أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رشيد غويلب - البرازيل.. هل فشل رأس المال المالي في كسر هيمنة اليسار؟















المزيد.....

البرازيل.. هل فشل رأس المال المالي في كسر هيمنة اليسار؟


رشيد غويلب

الحوار المتمدن-العدد: 4602 - 2014 / 10 / 13 - 01:07
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


ا
تمكنت رئيسة جمهورية البرازيل السياسية اليسارية ديلما روسيف في الخامس من الشهر الجاري من الفوز في واحدة من اهم الجولات الانتخابية في تاريخ البلاد الحديث، وحصلت على 41.55 بالمائة من اصوات الناخبين. ولكنها لم تستطع حسم السباق الانتخابي في جولته الاولى لصالحها، ولهذا يتوجب عليها خوض جولة الانتخابات الثانية التي ستجري في السادس والعشرين من تشرين الثاني الحالي، ضد اقرب منافسيها وهو المرشح اليميني المحافظ اسيو نيفيس، الذي حل ثانيا، وحصل على 33.59 في المائة من الاصوات.
وبخلاف التوقعات التي سبقت يوم الاقتراع، حصلت مارينا سيلفا وزيرة البيئة في حكومة الرئيس البرازيلي السابق" لولا" على 21.3 في المائة فقط من الاصوات، واحتلت بذلك المرتبة الثالثة، وفشلت في الوصول الى الجولة الثانية، علما ان العديد من المراقبين كان يعتبرها مفاجأة الانتخاب الرئاسية، على اساس نتائج استطلاعات الرأي قبل شهرين من موعد الانتخابات. واكثر من ذلك توقع البعض لها ان تحسم جولة الانتخابات الاولى بفارق ضئيل لصالحها. ويبدو ان سلفيا فشلت في اقناع الناخبين ببرنامجها الذي اطلقت عليه تسمية "السياسة الجديدة"، كطريق ثالث وبديل للتنافس التقليدي بين اليسار ويمين الطغمة المالية. وهكذا فيبدو ان الناخبين الساعين لإزاحة حزب العمل البرازيلي من السلطة، فضلوا انتخاب مرشح الحزب الاجتماعي الديمقراطي المحافظ مباشرة، وعدم المراهنة على نسخة معدلة منه قدمتها لهم سلفيا من خلال برنامج ذي توجهات وسطية، ألبسته ثوبا محافظا.
بهذا يعود الصراع الانتخابي في الجولة الثانية الى مساره التقليدي، ولمرة رابعة يتنافس مرشح حزب العمل البرازيلي المتحالف مع قوى يسارية، مرشح الاجتماعي الديمقراطي المدعوم من قوى اليمين ومؤسسات اعلام الأسواق المالية في داخل البرازيل وخارجها. وسيتجه أكثر انصار سلفيا لانتخاب اليمين، في حين ان اكثرية الناخبين ستفضل التصويت لمشروع الاصلاح الاجتماعي، الذي يتبناه حزب العمل منذ وصوله الى السلطة لاول مرة في عام 2002،لان الناخبين بأكثريتهم غير مستعدين للتفريط بالنجاحات التي حققتها السياسة الاجتماعية للرئيس السابق لولا، ورئيسة الجمهورية الحالية، من اجل برنامج اقتصادي تقليدي يريد العودة بالبلاد الى سنوات سيادة الليبرالية الجديدة.
وعلى الرغم من عدم حصول رئيسة الجمهورية روسيف على الاكثرية المطلقة (اكثر من 50 في المائة)، الا انها اكدت في اول رد فعل لها على نتائج الجولة الاولى، ان ما تحقق يمثل "نجاحاً كبيراً"، وان البرازيليين "يرون في سياستي ضماناً للتقدم". ووعدت روسيف بتنفيذ اصلاح للنظام السياسي في حال فوزها في جولة الانتخابات الثانية. ومن جانبه دعا منافسها قوى المعارضة الى الوحدة لتحقيق التغيير السياسي في البرازيل.
وفي البرازيل يلزم القانون المواطنين بالتصويت في الانتخابات. وعلى الرغم من ذلك، شارك في عملية التصويت الاخيرة 81 في المائة فقط من الناخبيين، الذين يبلغ عددهم 140 مليونا تقريبا . ولم يستطع احد من المرشحين الثمانية الآخرين تجاوز نسبة 1 في المائة، باستثناء مرشح حزب PSLO اليساري الصغير الذي حصل على 1.6 في المائة. ويعود ذلك الى تبنيهم مواقف حادة من الكنيسة الانكليكانية، التي تريد فرض نموذجها على حياة الافراد الشخصية.
والى جانب الانتخابات الرئاسية، جرت ايضا انتخابات حكومات الولايات البرازيلية، وانتخابات البرلمان الوطني، والانتخابات التكميلية لثلث مجلس الشيوخ.

