أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - قاسم حسين صالح - ماذا لو خرج الحسين الآن في بغداد؟!















المزيد.....

ماذا لو خرج الحسين الآن في بغداد؟!


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 4627 - 2014 / 11 / 8 - 09:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



ماذا لو خرج الحسين الآن في بغداد؟!
أ.د.قاسم حسين صالح

تنفرد ثورة الامام الحسين بتعدد النظريات التي تفسر اسبابها،والشائع منها تمنحها هوية سياسية او اسلامية فيما الهوية الحقيقية لها انها ثورة اخلاقية.فلو كانت سياسية فان هدف القائم بالثورة يكون الوصول الى السلطة فيما الحسين كان يعرف انه مقتولا،ولو كانت اسلامية لما تعاطف معها مسيحيون وقادة غير اسلاميين بينهم غاندي.
ان الثورات السياسية غالبا ما تكون منسية، فيما ثورة الحسين تبقى خالدة..والسبب هو ان موت الضمائر وتهرؤ الاخلاق والزيف الديني هي التي تشطر الناس الى قسمين:حكّام يستبدون بالسلطة والثروة،وجماهير مغلوب على امرها..فتغدو القضية صراعا ازليا لا يحدها زمان ولا مكان،ولا صنف من الحكّام او الشعوب.ومن هنا كان استشهاد الحسين يمثل موقفا متفردا لقضية اخلاقية مطلقة،مادامت هنالك سلطة فيها:حاكم ومحكوم، وظالم ومظلوم،وحق وباطل.

