أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بقوح - الأصول الفلسفية لمفهوم الهابتوس عند بيير بورديو














المزيد.....

الأصول الفلسفية لمفهوم الهابتوس عند بيير بورديو


محمد بقوح

الحوار المتمدن-العدد: 4142 - 2013 / 7 / 3 - 08:07
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يعتبر مفهوم الهابتوس مبدأ جوهريا ضمن المفاهيم الأساسية، التي تنبني عليها نظرية الحقل الاجتماعي، في إطار فهم آليات اشتغال الحقل المجتمعي وفق سوسيولوجيا بورديو. باعتبار أن كل ظاهرة اجتماعية حسب المنظور السوسيولوجي البورديوي هي بمثابة حقل اجتماعي مركب، ذي طبيعة شمولية معقدة، من حيث مكوناته التي تتعالق في داخله، على شكل قوى اجتماعية و اقتصادية و سياسية، تتصارع فيما بينها من أجل امتلاك السلطة، و فرض الهيمنة بالرأسمال، سواء المادي أو الرمزي، على كلية ذلك الحقل، اعتمادا من جهة على الإمكانيات الذاتية للقوة المهيمنة ( بكسر الميم )، كأن تعتمد على منجزها الفكري السياسي أو الاقتصادي المادي، و من جهة أخرى تستند بشكل يكاد يكون أساسيا على الإمكانيات الغيرية كعوامل رئيسية، في تحقيق الهيمنة السياسية و الاقتصادية، و بالتالي فرض سيادتها، كسلطة مسيطرة و مهيمنة على القوة الضعيفة و المهيمن عليها و التابعة لها. بمعنى آخر، نحن هنا أمام صراع سياسي تم حسمه بالهيمنة الاقتصادية، بين قوة اجتماعية فرضت ذاتها كسلطة قوية، تمتلك ما يكفي من عوامل و سبل القوة و السيطرة، ضد قوة اجتماعية، أو مجموعة من القوى التي تشكل تركيبة أو طبقة، تتميز بملامح اقتصادية و اجتماعية و ثقافية منسجمة نسبيا.
لعل هذا التوصيف التشكيلي و التكويني، ذي القدرة على تجميع الطاقة الدافعة إلى الأمام أو في اتجاه الخلف، حسب طبيعة الصراع الدائر، بين القوى المتفاعلة و المتصارعة داخل ما يسميه بورديو هنا بالحقل الاجتماعي، هو الذي يطلق عليه هذا الأخير مفهوم الهابتوس.
كما لا يخفى أن هذا المفهوم المنهجي، الذي استعمله بورديو كإجراء أساسي، في العديد من تحاليله الاجتماعية الغنية، لم يكن وليد كتاباته في القرن العشرين، بالرغم من أنه ساهم بشكل كبير في تطوير و تحسين قوة المفهوم الإجرائية و المنهجية، إلا أنه سبق للعديد من المفكرين الفلاسفة، أن تناولوا مفهوم الهابتوس في كتاباتهم الفلسفية، بشهادة بورديو نفسه في كتابه إعادة الإنتاج. و بالتالي فيمكن القول أن بورديو، يحسب له السبق العلمي في تحويل المفهوم أعلاه، من الاستعمال الفلسفي المعرفي، إلى التوظيف و الاستخدام السوسيولوجي المادي، في إطار صراع القوى المجتمعية، من أجل فرض السلطة، و ربح رهان الهيمنة.
و من الفلاسفة الأولين الذين انتبهوا إلى مفهوم الهابتوس، نذكر الفيلسوف الإغريقي أرسطو، الذي استعمل المفهوم باعتباره هيئة خارجية و استعداد جسدي. في حين يرى الفيلسوف الألماني في لحظة فلسفية متقدمة زمنيا، أن مفهوم الهابتوس يرتبط بمخزون من المعارف، التي تحرك قدرات الإنسان. أما الفلسفة الهيغلية حديثا، فتذهب إلى مذهب فلسفي مختلف، و مركب مما هو خلقي و سياسي، بحيث أنها أسست معنى المفهوم، على أساس الاستعداد الخُلقي و الخلْقي، كما يقول بورديو، امتثالا لأخلاق الواجب. في المقابل، يفهم لايبنتز نفس المفهوم انطلاقا من فكرة حرية الآلة، في حين يربطه ميلوبنتي بفكرة قبلية التفكير. غير أن مفهوم الهابتوس، سيصبح عند فيتغنشتاين عبارة عن معرفة عملية، يتم بها ترويض الجسد اجتماعيا.
هكذا يستكمل مفهوم الهابتوس، كمفهوم فلسفي في أصوله الأولى و تطوراته اللاحقة، دورته المعقدة الكلية العامة، عبر مجموعة من التجارب الفلسفية القديمة و الحديثة، ليتخذ عند بورديو في النهاية حلته العلمية الاجتماعية، ذات الأبعاد المعرفية العميقة الشمولية، في إطار النظرية الواقعية المادية، و القراءة العلمية و الاجتماعية للمعطى المجتمعي الكلي و المركب المعقد.



