أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - الفروق الظاهرة والمخفية بين الدستور واللطمية !















المزيد.....

الفروق الظاهرة والمخفية بين الدستور واللطمية !


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 1303 - 2005 / 8 / 31 - 11:09
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


الفروق الظاهرة والمخفية بين الدستور واللطمية !
إلى أرواح الشهداء الستة والثلاثين من "المشاهده "الذين اغتالتهم العصابات الطائفية المتحالفة مع الاحتلال .
علاء اللامي
هذه مجموعة من المتابعات والتعليقات السريعة حول مسودة الدستور الاحتلالي الطائفي و الذي يراد له أن يكون السكين الغادرة التي يقطَّع بها جسد العراق وشعبه وتاريخه وهويته .وسنركز فيها على ديباجة المسودة الدستورية وأمور ومواد أخرى : فلنقرأ صيغة الديباجة قبل آخر تعديل وكما نشرت في الصحافة البغدادية :
تقول صيغة الديباجة القديمة :
(( نحن شعب العراق موطن الأنبياء ومثوى الأئمة ورواد الحضارة وصناع الكتابة ومهد الترقيم، على أرضنا سن أول قانون وضعه الإنسان، وفي وطننا خط اعرق عهد عادل لسياسة الأوطان، وفوق اديمنا صلى الصحابة والأولياء، وأبدع الفلاسفة والشعراء. عرفاناً منا بحق الله علينا، وتلبية لنداء وطننا ومواطنينا، واستجابة لدعوة مرجعيتنا العليا واصرار زعمائنا ومصلحينا، زحفنا لصناديق الاقتراع بالملايين يوم 30 يناير سنة 2005م مستحضرين عذابات شعبنا العراقي بجميع مكوناته وأطيافه وبخاصة مواجع التمييز الطائفي ضد الاكثرية الشيعية، وفجائع شهداء الانتفاضة الشعبانية والمدن المقدسة والاهوار،متذكرين إشجان التمييز العنصري ضد الكرد وبخاصة مآسي شهداء حلبجة وبرزان والانفال والكرد الفيليين، وما اصاب التركمان وبخاصة في بشير من مآسٍ ومحن، وما انتاب العرب السنة وبخاصة في الموصل والرمادي والحويجة من مصائب ونكبات. وحدث بمثل ذلك عن مدن وقرى العراق الاخرى ولا حرج لم يثننا صدام وبعثه وما جرته علينا سياساته من معاناة واحتلال عن السعي قدماً لتحقيق الحرية والاستقلال والسيادة بالوسائل المشروعة، ولم يوقفنا الارهاب وما ابتدعته لنا طروحاته من تكفير وتقتيل من تعزيز الوحدة الوطنية، وبناء دولة القانون وجعله الحكم والفيصل، وانتهاج سبيل التداول السلمي للسلطة، والتوزيع العادل للثروة وتكافؤ الفرص للجميع. نحن شعب العراق الناهض تواً من كبوته، والمتطلع بثقة لمستقبله من خلال نظام جمهوري اتحادي ديمقراطي تعددي، عقد العزم برجاله ونسائه وشيوخه وشبابه على احترام قواعد القانون، ونبذ سياسة العدوان، والاهتمام بالمرأة وحقوقها، وبالشيخ وهمومه، وبالطفل وشؤونه، واشاعة ثقافة التنوع، ونزع فتيل الارهاب. نحن شعب العراق الذي إلى على نفسه الا ان يقرر مصيره بنفسه، وان يتعظ لغده بأمسه وأن يسن من منظومة القيم والمثل العليا لرسالات السماء ومن مستجدات علم وحضارة الانسان هذا الدستور الدائم.))
