أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - الكتلة الغربية تهدد السلام وأمن الشعوب وكل الحلول تأتي من موسكو















المزيد.....


الكتلة الغربية تهدد السلام وأمن الشعوب وكل الحلول تأتي من موسكو


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 4612 - 2014 / 10 / 23 - 17:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الكتلة الغربية تهدد السلام وأمن الشعوب
وكل الحلول تأتي من موسكو

قبل اندلاع الجولة الأخيرة من الازمة الأوكرانية في نهاية العام الماضي 2013، كانت الكتلة الغربية تبذل كل ما في وسعها لاجل ابعاد أوكرانيا عن روسيا، وعزل روسيا، وبالأخص كانت تسعى لاقتلاع وجود اسطول البحر الاسود الروسي في مدينة سيباستوبول في شبه جزيرة القرم، التي كانت تدخل في اطار الدولة الأوكرانية. ذلك ان اسطول البحر الأسود الروسي كان يمثل عقبة كأداء امام الستراتيجية العالمية للكتلة الغربية بشكل عام، ولستراتيجية الهيمنة العالمية لاميركا بشكل خاص. إذ ان اسطول البحر الأسود الروسي، الذي تغطي مهماته البحر الأسود والبحر الابيض المتوسط معا، كان يؤمن لروسيا الميزتين الستراتيجيتين التاليتين:
المهمات الستراتيجية لاسطول البحر الأسود الروسي
أولا ـ السيطرة الروسية الكاملة والكاسحة على البحر الأسود ومضيق البوسفور.
وثانيا ـ منع السيطرة الغربية الكاملة على البحر الأبيض المتوسط من مضائق الدردنيل حتى مضيق جبل طارق، وكان اسطول البحر الاسود الروسي يضع "تحت التهديف" 24-24 ساعة جميع الوحدات البحرية لاميركا والناتو في البحر الابيض المتوسط، وجميع القواعد العسكرية للكتلة الغربية وحلفائها في كل شواطئ البحر الابيض المتوسط. والستراتيجيون الغربيون كانوا يعلمون تماما انه لا توجد لديهم قوة عسكرية قادرة على شطب الاسطول الروسي في البحر الأسود، لانه لا احد يدري ما هي التجهيزات والبنى التحتية العسكرية الموجودة في القاعدة البحرية الروسية في سيباستوبول.
وكان اسطول البحر الأسود الروسي موجودا في سيباستوبول بناء على اتفاقية تأجير بين أوكرانيا وروسيا، كان سينتهي اجلها سنة 2017. وهذه الاتفاقية لم تكن في الحقيقة سوى تسوية قانونية مظهرية شكلية للعلاقة التاريخية العضوية العميقة بين روسيا وأوكرانيا، اللتين هما في الواقع "شعب واحد في دولتين". ولكن الكتلة الغربية كانت تبني حساباتها على وهم كبير وهو ان ضم أوكرانيا الى حلف الناتو او الاتحاد الأوروبي او كليهما معا، سيدفع الحكومة الأوكرانية حتما الى الغاء اتفاقية تأجير قاعدة سيباستوبول قبل 2017 او على الأقل الى عدم تجديد الاتفاقية سنة 2017.
ولكن الكثير من الخبراء كانوا واثقين ان روسيا، وبدعم مطلق من جماهير الشعب الروسي في شبه جزيرة القرم خصوصا وفي أوكرانيا عموما، لم يكن من الممكن ان تسحب اسطول البحر الاسود من سيباستوبول مهما كانت الظروف "القانونية" الشكلية، وانه ليس هناك قوة كان يمكن ان تخرج الروس من سيباستوبول بالقوة، وان هذا كان يعني ببساطة اتخاذ قرار اشعال نزاع شامل او حرب عالمية ثالثة مع روسيا، وهو تحد مصيري يعني الانتحار التام للغرب، وليست قيادات الكتلة الغربية "على قـدّ" اتخاذ مثل هذا القرار الا في حالة الجنون المطبق.
