أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - لماذا ندوس الآمال وهي صغيرة ؟














المزيد.....

لماذا ندوس الآمال وهي صغيرة ؟


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 4631 - 2014 / 11 / 12 - 11:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


د. أحمد الخميسي

أظن أننا نحن الكبار قد فقدنا الثقة في بعضنا البعض. فقدنا الثقة في أحزابنا. في أقوالنا. في نشاطنا. أحيانا في نزاهتنا. وعامة في قدرتنا على تحقيق شيء عظيم، وملهم، كأن نقوم معا بمحو أمية شعبنا بالكامل. يتطلع كل منا للآخر، يزنه، يمعن النظر إليه، فلا يرى كل منا في الآخر سوى سفينة مغروزة في الرمال، قد يكون فيها شيء ما مازال صالحا للاستخدام، لكن ليس مكتوبا لها أن تبحر ولا أن تفرد أشرعتها بجسارة في العاصفة. تراخت قبضات الفرسان المتعبين وأمسى السيف وحيدا. وعندما تجوب ببصرك فيما حولك لن تجد أملا إلا في الأطفال الصغار. تنظر إليهم، وهم يتعثرون في سيرهم، ينكفئون، وينهضون، يضحكون ويلثغون، يكركرون بالضحك، فتصفو أحلامك. تهمس في سرك للطفل الصغير، تتوسل إليه " لاشيء سواك، اكبر، كن أملا لي وللوطن". الصغار الذين لايعرفون بعد أنهم كل آمال الآخرين في محو أمية هذا الشعب، وإطعامه، وإسعاده، وتعليمه، وعلاجه. تتطلع إلي زهرة الطفولة النابتة وتدعو الله اللهم احفظها وإرعاها إلي أن يفوح عطرها. لكن الأيادي تمتد لتدوس الآمال صغيرة، وتقتلعها قبل أن يجري رحيقها. وحادثة أتوبيس البيحرة في 5 نوفمبر الحالي نموذجا لذلك. قتل فيها 18 طفلا بريئا. سبقتها عام 2012 حادثة قطار منفلوط وراح ضحيتها خمسون طفلا. آمال كانت تضحك لنا ثم انطفأت. وإذا لم تقتلع الأماني بحوادث الطرق فإنهم يضربونها ويعذبونها كما وقع في دار" مكة المكرمة" لرعاية الأيتام بالجيزة في يوليو الماضي ، أو يغتصبونها مثلما عرفنا عن حضانة منطقة العمرانية الشهر الحالي. علما بأن في مصر عشرة آلآف دار حضانة كتلك لاتخضع لرقابة. ووفقا لدراسة أعدتها الدكتورة فادية أبو شهبة فإن عشرين ألف حالة تحرش واغتصاب تقع سنويا في مصر 85% من ضحايها أطفال. وإذا لم تقتلع الزهرة أو تداس بالضرب والتعذيب والاغتصاب فإنهم يطوقونها بالجوع والتشرد. وحسب معطيات منظمة اليونسكو يعيش في الشوارع بمصر نحو مليون طفل مشردا. والأطفال الذين أتحدث عنهم يشكلون – حسب الجهاز المركزي للإحصاء- أكثر من ثلث السكان، أربعون بالمئة منهم محرومون من التعليم بسبب ارتفاع النفقات وأكثر من خمسة وعشرين بالمئة منهم ( أي 8 مليون) فقراء. وإذا نجا الأطفال من الضرب والاغتصاب والتشرد فإن حوادث التسمم تتربص بهم. وقد شهد العام الحالي وحده سبع حوادث تسمم كبيرة بدءا من مارس حتى نوفمبر الحالي، وبلغ عدد ضحايا تلك الحوادث وحدها مائة وأربعة وثلاثين طفلا ! توالت حوادث التسمم في سوهاج، والاسماعيلية، وبني سويف، وكفر الشيخ، وأسوان، وغيرها. بعضها بسبب وجبات فاسدة وبعضها بسبب أدوية منتهية الصلاحية! إنهم يدوسون آخر ما لدينا من آمال. يدوسون الضوء الأبيض، ويخمدون العطر في الزهرة قبل أن يفوح. أتذكر الآن الغارة الاسرائيلية على مدرسة بحر البقر في أبريل 1970، كان عدد ضحاياها من الأطفال ثلاثين طفلا فقط ! لكننا في عام واحد فقط قتلنا بأيادينا مائة وأربعة وثلاثين طفلا بالتسمم غير ضحايا حوادث الطرق! كم طفلا نقتل كل عام؟! كم أملا ندوس بغلظة ووحشية؟ هل صرنا قتلة أنفسنا؟. أصبح بقاء الأمل على قيد الحياة معركة حتى أنني صرت الآن إذا نظرت إلي طفل أشفق عليه وأهمس له في سري" ربنا يصونك. اكبر. فقط اكبر".

***
أحمد الخميسي. كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- باتريك موديانو .. خدعة نوبل !
- جنود بلادنا .. أرواح السماء
- مقبول للموت مرفوض للحياة
- النجم السينمائي بين الوعي والجهل
- أشياء لا تشترى
- ماذا يبقى عندما يسقط الهرم؟
- الشعب جاهز .. الحكومة جاهزة ؟
- أوباما يسطو على شابلن
- هذا القومي لحقوق الإنسان المصري
- حظر الأحاديث السياسية في المدارس المصرية
- نجيب محفوظ داخل الأدب وخارجه
- محمد ناجي .. الإبداع والألم
- الحقيقة حين تكذب في مهرجان للمسرح
- مستقبل - على الريحة - !
- ضمائر على الضفة الأخرى
- العالم يسمعنا الآن ..
- حماس .. أم فلسطين ؟!
- إفطار رمضاني في معبد
- بالميرو - قصة قصيرة
- أدباء من معسكر القتلة .. على سالم ونصار عبد الله


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - لماذا ندوس الآمال وهي صغيرة ؟