أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الرضا حمد جاسم - دفنت ...صديقتي والدتي















المزيد.....

دفنت ...صديقتي والدتي


عبد الرضا حمد جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4557 - 2014 / 8 / 28 - 10:55
المحور: المجتمع المدني
    


في تمام الرابعة من بعد ظهر يوم الثلاثاء الموافق 12.08.2014 كان نفسها الاخير قد دخل صدرها بصعوبة كبيرة لم تتمكن من زفره...
كنت عند رأسها أتأمل تلك اللحظات الرهيبات بأيمان كبير بأن "للعمر حق"...قلت لمن كان قربنا انه الموت الذي حل في جسدها النحيل...
لأول مرة اجد وجهه صديقتي والدتي بهذا الصفاء م الاطمئنان الممزوج بخوف الام على ما تركت و خوف الصديقة الصادقة الصدوقة على صداقتها التي نسجتها مع كل محيطها خلال اكثر من ثمانية عقود...صداقتها لأولادها و بناتها و انسابها و نسيباتها و اقاربها و جيرنها اينما حلت و احبابها التي كرست حياتها لهم.
كانت كلماتها الاخيرة هي ( يمة...يمه...يمه...يمه...يمه.........) وكأنها تُذَّكرني و انا الذي لا ينسى ...بما كانت توصيني به دائما في همسها في اذني في كل الظروف...و كأنها توصيني كما كانت توصيني في تلك المظلمات المدلهمات التي مرت علينا انا و هي و الاخرين
كانت تجيد كلام العيون...و كلام الصمت...
كأنها تُذُّكرني بما نشرته عنها تحت عنوان (يمـــــــــــــــه)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=249496
[يمـــــــــــــــــــــــه
كَدامي ما جنتي تبجين
بس جنت كل لحظة بعيونج اشوفن دمع
يمــــــــــــــــــــــــــــه
كَدامي ما جنتي تتحسرين
تطلع انفاسج جمر يذوب صخر ع البعد ينسمع
يمــــــــــــــــــــــه
انتِ حرة
و أحنه منسولين من كَبل سابع ظهر
سبع عن سبع عن سبع...].
ماتت ...صديقتي امي
بهدوء يتناسب مع هدوئها
ماتت المعلمة كما يسميها كل من عرفها
مات بهدوء يتناسب مع هدوئها العجيب في كل المحن التي مرت بها و في القمة من تلك المحن فقدها لثلاثة من اولادها
ماتت من كانت تصبرني و تقويني و انا في ارتباك الحياة في لحظات كبيرة و كثيرة و هي تقول
(يمـــــــــــــــــه
خسران النص مو خسران)
في اشارة الى فقدها نصف عدد اولادها الذكور
كانت تضحك عندما تراني قلق...و تقول ( ها يمه تبجي عله اخوتك...ولك انه مرة و ما ابجي...و انت رجال البيت تبجي)
أقسم لها كاذباً بأني لا الم ابكي و لا ابكي
تضحك و تجيبني (يمــــــــــه يبعد روحي أنه ما اعرفك...).
صمتت... ماتت ...صاحبك الكلام القليل في حياتها الصاخبة الصعبة الحزينة
ماتت من لم ترفع صوتها يوما على احد...أبداً ...أبداً
ماتت ...من لم ترفع يدها على احد مطلقاً
ماتت ...من لم تكره احد ابداً
ماتت ...من لا تعرف الذم او النميمة ابداً ...ابداً
ماتت...الصامتة وهي تنثر الشعر على من يحيط بها و تنشر الحكم و الاقوال
ماتت ...من اتحدى من يقول يوماً انها طلبت منه شيء لها...كانت تطلب فقط ان نحب بعض و ان يكون اولادنا احفادها احسن منا في كل شيء
ماتت...من حافظت على ذاكرتها طرية ندية حتى اللحظات الأخيرة...ماتت