اقتراح يانوكوفيتش لا يزال هو الاطار الصالح
لحل الازمة الاوكرانية
وفي أواخر سنة 2013، وبناء على معطيات الواقع والتاريخ، التي ترتكز الى حقيقة ان مصلحة اوكرانيا تقضي بأن لا تفعل شيئا ضد روسيا، وان لا تفعل شيئا الا بالتنسيق مع روسيا، اتخذ الرئيس الاوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش قراره الوطني الحكيم بعدم الانضمام وحيد الجانب من قبل اوكرانيا الى الاتحاد الأوروبي. وبالتنسيق مع الرئيس بوتين تقدم بانوكوفيتش باقتراح بالغ الحكمة بتأليف لجنة ثلاثية من روسيا، أوكرانيا والاتحاد الأوروبي، لرسم اطار عام للعلاقات بين الأطراف الثلاثة، بمختلف اشكالها. وجاءت كل الاحداث اللاحقة لتؤكد انه لا مناص من تحقيق هذا الاقتراح، بنصه وروحه، لايجاد حل للازمة الأوكرانية وغيرها من الازمات والشؤون العالقة بين روسيا والاتحاد الأوروبي.
وكان العديد من الدول الأوروبية ميالة لقبول اقتراح الرئيس يانوكوفيتش، لان أوروبا تدرك انها مدينة لروسيا بتحريرها من العبودية النازية في الحرب العالمية الثانية، كما تدرك انه لا أوكرانيا وحسب، بل كل أوروبا أيضا، هي لا شيء بدون روسيا، وان وجود روسيا هو ما كان ولا يزال يمنع اميركا من تحويل أوروبا الى مزرعة بقر او مزرعة موز او بصل، كما سبق وفعلت باميركا اللاتينية.
ولكن قبل ان تقول أوروبا كلمتها، عجلت المخابرات الأميركية بتنفيذ الانقلاب المسلح على يانوكوفيتش وحكومته الشرعية، بواسطة المنظمات الأوكرانية الفاشستية القديمة التي حاربت مع هتلر في الحرب العالمية الثانية.
الكتلة الغربية "تبلع" عودة القرم الى روسيا
وقبل ان تنجح القيادات الأميركية والأوروبية في "اخذ أنفاسها"، تحركت جماهير الشعب الروسي في شبه جزيرة القرم، وسيطرت على جميع المؤسسات الرسمية والقواعد الأمنية والعسكرية في شبه الجزيرة، وقرر برلمان القرم اجراء استفتاء شعبي، تم بسرعة وبنجاح وشاركت فيه اغلبية الناخبين، وتقرر بموجب الاستفتاء انضمام القرم (أي عودته) الى الوطن الام روسيا. ووافق البرلمان والرئاسة الروسيين فورا على طلب الانضمام. ووقفت الكتلة الغربية وعلى رأسها اميركا عاجزة لا تستطيع ان تفعل شيئا. وانتفضت مناطق جنوب وشرق أوكرانيا تطالب أيضا بالانضمام الى روسيا.
روسيا تتمهل ولا تريد تفكيك اوكرانيا
ولكن روسيا لا تزال تتمهل في الموافقة على هذا الطلب الشعبي المشروع، لانها تتريث في الموافقة على التفكيك التام لاوكرانيا وزوالها كدولة، بانتظار ما سيؤول اليه الموقف الأوروبي. وتحت الضغط الأميركي صدرت ما يسمى "العقوبات ضد روسيا"، التي ستؤثر في روسيا لا اكثر من تأثير وخزة ذبابة في قدم دب، والتي من الاصح تسميتها "عقوبات ذاتية ضد أوروبا". والان تقف أوكرانيا وأوروبا على أبواب الشتاء القاسي. وهناك عدة أزمات ينبغي العمل على حلها وهي:
روسيا لا تريد استمرار الحرب الاهلية في اوكرانيا
ـ1ـ ازمة وقف اطلاق النار في جنوب وشرق أوكرانيا، والمحافظة على السلم الأهلي في أوكرانيا، والمحافظة على وحدة الدولة الاوكرانية.
