أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بقوح - التقدم ضدّ خرافة الوصول .. في سبيل الصداقة الفلسفية















المزيد.....

التقدم ضدّ خرافة الوصول .. في سبيل الصداقة الفلسفية


محمد بقوح

الحوار المتمدن-العدد: 4730 - 2015 / 2 / 25 - 08:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


التقدم حقيقة ممكنة دائما، حين يكون متخلّقا و محتضنا الانسان . لكن الوصول يبقى خرافة، و قطيعة وهمية، و نهاية مختلقة جوفاء . التقدم منارة الحق و الحرية و الصداقة الفلسفية . أما الوصول فعالم مغلق، و بكاء على الطلل، و سذاجة تفكير، و إقصاء للآخر، و تعصّب منفر، و رفض للاختلاف المنشود، بالنسبة لجميع ثقافات العالم قديما و حديثا .
لا شك أن واضع فكرة " الوصول "، افتراضا على الأقل، من أولئك الذين يخافون من السعي الدائم إلى إرادة حياة التقدم، و نيل القوة المدهشة لصداقة الفلسفة و الفلاسفة المتقدمين، ممن يتشبثون بالطبيعة تقربا، و يحترمون الانسان حتى النخاع . مهما كان زمنهم قديما، و كانت أمكنتهم بعيدة، عن زمن التفكير و شروط الحياة الراهنة .
لعل الصداقة الفلسفية، هنا و الآن .. فعل تأسيس فاعل، و ليس فعل وصول منفعل . فعل تواصل و انفتاح، و قوة التفكير و عمق الرؤية، و ليس فعل انغلاق، و إقصاء و احتكار و رفض المختلف . صداقة الفلسفة، هي اختيار من لا اختيار له، في سبيل تفعيل حركة العقل المتقدمة، القائد الأعظم إلى مملكة الإنسان و الحياة على هذه الأرض . و ليس البقاء في ظلمة جزيرة النص المهجورة المتوحشة .
و نقرأ في الموقف الماضوي المتزمت، لأطروحة الوصول النهائي، بمفهومنا البحثي، ضمنيا، نوعا من عدم الاعتراف بقوة الآخر المختلف . و العكس هو الذي يجب أن يكون . لأن فعل الوصول، كنقطة نهاية، في هذه الحالة، يتحوّل، حسب تحليلنا، إلى ظاهرة منفعلة ضعيفة، تؤشر على الوجود الكمّي، لقوى نظام الارتكاس، في زمننا، و المكتسحة للحقل الاجتماعي العام. بحيث نفهمها كحقيقة موضوعة مختلَقة، لا تهمّ سوى ذات العقل البسيط، و المتواضع الراغب في الوصول، كنتيجة ضرورية لاختياره الذهني، و المعتمد كطريقة تفكير متسرعة، دون وعي منه في الغالب، أو بوعي مخدر. أو بفكر هدّام مقنّع بالدين أو بالفن أو بالسياسة .. أو بسلطة المال و الإعلام .. و غيرها من وسائل التخدير و الإكراه الاجتماعية السائدة .. إلخ . نتحدث هنا عن عامة الناس، و عن جزء مهم من نخبة المجتمع، المساهمة في صنع القرار، الذين اختاروا السير مع تيار ما هو سائد و مهيمن . هؤلاء المواطنون الذين غالبا ما نجدهم ضحايا المواقف المتعصبة، بسبب جهلهم لحرب المواقع، و الصراع من أجل السلطة، تلك المواقع الكائنة في بيئتهم المجتمعية .. فنراهم يختارون أو يدفعون لاختيار مواقع معينة : ضد الحياة .. و ضد العقل .. و أيضا ضد الفلسفة .. و أساسا، ضد أهل الفكر الحر.. فيكون مصيرهم تراجيديا، تلعب به أيدي الجلاد، نتيجة الاختيار الخاطئ، و التفكير غير السليم .
إن الوصول هنا، يعنى التوقف عند نهاية الطريق. و الكف عن نبض الفعل، و التجرد التام من قوى الحركة و التغير، و عن إنتاج الموقف النقدي، و السلوك المتقدم، صوب الأمام و المستقبل المنفتح على مفاجئات عالمنا المتغير. يعني أننا هنا، بصدد ذات عقل ثابتة "تفكر"، بفعل العادة الغرائزية المكرورة، التي تميل طبيعيا إلى وضع الارتكاس، و الارتخاء و الانفعال، و الاستسلام الكلي أو المرحلي، لوهم الوصول إلى عتبة نص "الممنوع"، و نقطة النهاية التي لا نهاية سواها . مركزية النص الواحد و الوحيد . دكتاتورية سلطة الوجدان لا محالة .
أما التقدم الإيجابي، بمعية التفكير النقدي، و الصداقة الفلسفية الخلاقة، في مسار الانسان المتعدد، و فعل الإبداع الحر، فهو من مبادرات عملية النافعة للعموم، قبل النخبة المتنورة، و خرق جريء و فاضح للحدود الوهمية. هذا السلوك التقدمي النوعي يعتبر عند الوصوليين ( من الوصول ) الثابتين في مواقفهم، غرابة غير حميدة، و خروجا غريبا عن المألوف، يفتقد لأدنى الشرعية الاجتماعية و القانونية .. و التاريخية و الثقافية .
إن قضية الوصول هذه، عكس مبدأ الانطلاق و البداية و الولادة، ذات الملمح التراجيدي، كالصداقة الفلسفية بالضبط، تؤسس، من الناحية الفكرية العميقة لأطروحتنا، لقدر الميتافيزيقا المفارِق، و تبشر من تمّ بالإنسان الضعيف، المكتفي بتركيب الأشكال و وضع الأصباغ، دون القدرة على تخطي عتبة النص الجامد، و تجاوز- إن لم نقل - هدم خطوط و أسوار، بل أصنام الوصول، لإبداع مفاهيم جديدة للاشتغال، و النجاح في إنتاج، و إعادة إنتاج الانسان القوي، بعلمه و تعليمه، و تحريره من حياة الخضوع و التدجين، إعدادا له للمزيد من فرص الضعف و السقوط . إنسان يلزم أن يوجد و يحيا كقدرة هائلة، و لامحدودة .. في واقع معقد، و قابل لأن يتحوّل و يتغير باستمرار، باعتبار أن القدرة الفكرية الفلسفية البشرية، الفعالة و القوية بعمقها، هي المؤهلة لتصنع الواقع المناسب لها.. و تحسن التكيف النوعي معه .
في حين، تبقى مسألة النهاية الانفعالية الحتمية، لمفهوم الوصول، و صنّاعه المفترضين، مجرد وجود لموجود بالقوة، كما يقول أرسطو، لا يوجد إلا في الأذهان الثابتة المنفعلة به، أي بمثابة وهم في صياغة معدلة، تمّ اختلاقه من قبل نسق السلطة المسيطر، للحد من قوة انطلاق العقول الحرة، و الإرادات المتقدمة و الفاعلة .
فكثير من الأحكام الشائعة بين الناس، تبدو كما لو كانت حقائق طبيعية، بفعل التكرار و التداول، و غياب الوعي النقدي. و أحيانا أخرى، بفعل فاعلين متوارين، خلف أقنعة المجتمع، تجد تلك الأفكار الحكيمة، و الكلمات الموزونة، تتخذ لها لباس ما هو مقدس . لكن الباحث المنقّب، في عمق تربة هذه التعابير المحكمة الصّنع، يستطيع تعرية مؤشرات التناقض، و مفارقات الوهم الذي خلفها، و يحركها، لتبدو للناس حقائق عادية .
هنا تكون للغة الكائنة و المتداولة، التي نتحدث بها، سلطة القوة السحرية الخارقة، في ممارسة العنف ضدّنا، نحن المتكلمين بها، بل هي بهذا المعنى السوسيولوجي، يمكن أن تمارس على أهلها، تلك الخيانة العظمى، التي ليست بالضرورة حقيقة بريئة .. لأن حياة اللغة الفعلية، تراهن على تقدم القوة الفكرية و الاجتماعية، كقوة فاعلة و مهيمنة و مسيطرة، لمن يتكلم بها، بل و يتقن التخاطب و التواصل بها مع الآخرين، ممن هم موجودين ضرورة، داخل نفس دائرتهم التاريخية و الحضارية، أو حقلهم الاجتماعي و التواصلي . أليست اللغة هنا خادعة، توهمنا بكونها تقول الحقيقة ؟
إن خلف كل تعبير لغوي، ينتصب واقع مجتمع من البشر، في جميع العصور، سواء كان قبيلة أو عشيرة أو طبقة، يريد به فرض هويته الفكرية، و حقيقته العقلية الثابتة أو المتغيرة، و طرائقه في الاجتماع و التواصل، و تدبير العيش و شؤون الحياة . و بالتالي، و لنعود إلى مسألة الوصول و النهاية، فالإنسان هنا و الآن " صانع قيمه "، لأن اللغة هي بمثابة قناعنا غير المباشر، لتكريس قيمنا التي نؤمن بها، و ندافع عنها، و نريدها أن تستمر في الزمن الآتي، الأمر الذي لن يتحقق طبعا دون التشويش، في إطار صراع القوى المجتمعية، عن وعي، أو عن غير وعي، على القوى الفكرية المختلفة و الاجتماعية المضادة، داخل نفس الحقل اللغوي و القيمي، للعنصر البشري الفاعل و المسيطر و المهيمن على جميع المستويات .