إن هذا النص الأكثر شبها بلطميةٍ من تلك اللطميات التي تنظمها الملايات المبتدئات تم "تقريمها" واختصارها بعد أن اعترض عليها المعترضون ، والذين أثبتوا – للأسف - إنهم ينطلقون غالبا وليس دائما من المنطلقات الطائفية والسلفية ذاتها ولكن المعاكسة في الاتجاه و المطعمة بقليل من البهارات الحزبية والصدامية تحديدا ، والدليل على ذلك أن الاعتراضات التي طرحها المعترضون من مجموعة الخمسة عشر والذين يطلقون على أنفسهم ممثلو "القوى الوطنية المغيبة "فيما يسميهم زملاؤهم في العملية السياسية الأمريكية بممثلي" العرب السنة " ، نقول إن هذه الاعتراضات لم تتناول أمورا جوهرية في الدستور إلا ما ندر لا بل كانت اعتراضاتهم أحيانا أكثر سلفية من الصيغة الأصلية وخصوصا في مادة " الإسلام والمصدرية الدستورية " في الوقت الذي اعترضوا فيه وكانوا محقين تماما على المشروع الهادف لتحويل المحاكم والقوانين الخاصة بالأحوال الشخصية الى محاكم وقوانين طائفية بحتة . لنلق نظرة على "اللطمية الدستورية " في صيغتها الأخيرة التي أشرف عليها الشيخ همام حمودي وهو من حملة العمائم البيضاء وممثل حزب المجلس الأعلى للثورة الإسلامية المتحالفة مع جورج بوش الابن ، فيا لها من ثورة إسلامية ورحم الله الثائر الخميني .. تقول الصيغة :
(( نحنُ أبناء وادي الرافدين موطن الأنبياء ومثوى الأئمة الأطهار ورواد الحضارة وصناع الكتابة ومهد الترقيم، على أرضنا سنَّ أولُ قانونٍ وضعه الانسان، وفي وطننا خُطَّ أعرقُ عهدٍ عادلٍ لسياسة الأوطان، وفوقَ ترابنا صلى الصحابةُ والأولياء، ونظَّرَ الفلاسفةُ والعلماء، وأبدعَ الأدباءُ والشعراءْ. عرفاناً منّا بحقِ الله علينا، وتلبيةً لنداء وطننا ومواطنينا، واستجابةً لدعوةِ قياداتنا الدينية والوطنية واصرارِ مراجعنا العظام وزعمائنا ومصلحينا وقوانا الوطنية وسياسيينا، ووسطَ مؤازرةٍ عالمية من أصدقائنا ومحبينا، زحفنا أول مرةٍ في تاريخنا لصناديق الاقتراع بالملايين، رجالاً ونساءً وشيباً وشباناً في 30 يناير/كانون الثاني سنة ،2005 مستذكرين مواجع القمع الطائفي من قبل الطغمة المستبدة، ومستلهمين فجائعَ شهداءِ العراق شيعةً وسنةً، عرباً وكرداً وتركماناً، ومعهم بقية اخوانهم من
المكونات جميعها، ومستوحين ظُلامةَ استباحة المدن المقدسة والجنوب في الانتفاضة
الشعبانية، ومكتوين بلظى شجن المقابر الجماعية والاهوار والدجيل وغيرها، مستنطقين
عذابات القمع القومي في مجازر حلبجةَ وبرزانَ والانفال والكرد الفيليين، ومستلهمين
مآسي التركمان في بشيروكما في بقية مناطق العراق فقد عانى اهالي المنطقة الغربية من
تصفية قيادتها ورموزها وشيوخها وتشريد كفاءاتها وتجفيف منابعها الفكرية والثقافية،
فسعينا يداً بيد وكتفاً بكتف، لنصنع عراقنا الجديد، عراق المستقبل، من دون نعرة
طائفية، ولا نزعة عنصرية، ولا عقدة مناطقية، ولا تمييز، ولا اقصاء.
لم يثننا التكفير والارهاب عن ان نمضي قدماً لبناء دولة القانون، ولم توقفنا الطائفية
والعنصرية من ان نسير معاً لتعزيز الوحدة الوطنية، وانتهاج سُبُلِ التداول السلمي
للسلطة، وتبني اسلوب التوزيع العادل للثروة، ومنح تكافؤ الفرص للجميع.