وكل شروط حل هذه الازمة هي في يد روسيا. لانه ـ باستثناء الأحزاب الفاشستية الأوكرانية التي حاربت مع هتلر في الحرب العالمية الثانية، وباستثناء عملاء المخابرات الأميركية الخونة، فإن غالبية الشعب الاوكراني (الذي هو شعب روسي ارثوذكسي في الصميم) لا تثق بنظام كييف الانقلابي، ولا بالقيادات الأوروبية الجبانة التي تلعب على كل الحبال. بل هي تثق بروسيا والقيادة الروسية، القادرة وحدها على ممارسسة نفوذها على الانتفاضة الشعبية في جنوب وشرق أوكرانيا للموافقة على اصلاح النظام السياسي القائم وعدم الانفصال عن أوكرانيا، ولضبط النفس وعدم الرد على اعتداءات القوات الفاشستية الاوكرانية وجيش كييف، لانجاح وقف اطلاق النار والبحث عن حلول سلمية، ولعدم شن هجوم مضاد على قوات كييف، وشن حرب عصابات في وسط وغرب أوكرانيا، مما هو مطروح على جدول اعمال قوات الدفاع الشعبي الذاتي لـ"جمهورية نوفوروسيا" ("روسيا الجديدة"، وهي الجمهورية المعلنة من طرف واحد للمناطق المنتفضة في جنوب وشرق أوكرانيا).
جريمة اسقاط الطائرة الماليزية
ومحاولة اغتيال الرئيس بوتين
ـ2ـ ازمة التحقيق في اسقاط الطائرة الماليزية التي قتل فيها 298 شخصا في 17 تموز الماضي. وكانت سلطات كييف والرئيس الاوكراني الانقلابي بيترو بوروشينكو قد سارعوا، قبل ان يصل حطام الطائرة المنكوبة الى الأرض، الى اتهام قوات الدفاع الشعبي الذاتي وروسيا باسقاط الطائرة بصاروخ بوك. وكان هذا يعني احد امرين: اما ان قوات الدفاع الشعبي الذاتي قد سبق ان انتزعت بعض صواريخ بوك مع منصات اطلاقها من الجيش الاوكراني، واما ان روسيا مررت بعض صواريخ بوك مع منصاتها الضخمة الى حلفائها في قوات الدفاع الشعبي الذاتي الاوكرانية. وقد سارع البيت الأبيض الأميركي فورا الى تبني هذا الاتهام. وكان هذا الاتهام من "الأسباب الموجبة" لفرض العقوبات على روسيا وشن حملة تشنيع واسعة النطاق ضدها. مع العلم ان قيادة الجيش الاوكراني نفسها، ولاجل تبييض صفحتها، سارعت الى نفي ان تكون قوات الدفاع الشعبي الذاتي تمكنت من ان تنتزع منها أي صاروخ بوك. وبالمثل فإن المخابرات المركزية الأميركية(CIA) ، وأيضا لاجل تبييض صفحتها، أعلنت انها لم ترصد تهريب وعبور أي صاروخ بوك ومنصته على الحدود الروسية ـ الأوكرانية، لا دخولا ولا خروجا، والا لكانت أعلنت عنه في حينه، وملأت الدنيا نباحا حول مثل هذا التهريب الذي لا يمكن اخفاؤه.
ان قوات الدفاع الشعبي الذاتي ترفض اتهامها بهذه الجريمة التي ترقى الى مستوى جريمة حرب، وتصر على اجراء تحقيق دولي في الجريمة. وهي قد وجدت الصندوقين الاسودين للطائرة المنكوبة وسلمتهما الى المراقبين الدوليين الذين سلموهما بدورهم الى المختبرات الخاصة لحلف الناتو "ما غيرو". هذا من جهة. ومن جهة ثانية فإن روسيا هي دولة عظمى، وعضو دائم في مجلس الامن الدولي، ولا يمكن ان تسكت عن توجيه مثل هذا الاتهام لها. وهي تصر على اجراء تحقيق دولي في هذه الجريمة الكبرى. وقالت المراجع الروسية المختصة ان ارصاد راداراتها وصور اقمارها الاصطناعية اثبتت وجود منصات صواريخ بوك تابعة للجيش الاوكراني في مكان سقوط الطائرة قبل ويوم سقوطها، وان طائرة حربية اوكرانية ظهرت قرب الطائرة المنكوبة قبل سقوطها. ويقول المطلعون انه في وقت وقوع الحادث المأساوي كان من المفترض ان تمر فوق الأجواء الأوكرانية طائرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي كان عائدا من زيارة الى اميركا اللاتينية، وان العلم المرسوم على الطائرة الماليزية المنكوبة يشبه الى حد ما العلم المرسوم على طائرة الرئيس الروسي. ومن ثم فإن مسارعة البيت الأبيض الأميركي لتبني اتهام روسيا وحلفائها بالجريمة هو بحد ذاته جريمة تستير على المجرمين الحقيقيين. وان فرضية التبرير بأن المقصود لم تكن الطائرة الماليزية المنكوبة بل "طائرة أخرى" (هي طائرة الرئيس الروسي) ليست اكثر من عذر اقبح من ذنب، وتزيد من ثقل الجريمة ولا تخفف منه.