#محمد_بقوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرتزقة الجدد ، وجهة نظر فلسفية
- أعشاش لاحمة
- مفهوم الدولة في مادة الفلسفة المقررة بالبرنامج الدراسي للباك ...
- وقفة احتجاجية شعبية ضد تواطؤ لوبي العقار مع الإدارة في أكادا ...
- عودة إلى علاقة السلطة بالحقل التعليمي
- مسألة المثقف في تصور بيير بورديو
- الأصول الفلسفية لمفهوم الهابتوس عند بيير بورديو
- عنف المؤسسة التربوية ضد التلميذ
- السؤال الملتحي ربيعا
- نص إبداعي : الوزير المغربي المحترم و عودة الفيلسوف نيتشه
- حدث إبداعي شعري عالمي بصوت طفولي بمدرسة البساتين أيت ملول ( ...
- أمكنة ناطقة ( 7 ) : راس الما.. عبر الأبواب الزرقاء المعلقة - ...
- أمكنة ناطقة ( 6 ) : مقبرة الأندلس أو شتائل -لاغلاغ- الشجرية
- قراءة في كتاب ( الفكر الجذري - أطروحة موت الواقع - ) لجان بو ...
- قراءة في كتاب : ( مواقع - حوارات ) لجاك ديريدا
- قراءة في كتاب : ( التراث و الهوية ) لعبد السلام بنعبد العالي
- قراءة في كتاب : ( المتن الرشدي ) لجمال الدين العلوي
- قراءة في كتاب ( حوار فلسفي ) لمحمد وقيدي
- فلسفة جيل دولوز عن الوجود والاختلاف ( للكاتب عادل حد جامي )
- أمكنة ناطقة ( 5 ) : تبارين.. أو معوزفة السنونو


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بقوح - التقدم ضدّ خرافة الوصول .. في سبيل الصداقة الفلسفية