أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر هشام الصفّار - حول مجموعة القص -وثابة كالبراغيث-: تكثيف السرد وتحقيق الهدف النبيل














المزيد.....

حول مجموعة القص -وثابة كالبراغيث-: تكثيف السرد وتحقيق الهدف النبيل


عامر هشام الصفّار

الحوار المتمدن-العدد: 4635 - 2014 / 11 / 16 - 11:31
المحور: الادب والفن
    


عندما حضرتُ الندوة الأولى للقصة القصيرة جدا العربية والتي عقدت في مدينة الناظور المغربية قبل ما يقرب من ثلاث سنوات، كان الهدف الأساس التعرّف عن قرب على مجموعة فاضلة من كتّاب هذا الفن السردي الجريء الذكي والأطلاع على التجارب الحديثة في القصة القصيرة جدا. وقد تحقّق جلَّ ذلك وزيادة بأن أتيحت الفرصة للحصول على مجاميع قصصية في هذا الفن لكتّاب شباب من أهل هذه المدينة الجميلة "الناظور" ومن الذين بدأوا حياتهم الأدبية نشرا لمجاميع قَص قصير جدا يشبه ومضات تختلف بدرجة تألقها، تهدي السائرين الى طريق مقصود بعينه، ينقذهم من حفر وفجوات زمن لا يرحم. وهكذا ألتقيت بالقاص جمال الدين الخضيري أبن مدينة الناظور وحامل لواء جمعية الجسور الثقافية التي أشرفت على تنسيق ندوات فن القصة القصيرة جدا حينذاك. وكان لي أن أمرّ على مكتبة في المدينة لأقتني مجموعة القاص الخضيري للقص القصير جدا والمعنونة ب " وثابة كالبراغيث" لتذكرّني بالمدينة والأنسان وهموم القصة في مغربنا العربي. وما ذلك إلاّ لأنها مجموعة قَص أحتوت على 87 قصة قصيرة جدا هن عندي وفي خاطري تلخيص لمعاناة وتفصيل مركز مكثف لواقع حال إجتماعي-سياسي- أقتصادي عربي مغربي له طابعه الإنساني أيضا. وهكذا تبقى عندي القصة القصيرة جدا متابعة لقضية الأنسان بتركيز وتكثيف يحترم ذكاء البشر في الوقت الذي يفجر عند المتلقي أسئلة وجودية سياسية فكرية وأجتماعية لتحقيق المراد والمطلوب. وفي واقع الحال فأن المتلقي القاريء لا ينفر من قراءة مثل هذا السرد الممتع القصير السهل الممتنع أسلوبا لأنه يحاور عنده خياله وتوقعاته وواقعه اليومي المعاش، والذي يوّد القاريء أن يستزيد هو تفصيلا فيه وعليه فيكتسب النص القصير جدا أبعادا أضافية كان يبغيها القاص أصلا وأساسا.
ولعل في مجموعة " وثابة كالبراغيث" دلائل على كل ذلك. فالقاريء يجد في القصص ما يدين ويكشف الفساد والمفسدين مما تميّزت به نهايات قصص بعينها. فها هنا في قصة " الرقص في زمن ذي مسغبة" تقرأ : والغريب أنه الى يومنا هذا ما زالت تتناسل الرقصات وتتناسل معها المسغبة. وفي قصة " أكتشاف" تقرأ: المنطقة طاردة ولا يمكن أن يعيش فيها الا ذئب ومعلّم. وفي قصة "أنبعاث وحش" تقرأ عن سؤال : ما هو الحيوان الذي ضاقت عليه دائرة سقوفه، فأجبر على التنقل من سقف خيمة الى سقف مظلة ثم الى سقف عمامة إنطبقت عليه مشنقة؟.. وفي قصة "أكياس في مهب الريح" تقرأ: رأيت حشودا من بني جلدتي يصيحون ويمجدون زعيم الحي، وهو الزعيم نفسه الذي نددّوا به صباحا ولاطوا صورته بالأرض.
ثم أن المجموعة القصصية لجمال الدين الخضيري تغوص في عمق مشاكل المجتمع وثابة بمعول حاد لتكشف المرتشين في قصة " شفيرة تفيد المرتشي" والمدمنين في قصة " جحر الضب" والمنحرفين سلوكا أجتماعيا كما في قصة " ذوبان" لتذهب أبعد من ذلك فتعالج موضوعة السياسة وما سمي بالربيع العربي فتكون قصة " آخر المنقرضين" دلالة ومعنى، كما تكون قصة تراجيكوميديا رمزا لمشهد سياسي عربي يوصف بالمضحك المبكي: قال لنا المخرج المسرحي الكبير: منذ مدة لم أقف عند مشهد تراجيكوميدي بشكل دقيق في ركحنا العربي الا عندما استمعت الى كلامه وتتبعت أفعاله، فأقعيتُ وتعصفرتُ بالتراب من شدة ضحكي، وفي الوقت نفسه ندبتُ وجهي ومزّقتُ ثيابي من شدة بكائي وتأثري.
وفي المجموعة القصصية تناص تراثي لا تخطأه عين القاريء كما فيها البلاغة من جناس وطباق وتورية كما فيها الحكمة والقول المأثور: عندما رأيته متصنعا الأرتجال، تيقنّتُ أنه أزف موعد الأرتحال ( قصة أرتحال)، قبّح الله حرفا ساق حتفا ( قصة خصلة)، ومتى ما عمَّ المصابُ هان ( قصة جريرة وتوأمان)، اذا ما سحّ العقلُ شحّ الكلام ( قصة ماخط الماء). ثم أن القاص الخضيري متأثرا بتشيخوف وغوغول راح يسخر قاصا فيثير مشاعر حزن عند متلقيه الذكي المدرك الواعي، وهكذا تصبح خوذة (المحارب) مثلا تلك الملقاة في شارع، مادة للتندر: تحلّق حشد من الناس حول خوذة حديدية ملقاة في الأسفلت. همسات تتساءل: أي ريح حملتها هنا؟
قيل انها خوذة محارب غابر أو هارب
قيل أنها لمتسابق دراجات نارية
قيل أنها لن تكون إلاّ خوذة باطنية منجمية
جاءت من أقصى الزقاق أمرأة تتعثر في سمنتها، تنعى زوجها وخوذته التي كان يرتديها حين يقتسم معها السرير (قصة نعي في الأسفلت).
لقد أثبتت القصة القصيرة جدا قدرتها على التأثير في المتلقي من خلال جملتها المختصرة الواعية المكثفة الوجيزة ذات المعاني والأهداف، وعليه فهي فن الحاضر المعاصر وفن المستقبل. وإذا كان القاص المغربي الخضيري قد أصدر مجموعته القصصية هذه في عام 2011 وأصدر قبلها مجموعة " فقاقيع" كما أصدر بعدها مجموعة قصصية أخرى حسب علمي فأن المسؤول الثقافي لابد له من التعريف الواسع بنتاجات هذا الأديب القاص ومحاولة تشجيع نشر مجاميعة في مجلد واحد وأستخدام تقنيات التواصل الأجتماعي الحديثة لنشر أبداعات القاص وتشجيعه بما يلزم لعمل ذلك.. ففي مثل هذا العمل المهم فائدة لمجتمع، وتشجيعا لأدباء آخرين أغنوا واقع القصة القصيرة جدا العربي بكل ما مبدع ومؤثر ومدهش وجميل.