#محمد_بقوح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عنف المؤسسة التربوية ضد التلميذ
- السؤال الملتحي ربيعا
- نص إبداعي : الوزير المغربي المحترم و عودة الفيلسوف نيتشه
- حدث إبداعي شعري عالمي بصوت طفولي بمدرسة البساتين أيت ملول ( ...
- أمكنة ناطقة ( 7 ) : راس الما.. عبر الأبواب الزرقاء المعلقة - ...
- أمكنة ناطقة ( 6 ) : مقبرة الأندلس أو شتائل -لاغلاغ- الشجرية
- قراءة في كتاب ( الفكر الجذري - أطروحة موت الواقع - ) لجان بو ...
- قراءة في كتاب : ( مواقع - حوارات ) لجاك ديريدا
- قراءة في كتاب : ( التراث و الهوية ) لعبد السلام بنعبد العالي
- قراءة في كتاب : ( المتن الرشدي ) لجمال الدين العلوي
- قراءة في كتاب ( حوار فلسفي ) لمحمد وقيدي
- فلسفة جيل دولوز عن الوجود والاختلاف ( للكاتب عادل حد جامي )
- أمكنة ناطقة ( 5 ) : تبارين.. أو معوزفة السنونو
- الفلسفة و الابداع : البعد الفلسفي في الكلمة الغنائية لمجموعة ...
- عودة إلى أزمة المؤسسة التعليمية المغربية و رهان التغيير..
- الفلسفة و الدولة
- الصراع السياسي الحزبي تحول في البرلمان المغربي إلى ملاكمة سي ...
- الفلسفة باعتبارها سيرة الفيلسوف
- مفهوم إرادة القوة في فلسفة نيتشه
- أمكنة ناطقة ( 4 ) : إمزيلن


المزيد.....




- أشار إلى عملية البيجر.. سفير إسرائيلي: هناك -طرق أخرى- للتعا ...
- ‌‏غروسي: أجهزة الطرد المركزي في نطنز ربما تضررت بشدة إن لم ت ...
- OnePlus تعلن عن حاسب ممتاز وسعره منافس
- جيمس ويب يوثق أغرب كوكب خارج نظامنا الشمسي تم رصده على الإطل ...
- الاستحمام بالماء الساخن.. راحة نفسية أم تهديد صحي خفي؟
- وداعا للوهن!.. علاج ثوري قد يكون مفتاح الشباب الدائم للعضلات ...
- الذكاء الاصطناعي -يفكّر- كالبشر دون تدريب!
- وكالة -مهر-: دوي انفجار شمال شرقي العاصمة الإيرانية طهران
- -‌أكسيوس-: اقتراح لعقد اجتماع بين إدارة ترامب وإيران هذا الأ ...
- وزير الدفاع الأمريكي: سياستنا في الشرق الأوسط دفاعية ولا ني ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بقوح - الأصول الفلسفية لمفهوم الهابتوس عند بيير بورديو