أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عامر هشام الصفّار - قراءة في كتاب - أصول الديمقراطية في الفكر السياسي الحديث















المزيد.....

قراءة في كتاب - أصول الديمقراطية في الفكر السياسي الحديث


عامر هشام الصفّار

الحوار المتمدن-العدد: 4574 - 2014 / 9 / 14 - 14:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أهتم العديد من أهل الفكر والسياسة بدراسة الديمقراطية وفلسفتها في إدارة الدولة وتسيير الحكم في نظام سياسي معين. وعلى ذلك كثرت الدراسات والبحوث في الشأن الديمقراطي حتى أن مراكز البحث المتخصصة قد أصدرت المجلات الخاصة ببحوث الديمقراطية في العالم أضافة الى العديد من الندوات الفكرية المتخصصة حول الموضوع.
وقد أبى الأستاذ المحامي الراحل عزيز حسن الحسني إلاّ أن يضع خلاصة تفكيره السياسي في موضوعة الديمقراطية ليضّمها في دفتي كتابه الذي أصدره قبيل وفاته بفترة وجيزة عن شركة أبو ظبي للطباعة والنشر وذلك عام 2005، حيث جاء الكتاب تحت عنوان " أصول الديمقراطية في الفكر السياسي الحديث"، وعلى ثلاثة فصول ومقدمة، ومستندا على ما يربو من العشرين مصدرا من أمهات المصادر في الفكر السياسي. ففي مقدمته للكتاب أعتبر المؤلف أن أنتصار الحلفاء في الحربين العالميتين الأولى والثانية أنما هو إنتصار للديمقراطية على قوى الديكتاتورية في العصر الحديث، داعيا قرّاء كتابه الى أن الموضوعات التي يتناولها إنما تعتبر وحدة فكرية واحدة متداخلة ومتكاملة.
وقد خصّص المؤلف الفصل الأول في الكتاب لموضوعة الجذور التاريخية للديمقراطية حيث نادى الفيلسوف الأغريقي أفلاطون بأن " مصدر السيادة هو الأرادة المتحدة للمدينة". وقد نادى الكثير من المفكرين والفلاسفة خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر أمثال جون لوك وجان جاك روسو بالفكرة الديمقراطية التي أعتبرت سلاحا في وجه الملكية المطلقة كي تصل الى تغيير سلطتها أو الحد منها. وفي الولايات المتحدة الأميركية جاء أعلان الأستقلال في سنة 1776 كوثيقة تاريخية لتؤكد السيادة الشعبية وذلك أستلهاما للفكر السياسي الحر الذي نادى به منتسكيو وروسو وفولتير. وفي أنكلترا يذكّر الكتاب بثورة عام 1688 والتي أنتهت بإعلان وثيقة الحقوق حيث تغير نظام الحكم في أنكلترا من ملكي مطلق الى ملكي دستوري يجعل السيادة شراكة بين الملك والشعب.
وقد أكتسبت الديمقراطية عن طريق الثورة قوة لا غالب لها في القرن الثامن عشر، اذ أنتقلت من نظام الفلسفة والنظريات الى دائرة القانون الوضعي والتطبيق العملي. وحول تعريف الديمقراطية ومدلولها يأخذ المؤلف بالتعريف البسيط التالي " أن الديمقراطية تعني حكم الشعب أو سلطة الشعب، أي نظام الحكم المستمد من الشعب وفي ذلك تمييز للديمقراطية عن نظام الحكم الفردي". ولابد من تعريف الشعب هنا حيث هناك المفهوم الأجتماعي والآخر السياسي لمعنى الشعب، حيث يتحدد الأخير بكونه يشمل الأفراد الذين يتمتعون بالحقوق السياسية التي يقرّرها القانون. وعليه تكون الديمقراطية مذهبا فلسفيا ونظاما للحكم في ذات الوقت، حيث أن فحوى المذهب الديمقراطي هو أن الأمة هي مصدر السلطات وأن إرادتها هي أصل السيادة ومصدرها في الدولة. كما أن النظام الديمقراطي هو الذي يستوحي روح المذهب الديمقراطي، بمعنى أن يقوم النظام على أساس أرادة الأمة ويجعلها عماد هيئاته، حيث يضمن ذلك حماية الحقوق والحريات الفردية.
ويفصّل الحسني في موضوعة الديمقراطية السياسية حيث يستنتج انها يجب أن تبنى وتقوم على دعامات أساسية ثلاث:
1. الحريات الشخصية والتي تتمثل بحرية التنقل والأمن والسكن أضافة الى سرّية المراسلات.
2. الحريات الذهنية وهي التي تتمثل في حرية الرأي والأجتماع وتكوين الجمعيات أضافة الى الحرية الدينية والتعليم والصحافة.
3. الحريات الأقتصادية وهي التي تتمثل في حرية التملك والتجارة والصناعة.
ويستدرك المؤلف هنا ليقول بأن الديمقراطية بأعتبارها فكرة فردية تقرر قاعدة المساواة في الحقوق السياسية بين الأفراد دون أن يعني ذلك مساواة حسابية محضة بمعنى إعطاء جميع الأفراد حقوقا متساوية مهما أختلفوا في الكفاءة والأهلية وتباينت عندهم الصفات والقدرات.
