أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عفيف رحمة - الإمبريالية الأميركية تنتصر















المزيد.....

الإمبريالية الأميركية تنتصر


عفيف رحمة
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 4600 - 2014 / 10 / 11 - 22:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا بد أن يثير عنوان كهذا غضب القوميين واليساريين وبشكل خاص الشيوعيين ممن حسموا أمر ‏الإمبريالية منذ زمن ليس بالقريب وحكموا عليها وعلى الرأسمالية العالمية بالإنهيار، حيث وضعوا ‏نهاية لوجودها كمنظومة إقتصادية سياسية عسكرية، بعملية إستقراء ميكانيكي مرجعيته دورة ‏الأزمات المالية والإقتصادية التي مرت بها الرأسمالية العالمية عبر تاريخها الحديث.‏
إستقراء ذهني حسابي أحادي البعد لم يأخذ اصحابه بعين الإعتبار قدرة الأنظمة الإمبريالية على ‏التجدد بسبب افتقار دول الصف الثالث للبدائل الوطنية والطبقية القادرة على كبح فعل التجدد هذا، ‏حيث استطاعت هذه الأنظمة الإمبريالية، بفضل تراكم المعرفة والتقدم التكنولوجي وما حققته من ‏إنتاج نوعي وبحكم سيطرتها المكتسبة على السوق وعلى مصادر الطاقة، أن تفرض شروطها ‏الإقتصادية على المستوى العالمي وأن تنفرد بوضع ضوابط الإحتكار والمنافسة، المقومات الاساسية ‏للأنظمة الرأسمالية المتقدمة.‏
هذا الإستقراء الساذج ليس إلا هروباً نحو الأمام من واجب مواجهة الحقائق التاريخية، إستقراء كان ‏يستحسن من أصحابه، مراجعة واقع حركات التحرر الوطني بأطيافها المختلفة، حيث تمر بأشد ‏مراحلها التاريخية سوءً بعد أن اعتلت عليها جماعات سياسية إنقلابية استثمرت السلطة وحولتها إلى ‏أنظمة قمعية لا تتوافق مع أي من المقاييس الوطنية أو الطبقية.‏
هذا العجز الفكري في فهم الشكل المتقدم للرأسمالية، لم يأتي إلا بعد سلسلة من الانحرافات السياسية ‏والبنيوية في حركات التحرر الوطني؛ إنحرافات لم تفلت منها الأحزاب العمالية والشيوعية (إستعارة ‏من أدبيات الأحزاب الشيوعية) التي تحولت بفعل التعب والنكسات المتتالية إلى شريك أخرس ‏يصمت حيناً ويبرر بالإيماء أحياناً آخرى ممارسات هذه القوى الإنقلابية وما انتجته من أنظمة ‏قمعية، مفندة موقفها "المبدئي والموضوعي" (مقولة تستخدمها غالباً في خطابها)، بمآثر العلاقات ‏السابقة لهذه الأنظمة الإنقلابية مع الإتحاد السوفييتي، علاقة لم تكن يوماً مبنية على إيمان طبقي، بل ‏كانت حاجة ماسة لحماية سياسية عرفت القوى الإنقلابية في ظل الحرب الباردة كيف تستثمرها ‏بدهاء.‏
تحللت الأمميات وانهار الإتحاد السوفييتي وغاب شعار "لا بد للإشتراكية من أن تنتصر" وعادة ‏روسيا الإتحادية إلى السوق الرأسمالية ومنظومة الصراع والتنافس الصناعي والتجاري...، وما ‏زالت بعض القوى السياسية التي احتكرت لنفسها صفة الماركسية والإشتراكية ترى الروح السوفيتية ‏هائمة في جسد روسيا الرأسمالية. وبناء على هذه الرؤية العليلة تبني هذه القوى المتعبة والمترهلة ‏تحالفاتها وترسم سياساتها التي لا تصب في صالح القوى المنتجة وفقراء المجتمع والمهمشين ‏والمضطهدين فيه.‏
لم يقتصر فشل السورييون من أتباع المدرسة الماركسية ومذهب الإشتراكية العلمية في الحفاظ على ‏تنظيماتهم، بل أيضاً في تطوير ثقافتهم وفهمهم لطبيعة وخصوصية الصراع الطبقي المعاصر ‏وعولمته وتحول الأنظمة المحلية قومية التوجه بفعل انتهازيتها إلى فقرة من فقرات الهيمنة ‏الإمبريالية.‏
وإذا كانت العلمية سلاح الإشتراكية، كما حددتها الماركسية، فقد سبقتها الرأسمالية المعاصرة وأخذت ‏من العلم والعلمية كل ما يساهم في تعزيز بنيتها وتطوير أدائها وتحسين قوانين حركتها، فلم يعد نمو ‏رأس المال وتعاظم دوره في عملية الإستثمار مقتصراً على نهب القوى المنتجة واستحواذه منفرداً ‏على فضل القيمة، بل اصبح يأخذ من العلم كل ما يزيد من مناعته ويساعد على تعزيز إستحكامه ‏بالعلاقات الإقتصادية والسياسية .‏
لقد أدركت المؤسسات الرأسمالية (في عصرنا) بمختلف أطيافها الإستثمارية ونظمها الإقتصادية كيف ‏تستفيد من العلوم المالية الحديثة وقواعد البيانات ومصادر المعلومات. ولم يعد يقتصر تدخل هذه ‏المؤسسات في الإعلام والصحافة ودور النشر وشبكات التواصل الإجتماعي، بل أخذت تدير، بشكل ‏مباشر وغير مباشر، الجامعات ومراكز البحث العلمي وتشرف على مشاريع وبرامج المؤسسات ‏والجمعيات العلمية سعياً لاستثمارها المعرفة في إدارة رأس المال .‏
إن أخطر ما في إمبريالية هذا العصر هو تحويلها بلدان العالم، الفقير منها وشبه الغني، إلى ورشات ‏إنتاج ضمن منظور جديد لتقسيم العمل وتشغيل رأس المال، خطوة عززت هيمنتها وقدرتها على ‏التدخل الإقتصادي والسياسي في العالم حين تشاء.‏