ماتت...من لم تعترض على احد او موقف بالكلام العالي انما بالهمس...وهي لم تترك اي خطأ يمر دون ان تشير اليه بتلك الصورة
لم تنصح احد...كبير كان ام صغير بسفاسف الكلام انما بالشعر و الحكمة و مختصر الكلام و بهدوء تام مصحوب بابتسامة لم تفارقها.
لم تستهلك كتلة التفكير فيها بالسفاهات لذلك كانت تتذكر الصغيرة و الكبيرة من امور حياتها حياتنا خلال التسعة عقود من عمرها و اكثر
ما فكرت يوماً بصوت عالي...كان صديقها الصمت و لغة العيون
لم يستطيع منا احد او من زوارنا او اقاربنا او جيراننا او معارفنا ان يمسكها متلبسة بجريمة العصبية و الانعال الحاد...ابداً
ماتت من كانت تضحك بابتسامة جميلة...و ان تجاوزتها اهتز بدنها من صدق ضحكتها و فرحها
لم اشاهد و انا صديقها القريب و رفيقها و ابنها يوما دمعه في عينيها ...في احلكها و اصعبها و ادقها
لم يرتسم الحزن على مُحَّياها...أمام احد ...رغم سنوات الحزن و القلق الكثيرة جداً التي عاشتها
قالت لي مرة...و انا الذي ابكي بصمت دائماً...عندما طفرت دمعه من عيني امامها
(يمـــــــــــــه
هاي اخر دمعه اليوم
عيونك حمر اشكَد بجيت...انت ابني و اعرف دماراتك...شكَد باجي اليوم...هاي مو اول دمعه هاي وشالة بجي)
بكت بحرقة و الم عندما زارت قبر احد ابنائها بعد ما يقارب من ثلاثة عقود على استشهاده غريباً
و قالت لي :
[يمـــــــــــــــــــه
هاي مو خوش دنية
لازم انتم تزورون قبري مو انه ازور قبور اخوتك]
ماتت امي صديقتي رفيقتي زميلتي حبيبتي...أم فاضل...بدرية ياسين يوسف ...أم الشهداء....أم الحزب كما اطلق عليها احد الرفاق قبل اكثر من 40 عام.
[ يمـــــــــــــــــه
تتذكرين
كَتلج اشتتمنين
بكل بساطة او طيبة جاوبتي
طفل تريع شبع
لو من صدر امه رضع
وشاب ينجح
و بنجاحه علم للهمه رفع
و عامل فرح
لو بالعركَ مال نكَع
و أم تفرح
بأفعال ابنها
لو للبشر بأفعاله نفع].
شكــــــــــــــــــــــــراً صديقتي أم فاضل على ما قدمتيه لنا و للعراق و للحياة ...تعرفين ان الكثيرين لن ينسوكِ ابداً لأنك في كل واحد منهم تركتِ شيء جميل و مفيد
شكــــــــــــــــــــــــــراً ايتها المعلمة كما يحلوا للكثيرين ان يطلقوا عليكِ
شكــــــــــــــــــــــراً...لسماحتك و ابتسامتك و هدوئك و صبرك و كل شيء فيكِ
لقد ختمتيها بحكمه كبيرة عندما عرفنا انكِ قد اشتريتِ منذ سنين كفنكِ و جمعتِ مصرفات مجلس عزائك حتى لا تسمحي لأي شخص ان يتفضل عليكِ بها بعد موتك
و كل ما او صيتي به وصل او سيصل الى مستحقيه....الى اللقاء يا صديقتي
نامي قريرة العين
لقد دفنتك بيدي كما كنت تطلبين مني بيني و بينك...وشاهتك و انت في تلك التربة...و اخبرك و اعذريني بأني حملت من تربتك بعضها .
لقد نشر ابن اخيها موضوع بتاريخ 28/03/2014 تحت عنوان نقول شكرا لمن يستحقها الرابط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=407754
و تركت له التعليقين التاليين :
) تعليقات الحوار المتمدن (3)
التسلسل: 1 العدد: 538338 - الغالي علي
2014 / 3 / 28 - 16:43
التحكم: الكاتب-ة عبد الرضا حمد جاسم

