أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - رحلة بطعم الهدر















المزيد.....



رحلة بطعم الهدر


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 4547 - 2014 / 8 / 18 - 14:21
المحور: الادب والفن
    


الساعة تشير إلى عشرين دقيقة بعد منتصف الليل، جو يكتنفه العجيج والمجيج، بين صفير وآخر مفعمين بالانتظار، ها أنا أجد نفسي مقذوف بها في إحدى المقصورات، لقد قضيت أكثر من نصف ساعة من الانتظار، عانيت الأمرين، وتجرعت حزنين، حزن التعسف الذي يطالنا في المغرب من جراء الانتظار، وحزن من جراء فقداني لنقودي في سيارة الأجرة . في كل رحلاتي كنت آخذ احتياطاتي، لكنني الآن أجد نفسي مسحورا، لا أعرف متى اختفت هذه النقود، لقد سلمها لي نينو، ووضعتها في جيبي، وها أنا لا أعثر عليها، كانت نقودي هاته إلى جانب نقود أخرى، لكن الأولى اختفت، بينما الثانية ظلت رابضة في مكانها، و من أموالي تلك سلمت السائق ثمن الركوب من بنسليمان إلى الرباط، لكن بعد سلسلة من التفكير، ها هو خيط التفكير يؤدي بي إلى القول أن النقود سقطت من جيبي في تلك اللحظة التي أردت أن أسلم السائق نصيبي من ثمن طريق السيار، فعلا لقد تسربت النقود، فوجدت موطئ لها في يد ذلك الشخص الأبرص الذي كان يجلس جواري، لقد كان يتحدث بلباقة كأنه المواطن الصالح، فطيلة الرحلة بين بنسليمان والرباط كان يكيل الشتائم إلى السائقين متهما إياهم أنهم يسيئون إلى الطريق، لكن هذا لن يشفع لعهره، فمتى نتحضر مع هذا النوع من البشر ؟ لقد كان الأجدر به أن يسلم النقود التي عثر عليها لأصحابها، غير أن كل هذا تلاشى وتبدد، استولى على النقود وراح ذاهبا، وكأن شيئا لم يقع، هذا هو المغربي كذاب ومنافق ومتملق، بل أكثر من ذلك يقول أنه مسلم ينتمي إلى خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر ؟؟؟ لقد قال كل ذلك هذا الرعاعي !! حقا إنه مسلم، والياباني الذي يعثر على الأموال ويردها إلى أصحابها كافر ؟؟!! وفي هذا الإطار تابعت فيديو قام به شاب مغربي أراد أن يختبر العديد من الناس ما إن كانوا فعلا صادقين، فكان يضع مائتي درهم أمام المارة، وفيما بعد يسألهم ما إن كانوا قد عثروا عليها، لقد تبين من هذا الاختبار أن أغلبية من عثروا على الورقة نفوا العثور عليها، مما يعني أن الكذب مستدخل في ذهنية المغربي، والغريب في الأمر أن كذب أحد المارة ذهب أبعد من ذلك، وراح يبحث مع المعني بالأمر، نافيا بالمرة العثور على الورقة، مع العلم أن الكاميرا الخفية تصور كل الأحداث . إن هذه الشهادة تؤكد بالملموس أن كل الرذائل تعمر في كياننا، والأمر في نظري يعزى إلى كوننا مجتمعات متخلفة فكريا، كما نفتقد إلى إنسان سوي، ونفتقد لقيم الديمقراطية، ففي ظل وجود إنسان يفتقد لكينونة ممتلئة، فلا يسعه إلا أن يكذب وينافق، فبدون ديمقراطية لا يوجد وضوح، بل يوجد الزيف والتضليل . فاليابان مثلا دولة ديمقراطية، فإذا عثر شخص ما على نقود، فإنه يسلمها إلى الجهات المعنية، كل هذا يعود إلى كون الإنسان الياباني حقق جميع مبتغاياته المادية، وهذا يختلف جوهريا فيما يخص إنسان مغربي مجرد من كل فصول الحياة .... بين طنين وآخر، بين يأس وآخر، بين حب وآخر ...ههههه، أجد نفسي سائحا في ظلام كالح، تستقبلني أضواء ملتمعة في الخارج، أنظر إليها بحسرة، إنني أحاول أن أنسى، لكن القلق يطبق علي كحبل المشنقة، لكن رغم هذا فإنني أضحك من حين لآخر، فكلما توغل القطار بعيدا إلا وأنسى .