منذ الازمة المالية التي عصفت بالولايات المتحدة الأميركية عام 2009 تنبأ كثيرون بإنهيار هذه ‏الدولة الإمبريالية التي تسيطر على أكثر من نصف إقتصاديات العالم، فرصة كانت مناسبة لتطور ‏حكومات دول الصف الثالث بدائلها الإقتصادية الوطنية لكن عدم إستقلال هذه الأنظمة عن ‏المؤسسات الرأسمالية منع حدوث هذا التطور.‏
لقد اعتادت أنظمة دول الصف الثالث وأحزابها السياسية على محاربة الإمبريالية بسواعد غيرها، ‏وها هي اليوم تحارب بسواعد منظمة البريكس، البديل العالمي الذي سيقوض اركان الإمبريالية ‏حسب رأيها، إلا أن هذا البديل ليس إلا تحالفاً ورقياً حتى الآن، وحين يبدأ بلعب دوره الإقتصادي، ‏الذي لن تتبلور معالمه قبل عام 2025 حسب تقدير الخبراء الإقتصاديين، لن يكون إلا تجمعاً ‏رأسمالياً قائماً على قانون السوق وعلى الإحتكار والمنافسة، ولن يتحول إلى كتلة إقتصادية مزاحمة ‏للرأسماليات القديمة إلا عام 2050، هذا إذا استطاع الإفلات من قبضة الإمبريالية التي سمحت هي ‏بنشوئه، لأنه حتى زمن متقدم ستبقى دول البريكس تدور في فلك الرأسمالية العالمية واحتكامها ‏للسوق، والإفلات من قبضتها يعني حرباً كونية نوعية وهذا ما تخشاه دول العالم المتقدم وتسعى ‏لتلافيه.‏
يخطيء خطأ فادحاً من يعادي إمبريالية ويتحالف مع إمبريالية أخرى، ويخطيء من يعتقد أنه تكفي ‏النوايا لإنهيار الإمبريالية، لأن التاريخ لا يبنى على النوايا، وكما كشفت المادية التاريخية بعلميتها أن ‏إنهيار نظام لم يتم إلا بتعاظم دور النظام البديل، فالإمبريالية لن تنهار إلا حين تستعيد حركات ‏التحرر الوطني دورها الثوري المبني على رؤية وطنية وطبقية حقيقية.‏
تاريخياً فرضت عملية الإنتاج سلسلة من التحولات الحتمية في بنية المجتمعات وعلاقاتها الإقتصادية ‏التي فرضت بدورها الشكل العام للنظام الإقتصادي الإجتماعي بما فيه شكل السلطة التي حكمت هذه ‏المجتمعات. إكتشاف الزراعة وضرورة الإستقرار فرضت الإنتقال من المجتمع البدائي الرعوي إلى ‏المجتمع الزراعي الذي ترك بدوره مكانه لمجتمع المدينة مركز الحرف وتبادل السلع حيث فرض ‏هذا الأخير سلطته ونظامه، ليتطور ويأخذ شكله المتقدم متنازلاً بقوانينه لصالح قوانين وسلطة ‏المجتمع الأحدث المجتمع الصناعي الرأسمالي الذي تطور بدوره وتحول إلى نظام إمبريالي حيث ‏فرض على الدول الأقل تقدماً والأكثر تخلفاً فتح أسواقها امام بضائعه ومنتجاته وبالتالي الخضوع ‏لسلطته.‏