وفي أحد مباحث الفصل الثاني من الكتاب يطرح الحسني فكرة الديمقراطية الإجتماعية والأقتصادية حيث تتبلور فكرة الجانب الأجتماعي في الديمقراطية من خلال أستهداف تحقيق المساواة بين الأفراد والعمل على رفع مستواهم من الناحية المادية، أضافة الى الحد من الإستغلال الأقتصادي والصراع الطبقي. وعليه فالديمقراطية السياسية إنما تكون منقوصة دون الديمقراطية الأجتماعية الأقتصادية، فما قيمة الحرية السياسية لفرد يعاني البطالة أو فرد يكون مهددا في سن الشيخوخة بالعوز والفاقة فضلا عن عدم شعوره بالأستقرار الإجتماعي. وهنا بالذات يرصد المؤلف العديد من تجارب العالم الغربي في ميادين حقوق أفراد المجتمع وحرياتهم، فيشير الى الدستور الفرنسي الصادر عام 1946 والدستور الصادر عام 1958 أضافة الى الأشارة الى القوانين الأجتماعية في بريطانيا وأميركا حيث أن الديمقراطية ليست نظاما يوضع ليتحقق في الحقل السياسي وحده بل أنها في الحقيقة فلسفة حياة يمكن أن تفسر على أساسها الأحوال الأجتماعية والأقتصادية.
ويستنتج الحسني في فصل الكتاب الأخير أن الديمقراطية تعمل على تثبيت دعائم الأستقرار في داخل البلاد لأنها بمثابة صمام الأمان الذي يحول دون قيام الإنقلابات والثورات كما انها تعادي فكرة الحرب وتدعو للسلام العالمي. كما ان نظام الحكم الديمقراطي يجعل السعادة في الدولة ترتكز على الأقناع والحوار والموافقة العامة لا على القوة.
وكان لابد للكتاب وهو يعرض لأصول الديمقراطية من أن يتناول ببعض التفصيل أركانها وشروطها المتممة، فيشير الى التعددية السياسية وحرية المعارضة ونظام الإنتخابات. كما خصّص الكتاب مبحثا لمعنى الديمقراطية الليبرالية وحدودها وإمكانياتها، لينتهي بتوجيه ندائه أن " يا ديمقراطي العالم أتحدوا". فيوما بعد يوم -يشير المؤلف- تتحول الديمقراطية الى ثورة عالمية مع أختصار المسافات عبر التطور في تقنيات الأتصال والتواصل الإجتماعي حيث غدا العالم قرية جامعة وأصبح التأثير متبادلا بين الدول ليكون ذلك أكثر كثافة وتعقيدا.
ولابد لي وأنا أعرض لأفكار الراحل الأستاذ عزيز الحسني عبر كتابه هذا من أن أشير الى الجديد في دراسات الفكر الديمقراطي، حيث نشر مركز دراسات الوحدة العربية قبل أشهر قليلة كتابا مهما بعنوان " الديمقراطية المتعثرة" الذي ضمّ مجموعة بحوث لعدد من المفكرين العرب. وقد أستنتج الباحثون أن حصيلة التحركات الراهنة من أجل الديمقراطية في البلدان العربية حتى الآن، لم تنتج في أحسن الأحوال سوى "ديمقراطية متعثرة" في قلة من البلدان التي تغيّرت فيها السلطة الحاكمة. أما الدول التي لم تتغير فيها السلطة الحاكمة، فأن الأمل في إنتقالها الى نظم حكم ديمقراطية، ضئيل ان لم يكن مفقودا، فبعد أنقضاء ثلاث سنوات على الحراك الديمقراطي العربي، لم يتحقق بعد إنتقال مستقر للديمقراطية في أي قطر عربي، فيما نذر الأقتتال الأهلي بادية في غير قطر عربي، لا سيما تلك التي أسقطت فيها الإنتفاضات السلطات الحاكمة.
وقد أرجع الباحثون الذين شاركوا في ندوة عن الفكر الديمقراطي عقدت في جامعة أكسفورد البريطانية في آب/ أغسطس 2013 تعثر الديموقراطية العربية بعد الانتفاضات الشعبية الناجحة التي باغتت الداخل والخارج الى عوامل ثلاثة:
أ ـ تشبث نظم حكم الاستبداد والفساد بامتيازاتها، وغياب البديل الثوري للنظم الساقطة وعدم توافق الجماهير والتئامها في كتلة تاريخية على قاعدة الديموقراطية.
ب ـ القوى الدولية الكبرى الحامية لأنظمة الحكم السابقة والمتضررة من فقدانها.
ج ـ عدم التوافق على نظام ديموقراطي بديل، وعجز القوى التي شاركت في الانتفاضات عن التوصل الى اهداف وطنية جامعة.
أن كتاب الراحل الأستاذ عزيز حسن الحسني حول أصول الديمقراطية لهو أضافة مهمة للمكتبة السياسية العربية حيث سيظل من أهم المصادر التي يمكن أن يعود أليها الباحثون والدارسون لمسيرة الفكر الديمقراطي في العالم.



