أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عباس علي العلي - عصر الحرية ومفهوم الذاكرة ح1














المزيد.....

عصر الحرية ومفهوم الذاكرة ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4559 - 2014 / 8 / 30 - 03:04
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


عصر الحرية ومفهوم الذاكرة
يبشرون بان عصر الحرية إنما يبدأ من نقطة تاريخية محددة تتمثل في سيادة التقنية على العلاقات الاجتماعية وان على التاريخ والزمن ما قبل التقنية إن ينتهي من الذاكرة الجمعية ليحل محله التاريخ التقني بالرغم من إيمانهم بخطورة التقنية على الإنسان ذاته, ولكن في نفس الوقت يمجدون التاريخ التقني وأحكامه الخاصة والعامة .
لقد كان لهيجل إذن فضل استشفاف المعالم الأولى للتحولات التاريخية المرافقة للحداثة، وفضل محاولة استخلاص أساسها الفلسفي مستشعرا أن البشرية قد دخلت مع العصور الحديثة عهدا جديدا أنجز قطيعة جذرية مع الماضي ،معلنا عن بزوغ جديد ورائع للشمس قوامه الفلسفي الحرية والذاتية كما تبلورت في الأحداث التاريخية الكبرى الفاصلة بين العصور الوسطى والعصور الحديثة.
لقد كانت هذه الشمس التي تعطي للأوربيين حرية هي في نفس الوقت لتعلن إيذانا ببدء عصر من العبودية لجزء من الإنسان تحت عذر وادعاء مبرر ومشرع بل له مسوغ أخلاقي عند البعض وقد حاول الكثيرون من الفلاسفة والمفكرين التبشير به متناسيا البعد الأخلاقي لخطر هذه الذاتية الحرية بمساسها بالأخر الذي يتشارك معه في الإنسانية والكونية لكنه يستجيب من جهة أخرى كما قلنا لاستحقاق التحول والتبدل في النظرة التي تنطلق من واقع مادي لا روحي ولا أخلاقي وهو استحقاق عصر التحديث والحداثة والتقنية بوجهها البشع الذي أطلع على العالم كمنتج من منتجات عصر النهضة والثورة الصناعية.
لم يكن التناقض بين الهدف المعلن والهدف الحقيقي من الفلسفات الأوربية خاليا من تصادم يعتمد على المكان كما يعتمد على القيم المثالية المحافظة الأخرى والغالب أن منبعها في الأكثر ديني, فقد شهدت أوربا صراعا حقيقيا في مسألة الحرية والذاتية وما هو الهدف من هذه التغيرات التاريخية الاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي مرت على المجتمعات الإنسانية وما تخلق من قيم جديدة منقطعة ومناقضة بالضرورة لما كان من قبل تاريخ التغير والانقلاب.
هذا ما سعت له كل القيم والفلسفات الاجتماعية الأوربية ومن قلب أوربا ألمانيا فرنسا بريطانيا على وجه الخصوص باعتبارهما قوائم التغير الاقتصادي والمادي والفكري وركائزه في القارة الأوربية مقابل قيم وأخلاقيات تمسكت بها جنوب القارة وخاصة ايطاليا مقر الكنيسة البابوية التي وقفت موقفا مناقضا وحادا للتغير والحداثة والوجودية المادية وبتعبيراتها الخاصة والمحافظة على القيم والعادات الدينية والأخلاقية الأصولية.
لقد كان الصراع محتدما لكنه أيضا محسوما بفضل الدفق العارم الذي أجتاح أوربا وبفعل المكاسب المادية وسيطرت بها قوى العالم الجديد على حركة الشعوب الأوربية والزخم الفكري المتواصل الذي كانت تغذي فاعليته القوى الاقتصادية الجديدة والناهضة ,مقابل عجز قوى المحافظة على الاتيان بفكر فاعل ومؤثر قادر على المواجهة مع بلادة الأسس الدينية التي تعتمد عليها والمنخورة في ذاتها لتشكل عجزا وتخلفا وعدم توافق وقدرة على الاستجابة الحقيقة بشكل ما مع الاستحقاق الجديد وبعده الطبيعي كون المحرك والباعث عن التيار المحافظ لم يعد يساير الزمن فهو تقليدي ويرفض المسايرة لما هو مستحكم بالزمن وضرورات الحراك التأريخي.