المخابرات الألمانية "النازية" شريكة
في محاولة اغتيال الرئيس بوتين
وفي هذا الصدد، وخلال انعقاد منتدى قمة ميلانو، نشرت مجلة "در شبيغل" الألمانية تقريرا نسبته الى غيرهارد شيندلر رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الألمانية يتهم فيه من يسميهم "الانفصاليين الموالين لروسيا" باسقاط الطائرة الماليزية. وتقول المجلة ان التقرير هو مرفق بـ"صور وتسجيلات بواسطة الاقمار الاصطناعية". وادعى التقرير "ان الانفصاليين الموالين لروسيا المتمركزين في شرق اوكرانيا سرقوا جهاز صواريخ ارض - جو متوسط الحجم من طراز "بوك" من قاعدة عسكرية اوكرانية واستخدموه لاسقاط الطائرة". ولا يذكر التقرير ما هي مصلحة هؤلاء "الانفصاليين" او مصلحة روسيا في اسقاط هذه الطائرة او غيرها. وان الادعاء وحيد الجانب بأن التقرير يستند الى صور من الأقمار الاصطناعية لا ينفي بل يؤكد انه كذبة مركبة عن سابق تصور وتصميم. فمعلوم ان فن المونتاج يمكنه ان يركب اية صورة كانت. ولكنه يمكن أيضا للتحقيق العلمي ان يكشف هذا التركيب. وهذا التقرير الكاذب يشير الى حقيقتين:
الأولى ـ ان هذا الـ غيرهارد شيندلر ليس اكثر من نازي قديم يحقد على الروس الذين دمروا النازية في عقر دارها، ولكنه يلبس ثيابا "مسيحية دمقراطية"، على غرار عملاء إسرائيل في لبنان الذين يلبسون ثيابا "مسيحية" و"لبنانية" و"سنية" و"حريرية".
والثانية ـ الشك القوي بأن المخابرات الألمانية (نازية الميول) هي ضالعة في مؤامرة محاولة اغتيال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التي ترجح اغلبية التخمينات انها "صنعت في اميركا". وهي ـ أي تلك المخابرات المنحطة أخلاقيا وسياسيا، والتافهة مهنيا ـ تريد "ان تتغدى الروس قبل ان يتعشوها". ولكن بالتأكيد ان المخابرات الروسية لن تسكت، وسوف "تفلـّي القمل" في الرؤوس النازية القذرة للعنصريين الاميركيين ولـ غيرهارد شيندلر واضرابه.
والمستشارة الألمانية انجيلا ميركيل هي الان في ورطة:
ـ فإما ان ترفض هذا التقرير وتقدم أصحابه الى المحاكمة بتهمة التستير على جريمة اسقاط الطائرة الماليزية، والمشاركة في مؤامرة محاولة اغتيال الرئيس الروسي، وتعكير علاقات المانيا بروسيا، وتهديد السلم العالمي.
ـ واما ان تتبنى التقرير رسميا، وتكون حينذاك مضطرة الى الدعوة لاجراء تحقيق دولي شامل واحالة ملف اسقاط الطائرة الماليزية بكل تشعباته الى المحاكمة الدولية، وهو بالضبط ما تطالب به روسيا. وفي هذه الحالة سيتم سحب بيترو بوروشينكو وانجيلا ميركيل وباراك أوباما وجميع القادة الغربيين الى المحاكمة كمجرمي حرب.
روسيا لن تسكت الى ما لانهاية عن التهرب من التحقيق
ان روسيا التي تتعرض لكل انواع الاتهامات المغرضة لن تتسامح في كل هذه الجرائم الفعلية، وتضع مسألة استكمال التحقيق باسقاط الطائرة الماليزية وملابساته كشرط مسبق لا يمكن بدونه التوصل الى حل سلمي للازمة الأوكرانية، ولا الى تنقية الأجواء بين روسيا والكتلة الغربية.
