أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميح مسعود - يوميات ابي عبد الله الصغير أخر ملوك الأندلس














المزيد.....

يوميات ابي عبد الله الصغير أخر ملوك الأندلس


سميح مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 4567 - 2014 / 9 / 7 - 09:34
المحور: الادب والفن
    



نشرت هذه اليوميات بين دفتي رواية " المخطوط القرمزي " للروائي الاسباني أنطونيو غالا، قرأتها وأعجبت بها موضوعاً وسرداً وأسلوباً، ولاحظت من أسطرها الأولى أن كاتبها قد سيطر على أدوات القص فيها، وأجاد في التعبير عن مكنون شخوصه، واستنباط أدق خلجاتها، مبيناً في توطئة للرواية، أنه يقدم قراءة أقرب ما تكون إلى الموضوعية، بلغة عصرية ليوميات حقيقية لأبي عبدالله الصغير آخر ملوك الأندلس، وأفاض في هذا الشأن بالحديث عن مغامراته للحصول على هذه اليوميات، وكيف اكتُشفت في عام 1931 أثناء ترميم جامع القرويين في مدينة فاس، ملفوفة بين دفتي مخطوط قديم، جلد تجليداً في غاية الكمال بجلد لونه قرمزي ، كلون أوراق أمانة الدولة في قصر الحمراء.

وقد حاول مؤلف الرواية في تعريفه بخلفية روايته أن يثبت واقعية نصها، وإصراره على كونها مذكرات حقيقية، مستدركاً في جملة تساؤلات، عن صحة ما يرويه الملك الأندلسي، إن كان صحيحاً، أو أنه يميل به لصالحه، وما إذا كان قد كتبها بنفسه، أو أنه أملاها على واحد أو أكثر من أمنائه.

ويؤكد الكاتب في سياق إجابته على هذه التساؤلات على أنها مذكرات غير مختلقة، وضعها الملك الأندلسي بعد تشرده وعيشه في مدينة فاس، وأن مهمته – كمؤلف للرواية – قد انحصرت فقط في إعادة صياغتها في نسيج روائي، بلغة عصرية أكثر وضوحاً بالنسبة للقراء الغربيين، ليكون النص أكثر قرباً من عيونهم وأسماعهم، تاركاً التسلسل التاريخي فيها، وأسماء الشخوص والأماكن والإشارات، والمفاصل الحوارية على حالها لأبي عبدالله الصغير.

لقد لاقت الرواية ترحيباً كبيراً من القراء، وتعتبر من عيون الأدب الأسباني المعاصر، حصلت على جائزة بلانيتا 1990، وهي من أهم جوائز الدولة في اسبانيا، وأعيدت طباعتها عشرين مرة حتى عام 1998، ووصل عدد النسخ المباعة إلى أكثر من مليون نسخة.

ولا عجب في هذا، فهي – على حد تعبير التوحيدي – رواية للإمتاع والمؤانسة، تحفل في مشاهد درامية يتهادى بين سطورها آخر ملوك غرناطة، يتحدث عن طفولته، وحروفه الأولى وتركيباتها، وحيثيات حياته في غرناطة، وكل الأحداث التي دارت حوله حلوها ومرها.

اعترفُ كما أسلفت أنني أعجبت بهذه الرواية، أيما إعجاب، واعتبرتها علامة فارقة في جمعها لصور تاريخية أندلسية وتدوينها بأسلوب روائي راقٍ.

ومن حسن الصدف أنني التقيت مصادفة بالدكتور محمد بن شريفه، وهو من الباحثين المعروفين في المغرب، له دراية مميزة بكل ما يتصل بالتاريخ والأدب الأندلسي، ويضع في الوقت الحالي اللمسات الأخيرة على كتاب له من خمسة أجزاء من الأمثال والزجل في المغرب والأندلس.

وفي سياق حديثنا، أشرت إلى رواية المخطوط القرمزي لأنطونيو غالا، وأفضت في سرد كل جميل عنها، وأجابني مبتسماً أن هذه الرواية مجرد سرد خيالي، اختلق غالا فيها شخوصه، ولا علاقة لها بيوميات واقعية لأبي عبدالله الصغير، وضعها غالا كما يحلو له ويتلاءم مع الزمن المعاش، وأضاف قائلاً أن اللجوء إلى التاريخ ساعد على زيادة توزيع الرواية، لقدرته على جذب قطاع عريض من القراء، نظراً للقيمة العاطفية للمادة التاريخية المنتقاة.

