أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكي - الفكر الاقتصادي عند أرسطو














المزيد.....

الفكر الاقتصادي عند أرسطو


محمد عادل زكي

الحوار المتمدن-العدد: 4627 - 2014 / 11 / 8 - 01:21
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في سبيل البحث في أبواب الرزق الطبيعي وغير الطبيعي، يتخذ أرسطو من العائلة، كوحدة إنتاجية، حقلاً للتحليل. ويفرّق، في هذا السياق، ما بين فن الاقتناء لأنه طبيعي، وفن الكسب لأنه مغاير للطبيعة، ثم يذهب إلى أهمية العمل الإنسانى المنتِج في دائرة طرق المعاش، الَّتي حصرها في: الرعي، والزراعة، والتلصص(لم يكن من الأمور الشائنة في بلاد اليونان) وصيد الأسماك، وقنص الوحوش والطيور. ويَعتبر أرسطو أن الغنى الحقيقي صادر عن أبواب الرزق الَّتي حصرها على نحو ما ذكرنا. وحين حديثه عن القيمة، نرى لديه الوَعيْ بكُل من قيمة الاستعمال وقيمة المبادلة، دون أن يصل إلى مقياس التبادل:".... فيبدلون النوافع بما هو من نوعها، لا أكثر ولا أقل، فيقدمون الخمر مثلاً ويأخذون عوضه الحنطة. وهكذا في كل من الأشياء الأخرى المتجانسة" أرسطو، في السياسة. وهو يصل إلى ما هو أبعد من ذلك بكشفه عن المنفعة كشرط للقيمة، كما سيرى ريكاردو بعد ذلك، إذ يرى أرسطو أن الأشياء القابلة للمقايضة، أيْ التداول، هي فقط الَّتي يُمكن أن تكون محلاً للاستعمال. ويضرب مثالاً على ذلك بالحذاء الَّذي يَستخدمه صاحبه في الاستعمال، أو بمادلته بسلعة أخرى. ولكنه لم يتقدم أبعد من ذلك، كما ذكرنا، فهو يقول:" لكل قنية إستعمالان، وكلاهما ذاتيان، ولكن دون مماثلة في ذاتيتهما، إذ الواحد مختص بالشيء والآخر غير مختص به. فالحذاء مثلاً يحتذى به ويتجر به، وهذا الوجه من الانتفاع وذاك الوجه هما استعمالان له. والذي يُقايض غذاءً أو نقداً مَن كان محتاجاً إليه استعمله كحذاء ولكن لا استعمالاً خاصاً إذ لم يُجعل للمقايضة". المصدر نفسه، ص26. ثم ينتقل أرسطو إلى الصعوبات الَّتي أدت إلى ظهور وحدات النقد، تلافياً لعيوب المقايضة، واعتبار تلك الوحدات المتخذة من الحديد والفضة وسيطاً في المبادلة، وحينما هيمنت وحدات النقد في التبادل منحّية المقايضة جانباً، ظهر على المسرح الاجتماعى نشاط التجارة، الَّذي يدينه أرسطو ويَعتبره خارج الكسب الطبيعي، لأنه يقوم على البيع والشراء بمعنى أدق بيع منتجات فائضة بالنقد، ثم شراء منتجات يُفتَقر إليها، بالنقد كذلك، وهو التبادل الَّذي يراه أرسطو ذميماً. أما عن نظرية أرسطو في النقود فهي تتلخص في أن حياة أيْ مجتمع (غير بيتي، أيْ غير شيوعي بدائي) تتطلب تبادل السلع والخدمات، وهذا التبادل يأخذ صورة مقايضة في مبدأ الأمر، يتم ذلك بصورة طبيعية، ولكن الصعوبات الَّتي تواجه عملية المقايضة والرغبة في تفاديها تجعل الناس تلجأ بطريق الاتفاق الضمني، أَيْ العرف، أو عن طريق التشريع إلى إتخاذ سلعة واحدة كوسيط للتبادل. وهو الأمر الَّذي قاد إلى ظهور معدن من نوع ما كَيْ يلعب هذا الدور في التبادل، أَيْ أن أرسطو توصل إلى الوظيفة الأولى من وظائف النقود:"... النقد عنصر التبادل"، المصدر نفسه، ص29. وحين يدين أرسطو احتفاظ الإنسان بأية ثروة تزيد عن حاجته، فهو في الواقع يصل إلى وظيفة أخرى من وظائف