كان بامكان الحسين ان ينجو وأهله واصحابه بمجرد ان ينطق كلمة واحدة:(البيعة)..لكنه كان صاحب مبدأ:(خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدّي) والاصلاح مسألة اخلاقية،ولأنه وجد أن الحق ضاع:(ألا ترون أن الحق لا يعمل به)،ولأن الفساد قد تفشى وشاعت الرذيلة..فكان عليه ان يختار بين:ان يوقظ الضمائر ويحيّ الاخلاق،أو ان يميتها ويبقى حيا..فاختار الموت..وتقصّد أن يكون بتلك التراجيديا الفجائعية ليكون المشهد قضية انسانية أزليه بين خصمين:سلطان جائر..وجموع مغلوب على امرها.
تغليب المشاعر على استحضار القيم
ما يحصل فى ذكرى استشهاد الحسين هو اننا نستحضر المشهد التراجيدي ونستغرق فيه.نعم،ان الواقعة الكربلائية تثير مشاعر الحزن وتجعلك تبكي حتى لو لم تكن مسلما.لكن الاستغراق في الجانب الانفعالي يكون على حساب تفعيل القيم الأخلاقية التي تشكل جوهر ثورته.ولهذا سببان:
الأول،التوحّد مع تراجيديا الحدث في مشهده الانفعالي.ولكي نفهم الأمور بعقلانية،نوضح هنا نظرية خاصة بالدماغ خلاصتها:ان كل واحد منّا يمتلك عقلين:انفعالي يتعلق بالحزن،الغضب ،الحب،الخوف..وفكري يتعلق بالادراك والفهم والتعامل مع الأمور بعقلانية..وأنه اذا نشط احدهما فأن الآخر يضعف او يتعطل.
والذي يجري ان العقل الانفعالي لجماهير واسعة يسيطر عليهم فيستغرقون في اللطم والبكاء والمبالغة في تجسيد مظاهر الحزن،ويتعطل لديهم العقل المنطقي الخاص بالقيم والمباديء التي ثار من اجلها الامام الحسين.فضلا عن ان هذه المعايير لا تعبر بالضرورة عن شدة الحب للحسين،فهنالك فئات من الشيعة،ومحبيه من غير الشيعة،يعبّرون عن حزنهم للحسين بأساليب راقية تدلل على ان حبهم له اكثر وعيا بقيمه وتضحيته من اجل الحق والعدالة الاجتماعية.
والسبب الثاني،ان الاسلام السياسي يوظّف الاحتفاء بذكرى استشهاد الحسين لغايات سياسية.ولأنهم جماعات وكتل واحزاب فان التنافس يجري بينهم من خلال ما يصرفونه على الجماهير من طعام وشراب ومنام..الهدف منها زيادة عدد ناخبيهم..بعكس ميسورين يصرفون الكثير في حب خالص للحسين منزه من غايات دنيوية.
وثمة حقيقة سيكولوجية هي ان زيارات عاشوراء في زمن صدام المرعب،كان لها حاجة للزائرين لدى الأمام..تقوم على آليتين نفسيتين:
• شعور الإنسان العاجز المحبط بقلة الحيلة وانعدام الوسيلة.
• إسقاطه على الإمام القدرة على فك أزمته بوصفه إنسانا يتميز عن سائر الناس بكرامة أو جاه أو رجاء إذا رفعه إلى رب العالمين فأنه لا يخيب رجاءه.
ولقد ولّى زمن الطاغية وجاء زمن يفترض ان تكون فيه الزيارة دعوة لتطبيق القيم الأخلاقية التي استشهد من اجلها..فكما خرج طالبا (الاصلاح) ومناديا بين الناس:(الا ترون ان الحق صار لا يعمل به) فان عليهم ان يتمثلوا قيم الحسين ويصلحوا حالهم وحال السلطة ،فصيحة من اجل نازح وايواء يتيم واشباع جائع وارجاع مهجّر الى بيته لهي اكثر تقديرا لدى الحسين من اللطم على الصدور وقطع مئات الكيلومترات مشيا على الاقدام.
اساءات السلطة للأمام الحسين .
القيم الكبرى في ثورة الحسين هي الوقوف بوجه ظلم السلطة وطغيانها وتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان حرية وكرامة الانسان التي اكد عليها الاسلام.فتعالوا نطبّق هذه القيم على السلطة في العراق بعد التغيير.
واقع الحال ان العراق الآن فيه عالمان:عالم السلطة المحدد بمنطقة صغيرة في بغداد (10كم مربع)،وعالم كبير هو العراق.والذي حصل ان هذه المنطقة سرقت احلام العراقيين وجلبت لهم الفواجع اليومية،وأوصلتهم الى اقسى حالات الجزع والأسى..وعزلت نفسها مكانيا ونفسيا عن الناس بأن احاطت وجودها بالكونكريت والحراسة المشددة،ولو انها كانت قد اتبعت منهج الحسين لكانت قريبة من الناس لأن الحسين ساكن في قلوبهم.
وللأسف،ان اساءة السلطة للأمام الحسين وصلت الى الخارج.فبدل ان نقدم الحسين رمزا انسانيا لعالم افسدت أخلاقه السياسة فان السلطة ارتكبت اساءة بالغة بحقه أمام الأجانب.ففي مقالة لكاتب بريطاني اسمه(دافيد كوكبورن) نشرها في صحيفة الاندبندنت بعنوان: " كيف تحولت بغداد الى مدينة للفساد"..جاء فيه:

(احسست بألم وانا ارى شعارا مكتوبا على لافتات سوداء بساحة الفردوس: "الحسين منهجنا لبناء المواطن والوطن"!.عشر سنوات منهج "حسيني "!!والنتيجة هي حكومة حرامية..عشر سنوات في الحكم وبميزانية تقارب ترليون دولار..اي ما يقارب حاصل جمع ميزانيات العراق خلال ثمانين عاما!..والنتيجة ان زخة مطر تُغرق "عاصمة الثقافة العربية"!.عشر سنوات من الفساد المالي والسياسي وضع البلد على حافة الانهيار..وكل ما تملكه حكومة الحرامية هو شعار "الحسين منهجنا لبناء المواطن والوطن"!! ). فأية اساءة أشدّ وجعا من اساءة يدعي اصحاب السلطة انهم (حسينيون) فيما اعمالهم تناقض مباديء الحسين وقيمه!..وأقبحها انهم تركوا ملايين،اوصلوهم الى السلطة،تعيش في بيوت الصفيح بينهم من يفتش عن قوت يومه بنبش (الزباله)، فيما صاروا،بعد ان كانوا معدمين،يعيشون حياة باذخة ويشترون الفلل والشقق الفارهة في بيروت وعمان وشرم الشيخ ولندن وباريس.
كنا كتبنا في زمن السيد نوري المالكي ،ان حكومته هي افسد حكومة في تاريخ العراق،وانه لا يمكن لحكومة فاسدة ان يكون رئيسها نزيها،وانه ارتكب جريمة كبرى بسكوته عن محاسبة الفاسدين ولم يشفع له قوله:(لديّ ملفات للفساد لو كشفتها لأنقلب عاليها سافلها)..بل ادانه،لأن الجميع فهمها انه لو كشف الفاسدين وابناء المسؤولين من الخصوم..لفضحوه.
وسيذكره التاريخ (وشركاؤه) بان القيم الاخلاقية في زمانه تهرأت وانحطت لدرجة ان الفساد صار يعد شطارة بعد ان كان خزيا في قيم العراقيين..فخلّف بذلك معضلة شاقة لسلفه الدكتور حيدر العبادي.فبرغم ان وثيقة الاتفاق السياسي في حكومة الوحدة الوطنية 2014 تضمنت بندا ينص على (محاربة الفساد المالي والاداري ومحاسبة المفسدين)فاننا لا نظنه بقادر على معالجتها الآن..اذ يبدو انه سيعتمد استراتيجية (اطفاء الحرائق) التي اشعلها سلفه..الذي صار النائب الاول لرئيس الجمهورية!
لقد وصل اللاحياء ان مسؤولين فاسدين نهبوا المال الحرام واثروا ثراءا فاحشا..يجلسون في مجالس العزاء الحسيني وايديهم على جباههم..حزانى..يبكون! فيما هم فعلوا ويفعلون بالضد من قيم الامام الحسين.ما يجعلك تتساءل امام زيفهم هذا وما احدثوه من خراب للقيم:ماذا لو خرج الامام الحسين الآن في بغداد متوجها الى المنطقة الخضراء..ترى هل سيستقبلونه بالاحضان؟ ام ان بينهم من هو اقبح من الشمر بن ذي الجوشن!؟
الجواب نتركه لحضراتكم.



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة الحسين..درس لحكّام هذا الزمان
- القيم بعد التغيير وعلاقتها بالأزمة السياسية
- نرجسية الفيسبوك
- تأثير الطلاق في الأطفال - تحليل سيكولوجي
- ثقافة نفسية(119): وصفة -سحرية- لكشف من يكذب عليك!
- في العراق..تفرح وتبكي معا..في ليلة!
- ثقافة نفسية(166): الغيرة والحب
- عراقيون..مدمنو فيسبوك! تحليل سيكولوجي
- ثقافة نفسية (120): حذار ان تكون عاطفيا!
- الرئاسات الثلاث مع التحية..المبدعون لخلق عراق معافى
- لصوص بغداد..بين زمنين
- ثقافة نفسية (112):تفسير الاحلام بين ابن سيرين وفرويد
- هاني فحص..رجل الدين العلماني!
- سهرة مع..محافظ النجف
- واقع الابداع في البيئات العربية - العراق انموذجا (خلاصة بحث)
- اتحاد الأدباء والكتّاب في النجف الأشرف - شكر وامتنان
- الفساد في برنامج الحكومة الخامسة
- الطلاق..منجز ديموقراطي!
- لنستفد من تجربة سنغافورة في محاربة الفساد.. الى الرئاسات الث ...
- ايهما افضل وزارتين او وزارة واحدة للتربية والتعليم العالي؟


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - قاسم حسين صالح - ماذا لو خرج الحسين الآن في بغداد؟!