أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد ابداح - تحقيق الذات














المزيد.....

تحقيق الذات


محمد ابداح

الحوار المتمدن-العدد: 4559 - 2014 / 8 / 30 - 13:35
المحور: المجتمع المدني
    


وضع العالم الألماني السويسري (باخ أوفن) ،نظريات عديدة في علم الإجتماع، ولطالما تناولت أبحاثه الأشياء الخفية التي تؤثر في حياة الإنسان، ومن بينها الصراع بين الروح والمادة، والصراع بين الذكورة والأنوثة ، كأساس لتطور وتكاثر الجنس البشري، وخلص إلى أن الحياة مزيج بين هذين الكفاحين، فأشار إلى الزواج باعتباره تصرفأ قانونياً، يُنتج أثراً ويرتب حقوقاً وواجبات، ومسؤولية تقصيرية، وهذا من جملة الأمور التي تميز الإنسان عن الحيوان في صراع البقاء.
لقد أضاع البشر وقتاً طويلاً كي يعلموا بأن الكائنات الحية تتكاثر طبيعياً وليس نتيجة التطور، فلا يمكن لجنس أن يتحوَّل طبيعياً لجنس مختلف ، فالقط الذي نعرفه اليوم، هو ذاته الذي عرفهُ الإنسان الأول، وهو نفسه الذي حنطه الفراعنة، وهو حتماً نفس القط الذي سيعرفه المستقبل، كذلك الأمر بالنسبة إلى الجنس البشري، فلا يمكن أن يتكاثر إلا من ذات جنسه.
وبعدما بلغ البشر الدرجة الأولى من السلسلة الفكرية، عرفوا أن الفرق بين الموت والحياة هي الروح، فهي التي تمنح قالب الطين الحياة، فالله خَلَقَ آدم من الطين، ثمَّ نَفَخَ فيه من روحه، فدبَّت فيه الحياة، وبالموت تخرج منه الروح، والبدن وعاء فخاري يتحلل، بينما تبقى الروح، وخلق الله حواء من الضلع الأيسر لآدم ، وانجبت له أولاداً تناسلوا وانتشروا في الأرض.
وبالعودة لتلك الأشياء الخفية ، فإن أهم سؤال يجب أن تطرحه أيها الإنسان على نفسك، هل أنت روح تعيش في جسد، أم أنك مجرد وعاءٌ مؤقت لتلك الروح؟، ولكن قبل أن تجيب على هذا السؤال تذكر بأن الله قد خلق جسدك أولا ثم نفخ فيها من روحه، وتذكر أن لسانك، بل وكل عضو في جسدك سيشهد لك أوعليك يوم القيامة، بكل كلمة قلتها أوستقولها.
حسناً دعني أريحك من عناء التفكير، أنت مع جسدك تدعى إنسان، وبلا جسدك تدعى النفس، تلك هي الحقيقة، فلا تتعب نفسك في التفكير بما لاينفع، ولذا حين يقول لك شخص ما أن تتصالح مع نفسك، فلا تستمع له ، فأنت لست شخصين في جسد واحد ، بل أنت روح واحدة تمتلك الجسد، وهذا الجسد هو أداتك لتحقيق ذاتك.
ولتحقيق ذاتك، كان عليك أن تعلم بأن الروح ليس أكثر من هواء يخرج ويدخل من أنفك آلاف المرات في اليوم الواحد، وقد يخرج ذات يوم بلا عودة، ولذا فقد عرف الإغريق الروح بأنها طاقة التنفس، وعرفها العلم الحديث بأنه الشخصية والعواطف، وعرفها الإسلام بأنها من علوم الله الغيبية، والتي لم يُطلع البشر عليها، ولطالما سعى الإنسان لسبر أغوار نفسه، فهي جزء من تحقيق الذات، والذي عرفه عالم الإجتماع الأمريكي ( ابراهام ماسلو) بأنه الحالة النهائية للإنجاز، ولخصها بالطعام والمأوى، والصحة الجسدية والعائلة، والتعليم والإندماج الإجتماعي، وأخيرا الإنجاز الفكري والإجتماعي والمادي، فإذا تم إنجاز كافة ما سبق ذكره ، يصل الإنسان إلى حالة تحقيق الذات، وإذا ما حقق الإنسان ذاته، سيصل حتماً للرضى والسعادة، ويصبح مرحاً ومتسامحا، ومساعداً للآخرين.