تحية و شوق
ستموت عمتك عما قريب يا علي
هل استعد قلمك لرثائها
او قول بضع كلمات فيها
اعرف انها غاليه عندك و اعرف انك لايمكن ان تقبل اي مقياس او تسعيره اوثمن لها
انها امنا يا علي
لليوم تستقبلنا بابتسامتها و حبها و حنانها
و هي بكل وعيها كما تعرف
تعرف مقدار شجاعتها التي تجعلها لليوم تعي ما تقول و تناقش بنفس قوة شبابها
قد يستغرب البعض ذلك...لكنها الحقيقة
تبتسم في احلكها و انت تعرف ما مر بها
تُجيب بكل قوة و صدق و حصافة كانت و هي اليوم كذلك
ماذا ستقول عنها لو رحلت يا علي؟
هل انت مستعد لذلك؟ هل انت مستعد لتذكر ذكرها؟
اعرف انك سترفض رحيلها ...و لن تتقبله مطلقاً
لكنها الحياة
تحية لعمتك امنا امي ام الشهداء ام فاضل
إرسال شكوى على هذا التعليق 125 أعجبنى المزيد-الاشراك

التسلسل: 2 العدد: 538340 - اكرر التحية
2014 / 3 / 28 - 16:55
التحكم: الحوار المتمدن عبد الرضا حمد جاسم

عزيزي علي
ربما لا يعرف الحوار المتمدن و القائمين عليه من هي عمتك و ما هو تاريخها و من تلك ايامها و ما هي عباراتها و كلماتها
و لايعرفون شاعريتها و اقوالها
و لا يعرفون صلابتها و شجاعتها
و لا يعرفون صبرها لليوم و هي التسعينيه التي فقدت نصف عدد اولادها الذكور و هي تهتف و تقول
يمه خسران النص مو خسران
و لا يعرفون كلماتها و الحِكَمْ التي تطلقها يوميا
و لا يعرفون حبها لهم و للغير
و لا يعرفون بسالتها حتى و هي بهذا العمر و هذه الايام
و لا يعرفون شطارتها و ذكائها
و لا يعرفون انها تقول الشعر بالسهولة التي تشرب به الماء
و لا يعرفون انها تتذكر كل لحظة في حياتها
و لا يعرفون ان الحزب او بعض منه قال عنها انها ام الحزب
انها امي يا علي
عمتك ام فاضل
انها اخت ابيك يا علي
انها بنت و ام الناصرية و سوق الشيوخ
انها امنا يا علي التي سنفتقدها...لكنها تبقى حية في حياتنا


ملاحظـــــــــــــــة :
شكر و تقدير نقدمه لكل من تذَّكرها و ساهم في دفنها و حضر عزائنا فيها او بعث يُذَّكرنا انه يعرفها و يعرفنا



#عبد_الرضا_حمد_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - جاسم الزيرجاوي- و الحزب الشيوعي العراقي /ج7/ الاخيرة
- - جاسم الزيرجاوي- و الحزب الشيوعي العراقي/ ج6
- -جاسم الزيرجاوي- و الحزب الشيوعي العراقي/5
- التقويم الجديد للعراق /ج3
- -جاسم الزيرجاوي- و الحزب الشيوعي العراقي /ج4
- التقويم العراقي الجديد/ج2
- -جاسم الزيرجاوي- و الحزب الشيوعي العراقي /ج3
- التقويم الجديد للعراق / بعد سقوط الموصل
- جاسم الزيرجاوي و الحزب الشيوعي العراقي /ج2
- جاسم الزيرجاوي و الحزب الشيوعي العراقي/ج1
- الانتخابات البرلمانية الاوربية الأخيرة/فرنسا
- مصر الي كَايه شكلها أيه
- من وحي الانتخابات العراقية/ج الاخير
- من وحي الانتخابات العراقية/ج2
- من وحي الانتخابات العراقية
- - الربيع العربي - و الحركة العمالية
- على هامش الانتخابات البلدية الفرنسية
- الى الامهات في عيد الام
- ما حدتُ
- المرأة...المرأة...في كل مكان و زمان


المزيد.....




- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الرضا حمد جاسم - دفنت ...صديقتي والدتي