اهمية الانتخابات في البرازيل

يجمع المتابعون ان الانتخابات الرئاسية تتمتع باهمية خاصة مقارنة بمثيلاتها في بلدان امريكا اللاتينية الاخرى، ويعود ذلك الى كون الانتخابات تجري في بلد يبلغ عدد سكانه 200 مليون نسمة، ويمثل السطة الاقتصادية السابعة في العالم. ولا يتعلق الامر فقط باستمرار حكومة رئيسة الجمهورية دليما روسيف، الذي يعد بـ"مزيد من التحول ومزيد من المستقبل الافضل"، بل ان جوهر الصراع يتمحور حول مصير مشروع التحول بأكمله، الذي بدأه في عام 2002 سلفها الرئيس لويس ايناسيو لولا دا سيلفا.
وفي الوقت نفسه سيكون لنتيجة الانتخابات النهائية تأثير يتعدى حدود البرازيل، ويشمل عملية التكامل الجارية بين بلدان امريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، كذلك تحالف البرازيل مع كل من روسيا، والصين، والهند، وجنوب افريقيا في اطار مجموعة "البريكس" الساعية الى اقامة نظام عالمي متعدد الأقطاب.
وعكس مشهد الحملة الانتخابية مواجهة وقفت في يسارها ديلما روسيف، اول امرأة تصل الى دفة الحكم في البرازيل، والساعية للحفاظ على، التجربة السياسية للرئيس السابق لولا وتعميقها، وهي مرشحة حزب العمال البرازيلي، الذي تعود جذوره الى سنوات المواجهة مع الدكتاتورية في الفترة 1964- 1984،والنضالات النقابية التي شهدتها تلك الفترة. وقد استغرق النضال ضد الدكتاتورية 18 عاما، الى ان استطاع القائد في نقابة الحديد والمعادن لولا الفوز في انتخابات الرئاسة، وانهاء هيمنة الليبرالية الجديدة.
وفي الجانب الآخر،وقفت ماريا سلفيا، التي غادرت صفوف حزب العمل البرازيلي بعد 20 عاما، وقطعت كل الجسور مع الحزب والتجربة التي يقودها. وفي انتخابات الرئاسة الفائتة في عام 2010 كانت مرشحة لحزب الخضر، وحققت نتيجة جيدة، حيث حصلت على 19 في المائة من الاصوات، اي ما يعادل 20 مليون صوت، لكنها لم تكن كافية لايصالها الى كرسي الرئاسة. وبعد بضعة اشهر اسست حركة "شبكة الإستدامة"، التي لم تتمتع حتى وقت قريب بتأييد واسع.
وجاء حادث تحطم الطائرة، التي كان احد المسافرين على متنها ادواردو كومبوس مرشح الحزب الاشتراكي البرازيلي (وسط محافظ)، وشريك "ماريا سلفا" في تحالفهما الانتخابي. وبموجب اليات التحالف بين الطرفين حلت سلفيا، محل حليفها على راس القائمة الانتخابية، وكانت استطلاعات الرأي قبل حادث تحطم الطائرة قد اعطت كومبوس 9 في المائة من الاصوات مقابل 36 في المائة لرئيسة البلاد الحالية. ولكن يبدو ان وفاة المرشح الاشتراكي المفاجأة خلقت حالة من التعاطف مع خليفته، وارتفعت فرصها في استطلاعات الرأي لاحتلال الموقع الثاني.
والمرشح المهم الآخر، الذي سينافس روسيف في الجولة الثانية فهو السيناتور اسيو نيفيس مرشح الحزب الاجتماعي الديمقراطي،الذي يعد امتداداً لمدرسة الرئيس السابق فرناندو هنريكي كاردوسو (1995-2002) ،وحكومته الليبرالية الجديدة، التي تميزت سنوات حكمها بفوضى مالية، وارتفاع الفوائد الى مستويات كبيرة، وارتفاع نسبة التضخم الى اكثر من 10 في المائة، كذلك خصخصة نظام التعليم، التي حرمت الطلبة الفقراء من اكمال دراستهم الجامعية. ووصل اقتصاد البلاد الى وضع مزري،وخضع بالكامل الى اشراف صندوق النقد الدولي، ولهذا كان مستغربا ان تضع استطلاعات الرأي، في الايام التي سبقت حادث سقوط الطائرة، مرشح الليبرالية الجديدة في المرتبة الثانية.
وبعد حادث تحطم الطائرة في 13 آب الفائت، وتغير الخط البياني لاستطلاعات الرأي لصالح المعارضة اليمنية والمحافظة، احست قوى اليسار بضرورة تعزيز الحملة الانتخابية. وهنا لعب الحزب الشيوعي في البرازيل (PCdoP) دورا متميزا. وكان الحزب مشاركاً في حكومة الرئيس لولا الاولى بحقيبة وزارة الشباب، فضلا عن تقديم حزب العمل مساهمته ايضا في هذا الجهد الاستثنائي. ولعب الرئيس السابق لولا دورا نشطا جدا في الحملة الانتخابية، واخذ يظهر في كل زاوية في البلاد، و يعطي مقابلات يومية لوسائل الاعلام. وقد اكد مرارا الحاجة لإجراء إصلاحات?سياسية، وهو مطلب مركزي لقوى اليسار المحلية على صعيد الولايات والبلديات. وتستهدف هذه الاصلاحات السياسية، ضمن امور اخرى، منع التمويل الخاص للحملات الانتخابية للأحزاب السياسية،او كما يقول لولا: "إذا كنا نسعى لعمليات جذرية، ويتوجب علينا أن نعيد الاخلاق للحياة السياسة في البلاد، فان علينا أن نجري استفتاء لعقد جمعية تأسيسية ذات تمثيل دستوري.."
.
من يدعم حملة اليمين الانتخابية؟