#عامر_هشام_الصفّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب - أصول الديمقراطية في الفكر السياسي الحديث
- خالد القصّاب: وشعرية اللوحة الفنية
- قراءة في كتاب: ذكريات من مسيرة الحكم الملكي في العراق
- يوم السل العالمي: حول مكافحة مرض السل في العراق
- أمي
- الصندوق وأقاصيص أخرى
- فيلم -أزعاج أمريكي- والإدهاش سينمائيا
- عام 2013 طبيا
- قصص كرسمس القصيرة جدا
- السُمنة في العراق.. المشكلة والحلول
- زواج في زمن الفياغرا وأقاصيص أخرى
- حول حاضر المجلات الطبية العراقية
- عن الطب في العراق: الخطأ الطبي ... العواقب والعلاج
- في كوبا.. وقصائد أخرى
- فيلم -أيليسيوم- والبحث عن الخلود
- حول جائزة نوبل في الطب لعام 2013
- حول مؤتمر الأطباء العراقيين في لندن
- حول المؤتمر الطبي العراقي العالمي في لندن
- أطباء من أرض السند والهند على أرض السماوة العراقية
- الطبيب العراقي الأستاذ عز الدين شكارة في ذمة الخلود


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر هشام الصفّار - حول مجموعة القص -وثابة كالبراغيث-: تكثيف السرد وتحقيق الهدف النبيل