نحنُ شعبُ العراقِ الناهض توّاً من كبوته، والمتطلع بثقة الى مستقبله من خلال نظامٍ
جمهوري اتحادي ديمقراطي تعددي، عَقَدَ العزم برجاله ونسائه، وشيوخه وشبابه، على
احترام قواعد القانون، ونبذ سياسة العدوان، والاهتمام بالمرأةِ وحقوقها، والشيخ
وهمومه، والطفل وشؤونه، واشاعة ثقافة التنوع، ونزع فتيل الارهاب. نحنُ شعبُ
العراق الذي آلى على نفسه بكلِ مكوناته وأطيافه ان يقرر بحريته واختياره الاتحاد بنفسه،
وأن يتعظ لغده بأمسه، وأن يسُنَّ من منظومة القيم والمُثُل العليا لرسالات السماء ومن مستجدات علم وحضارة الانسان هذا الدستور الدائم إنّ الالتزام بهذا الدستور يحفظُ
للعراق اتحاده الحر شعبا وأرضاً وسيادةً. ))
محاولة أولى لحذف اسم العراق :
في هذين النصين أو الصيغتين لنص واحد ثمة الكثير مما يمكن التأشير عليه والتوقف عنده مطولا فهذه العبارات البلاغية النوّاحة والقريبة من الكتابات الإنشائية لتلامذة المدارس الابتدائية من قبيل " اليتيم في ليلة العيد " تعكس مستوى الوعي الحضاري " اللاحضاري ؟ " والثقافي لهؤلاء الذين أقحموا أنفسهم في العملية السياسية التي خطط عليها وأدارها الاحتلال الأمريكي من الألف إلى الياء ، غير معتمدين على موهبة أو قدرات خاصة علمية أو كفاءة قانونية بل على حجم الولاء وكم التصفيق الذي بذلوه لسلطات الاحتلال مدفوعين بمصالح شخصية وأطماع مادية بخسة ، إلا من عصم ربك ممن دفعهم الحرص على الشعب والوطن فكانوا ضحايا للتضليل الاحتلالي .
سنلاحظ إن ما تم تغييره كان غالبا تغييرا نحو الأسوأ . فعبارة نحن "أبناء الشعب العراقي " حذفت واستبدلت بعبارة " نحن أبناء الرافدين " ويبدو أن الأحزاب الكردية وبعض العناصر الماسونية أو المستعجمة ، التي تكره اسم العراق العربي بحروفه العربية المميزة والقادمة من " أوروك / أوراك " السومرية بحسب علماء الإركولوجيا ، اختارت الترجمة العربية لاسم أجنبي ذي أصول إغريقية وكان سائدا قديما قبل الإسلام ، ألا وهو " ميزو بوتاميا أي بلاد ما "بين النهرين " أو " بلاد الرافدين " في ترجمة أخرى .وبما أن حذف كلمة " العراق " من جميع فقرات ومواد دستورهم التلفيقي سيثير فضيحة كبرى فقد اكتفوا مؤقتا كما يبدو بحذف اسم العراق حين ورد لأول مرة في الديباجة وتركوه في أماكن أخرى غير أن مجرد وجود هذا التغيير تثير الشبهات والريبة في أسباب ودواعي هذا التعديل الحاقد على العراق اسما وبلدا وشعبا .
صدام وبعثه وهدية مجانية :
تغييرا آخر حذفت بموجبه عبارة " لم يثننا صدام وبعثه " واكتُفي بذكر الإرهاب والتكفير ..ويبدو أن هذا التغيير كان محاولة لإرضاء المدافعين عن "صدام وبعثه " ولكنهم لم يحذفوا الموضوع تماما بل سيعودون إليه في مادة أخرى !
والواقع فإن ذكر صدام والبعث وسلسلة المجازر التي ارتكبها في الدستور أمر لا مسوغ أو سابق أو فائدة له ، وينطوي على إجحاف بحق الشهداء الذين قتلوا واغتيلوا من قبل سلطات الملكية أو الجمهورية التي سبقت أو جاءت بعد "صدام وبعثه " . وحتى تحريم حزب البعث الصدام الذي حذفت منه كلمة " حزب " في الصيغة النهائية من الدستور فهو ينطوي على هدية مفيدة لحزب البعث الصدامي ذاته الذي سيظهر بمظهر المظلوم والمصادر الحق في النشاط وهو سيخلط الأوراق والمجرمين بالأبرياء الأمر الذي سيزيد من شعبيته التي بلغت الحضيض في وقتنا الحاضر حيث لم تتجاوز مظاهرتهم الأخيرة والوحيدة في مدينة بعقوبة ثلاثة آلاف متظاهر . إن الدسترة والتحريم المشخصن والمسمى بالاسم سيحدث العكس تماما وسيرفد الصداميين بالمزيد من المغامرين والمطلوبين الى العدالة كما تقول التجارب المشابهة في دول أخرى ، وبالإضافة إلى ذلك فإن المشرعين الذي فبركوا هذا الدستور يتجاوزون على حق القضاء العراقي الذي لم يجرِّم صدام وعصابته ويحكم عليهم حتى الآن ويمكن لصدام عن طريق محاميه أن يرفع دعوى قضائية على هؤلاء المشرعين "الأذكياء " في فرقة الشيخ حمودي ، فهل فكروا بذلك ؟ أعني ، هل فكروا بسؤال بسيط يقول : هل يمكن تحريم شخص أو حزب وتجريمه حتى قبل أن تصدر أحكام قضائية بحق المقصودين بالتحريم والتجريم ؟ وهل يمكن أن يصدر تحريم قبل تجريم ؟ أقول قولي هذا ويعلم الله إنني آخر من يدافع عن صدام وعصابته والذي لم يسلم من ظلمه ودمويته حتى العشرات من رفاقه القادة ومن عائلته وعشيرته ذاتها !