وأضاف محدثي أنه كان يعمل مديراً للمكتبة الوطنية بالرباط في وقت صدور الرواية، وهي الجهة الحاضنة للمخطوطات التاريخية والكتب التراثية، إضافة إلى الكتب المعاصرة، ورجع إليه العديد من المعنيين لمعرفة حقيقة المخطوط القرمزي، وكان يجيبهم نافياً حقيقة وجوده، موضحاً أن الرواية مجرد بناء روائي خيالي لا أكثر، يشكل التاريخ مصدراً مهماً ومادة أساسية لها.

وهذا أمر متبع، إذ يغوص كثير من الروائيين في أعماق التاريخ يغرفون منه ما يحلو لهم في أعمالهم، دون أن يقلل هذا شيئاً من جمالية النص الأدبي، وحميميته الروائية، لكن المعيب في رواية المخطوط القرمزي أن انطونيو غالا يصر على وجوده مكتوباً بخط أبي عبدالله الصغير، مبيناً بأسلوب درامي كيف وصله ومعتذراً من القراء لأنه أجاز لنفسه إعادة صياغة النص بلغة تتلاءم وروح العصر.

ومع أنني على دراية بأن بعض الكتاب يعملون على تشويه الحقائق التاريخية، ويُقولون شخوص رواياتهم بما يريدون ، إلا أنه من الإنصاف القول أن انطونيو غالا عكس هؤلاء، فقد بين حبه واحترامه لأبي عبدالله الصغير، بنى له صرحاً ضخماً، وحياة جديدة، وسبغه بصفات أخرى غير التي ذكرت في التاريخ المعروف، سجلها في طيات ذاكرة بشرية بلون قرمزي جميل، يظهر منها معرفة الكاتب بكل شاردة وواردة في التاريخ الأندلسي.

وكنت أتمنى لو أن الكاتب لم يعتمد على اختلاق مادة المخطوط القرمزي، وإدعائه بأنها مذكرات دونها آخر ملوك الأندلس، وكان الأحرى به أن يغرف من التاريخ ما يريد، وأن يرسم اللوحة التي يريدها لأبي عبدالله الصغير بنسيج خيالي معتمداً في مصادره على النصوص والأراشيف والأخبار وكتب التاريخ، وهذا لا يضعف شحنة الإبداع بل يزيدها توهجاً، ومثالاً على ذلك إبداعات أمين معلوف الذي غرف من التاريخ في أعماله الروائية المتميزة، من روايته الأولى "ليون الأفريقي"، إلى آخر رواية له، فقد تناول أعماله بتفصيل تاريخي مسهب، مرتحلاً في ذاكرة الماضي، يستعير منه رؤى أجاد انتقاءها، وأبدع في بناء نسيجها الروائي.



#سميح_مسعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب : مسيحيون و مسلمون تحت خيمة واحدة
- سيد القوافي ... وداعاً
- طفلة من غزة
- جريدة الاتحاد الحيفاوية عرفتني على بعض جذوري في فلسطين
- أبو العلاء المعري رهين المحبسين
- قراءة في كتاب : مارغاروش ( ومضات من حيفا )
- المتشائل بين المسرح والرواية
- كلمات عن شعر حزين
- الأخوة بين أبناء الشعب الواحد
- مأساة الهنود الحمر
- قصيدة للرصافي في افتتاح الجامعة العبرية
- قصيدة غير وطنية للشاعر معروف الرصافي
- كتاب : رؤية معاصرة لحياة وأعمال المطران غريغوريوس حجّار
- أيام في جبال الأوراس
- من حيفا أستمد حروفي
- سيدة القصة القصيرة
- القاصة الكندية أليس مونرو
- الموسيقى حلالٌ حلالْ
- حيفا يا عشقي الأزلي
- أيامٌ في حيفا


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميح مسعود - يوميات ابي عبد الله الصغير أخر ملوك الأندلس