ادارت الحملة الانتخابية للمرشحة المعارضة سلفيا، صديقتها المقربة جدا أليس سوتوبال، وهي من افراد العائلة المؤسسة لبنك Itaú-;-،والتي لا تزال تملك حصة الأسد فيه. وهو اكبر بنك خاص في البرازيل، وله فروع ايضا في بلدان القارة الأخرى.
واعترفت سيوتوبال، انها تلقت "مكالمات من العديد من الشركات"، تضمنت عروضا لتقديم مبالغ مالية، بهدف دعم الحملة الانتخابية. ووفق المعلومات التي ادلت بها، فان حملة سلفيا الانتخابية" تلقت دعما من مجموعة اقتصادية تعمل في القطاع المالي. وسيتوبال هي صاحبة شعار "السياسة الجديدة" لحملة سلفيا، التي تجسد زمرا انثويا موازياً لقيادة السلطة" في مواجهة رئيسة البلاد ومرشحة حزب العمل، التي سعت بوضوح لانهاء ما اسمته "النمط البيروقراطي لـ روسيف في ادارة البلاد". وبالاضافة الى دعم المؤسسلت المالية، تدرك سلفيا ضرورة توسيع قاعدت?ا الانتخابية في مواجهة خصم قوي. لهذا وجهت رسائل مصالحة للحزبين الاكبر في البلاد، وهما حزب العمل، والحزب الاجتماعي الديمقراطي، حملها إدواردو جيانيتي دا فونسيكا، الشخصية الاقتصادية المعروفة، واسعة النفوذ، والمدير السابق لاتحاد الصناعيين في ساو باولو، الذي يتبنى بشكل واضح سياسة تقوم على تقليص المكتسبات الاجتماعية. وكانت خطة سلفيا تقوم على اشراك افضل الخبراء في حزب العمل، والحزب الاجتماعي الديمقراطي في حكومتها، بحجة الجمع بين افضل السياسيين، وافضل المدراء التنفيذيين، اي السعي لحكومة تكنوقراط،بهدف تجاوز الاختلافات السياسية بين الاحزاب الرئيسية في البلاد، ويبدو ان هذه الخطط لم تصمد على الاقل في جولة الانتخابات الاولى امام نباهة اكثرية الناخبين البرازيليين.