ومثلما راهنت هذه القوى السياسية على سقوط الإمبريالية الأميركية بعد أزمتها الإقتصادية، يراهنون ‏اليوم على روسيا الإتحادية في حل الأزمة السورية لكن الأمور تسير بغير مجاريها، فقد إختارت ‏الولايات المتحدة الأميركية أن تجمد العالم سياسياً وإقتصادياً لتستعيد مؤسساتها الإقتصادية والمالية ‏أنفاسها ولتتمكن من مجابهة عدد من الحتميات التاريخية، التي كانت هي أحد عوامل صناعتها، ‏كتنامي الإقتصاد الصيني بعد دخوله تجربة الإقتصاد الهجين، ولتحد من جموح الرأسمالية والليبرالية ‏التي عادة إلى روسيا والتي تتطلع لدخول سبق المنافسة مع الإقتصاد الغربي.‏
وأمام سياسة التعالي والمعاكسة التي تنتهجها حكومة روسيا الإتحادية نجحت الولايات المتحدة ‏الأميركية بوضع هذه الدولة وحكومتها في المازق الأوكراني الذي لن تخرج منه إلا بكثير من ‏الخسائر الإقتصادية والسياسية، لأن كل أزمة تمر بها الرأسماليات الجديدة لن يكون إلا في صالح ‏الأكبر والأقوى منها.‏
عملية هادئة وخبيثة ترافقت مع تجميد الوضع في الشرق الأوسط حتى مرحلة تستطيع فيها الولايات ‏المتحدة الأميركية استرداد سيادة القرار، وكما أدخلت المشكلة الفلسطينية في ثلاجة سياساتها ها هي ‏القضية السورية تسير بذات المسار، فمع فشل جنيف 2 لا جنيف بعد الآن بل تجميد الحلول كما ‏تجميد الأرصدة .‏

وإذا كانت الولايات المتحدة قد دُعيت لعدم التدخل العسكري في الشأن السوري، ها هي تُستدعى من ‏خصومها بالذات لمكافحة الإرهاب فتسارع لألا تفوت هذه الفرصة التي بفضلها تستمد اليوم شرعية ‏تواجدها فوق الأراضي السورية... لقد استجابت للنداء لكن على طريقتها التي لن يكون فيها للفيتو ‏الصيني-الروسي مكان أو مفعول.‏
الولايات المتحدة الأميركية تلعب لعبتها العسكرية في الشمال السوري بحجة مكافحة الإرهاب، الذي ‏كان محط استثماراتها وما زال، وغداً ربما ستدخل وتسيطر عسكرياً وسياسياً حيث خسرت السلطة ‏الرسمية، في السنوات الثلاث الفائتة، أراض لم يعد لها نفوذ فيها وعليها وحيث لا يستطيع الجيش ‏الرسمي أن يحرك ساكن فيها.‏

لقد أظهرت المواقف والتحالفات الإنتهازية آثارها التدميرية على حركات التحرر الوطني وتحديداً ‏على تلك التي انطلقت في خطواتها الأولى من منطلق دفاعها عن مصالح القوى المنتجة وفقراء ‏المجتمع والمهمشين والمضطهدين فيه.‏
لقد بات ملحاً على حركات التحرر الوطني وأحزابها، أكثر من اي وقت مضى، ضرورة العودة ‏للنهج الوطني الملتزم طبقياً كمقدمة للسير نحو إيجاد البدائل الوطنية الإقتصادية والسياسية القادرة ‏على مجابهة الإمبريالية وكبح طموحاتها اللامحدودة، ولعل أولى الخطوات التزامها بالعمل السياسي ‏الثوري المتحرر من التحالفات الإنتهازية والملتزم بقضايا المجتمع والفئات الإجتماعية التي تساهم ‏بعملية الإنتاج وإنتاج الثروة الوطنية، عودة تستوجب عدم الإنجرار وراء أكاذيب القوى الإنقلابية ‏مدعية القومية والإشتراكية التي أثبت التجربة السياسية والتاريخ قدرتها على التلون والتلاعب ‏بالأهداف والإلتزامات الوطنية لمجرد استشعارها بمغريات الثراء والسلطة.‏



#عفيف_رحمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جامعة دمشق والمدرسة الداعشية
- معضلة الوعي السياسي وإخفاقات التغيير السلمي في سوريا
- لماذا يجب رفض ترشيح سيادته
- شيوعيو الأمس فاشيو اليوم
- الإنخابات الرئاسية مقدمة لتعميق الإزمة في سوريا
- هل يحمل تحرير الراهبات مؤشراً لمحرقة جديدة
- الأزمة السورية والمسألة الوطنية
- لقاء حواري مع منتدى السلام والديمقراطية للحوار المفتوح
- سياسات متناقضة والنتيجة واحدة
- معارضة بائعة حليب - مواقف انتهازية وحسابات خاطئة
- السوريون والقفص الإيراني
- إعادة بناء الدولة السورية (1)
- المسيحيون وربيع العرب
- المقاومة والممانعة شركة مساهمة محدودة
- من فضاء الفساد السياسي إلى فضاء الوطنية السياسية
- سقوط أحزاب الأمم
- المؤشرات المبكرة للأزمة السورية
- معلولا اللغز السياسي والعسكري
- شيوعيو سوريا وفقد الرؤية الطبقية
- الشعب يريد إنهاء عصر الإستبداد!


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عفيف رحمة - الإمبريالية الأميركية تنتصر