إن غلبة الاتجاه المادي المرافق للحداثة وقيمها ليس انتصارا للحرية بالمفهوم الذي نحدده ونعرفه اليوم ولكن كان انقلابا حقيقيا لمفاهيم تصور الحرية وفق رؤى فكرية تستلهم الكونية بمعنى الخروج من الحدود التقليدية للذات الأوربية وأيضا ذات بعد اقتصادي واجتماعي ,كان خروجا على الأسس التقليدية للمجتمع الاوربي وعلى روح المحافظة التي ترعاها الكنيسة وعلى الفلسفة الاخلاقية والمثالية القديمة, وقد برز هذا الفهم في المعاناة الإنسانية من الصراع بين المصالح والنفوذ والاتجاه القومي الذي دعمته الحداثة والداعمين لها وظهور المشكل التقني ومتطلباته من بحث عن الموارد الخام والأسواق.
اضافة لما شكله النظام الطبقي البرجوازي من جشع تجاه الطبقة العاملة التي سحقتها سرعة الآلة وتزايد الطلب على الناتج الصناعي وظهور النظريات الاقتصادية والاجتماعية الجديدة التي كانت تغذي الصراع أو تكشف عن ابعاده الجوهرية من ما ركسيه الى ماثيوسية وانتهاء بمشروع مارشال لقد أصبح المشروع الحداثي كبير وخارج لقدرة على تحريكه بيد واحدة وبنظرة مركزية ,هذا الحال وما نتج من سطوة الإدارة الاقتصادية التي عرتها عذابات الطبقات الفقيرة لتي تركت الأرض واتجهت نحو الأله تستهدف نجاحها في أن تكون جزء من الحلم الرأسمالي الجديد الذي لمع في سماء أوربا وأدى الى الشعور بالحاجة لوجود تنظيمات اجتماعية متضادة قبال منظمة الصناعيين والتجار والرأسمالية وهي نقابات العمال والمزارعين والفلاحين.
شهدت أوربا في منتصف القرن السابع عشر والثامن عشر وما تلاه حتى بدايات الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين حروبا قومية واقتصادية وتجاريه مختلفة عصفت بالقارة وسحقت بآلتها الحربية مفهوم الحرية التي جاءت به الثورة الفرنسية بينما وظفت الكتلة الاقتصادية في أوربا مفهوم الحرية باتجاه تنمية المصالح وتوفير المبررات التي تسارع وتزيد من التعجيل في حركة الصناعة والتجارة وأمتد هذا الزخم الى خارج القارة وإن لم يكن تحت نفس العنوان السابق وهي الحروب الدينية إنما تحت يافطة الحرية الاوربية الذاتية حرية تنتقص من المعنى الاصلي بصورة لا اخلاقية فولدت الكولونيالية والاستعمار الجديد.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصر الحرية ومفهوم الذاكرة ح2
- عقول وقلوب _ النص والاجتهاد وما بينهما حياة
- تشيد الدعامات الأولى لتحويل الفكر لمشروع واقعي
- علاقة الدين بالمدنية والتوطن
- العراق جمجمة العرب
- امة إبراهيم وإبراهيم الأمة
- خطيئة التاريخ
- إسماعيل الذبيح وليس أسحق
- أولاد إسماعيل في القصة
- إبراهيم في التوراة
- المنهج الوطني لمكافحة التطرف والطائفية
- إبراهيم في التوراة ح2
- إسماعيل في التوراة
- العنف الديني والتطرف متلازمة اجتماعية أقتصادية ح4
- العنف الديني والتطرف متلازمة اجتماعية أقتصادية ح3
- العنف الديني والتطرف متلازمة اجتماعية أقتصادية ح2
- العنف الديني والتطرف متلازمة اجتماعية أقتصادية ح1
- لو أني كنت رئيسا للعراق
- مكة وإسماعيل العربي ح1
- مكة وإسماعيل العربي ح2


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عباس علي العلي - عصر الحرية ومفهوم الذاكرة ح1