موقف الحركات الاجتماعية

وكانت حكومة الرئيسة ديلما روسيف، قد دخلت قبل الانتخابات في حوار مع الحركات والشبكات الاجتماعية،والمنظمات غير الحكومية.وكان ذلك تطور مقارنة بنصف السنة الاول،حين انعدمت الاتصالات بين الطرفين. وعلى الرغم من وجود بعض الرفض اعلنت، اكثرية هذه القوى استعدادها للمشاركة في التعبئة لاعادة انتخاب رئيسة الجمهورية، وشمل ذلك اتحاد نقابات العمال التاريخي CUT، وكذلك اتحاد نقابات العمال CTB القريب من الحزب الشيوعي في البرازيل، والذي يملك حضورا مؤثرا في مصانع شركة فيات في البرازيل. وحتى حركة المعدمين، وحركة المشردين، اللتين تؤكدان دوما استقلالهما،دعتا بعد فترة من التردد، الى اعادة انتخاب روسيف، وهما حركتان لا تتعطفان مع اليمين، حتى وان كان مرشح الحزب الاشتراكي المتوفي كامبوس احد المساهمين في دعمهما.
وفي تموز الفائت تقدمت الرئيسة روسيف خطوة باتجاه الحركات الاجتماعية، واعنلت عن استعدادها لاجراء حوار بين الحكومة وهذه الحركات، وتم التوقيع على اتفاق بين الطرفين نزولا عند رغبة الاخيرة. وواجهت المعارضة اليمينية التوجه الحكومي بهجوم عنيف، واصفة الحكومة بـ "الشيوعية الجديدة"، و "البوليفارية" نسبة الى التجربة الفنزويلية.
ومما لا شك فيه أن حكومتي الرئيس لولا، ومن بعده روسيف قد بدأت منذ عام 2002 إصلاحات اجتماعية هامة،أنقذت بواسطتها ما يقرب من 40 مليون برازيلي من براثن الفقر. وتحسن الخط البياني لنسبة العمالة، وارتفعت الرواتب والاجور، وتحسن نوع السلع المعروضة، كذلك الخدمات العامة، واتسعت المشاركة الديمقراطية، وأصرت الحكومة على المضي بالبرنامج الاجتماعي Bolsa Familien (حقيبة العائلة)،الذي يضمن دعما مباشرا للعوائل الأشد فقرا. وجاءت الاستثمارات العامة الأخرى لصالح الفقراء ايضا.
وكما يرى متابعون للتطورات الجارية في البرازيل، فان كل هذا لا يكفي، اذا ما أخذنا بنظر الاعتبار الحراك الذي شهدته الطبقة الوسطى فالقادمون الجدد اليها يطالبون بالمزيد من اعادة توزيع الثروة في حين تنظر اوساطها التقليدية اليهم بعين الشك والريبة.
وفي ظل هذه الاوضاع تسعى روسيف للفوز بدورة رئاسة ثانية، وتحاول ان تُضمّن سياستها الوجهة العامة، التي عكستها الحركة الاجتماعية في احتجاجات حزيران الفائت، التي حاولت فيها الشبيبة جذب انتباه وسائل الاعلام غداة تنظيم بطولة كاس العالم لكرة القدم. والتي طالب فيها المحتجون بتوفير نقل عام جيد وقليل التكلفة، وبالمزيد من السياسات الاجتماعية. كما طالبوا بنمو اقتصادي مستدام، تعم فائدته جميع سكان البلاد، و بضمان نظام تعليم عالي الجودة، للسير في التحول الجاري في البلاد قدما.واكدوا على ضرورة اصلاح زراعي يضمن احتياجات الفلاحين المعدمين، ويقوم على تحرير وتوفير الغذاء، بعيدا عن مصالح الإقطاعيين ورجال الاعمال في القطاع الزراعي. واخيرا طالبوا بوضع حد لاستغلال الموارد الطبيعية غير المنضبط، والذي يسبب اضراراً بيئية، ومشاكل صحية للمواطنين، ويغدو ساحة للصراع المباشر مع الهنود الحمر سكان البلاد الاصليين.