النقود، وهي المتعلقة بمخزن القيمة، وأخيراً حين يتحدث عن التبادل والبيع والشراء، فإنما يفتح باب المناقشة حول مقياس القيمة، وتلك وظيفة ثالثة تقوم وحدات النقود بتأديتها. وبشأن الفائدة الَّتي تكون على الاقراض، يقول أرسطو:"يوجد نوعان من فن تكوين الثروة: أحدهما يتعلق بالتجارة، والآخر بالاقتصاد؛ وهذا الأخير ضروري وجدير بالمديح، أما الأول فيقوم على التبادل ولذلك يندد به عن حق وصواب، وهكذا يكره الجميع الربا بحق، لأن النقد بالذات يُعتَبر هنا مصدر الكسب ويستخدم ليس من أجل الغاية الَّتي تم اختراعه من أجلها. فهو قد نشأ من أجل التبادل البضاعي، بينما تصنع الفائدة المئوية من النقد نقداً جديداً. ومن هنا تسميتها بالمولود، لأن المولود شبيه بالوالد. إلا أن الفائدة المئوية هي نقد من نقد، ولذا فإن فرع الكسب هذا أشد مناقضة للطبيعة من بين سائر فروع الكسب". المصدر نفسه، ص32. ولعل أهم ما قدمه أرسطو، في تصوري، في الباب الَّذي خصصه لبحث أبواب الرزق الطبيعي وغير الطبيعي، هو رؤيته للقيمة الزائفة للنقود، ووعيه بكون وحداتها غير معبّرة عن القيمة الطبيعية للأشياء، أَيْ إنه ينظر إلى النقود، كظاهرة طارئة على المجتمع، نظرة متقدمة جداً بالنسبة إلى عصره، ويرى أن النقد(المصنوع من الحديد ومن الفضة) لا يُعبّر، في المقام الأول، عن قيمة ما يحتويه هو نفسه من حديد أو فضة كسلع، وأن البشر هم الَّذين جعلوا من المعادن نقوداً يبيعون من خلالها ويشترون، ويقول:"وما النقد، على ما يبدو لنا، إلا هذيان وعادة مرعية، وما هو على شيء من القيمة الطبيعية. إذ لو عدل مستعملوه عما إصطلحوا عليه لأضحى شيئاً زرياً لا يعتد به ولا يقضي حاجة، ولأمسى مَن قامت ثروته على النقود في أمس العوز إلى القوت". إن تتبع مساهمة أرسطو، لا شك تقودنا إلى الاعتراف بأنه قد تمكن من الوصول إلى قيمة الاستعمال وقيمة المبادلة، ولكن من منظور يتعين أن ننتظر مئات القرون حتّى يُعاد النظر من خلاله على نحو أكثر نضجاً. كما أن تتبع ارسطو ربما يقودنا كذلك إلى الاعتراف بإحتمالية وصوله إلى ضفاف نظرية عامة في القيمة، ولكنها غير واضحة وربما غامضة، إلا أن أرسطو يظل أول من أشار إلى طبيعة السلع ودور النقود في الحياة اليومية بشكل تجريدي يُمكن أن يُبنى عليه بناءً نظرياً صحيحاً عن السلع والتبادل والنقود.



#محمد_عادل_زكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاضرة ثمن الإنتاج عند كارل ماركس
- من التخلف إلى التبعية عبر القيمة
- البخلاء للجاحظ
- الطرح المنهجي لمشكلة القيمة
- من المشاعية البدائية إلى الرأسمالية
- الجدول الاقتصادي
- نمط إنتاج خراجي؟
- نمط الإنتاج الإقطاعي
- كُلّما ارتفعت الإنتاجية كُلّما انخفض معدل الربح
- نقد تصور ماركس في سعر الفائدة وربح التاجر
- الاقتصاد السياسى عند ماركس
- فكر ديفيد ريكاردو
- فكر آدم سميث
- الاقتصاد السياسى علم قانون القيمة
- النشاط الاقتصادى فى العالم الوسيط (3)
- النشاط الاقتصادى فى العالم الوسيط (1)
- النشاط الاقتصادى فى العالم الوسيط (2)
- النشاط الاقتصادى فى العالم القديم
- قانون حركة الرأسمال
- الجغرافية العامة لإيران


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكي - الفكر الاقتصادي عند أرسطو