إن دسترة مواد تحرم العنصرية والطائفية وجرائم الإبادة الجماعية والتمييز الجنسي والعرقي والديني هو الأمر الذي يستأصل ويجتث الأفكار والأحزاب العنصرية والفاشية وليس قرارات أحمد جلبي " مهندس الاجتثاث الرسمي " الذي لم يترك شيئا لم يتاجر به .وبمناسبة الحديث عن فقرة الاجتثاث نقلت إذاعة "نوا" العراقية قبل أيام ان خلافات حادة نشأت في هيئة التنسيق العليا الخاصة بمتابعة موضوع كتابة الدستور والتابعة لقائمة الائتلاف العراقي الموحد بين فريقين الأول يطالب بحذف مادة الاجتثاث والثاني يطالب بتثبيتها وعدم التنازل عنها . ومن اللافت والمحمل بالدلالات أن هذه الهيئة مؤلفة من واحد وعشرين عضوا صوتت بأغلبيتها الساحقة مع مطلب الحذف، فيما طالب بتثبيتها ثلاثة أعضاء هم الجعفري الجلبي والعامري والمالكي وهؤلاء الأربعة كلهم جاءوا مع الاحتلال من الخارج أما الآخرون والبالغ عددهم سبعة عشر فأغلبيتهم الساحقة من مناضلي الداخل والذين قارعوا النظام الصدامي بالسلاح وهم أعرف بظروف البلد بكل تأكيد ممن رفعتهم دبابات الاحتلال الى المناصب العليا ونأمل أن لا تكون الإذاعة قد نقلت الخبر مقلوبا أو أن نكون نحن قد فهمناه مقلوبا ..
إن مثال التعامل مع الحزب النازي في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية ،مع فارق الظروف والوزن الاستراتيجي ، يقدم لنا خير مثال من تجربة غنية : فهذا الحزب تلاشى فكرا وبنية وتراثا بمرور الوقت بفعل جهود المثقفين والفنانين والمفكرين والأدباء الديموقراطيين والمعادين للنازية بعد أن أنزل العقاب بالمجرمين الكبار في الحزب النازي ولم تشكل بعدها أجهزة ومؤسسات للاجتثاث كما يفعل الهستيريون والثأريون عندنا في العراق ، وهم بهذا يمدون البذور الحزبية العنصرية والشمولية، إن كان لها وجود وبغض النظر عن وزن هذا الوجود ،بعوامل الإنبات والانغراس من جديد وهذا فعل لا يمكن وصفه بالذكاء الدستوري أو الحزبي .
لقد تحول الفكر النازي الهتلري في ألمانيا والفاشي الموسيليني في إيطاليا الى مجرد منظمات معزولة ومكرسكوبية لا قيمة ولا وزن لها في الحياة العامة ، تنشط في مناسبات رسمية وقليلة ، ولها وجود معترف به ولكنها تحت السيطرة . أما حلفاء الاحتلال من العراقيين فهم بدستورهم وسياساتهم الحمقاء والثأرية سينجبون نظاما إن لم يكن صداميا فسيكون أسوأ من النظام البعثي الصدامي مرتين وثلاث !
أبيات "اللطمية " الدستورية الأخرى حرصت على توزيع الدموع والأكفان والبطولات مع شديد احترامي لشهداء الشعب والذين لي من بينهم أشقاء وأصدقاء ورفاق ولكنني أزعم أن هذا النواح السياسي في الدستور الاحتلال يسيء أول ما يسيء الى أولئك الشهداء الأبرار من ضحايا أنظمة القمع العراقية في مقدمتها نظام صدام التكريتي وشهداء شعبنا الذي يصرعهم رصاص الغزاة الأجانب وعملائهم في أيامنا هذه . إذن فقد وزع المشرعون في لجنة كتابة الدستور الدموع واللطم والمقابر على الجميع ولم يستثنوا من ذلك حتى المنطقة الغربية .