وصلنا إلى الرباط، كنا ثلاثة، توجهنا إلى المحطة الطرقية، وقفنا لبرهة في المحطة ننتظر زيزو، بقي معي نينو، بينما ميخو ذهب لأداء الصلاة، والملاحظ أن هذا الأخير في كل لحظة يقول أنه يريد الذهاب إلى الصلاة، لست أعلم هل هو هجاسي إلى هذه الدرجة فيريد أن يطلب السلامة أم شيء آخر ؟ المفروض هو أن يجمعها، وفيما بعد يصليها دفعة واحدة، لا لا !! إنه يريد أن يكون مؤمنا حتى وقت السفر مع العلم أن هذه الطهرية تتبخر في ظرف ثانية حينما تصعد فتاة حسناء إلى المقصورة .
يصل زيزو إلى المحطة، وفيما بعد ندخل المحطة الطرقية، نبحث عن حافلة الحسيمة، لا نعثر عليها، نغير الوجهة صوب محطة القطار، نمتطي الحافلة، يدفع زيزو أجر الحافلة من أجل نينو، ينتشي هذا الأخير، يرفع سيجارته إلى السماء، فيشرع في تدخينها بكل جنون، نينو مهووس بالتدخين، والده لا يعلم بذلك، ربما أمه تعلم، يبلغ من العمر حوالي أكثر من عقدين، قامته فارعة، لكن والده ينظر إليه كطفل، لا يعطيه الأموال، ففي نظر الأب يكفي أن يقدم الآباء إلى الأبناء ما يأكلون وما يشربون، أما مسائل من قبيل السفر والسياحة فلا داعي لذكرها، يكفينا أن نكون كادحين حتى أن نقبع في أماكننا أبد الدهر، هذا هو قدرنا في نظر أب نينو، لهذا لم يسلم نينو شيئا، رغم أن هذا الأخير نجح في امتحان البكالوريا بعدما رسب ست مرات، وبالتالي لم يفقد العزيمة، وحقق أمنية الوالد الذي ظل يتملكه الغضب طيلة هذه المدة، فالأب يقول أنه رحل إلى المدينة من أجل دراسة نينو وأخته، ولكي لا يعانيا الأمرين مثل بقية القرويين، ومن أجل راحتهما اشترى منزلا في المدينة، وها هو يخيب، فالبنت غادرت الدراسة، وراحت حرة طليقة، ولا أحد يعلم بسرها في عوادم الدار البيضاء، أما نينو فهو تائه في صحراء الأب، لا يشتغل إلا لماما، متكاسل إلى أبعد درجة، لقد كانت خيباته تدفعه في بعض الأحيان إلى العمل كرياش للدجاج، لكنه بعدما نجح في البكالوريا راح يتأفف من هذه المهنة المقرفة، وفي رحلته هذه عول على الأب، فتنكر له، ولم يجمع سوى 250 درهم بعد سلسلة من التسولات، حقا إن نينو شخص ذكي، لكنه في بعض الأحيان يظهر كأبلد كائن على وجه المعمورة، إن حلمه هو أن يزور المغرب، لكن هل من يزور المغرب يستهتر ويضيع البكالوريا ست مرات ؟ من يريد أن يزور المغرب عليه أن يكون مسؤولا ومحتاطا وصنديدا، وقابلا للاشتعال، حتى أنا معني وكل الناس معنيون، بمن فيهم نينو، ومن ثمة لا داعي لنينو أن يتسول من أجل أن يدخن سيجارة، وأنا من جهتي علي أن أحتاط لكي لا أفقد حفاظة نقودي. لم أعلم أن نينو مورط، لقد أخفى عنا هذه الحقيقة، فأراد أن يذهب معنا، ويضعنا أمام الأمر الواقع، ورغم عدم علمي بأنه لا يملك النقود، فإنه دفعت من أجله تذكرة الذهاب من بنسليمان إلى الرباط، ورغم أنه لا يملك النقود الكافية، فراح يستفتي علينا الذهاب إلى وجدة، فقررت الجماعة الذهاب، لكن ها أنا أجد نفسي مورطا لإكمال ثمن تذكرته، لقد نغص علي هذه الرحلة، وبت أكرهه، فهل يظن أنني بنك ؟ ورغم ذلك، راح يتبجح أمامي في محطة وجدة قائلا أنني لم أدفع من أجله شيء، شعرت بوخز عميق، فلم تمر إلا ساعة حتى وجدته ناكرا للجميل، فماذا لو مرت عقود وأعوام ؟!! هذا الرجل لا يمكن التعويل عليه، قد ينكرك في أية لحظة، وخاصة في اللحظات العسيرة ....رغم كل هذا ساعدته لإتمام تذكرته صوب مدينة السعيدية ...الإنسان الحقيقي هو الذي يكون في المواقف الصعبة .