وها قد مضى الان اكثر من ثلاثة اشهر على اسقاط الطائرة الماليزية والسلطة الانقلابية في كييف وحلف الناتو وأميركا والاتحاد الأوروبي لا يزالون يماطلون في اجراء تحقيق دولي نزيه حول الجريمة، وهم يرفضون حتى الان نشر تسجيلات المحادثات الأخيرة بين طاقم الطائرة المنكوبة وبرج مراقبة الطيران الاوكراني، وترفض قيادة الجيش الاوكراني نشر بيانات توزيع ونوعية أسلحة القوات البرية الأوكرانية وبيانات الطيران الحربي الاوكراني في مكان وزمان وقوع الجريمة، كما ترفض اميركا تقديم صور اقمارها الاصطناعية لحظة تفجير وسقوط الطائرة المنكوبة، تماما مثلما ترفض الى الان تقديم صور اقمارها الاصطناعية عن عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. ولكن، وبعد كل شيء، فإن هذه الجريمة ضد الطائرة الماليزية، وجريمة التحضير لاغتيال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لن تمرا بدون عقاب، فروسيا ليست "تيار المستقبل" او "14 اذار"، والكرملين ليس "قريطم".
ازمة الغاز لاوكرانيا
ـ3ـ ازمة تزويد أوكرانيا بالغاز الروسي الضروري، ولا سيما في فصل الشتاء. فالقيادة الروسية تنظر الى جماهير الشعب الاوكراني بوصفها جماهير شعب شقيق، بل جزء لا يتجزأ من الشعب الروسي، بالمعنى القومي الحضاري والتاريخي. وهي حريصة على عدم معاقبة هذا الشعب الشقيق وتبدي الاستعداد لتقديم التسهيلات لاوكرانيا في عملية تزويدها بالغاز بأسعار متدنية خاصة وبشروط دفع متهاودة. ولكن السلطة الانقلابية الأوكرانية تسيء فهم "النوايا الحسنة" من قبل روسيا، وتماطل في دفع المتوجبات عليها الى روسيا، بل وتجاهر بالعداء لروسيا جنبا الى جنب "الجوقة الغربية". وفي الوقت الذي بلغ فيه دين الغاز لاوكرانيا الى روسيا اكثر من أربعة مليارات دولار حاليا، فإن السلطة الانقلابية الأوكرانية تخصص ميزانية ضخمة إضافية لتسليح الجيش الرسمي الاوكراني وما يسمى قوات "الحرس الوطني" الفاشستية من اجل قمع جماهير الشعب الاوكراني، ولا سيما محاربة وتدمير مناطق جنوب وشرق أوكرانيا المنتفضة ضد الفاشستية والسلطة الانقلابية في كييف. وروسيا لن تصبر كثيرا على تراكم ديون الغاز لاوكرانيا، وهي تدعو "الشركاء" الغربيين لمساعدة اوكرانيا في دفع المتوجبات عليها، بدلا من حشد قوات الناتو وانفاق المليارات لتمويل وتدريب وتسليح العملاء والجواسيس والوحدات الفاشستية الأوكرانية التي تقتل أبناء الشعب الاوكراني وتدمر المدن والقرى الأوكرانية.
الاقتصاد الاوكراني ينهار بدون روسيا
ـ4ـ الازمة الاقتصادية الأوكرانية: ان أوكرانيا تعيش الان، ولا سيما على أبواب الشتاء، ازمة اقتصادية خانقة، أولا بسبب وضع الحرب الاهلية وتوقيف الإنتاج في المناجم والمصانع في جنوب وشرق أوكرانيا التي هي مناطق الإنتاج الرئيسية في أوكرانيا، وثانيا لان السلطة الانقلابية الأوكرانية سارعت الى الانضمام الى السياسة الغربية المعادية لروسيا المتمثلة في "العقوبات"، علما ان روسيا هي الرئة التجارية الرئيسية لاوكرانيا، كما انه يعمل في روسيا بدون تصاريح مسبقة اكثر من مليوني عامل اوكراني يحولون مليارات الدولارات الى أوكرانيا بدون اية عوائق، وحتى رئيس الجمهورية الانقلابي الاوكراني بيترو بوروشينكو الذي هو احد مليارديرات أوكرانيا ويعتبر "ملك الشوكولاتة" في أوكرانيا، فإن غالبية "شوكولاتاته" يتم تسويقها في روسيا، والان ـ وعملا بحق الدفاع المشروع عن النفس ومبدأ المعاملة بالمثل ـ بدأت روسيا بتطبيق إجراءات وقف المعاملة التفضيلية والتسهيلات الخاصة لاوكرانيا، وسيكون من المشكوك فيه بعد الان ان يستطيع العمال الاوكرانيون العمل في روسيا وتحويل الأموال بحرية منها، وكذلك دخول السلع الأوكرانية الى روسيا بدون رسوم جمركية، وسيتوجب على بيترو بوروشينكو ان يعمل على تسويق شوكولاتاته في بروكسل ولندن وبرلين وباريس، وفي البيت الأبيض، لان المواطن الروسي لن يستسيغ بعد الان طعم الشوكولاتة المجبولة بدماء المواطنين الروس في أوكرانيا وبعدم الوفاء والخيانة والغدر مقابل كل ما فعلته وتفعله روسيا لصالح أوكرانيا. وليتفضل مدراء البنك الدولي والبنك المركزي الأوروبي وقادة الناتو وسادة الاتحاد الأوروبي ولا سيما البيت الأبيض، بعد ان يشبعوا من اكل لحم الشعب الاوكراني ان "يتحلوا" بشوكولاتة بوروشينكو.