المنطق البطوشي الصفوي :
تنطلق هذه الديباجة أيضا من رواسب وأحقاد طائفية وحزبية يزيد من سعارها الشعور بحالة الانتصار واحتكار الغنيمة لدى بعض القوى الحزبية ومحاولة استغلال الفرصة " وجود الاحتلال " التي لن تتكرر والتي قد تكون في مرحلتها الأخير قبل حدوث الانكسار الكبير . إن اللغة الهستيرية ليست حكرا على الرداحين باسم الطائفيين الشيعة والذين يصرخون بالعرب السنة في المنطقة الغربية ( سنجعلكم تعودون لأكل الجراد ) بل هي تنطلق بذات القبح والعنجهية من الرداحين الطائفيين السنة والذين هدد ضابط كبير منهم يدعى نوري البطوشي بالقول كما نقلت وكالات الأنباء خلال مظاهرة جرت في مدينة كركوك (اننا كعرب واجب علينا ان نسعى بكل ما اوتينا من قوة وشجاعة وعقلية وفكر أمني
وعسكري للدفاع عن وحدة العراق و اننا لنا كل الخيارات والطرق وقادرين على
اشعال العراق بكامله ..) وفقا لهذا المنطق الذي ،دعونا نسميه المنطق البطوشي وشقيقه الصفوي فإن الصداميين الذين فقدوا السلطة يهددون باستعمال قدراتهم وعقلياتهم الأمنية للدفاع عن وحدة العراق كما ألفوها وحلبوا ضرعها وحرموا الشعب من خيراتها فإذا فشلوا في ذلك فسيحرقون العراق بكامله .. هذا التصريح المقزز للجنرال البطوشي يذكرنا بتصريح ينسب الى صدام أو أحد قادته خلال الحرب العراقية الإيرانية قال فيه (مَن يريد أن يأخذ منا العراق سيأخذه أرضا بلا بشر ! ) وخلاصة القول فإن صرختيْ العصاب الطائفي واللتين خلاصتهما ( كلوا جراد ) في مقابل (سنحرف العراق كله ) هما من طينة تدميرية ودموية ومتخلفة واحدة وعلى الوطنيين العراقيين وبخاصة من اليسار الديموقراطي تقع مسئولية فضح هذا المنطق البطوشي الصفوي المسعور !
الديباجتان الفرنسية والسويسرية :
بالعودة الى ديباجة الدستور نجد إنها لا مثيل لها في أي دستور في العالم ..فالدستور ليس قصيدة شعرية للتمجيد الذات ودغدغت المشاعر الطائفية والقبلية والعنصرية بل هو وثيقة قانونية شديدة الدقة والأهمية يُستَرشَد بها ، تنظم عمل الدول والمجتمع لعدة أجيال . والدساتير العالمية المعاصرة ، ونقصد في الدول الديموقراطية العريقة وليس في بلداننا المنكوبة بالضباط والملالي والشيوخ والسلاطين الكسالى تحرص على أن تكون الديباجة مختصرة واضحة خالية من الزوائد والشوائب . لنلق نظرة على ديباجة الدستور الفرنسي "
(( الشعب الفرنسي يعلن بفخر تعلقه بحقوق الإنسان وبالمبادئ العامة للسيادة الوطنية كما عرفت في إعلان 1789 وتم تأكيدها وإكمالها في ديباجة دستور 1946 وكذلك للحقوق والواجبات التي صرح بها ميثاق البيئة لسنة 2004 . خاصة هذه المبادئ العامة وتلك التي تعبر عن القرارات الحرة للشعوب .الجمهورية تقدم لسلطات ما وراء البحار التي انخرطت في تأسيس مؤسسات جديدة على أساس الأكثر مثالية لشعارات :الحرية والمساواة والأخوة مصمَّمَة ومأخوذا بنظر الاعتبار تحولاتها الديموقراطية ) هذه هي ديباجة أعرق دولة تعددية نشأت عن أكبر ثورة برجوازية ديموقراطية قبل أكثر من قرنين وقد ترجمناها مباشرة عن الفرنسية ترجمة حرفية وهواياتية . أما ديباجة دستور الاتحادية الكونفدرالية السويسرية فليس أطول من الفرنسي وهذا نص الديباجة السويسرية ( بسم الله القديــر
يقرر الشعب السويسري والمقاطعات السويسرية،بمقتضى مسئوليتهم تجاه الخليقة،وتأكيدا على تجديد تحالفهم لتعزيز الحرية والديمقراطية والاستقلال والسلام في تضامن وانفتاح على العالم،وإعمالا لإرادة العيش معاً ضمن التعددية باحترام وتقدير متبادلين وعدل،ووعيا بالمكاسب المشتركة ومسئوليتهم تجاه الأجيال القادمة،وإيمانا بأن الحر هو من يستخدم حريته وأن قوة الجماعة تُقاس بمدى رفاهية أضعف أعضائها، إصدار الدستور التالي ..)