لم أنم خلال رحلتي بين الرباط ووجدة، لقد طار نومي كطائر يعشق الطيران، وربض على جسد مكتمل الكيان، جلست بالقرب من فتاة حسناء، لم يفوتنا أن ننظر إلى بعض بنظرات شبقية، كانت فتاة مكتملة القوام، أوروبية البشرة، تمسك شعرها إلى الخلف، كما تتوفر على صدر ضاو لم يفتني أن أعاين تضاريسه بدقة، ولم يفتها هي أيضا النظر إلى خصلات شعري المتماوجة، ناهيك عن استرسالي في النقاش، والقدرة على التعبير عن أفكاري بكل دقة، غير أن الطامة الكبرى هي أمها، فكلما نظرت إلى ابنتها إلا وحملقت في بنظرات مستعرة، كانت أمها امرأة طاعنة في السن، تضع عدة مساحيق على وجهها، بينما خصلات شعرها تتمازج بين ما هو أبيض وبين ما هو أصفر...لم يعجبها هذا التقارب بيني وبين ابنتها، وهذا ما اتضح جليا حينما وصلنا إلى محطة تاوريرت، فعملت على تحويل ابنتها بعيدا عني، لكن في هذه اللحظة كان الأوان قد فاتها، ففي غضون الصباح كتبت رسالة مفادها :
السلام
صحيح أننا لا نعرف بعضا، فإنه لا يسعني إلا أقول لك أنني معجب بك، أعجبني صمتك، وشاعريتك، ولهذا فإنني أود أن أتعرف عليك وأتواصل معك، آمل أن يحدث هذا يوما .
اسمي الكامل : .......
هوايتي : نظم الشعر، وكتابة القصة
رقم هاتفي : .......
حسابي على الفايسبوك : ........ "
حينما انتهيت، كانت الفتاة قد استيقظت، فدسيت لها ورقتي بين يديها، أمسكت بها جيدا، عبرت عن ذهولها بالقول :
- ما هذه ؟
- هذه ورقتي، عبرت فيها عما يدور في دواخلي نحوك، فلتقرئي ما يدور فيها، أعتقد أن الأمر يهمك كثيرا !
- أنا لا أعرف العربية !
- أنت تكلمت معي للتو بالعربية، أ تمزحين معي ؟ كلا أنت تعرفين العربية، لا داعي لما تقولين، فلتقرئي ما يدور في فحوى الورقة .
