتان اللتان كانتا على علاقات جيدة مع النظام السوري، لكنهما انقلبتا عليه، عشرات الآلاف من الجهاديين السوريين وغير السوريين للقدوم إلى سورية والجهاد فيها. ولم تتردد أيضا بعض الدول الغربية الفاعلة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا في تقديم الدعم للمقاتلين في سورية تحت عناوين دعم الشعب السوري، لكنهم في واقع الحال كانوا يخدمون أجندات خاصة بهم.
وليس خافيا أيضاً الدور الذي لعبه الإخوان المسلمون في حرف انتفاضة السوريين عن مسارها الوطني، وفي تشجيع العسكرة والتطرف. لقد عمل الإخوان المسلمون وغيرهم من التيارات الإسلامية منذ البداية على إعطاء الطابع الإسلامي لانتفاضة السوريين من خلال الشعارات التي كانوا يرفعونها في المظاهرات، مما ساهم في توجس الأقليات من الحراك الشعبي، وزاد من التفافهم حول النظام ودعمهم له. ولم يكتفوا بذلك بل عمدوا إلى تشجيع العسكرة وبادروا إلى إنشاء ألوية مقاتلة خاصة بهم.
وإذا كان من المكن فهم دور الإخوان المسلمين وغيرهم من الحركات الإسلامية، في القضاء على حلم السوريين بالحرية والديمقراطية، من خلال الدفع باتجاه العسكرة والتطرف، فمن الصعوبة بمكان فهم دور كثير من النخب السياسية والثقافية السورية، وخصوصا اليسارية والعلمانية منها في الدفع باتجاه العسكرة الأمر الذي كانت له مساهمته الموضوعية في القضاء على حلم السوريين بنظام سياسي ديمقراطي. لقد أشر دورهم، وسرعة تخليهم عن أطروحات ثقافية وفكرية عملوا عليها سنين على عدم أصالة وجدية ما أنتجوه من ثقافة وفكر ليرموه عند أول منعطف في سلة مهملات التاريخ.
بعد أربع سنوات من انطلاق انتفاضة الشعب السوري، يتحدد مشهد الصراع اليوم في سورية بكونه صراع مسلح يغلب عليه الطابع الطائفي. فمن جهة يقف النظام مدعوما من إيران وميليشيات شيعية مختلفة تم استجلابها من دول عربية وأجنبية مختلفة، وفي الجهة الأخرى تقف قوى إسلامية متطرفة تتقدمها جبهة النصرة وداعش وعشرات الآلاف من الجهاديين العرب والأجانب، وتتلقى دعما علنيا وغير علني من دول كثيرة. في إطار هذا المشهد لا وجود لما حلم به السوريون من حرية وكرامة وديمقراطية، فقد تم القضاء عليه. السوريون اليوم يحلمون بأن تتوقف هذه الحرب المجنونة على أرضهم، وفيما ينهم. يحلم السوريون اليوم بإنقاذ ما تبقى من بلدهم وشعبهم ، وهم في حلمهم هذا يتطلعون إلى جميع قوى الخير والسلام في العالم لمساعدتهم في تحقيق هذا الحلم فهم يستحقونه.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحولات سياسية استعدادا لمواجهة بين قطبين مذهبيين
- تمرين تركي لمنطقة عازلة في سورية
- هل تنجح موسكو فيما فشلت فيه جنيف
- حقيقة الموقف الأمريكي من الأزمة السورية
- ما بين لقائي القاهرة وموسكو عشر نقاط سحرية
- حقية دور روسيا في الأزمة السورية
- هل يشهد عام 2015 حلا للأزمة السورية
- خارطة طريق لانقاذ سورية
- وادي الضيف واليوم التالي
- الربيع العربي- وراء در
- المهمة شبه المستحيلة
- موسكو ودي ميستورا والتسوية من - تحت إلى فوق-
- اقتصاديات العنف في سورية
- حيتان السلطة
- عندما تمارس السياسة والثقافة ب - المقاولة --حازم نهار نموذجا ...
- تيفان دي ميستورا والمهمة شبه المستحيلة
- الأسد يخون معارضيه - قراءة في خطابه الأخير -
- نظام يجيد تفويت الفرص
- الانشقاقات المعاكسة
- هل يقبل الشعب السوري بقاء النظام من جديد


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - اغتيال الحلم