وإن كان الأمر كذلك، فكيف يفسر ( ابراهام ماسلو) أن أغلب الشخصيات التي تقدم على الإنتحار في الغرب، هي تحديداً تلك التي حققت الحالة النهائية للإنجاز، أي أنها امتلكت الطعام والمأوى، والصحة الجسدية والعائلة، والتعليم والإندماج الإجتماعي، والإنجاز الفكري والإجتماعي والمادي، ولكنها في النهاية انتحرت !، وكان آخرها النجم العالمي (روبن ويليمز).
بين الحين والآخر تأمرنا الأشياء التي لم تصنعها أيدينا كالجبال الشاهقة والنجوم والقمر، بأن نعيد التفكير بأنفسنا ، وحينها فقط ندرك كم كنا على خطأ !، وحينها سنعلم بأن أكثر المجتمعات تطوراً هي أقربها للحياة البدائية، فتراهم يملكون شواطىء للعراة، تماما كالإنسان الأول بل أنه كان يستر عورته بورق الشجر، كما أن معظم الأثرياء وأصحاب القصور يبنون لأبناءهم منازل خشبية على الأشجار في حدائقهم الخلفية تماماً كالإنسان البدائي، والذي كان يعيش على الأشجار وفي الكهوف، كما أن هؤلاء الذي تمكنوا من تحقيق (الحالة النهائية للإنجاز) يسارعون دوما للهروب إلى الأرياف والعيش بمناطق نائية بعيدة عن صخب الحضارة ، بحثاً عن البدائية، وهذا ما يبقيهم بعيدين عن الإنتحار، وليس تحقيقهم لإنجازاتهم الشخصية النهائية، وحين نعلم ذلك نحن الذين لازلنا نبحث عن ذاتنا، حينها فقط سنرى الجنة في زهرة برية، ونرى الدنيا في قطرة ندى، وسنرى الغيمة قطعة من الإلهام، وسنرى الخلود في كل لحظة تمر بنا، وحينها فقط سنعلم بأننا لم نكن في صراع مع ما تحتاجه أنفسنا، بل في ما نريده نحن لأنفسنا، وثمة فرق كبير بين ما تحتاجه أنفسنا، وبين ما تريده، وكي نعلم هذا الفرق، فلننظر للكون، كما أمرنا الله، كل شيء في الكون يمنح ويأخذ بقدر محدد، فالنبات يأخذ حاجته من الماء والضوء والهواء، وكذلك سائر الكائنات، باستثناء الإنسان تأمره نفسه بالمزيد ولن يشبع إن سار خلفها، ولن يقنع أبداً، وعليه فحالة الإنجاز النهائي الحقيقة، هي ليست كما يراها ابراهام ماسلو ، وإنما كما تراها سنة الكون، والتي خلقها الله بقدر محدد أيضاً.



#محمد_ابداح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثامن أيام الخلق
- يُحيى العظام وهي رميمْ
- قصيدة عنبر
- القلاع الورقية
- وادولتاه !
- قصيدة وادي السكون
- عضل النساء
- حق البعولة
- هنيئاً لك النافجة !
- البلاد العربية
- فقه التنوير
- قحطاني وأفتخر
- القومية العربية
- فقه النسب في الفكر العربي
- فقه الأسماء في الفكر والثقافة العربية
- إذا مت ظمآنا فلا نزل المطر
- الدم والهدم !
- ينقصُ الرطبُ إذا يبسْ !
- أزمة الخطاب السياسي العربي
- حظائر داعش


المزيد.....




- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد ابداح - تحقيق الذات