أمسكت بالورقة، ولم تستطع أن تقرأها أمامي، وراحت تتمم نومها، أما أنا، فلم يصالحني النوم، فكيف يصالحني وأنا أمام هذه الواحة الفواحة الجمال ؟؟ غادرت المقصورة ورحت أستطلع من النافذة مناظرا لأماكن مقرفة من شرق المغرب، الغبار يتطاير في كل اتجاه، حرارة تسد الأنفاس، جو عليل الكيان، نباتات هدها الزمان، بشر يستحوذ عليه اليأس المفلطح على الأوكار، لا شيء يمت إلى التنمية، حتى التربة بجبالها الناتئة تثير القرف . في هذه اللحظة كنت أقول مع نفسي يريث لو أن الفتاة تجاوبت مع رسالتي، أما وقد كان بهذا التجاوب سنشيد واحة تنعم بالحياة في هذه الصحراء الجرداء ؟؟ أجل سنشيدها إذا ما كان هناك حب، ليس في الصحراء وحسب، بل في المغرب بأسره، مشكلتنا هو أننا انهزمنا قيميا وإنسانيا، وهذا الانهزام يأتي من غياب العدالة الاقتصادية، فأقلية هي التي تستحوذ على ثروات البلاد، وهذه الأقلية تقطن في الحواضر الكبرى، لهذا نجد غياب العدالة المجالية، فترى مجالات في قمة التهميش وأخرى تستفيد من كل إمكانيات التنمية، كيف سيعيش هذا الإنسان المهمش ؟ لا وجود للعمل، وحتى إذا كان هذا العمل، في أية ظروف يعمل العامل العمل ؟ هل لديه عمل قار ؟؟ هل يستلم أجرا مناسبا ؟ وماذا عن الفلاحين ؟ كيف يعيشون في ظل هذا المناخ القاحل ؟ هل تساعدهم الدولة ؟ من خلال الملاحظة، لا أثر للتنمية يظهر، كدح، فقر، بؤس، يأس...لا يمكن أن يكون هناك إصلاح قيمي وإنساني، وفكري ما لم يكن هناك إصلاح اقتصادي، صحيح أن المدخل الأساسي لتنمية المجتمع المغربي يكون ثقافيا، لكن كيف تتحدث عن الثقافة مع شخص لم يجد ما يأكل ؟؟؟؟؟
تستقبلني مدينة وجدة بحرارتها اللاسعة، وبجفافها الناضب، وبصحراويتها القاتمة، وببؤس ساكنتها، لا خضرة، ولا بساتين لفتتني، قبل أن أصل إليها، استطلعت على شبكة الأنترنت خريطتها، فاهتديت إلى محطة القطار، ثم إلى المحطة الطرقية، آنئذ يمكنني الرحيل صوب السعيدية، غير أن الذي أثارني في الخريطة هو وادي إيسلي الذي يعبر المدينة، تبدى لي في الخريطة أزرقا كالحياة، لكن ها هو القطار يدخل المدينة محدثا صفير الوصول، وعابرا وادي إيسلي الذي تسكنه الموت، وتعشش فيه الحشرات، وتستعمره النفايات، ومن عمقه تتصاعد الأدخنة النتنة، يتوقف القطار في المحطة معلنا الوصول، يتزاحم الركاب، في مقصورتي أجمع حقائبي، أغادر القطار بحزن، تمنيت لو أبقى أكثر إلى جانب هذه الحسناء، لكن هذه هي الحياة عصية كالحجر، صلبة كالمعدن، حادة كالخنجر...في كل لحظة أعلن ميلاد الهزيمة، رغم أنني جمعت حقائبي، فإنني ظللت جالسا في مكاني لا أريد الذهاب، لكن فجأة يأتيني صوت ميخو حاثا إياي على الذهاب، وعلى وجه السرعة أنظر إلى عينيها بحسرة، فأغادرها بلا رجعة ...هل ستقرأ رسالتي ؟ أتكون قد رمتها ؟ ذاك شأنها، لقد أديت رسالتي على أكمل وجه، وعبرت عن كل خواطري، فبقي الآن دورها هو أن تتصل بي ذات يوم إذا كانت حقا تريد علاقة معي، سيحصل لها الشرف أن تربط علاقة معي، فإذا كنت أنا أكتب بعض الخربشات لأرقص مع صخب الحياة، فماذا قدمت هي للإنسانية ؟ إنها لا تعرف حتى لغة بلادها القومية ! وذاك الجمال الذي لديها سيذبل مع صفعات الزمن، ويتلاشى مع خريف العمر، فماذا يبقى إذن ؟ لن يبق إلا أثرها، فهل من أثر لديها غير الصمت والنظرات الشبقية ؟ غادرت المحطة سعيدا، كثيرة هي المرات التي فشلت فيها، ولكن ها أنا أملك القدرة على المبادرة، على التعبير عما يدور في خوالجي، ما عاد يهمني الآخر، أصبحت أتتبع كل الجميلات، أطارد العطر الفواح، ونسمات الحياة، أنا أعتلي القمة، أنا صياد السمك، لدي صنارة ذات خيط طويل أنصبها للحوت الكبير، وكل سمكة صغيرة عثرت عليها، أتركها تسبح حتى تكبر، وإذا عثرت على حبي، سأحب جميع الأسماك، وإذا ما فشلت سأصطاد سمكة سمكة، وأترك كل واحدة تسبح في الماء العكر حتى تموت تدريجيا، عندها تفوح رائحة عثنة ستملأ العالم مكرا، ذاك هو فشلي، ففشلي هو فشل للعالم بأسره، سأنظر بسوداوية وسأكرههن قبل أن أكره الرجل، ثم البشرية بأسرها، هذا هو العالم شرير وماكر، كيف تتقدم بخيرية وحسن نية، سرعان ما تخيب في هذا العالم المقحبن ؟؟ عالم لا يعطيك حتى فرصة لتعبر عن مشاعرك وأحاسيسك، في الأسرة لا أحد ينصت إليك، الفتيات لا ينصتن إليك، تبا ...كأنك شيطان، أو شرير...الشر يسكنهن وإلا تعاملنا معك...أن لن أنكر أصولي، أنا قروي، أنحدر من الريف، درست بالريف، تربيت على احترام الآخرين، الطبيعة علمتني كل هذا، علمتني ألا أسيء للبحر والشجر والإنسان، بشرتي القمحية أورثتها إياي الطبيعة، ولا داعي لكي يلومني أحد أنني قروي، فليس كل قروي متخلف، فهناك مدينيون يعيشون في أرقى الحواضر، ولكنهم متخلفون يرمون الأزبال، ويدمرون الغابات، ويلوثون المياه ويقتلون بعضهم ببعض بهمجية...أنا عندما أكون في حضرة المدينة، وأشتري موزا لا أرمي قشوره في الشارع، فتلازمني هذه القشور حتى أرميها في النفايات، وإذا كنت عابرا للطريق لن أمر حتى يشتعل الضوء الأخضر حتى لو كان الشارع فارغا...لماذا كل هذا العداء للقرية ؟؟ إن النظام التعليمي الرجعي هو الذي كرس هذه الفوارق، ناهيك عن الإعلام الكارتوني المفبرك الذي يكرس هامشية القرية ودونية ثقافتها، وما زاد الأمر سوءا هو التعامل المزدوج للدولة مع المجال المغربي، هناك القرية، وهناك المدينة، المجال الأول يعادل التخلف، والمجال الثاني يعادل التقدم....حينما التحقت بالمدينة لإتمام دراستي، عانيت من عنصرية مدينية، كان من الممكن أن أخفي أصولي، ولكنني رفضت، فكنت أقارع هؤلاء المدينيين مبرزا أن القرية هي الموطن الأول للإنسان، وأن أناسها مسالمون يتصفون بروح الكرم وحسن الضيافة ... كما أن سلوكاتهم هي سلوكات فطرية مجبولة بالحب والاحترام عدم التعدي على الآخرين ... عشت في القسم الداخلي، لقد كنت تلميذا نجيبا في العالم القروي، ولهذا تم انتقائي لكي أعيش في القسم الداخلي، وهذا حال دون إنكاري لقرويتي، كيف أنكرها وهي تلتمع على كياني ؟ كيف ألغيها ولكنتي القروية تنساب كمجرى المياه ؟ ولكن رغم ذلك كان لزاما علي أن أغير لغتي، فسرت أتحدث العربية، فكانوا يلقبونني بالصحافي، غير أنهم في بعض الأحيان يثورون في وجهي متهمين إياي كوني أنحدر من " ثلاث الكرت "، أي من بلاد الصخر والحجر، بمعنى أنني أقطن الكهوف والمغاوير، ناهيك عن هذا كانوا يقولون لي أنني آكل في القسم الداخلي حجرا ممزوجا بقليل من العدس، أو مربى ممزوج بالغواط، وأننا متسخون نعيش مع الحمير والبغال، أو نمارس الجنس مع بعض...إن العنصرية داء حقير يسكن هذا النوع من البشر. هؤلاء الذين يتبنون المدينية هم أشباه مدينيين تمدنوا منذ برهة بعد كانوا قرويين . ولكي يعبروا عن ضعف شخصيتهم الدفينة راحوا يشنون عنصرية ماحقة على التلاميذ القرويين .