الحاجة الأوروبية الى الغاز الروسي
ـ5ـ ازمة ضخ الغاز (ترانزيت) عبر أوكرانيا الى أوروبا: حسب الإحصاءات المتداولة فإن 6 دول أوروبية تعتمد 100% على الغاز الروسي، وتعتمد 6 دول أخرى على الغاز الروسي بنسبة تزيد عن 50%، فيما تعتمد عليه الدول الأوروبية الرئيسية بنسب مختلفة، فألمانيا تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 40%، وإيطاليا بنسبة 30% وفرنسا بنسبة 15%. وهناك 10 دول أوروبية فقط لا تعتمد على الغاز الروسي. وحتى الان يمر الغاز الروسي الى أوروبا ترانزيت عبر الأراضي الأوكرانية، وتحصل أوكرانيا على رسوم عبور تدفعها روسيا مسبقا. ولكنها ـ أي أوكرانيا ـ تتخلف في دفع المستحقات عليها من الغاز الذي تستهلكه هي. وتبلغ ديونها الحالية اكثر من أربعة مليارات دولار كما ذكرنا آنفا، ولهذا فإن روسيا قد تقطع الغاز عن أوكرانيا، وتواصل ضخ الغاز المخصص لاوروبا. ولكن هناك خطر من ان تعمد أوكرانيا الى سحب كميات من الغاز المصدر الى أوروبا، كما فعلت في مطلع سنة 2009. وقد تحمل الجانب الروسي حينذاك الخسارة التي تسببت بها "السرقة" في أوكرانيا. ولكن شركة غازبروم الروسية تؤكد اليوم ان التجهيزات التكنولوجية تمكـّن من التأكد من الكميات التي يتم ضخها من روسيا والكميات التي يتم استلامها في أوروبا والكميات التي يتم "شفطها" بشكل غير مشروع في أوكرانيا. وبناء على هذه المعطيات أعلنت الجهات الرسمية الروسية انه في حال الخلاف مع أوكرانيا وقطع الغاز الروسي عنها واقدامها على "شفط" كمية من الغاز المصدر الى أوروبا، فعلى الاتحاد الأوروبي ـ لا روسيا ـ ان يتحمل الخسارة المفترضة وان يعمل على ردع حلفائه في السلطة الانقلابية الأوكرانية والا فإن روسيا ستقطع الغاز عن البلدان الأوروبية أيضا، وهي لديها البديل، في الشرق، لتصدير الغاز الروسي، ويمكنها بسهولة ان تستغني عن الأسواق الأوروبية، ولكن البلدان الأوروبية ليس لديها حتى الان بديل عن الغاز الروسي. ونشير هنا انه خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس بوتين الى بكين، وقعت روسيا والصين اكثر من أربعين عقدا تجاريا واقتصاديا احدها عقد يمتد لثلاثين عاماً وبقيمة 400 بليون دولار، لتزويد الصين بحوالي 40 بليون متر مكعب من الغاز الروسي سنوياً، ويمكن ان ترتفع طاقة هذا الخط الذي من المقدر ان يبلغ طوله 4000 كيلو متر الى حوالي 60 بليون متر مكعب من الغاز سنوياً، وتستثمر روسيا حوالي 55 بليون دولار لهذا المشروع وتستثمر الصين 20 بليون دولار.