كما وردت في ترجمة الدكتور محمود الجندي والدكتور سامي الذيب والتي اعتمدناها في سلسلة المقالات التي ناقشنا فيها النص الكامل للاتحادية " الكونفدرالية " السويسرية قبل فترة .
ونأمل أن يقارن القراء الكرام بين ديباجة حلفاء الاحتلال من العراقيين لدستورهم غير الشرعي وبين ديباجة الدستورَين الفرنسي والسويسري ليعرف الفروق الظاهرة والمخفية بين الدستور واللطمية !

************************************************************
للقارئ غير العراقي : اللطميّة هي قصائد موزونة تقرأ وتؤدى مع اللطم على الصدر من قبل الرجال أو النساء في مناسبات دينية حزينة للمسلمين الشيعية .



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنهم يكذبون ، ويشوشون على مظاهرات الجمعة القادمة ،والكرة في ...
- ماذا يريد التكفيريون : تحرير العراق من العراقيين أم من المحت ...
- فيدرالية فيلق بدر - تنـزع القناع نهائيا عن حزب آل الحكيم !
- مشاهد وشهادات من داخل مؤتمر بيروت حول - مستقبل العراق والجبه ...
- مداخلة ممثل التيار الوطني الديموقراطي في ندوة بيروت - مستقبل ...
- قراءة في الدستور السويسري 2 من11: لغات الدولة والمساواة ومبد ...
- قراءة في الدستور الاتحادي السويسري1من11: خلفية تاريخية وشكل ...
- اقتراح لفدرالية محافظات عراقية تكون فيها -كردستان -محافظة وا ...
- الحملة المدانة لاستهداف اللاجئين الفلسطينيين في العراق : حقا ...
- الأمريكان يجعلون أطفال العراق دروعا بشرية و التكفيري يفجرهم ...
- هل تمرد الزرقاوي على تعاليم شيخه البرقاوي ؟
- حول التصريحات الطائفية المشؤومة للملا عبد العزيز الحكيم !
- هل يمكن توحيد -يسار- يرى في الإمبريالية محررا مع -يسار- يرى ...
- متى كان الحزب الشيوعي ضد خيار الحرب والاحتلال والمحاصصة الطا ...
- المسفر والأفندي وهارون و الغزو - الشعوبي الصفوي - للعراق
- السيستاني يفتي حول الكهرباء، والدوري يريد إعادة صدام إلى الر ...
- هيئة العلماء المسلمين وقضية كتابة الدستور العراقي الدائم .
- لماذا انتخب الطالباني في ذكرى تأسيس البعث وأحضر صدام لمشاهدة ...
- تقنيات السرد المتداخل والبنية الزمنية في رواية - غرفة البرتق ...
- مجزرة الحلاقين وضرب الطلبة الجامعيين !


المزيد.....




- الدوما يصوت لميشوستين رئيسا للوزراء
- تضاعف معدل سرقة الأسلحة من السيارات ثلاث مرات في الولايات ال ...
- حديقة حيوانات صينية تُواجه انتقادات واسعة بعد عرض كلاب مصبوغ ...
- شرق سوريا.. -أيادٍ إيرانية- تحرك -عباءة العشائر- على ضفتي ال ...
- تكالة في بلا قيود: اعتراف عقيلة بحكومة حمّاد مناكفة سياسية
- الجزائر وفرنسا: سيوف الأمير عبد القادر تعيد جدل الذاكرة من ...
- هل يمكن تخيل السكين السويسرية من دون شفرة؟
- هل تتأثر إسرائيل بسبب وقف نقل صواريخ أمريكية؟
- ألمانيا - الشرطة تغلق طريقا رئيسياً مرتين لمرور عائلة إوز
- إثر الخلاف بينه وبين وزير المالية.. وزير الدفاع الإسرائيلي ي ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - الفروق الظاهرة والمخفية بين الدستور واللطمية !