أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل السعدون - خطبة جمعة على التايمز














المزيد.....

خطبة جمعة على التايمز


كامل السعدون

الحوار المتمدن-العدد: 343 - 2002 / 12 / 20 - 04:07
المحور: الادب والفن
    


 

قصة قصيرة

 

بعد أن صلى ركعتين ، وصلى الجمع المحتشد خلفه ركعتين ، نهض فنهضوا ، واعتلى المنبر مستعداً لخطبة الجمعة ، كان الرجل بكامل عدة الأيمان ، من لحية حمراء من إثر الطلاء بالحناء ، وتلك كما تعلمون سنةٍ ونعم السنة ، وجلباب أبيض غاية البياض ، وتلك من موجبات الإيمان ، فبياض الثوب علامةٌ على بياض القلب ونقاءه ، وكان في طرف الفم مسواك مباركٍ مسترخٍ باطمئنان ، والمسواك كما تعلمون جذر شجرةٍ مباركةٍ وسنةٍ توجب جزيل المكافأة ، بمكان أثير في الجنة ، حيث الجنة مآل الصالحين والصالحات .

لكن …. رباه …. ما هذا … ما هذا الذي يتكأ شيخنا عليه …

فزعت كما فزع غيري من المؤمنين ، وسرت بين الجموع همهمةٍ ، شنفت لا شك آذان شيخنا المهيب الجليل ، أبا الكوثر ، إذ غالب ابتسامة مهيبةٍ ، رجفت لها عضلة زاوية الفم ، وتهيأ للكلام وقد استرخت بثقةٍ كفه المستقرة على أنبوب أسطواني نحاسي اللون منتفخ البطن .

حسنا يا أحبائي بالله … تناهي لسمعي تساؤل بعض الأحباب بينكم عن سر هذا الذي اتكأ عليه ، لا من إعياء لا سمح الله ، بل تطبيقاً لسنة أشياخنا المجاهدين المرابطين ، إذ كانوا يتكئون عند الصلاة على سيوفهم ورماحهم ، وتلك لعمري استحباب شريفٌ يربط بين الدعوة بالحسنى ، والجهاد والمجالدة ، حين لا تنفع الحسنى ، والجهاد يا أحباب فرض عينٍ على كل مسلمٍ بالغٍ ، جعلنا الله وإياكم من المجاهدين الفائزين بمقعد صدقٍ عند مليك مقتدر ، ونعم المآب أيها الأحباب .

أعداء اليوم يا أحبائي في الله ، ليسوا كأعداء الأمس ، بل أشد ( والعياذ بالله من الكفر ) كفراً ، وسلاح أعداء اليوم " وتهدج صوته حتى حسبناه موشكاً على البكاء " سلاح أعداء اليوم يا أحباب ، ليس كسلاح أعداء الأمس من مجوس ويهود وصليبيين ، بل هو أشد فتكاً وأخطر تأثيراً ، وقد تهاون يا أحباب حكام شعوبنا وولاة أمر المسلمين عن التزود بما لدى الكفار من العدد والعدة ، وهذا ما يدمي القلب ، ويؤرق الفكر ، ويثبط الهمة ، ونحن المؤمنين الصابرين المجتمعين في هذا المكان المبارك ، أكثر من يتوجع لهذا الأمر ، ولكن وسبحان الهادي ، المستجيب لصادق الدعوات ، فقد غيض لدموعي ودموع المؤمنين الصابرين منكم ومن أخوةٍ لكم في بقاع أخرى من أرض الإسلام وأرض الكفر هذه التي لجئنا لها لنشر الدعوة السمحاء ، نقول غيض لدموعنا أن تجد الاستجابة من مؤمن مقتدرٍ شريف الحسب أصيل النسب ، سليل بيت النبوة ، تعرفونه لا شك جميعكم …" تعالت الهمهمة مجدداً بين الحضور " ، نعم …نعم ….هو من تعرفون ، وقد هدى الله هذا الحاكم إلى سبر أغوار علوم الكفار ، فأنتجت أنامل أتباعه المجاهدين ، ما أنتجت من عدد الحرب الحديثة ، ولم ينسانا الرجل ، جزاه الله عني وعنكم وعن خير أمةٍ أخرجت للناس ، خير الجزاء ، فجاءتني وفوده بهذا النموذج الذي اتكأ عليه ، كما كان أسلافنا يتكئون على السيوف " سرى تكبير من ركنٍ قصي من المسجد ، وتعالت همهمة ، ونشطت حركة ، وتسلل البعض خارجاً وتهيأ جمعٌ آخر للنهوض ، وتهامس أبٌ مع أبنيه الجالسين إلى يمينه ويساره ، طالباً منهما أن يأتيا له بنعليه ، وينسحبا قبله إلى الخارج ، وتابع الشيخ الجليل خطبته وعلى صوته " .

بلى يا أحباب ، هذا الذي ترون ، ليس قنينة غاز لمطبخ خالتكم أم المؤمنين ، بل هو سلاحكم القادم الذي سيقتل من الكفار مقتلاً عظيماً ، ويورثنا نحن المستضعفين ، نسائهم وأموالهم وقصورهم ، ويعز راية الإسلام ، ويشفي صدور قوم يؤمنون …

تعالت أصوات الامتعاض والاحتجاج والخوف ، وفكر أكثر من واحد بالهرب العاجل ….


لا تخافوا يا أحبائي في الله …." وربت بحنان على الحاوية المعدنية "

وتابع خطبته العصماء ، بهذا السلاح المبارك ، سنقضي على اليهود والصليبيين والمجوس والبوذيين والزنادقة الشيوعيين والغنوصيين اللا أدريين والمرجئة والرافضة وأهل البدع الآخرين والراقصات والمغنين والفلاسفة المفسدين والعلماء القائلين بكروية الأرض والساهون عن الصلاة ومانعي الزكاة…و….,….,….

حين انتهت الخطبة ، وإذ أفاق الشيخ من حالة النشوة التي رافقت خطبته العصماء ، نظر إلى الجموع المؤمنة ، فلم تكتحل عيناه بمرأى أحد ، إذ كان الجميع قد غادروا القاعة منذ حين …

حين هبت عليه نسائم التايمز ، تبسم لنفسه بخيلاء ، وشكر الله على نعمة عمى البصيرة التي أصابت هؤلاء الكفرة الذين منحوه إمكانية الدعوة لقتلهم من على منابرهم ، بل وأعطوه من ضرائب عمالهم ما كفل رزقه ورزق عياله من نساءه الأربع…

سبحان من ضرب بيننا وبينهم سداً فهم لا يعقلون …

 



#كامل_السعدون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تنسوا غداً أن تشكروا…بن لادن
- بعد تحرير العراق …لن تكون خيارات الفاشست هي ذاتها خياراتنا
- تهنئة لموقعنا الرائع بمناسبة سنويته الأولى
- نعوش ….ونعوش أخرى
- خريطة المنطقة العربية بعد سقوط صدام حسين
- الفتى الذي حارب الكفار وحده…!!
- على خلفية النشيد …
- استنساخ
- بحر ايجة
- كوابيس سلطانية


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل السعدون - خطبة جمعة على التايمز