البرامج ألانتخابية وكاريزما المرشحين

يرى متابعون ان المناقشات خلال الحملة الانتخابية تركزت على شخصيات المرشحين، وبدرجة اقل على النموذج الاقتصادي والاجتماعي. ولكن الحركات الاجتماعية الكبيرة غير مستعدة لتقديم أي تنازلات في هذه المرحلة. وهي تطالب بتغييرات ملموسة من أجل تعزيز الديمقراطية ودولة الرفاه وسيطرة الدولة على الموارد الطبيعية.
ويتحدث البرنامج الانتخابي لحزب العمل، المعلن على الأقل، عن "مرحلة تاريخية جديدة"، ينبغي ان تعكس طبيعتها الاصلاحات السياسية المطلوبة، مثل إعادة هيكلة النظام الضريبي والخدمات العامة، وبالأخص الرعاية الصحية والأجهزة الأمنية وتخطيط المدن. وفي مجال الاقتصاد ساعد تصاعد طلبات الصين، باعتبارها الشريك التجاري الأكبر للبرازيل، على تسريع النمو الاقتصادي. ومع ذلك، يتبنى بعض الاقتصاديين، أطروحة "المراجعة التقنية"،لمواجهة احصائيات انخفاض النمو الأخيرة، ويتحدث آخرون عن "ضعف مؤقت"، بسبب بطولة كاس العالم الأخيرة لكرة القدم، التي شهدت ايام مبارياتها توقف نشاطات قطاعات صناعية باكملها تقريبا، وخلال مباراة الفريق البرازيلي وصل النشاط الاقتصادي إلى حالة من التوقف الكامل تقريباً. ومن جانبها حاولت المعارضة تنفيذ حملة انتخابية قائمة على وجود ازمة اقتصادية في البلاد تتحمل الحكومة، وفق ادعاءاتهم مسؤوليتها،وعلى هذا الأساس يجب تغييرها.
و كما يقول المتابعون لشؤون البرازيل، هناك ارتفاع في اسعار الاحتياجات اليومية، وليس هناك مؤشر لنهاية سريعة لهذا التطور. ولهذا ازداد النقد للحكومة في الاحياء الفقيرة، ولكن ليس هناك بديل افضل، لذلك هناك تعويل على معالجة حالات الفساد التي تبرز، على الرغم من انها اقل بكثير من مثيلتها في ظل الحكومات السابقة. ولم تقدم اجابات سياسية قاطعة عن كيفية الوصول الى تدابير تقي منها في المستقبل.
وتعاني بعض المجموعات الاجتماعية من ظاهرة ضعف الذاكرة،وغالبا ما لا يؤخذ بنظر الاعتبار التقدم الحاصل في قطاعات الاسكان، والتعليم، والرعاية الصحية. ولا يذكر المزيد من اعادة توزيع الدخل لصالح المتضررين. ولهذا فان حملة كبيرة للتوعية مطلوبة. وهناك مشكلة أخرى مرتبطة بعدم امتلاك روسيف لكاريزما مؤثرة في اوساط الفقراء شبيهة بتلك التي يمتلكها سلفها الرئيس لولا. وبعد 12 عاما في السلطة يبدو ان هناك ملامح ضعف في الابداع في ادارة الدولة.
وعلى صعيد السياسة العالمية استطاعت البرازيل،رغم التناقضات الموجودة، الدفاع عن سيادتها الوطنية، وان تلعب دورا مهما في السياسة العالمية. وفي القارة اللاتينية تلعب البرازيل دورا اساسيا في عملية التكامل الجارية. ونفس الدور تلعبه في مجموعة دول "البريكس"، التي تضم اهم خمس بلدان صاعدة في العالم.
وبالضد من سياسة الحكومة الخارجية، تشدد المعارضة اليمينية على التقارب من جديد مع الولايات المتحدة، والسعي للعب دور في "تحالف الباسفيك"، الذي تقوده الولايات المتحدة. وبذلك تتحول الى خنجر في عملية التكامل الجارية في امريكا اللاتينية. ولهذا اتخذت الحكومات التقدمية واليسارية في المنطقة موقفا واضحا من هذا التوجه. وهناك مجاميع في المعارضة، تنطلق فقط من مهمة ازاحة حزب العمل من السلطة بعد ثلاث دورات متتالية له فيها، ولكن يبدو ان مهمة هؤلاء صعبة جدا.