#عامر_هشام_الصفّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خالد القصّاب: وشعرية اللوحة الفنية
- قراءة في كتاب: ذكريات من مسيرة الحكم الملكي في العراق
- يوم السل العالمي: حول مكافحة مرض السل في العراق
- أمي
- الصندوق وأقاصيص أخرى
- فيلم -أزعاج أمريكي- والإدهاش سينمائيا
- عام 2013 طبيا
- قصص كرسمس القصيرة جدا
- السُمنة في العراق.. المشكلة والحلول
- زواج في زمن الفياغرا وأقاصيص أخرى
- حول حاضر المجلات الطبية العراقية
- عن الطب في العراق: الخطأ الطبي ... العواقب والعلاج
- في كوبا.. وقصائد أخرى
- فيلم -أيليسيوم- والبحث عن الخلود
- حول جائزة نوبل في الطب لعام 2013
- حول مؤتمر الأطباء العراقيين في لندن
- حول المؤتمر الطبي العراقي العالمي في لندن
- أطباء من أرض السند والهند على أرض السماوة العراقية
- الطبيب العراقي الأستاذ عز الدين شكارة في ذمة الخلود
- أمسية ثقافية عراقية في ويلز/بريطانيا


المزيد.....




- القبض على جندي أمريكي في روسيا.. والكرملين لـCNN: يجب أن يحا ...
- بايدن وعاهل الأردن يؤكدان التزامهما بالعمل للتوصل إلى وقف مس ...
- عربة الإنزال المطورة تشارك في عرض النصر بمدينة تولا الروسية ...
- -حمام دم ومجاعة-.. تحذيرات من عواقب كارثية للهجوم على رفح
- -روستيخ- تطور منظومة جديدة لتوجيه الآليات في ظروف انعدام الر ...
- عالم يحل لغز رموز أثرية غامضة في العراق تعود إلى عام 700 قبل ...
- وزارة الصحة الروسية تحذر من آثار جانبية جديدة لـ-إيبوبروفين- ...
- معركة بالأكياس بين الطلاب الأميركيين
- استراتيجية بايدن المتهورة قد تؤدي لحرب خطرة
- إيلون ماسك يتوقع اكتشاف آثار لحضارات فضائية قديمة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عامر هشام الصفّار - قراءة في كتاب - أصول الديمقراطية في الفكر السياسي الحديث