كل طرق الحل تؤدي الى روسيا
هذه هي اهم ملامح الازمة الأوكرانية الراهنة، والتي تهدد لا السلم الإقليمي فحسب بل والسلم العالمي أيضا، كما تهدد الامن الاقتصادي فالسياسي لاوروبا بأسرها. وقد تبين بوضوح الغباء المطلق للسياسة الأميركية التي حاولت عزل روسيا عن طريق الاتهامات الكاذبة والحملات الإعلامية المغرضة وفرض العقوبات العقيمة التي تمخضت عن نتائج عكسية.
وقد انعقد في 15 تشرين الأول الحالي في ميلانو بايطاليا المنتدى الاسيوي ـ الأوروبي للبحث في الشؤون الاقتصادية، والذي حضره رؤساء حوالى 50 دولة من القارتين بمن فيهم ابرز القادة الأوروبيين والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الامر الواقع الاوكراني بيترو بوروشينكو. وقد وجد القادة الأوروبيون انفسهم مضطرين لعقد الاجتماعات الجانبية مع الرئيس الروسي وللتوسط لاجل جمعه مع الرئيس الاوكراني بيترو بوروشينكو في مسعى للتوصل لايجاد حلول للازمة الأوكرانية ومخاطر ازمة الغاز في أوروبا، لان أي حل مفترض هو غير ممكن بدون روسيا.
وتفيد الانباء الصحفية انه لم يتم تحقيق اختراق جدي لجانب حل الازمات المطروحة، الا ان "النجاح الأوروبي" في الاجتماع مع الرئيس الروسي والجمع بينه وبين الرئيس بوروشينكو يعتبر بحد ذاته إنجازا، وان كان يتعارض مع السياسة الأميركية لعزل روسيا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روسيا ستحطم التحدي الغربي في اوكرانيا
- الحرب الاقتصادية الروسية ضد الكتلة الغربية
- اوروبا ستدفع ثمن العنصرية الغربية ضد روسيا
- حرب البدا ئل وسقوط الائتلاف الحاكم في اوكرانيا
- الناتو بمواجهة روسيا: نمر من كرتون
- تيوس الناتو تتنطح للصخرة الروسية
- الفاشودمقراطية الاميركية تنتحر سياسيا وعسكريا في اوكرانيا
- روسيا تهز العصا لليابان ايضا
- روسيا تنتصر على ازمة الانهيار الدمغرافي
- المحور الروسي الصيني
- الفاشستية الاوكرانية تكشف عن وجهها الوحشي
- سقوط -اتفاقية يالطا- والسياسة الاقتصادية الجديدة لروسيا في ا ...
- انتهت خرافة القطب الاميركي الاوحد
- اوكرانيا تتجه بسرعة نحو الحرب الاهلية
- المحور الروسي الصيني العتيد يشق طريقه على الساحة الدولية
- المنتصرون على النازية الهتلرية كابح حازم للعدوانية الفاشية ا ...
- انتصار جديد للديموقراطية الشعبية على الديموفاشية الاميركية ف ...
- الاسباب الجيوستراتيجية لتراجع الناتو امام روسيا
- نحو دور تنموي ثقافي وانساني لجامعة الدول العربية
- مع يبرود السورية... هزيمة جديدة للفاشية الاميركية في شبه جزي ...


المزيد.....




- بآلاف الدولارات.. شاهد لصوصًا يقتحمون متجرًا ويسرقون دراجات ...
- الكشف عن صورة معدلة للملكة البريطانية الراحلة مع أحفادها.. م ...
- -أكسيوس-: أطراف مفاوضات هدنة غزة عرضوا بعض التنازلات
- عاصفة رعدية قوية تضرب محافظة المثنى في العراق (فيديو)
- هل للعلكة الخالية من السكر فوائد؟
- لحظات مرعبة.. تمساح يقبض بفكيه على خبير زواحف في جنوب إفريقي ...
- اشتيه: لا نقبل أي وجود أجنبي على أرض غزة
- ماسك يكشف عن مخدّر يتعاطاه لـ-تعزيز الصحة العقلية والتخلص من ...
- Lenovo تطلق حاسبا مميزا للمصممين ومحبي الألعاب الإلكترونية
- -غلوبال تايمز-: تهنئة شي لبوتين تؤكد ثقة الصين بروسيا ونهجها ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - الكتلة الغربية تهدد السلام وأمن الشعوب وكل الحلول تأتي من موسكو