دور المؤسسات الاعلامية

بالنظر لتداعي الاحزاب اليمنية، ودخولها في أزمة في البرازيل وفي عموم امريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، تحولت شركات الاعلام، التي يهيمن عليها اليمين من "سلطة رابعة" الى حزب يشارك مباشرة في الصراع الجاري على السلطة بين القوى السياسية في البرازيل. وتتلخص مهمتها المركزية على الصعيد العالمي في خلق "حقائق" سياسية وإيديولوجية. ووسائلها في ذلك هي حجب المعلومات، او تشكيل المعلومات المتاحة بما يخدم اغراضها الاديولوجية، او الانتخابية،في حال عدم تمكنها من ممارسة الكذب المكشوف.
واصبح هذا واضحا خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم، حيث قادت الشركات الإعلامية الكبرى حملة سيئة، لتصوير الحكومة، بأنها حكومة عاجزة على تنظيم هذا الحدث الرياضي. وكان دور هذه المؤسسات الاعلامية واضحا في حزيران الفائت، حين وصفت في البداية المشاركين في الاحتجاجات الاجتماعية بـ"المخربين" والفوضويين"، ثم جاء الانفتاح غير المسبوق من قبلها لدعمهم، بهدف توظيفهم في خططها المضادة للحكومة.
خلال 12 عاما من قيادة البلاد، لم يمتلك حزب العمل الشجاعة لاصلاح قطاع الاعلام، وكسر هيمنة الاقطاع عليه، خلافا لما حدث في بلدان أمريكا اللاتينية الأخرى مثل الأرجنتين وفنزويلا وإكوادور، فبقيت القوانين التي تعمل بموجبها المؤسسات الاعلامية في البرازيل على حالها. ولذلك تقف اليوم الصحافة وشركات الاعلام الكبيرة مغلقة لصالح اليمين المعارض، وتهاجم حكومة الرئيسة روسيف من جميع الاتجاهات . والى يوم التصويت في جولة الانتخابات الثانية، سيبقى الترقب سيد الموقف، على الرغم من وجود مؤشرات كثيرة لصالح استمرار قوى التقدم واليسار في حكم البرازيل خلال الدورة الرئاسية المقبلة.



#رشيد_غويلب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أروقة الدورة العشرين لمنتدى ساو باولو/ دروس اليسار المستخ ...
- الناخبون الاسبان يتجهون يسارا/ هل ينجح اليسار الأسباني في إع ...
- بمناسبة الذكرى الثلاثين لوفاة القائد الشيوعي إنريكو برلينغوي ...
- في وثيقة لحزب الشغيلة التقدمي القبرصي (اكيل) / تقويم عمل الش ...
- ابنوا الأمل مرة أخرى/ ماذا يقول مسؤول الانتخابات في قيادة ال ...
- ردا على بيان الحكومة الألمانية بشأن الأزمة الأوكرانية/ حزب ا ...
- هل انتهت مرحلة سياسة التردد ؟ / مؤتمر الأمن في ميونيخ وعسكرة ...
- إنهيار امبرطورية الخوف/ تركيا .. الحركة الاحتجاجية ومصير حكو ...
- مدينتان مدينتا ومستقبل واحد/ نجاحات اليسار الأمريكي.. هل ستؤ ...
- الفوارق ليست بين الشعوب.. الفوارق بين الطبقات/ أوروبا .. صعو ...
- مع طلوع العام الجديد نعود اليها/ انتصارات و محطات هامة لقوى ...
- في قراءة لتجربة البلاد بعد نهاية الحكم العنصري/ جنوب افريقيا ...
- قراءة ميدانية مباشرة للوضع في البلاد/ اليونان: إحصائيات مخيف ...
- استبعاد اليسار ونتائج الانتخابات الالمانية/ كيف يقرأ شيوعيو ...
- ليس هناك وصفة جاهزة لبناء الاشتراكية/ موضوعات حول التجربة ال ...
- هل ستغير الأزمة السورية مسار الانتخابات الألمانية؟ فرص جديدة ...
- التحولات المزدوجة: فكرة اجتماعية جديدة لإستراتيجية يسارية
- نجيلا ديفز.. دراسات في الحرية
- المؤتمر الاول لحزب اليسار اليوناني ينهي اعماله
- بعد مناقشات واسعة ومعمقة/ المانيا: حزب اليسار يقر برنامجه ال ...


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رشيد غويلب - البرازيل.. هل فشل رأس المال المالي في كسر هيمنة اليسار؟