أجلس الآن في مقهى متاخم للمحطة الطرقية بوجدة، أفكر في طفولتي الغابرة، أرتحل في المكان، وأرتحل في الذاكرة، أسبح في الأزمنة، أطلب من النادل براد أتاي، وصحن زيت، وخبز وجبن...في كل مضغة تتفرس أمامي ذاكرتي الموشومة، تمثل أمامي أمي يوم رفضت استلام القروش التي أعطتني إياها . تتابعني منادية علي، أرفض، أبكي في أحضانها، تمسح دموعي، تحثني برقة على السكوت، تعانقني ثانية، لا أكاد أفارقها، تبقى هذه اللحظة فارقة في حياتي، لن أنساها أبدا، الكل يتنكر لي غير هذا النزر اليسير من شخصية أمي، فإذا كانت أمي صلبة، فإن هذا العالم أصلب منها، فهو مريض وموبوء ومتخلف، ولا يحمل قدرا من المشاعر الإنسانية.
أنتهي من فطوري، نذهب أنا ونينو إلى سوق مكيف من أجل أن نشترى شورطا للسباحة، لفتني شورط أنيق، سألت عن مبلغه، رد علي صاحبه : هذا الشورط يساوي عشرة آلاف "، ابتسمت وغادرت ... نغادر السوق، فأجد صاحب عربة ينادي : ربعمة ريال للشورط "، ننتقي شورطين ونغادر صوب المحطة .
المحطة...هرج ومرج، أكباش تثغو، وأبقار تخور، المحطة عالم لا يطاق، مليء بالنفاق، والكذب والاحتيال، ففي بعض الحافلات يصعد شخص ويدعي أنه أضاع حفاظة النقود، ويستعطف الناس من أجل تسليمه النقود، وفي كل مرة كنت أراه، وألاحظ أنه يكذب بطريقة ساذجة ومبتذلة على عقول الرعاع المنومة، إنه يتمسح بكلمات دينية، فيسقط إياهم في الشباك...محطة وجدة لا تختلف عن كل المحطات المغربية، قذارة وروائح تثير القيء، أزبال مرمية في كل اتجاه، متسولون، عجزة، معاقون، بالإضافة إلى الشماكرية، ناهيك عن الحافلات المهترئة التي تفوح منها روائح خسيسة تثير القيء، يجلس بالقرب من هذه الحافلات رجل معاق حركيا وصوتيا، يبيع السجائر بالتقسيط، اقترب منه زيزو ودخل معه في حوار عميق، فأخبره في النهاية أنه يعيش ظروفا مزرية، فهو لا يملك حتى كوخا يوقيه من حر الصيف، وبرد الشتاء، وأن ما يجنيه من دريهمات تجعله يقاوم الزمن، فجميع الجمعيات تنكرت له، ففي نظره لا توجد جمعيات، وإذا وجدت فهي بالاسم، الجمعيات انتهازية ربحية، هي في حقيقة الأمر جمعيات الواجهة، لا جمعيات الفعل والواقع.. إنها تتسول في الخارج وفي الداخل، وتتحكم فيها باطرونات . وتسوق شعارات وتستعمل أفرادها كوقود لتشتعل، فما حصل لمعاقي بنسليمان يظل أبرز مثال، فالكريمات التي سلمها الملك للجمعيات استفاد منها المعاقون الأثرياء، وظل الآخرون يلعقون التراب، حتى وأن كنت ضد الكريمات باعتبارها عادة قطيعية تدخل في إطار اقتصاد الريع، وتميز بين الأفراد، فإنني أعطيت هذا المثال لأبين أن الجمعيات قطيعية يهيمن عليها الانتهازيون الأثرياء .
نركب حافلة مهترئة، ونتوجه صوب السعيدية . أسلم نينو بعض الأموال، لم يحمل معه الكثير، لقد نضب جيبه بالمرة، نتجاوز وادي إيسلي، هذا هو الواد الذي دارت فيه معركة إيسلي، إنها بمثابة جرحنا التاريخي، انهزم الجيش المغربي أمام الفرنسيين عام 1844 م، هنا كانت مذلتنا الكبرى، وهذه المذلة لازالت حتى الآن عبارة عن جرح دفين لم يندمل بعد، ففرنسا مازالت تستعمرنا، وهي قدوة للطبقة الطفيلية التي تهيمن على ثروات البلاد، وهي مثال للرعاع لينطقوا بعض الكلمات الفرنسية ليصنعوا تحضرا مزعوما ...للأمانة . حتى أنا لم أتخلص من هذا الاستعمار، وإن كنت أقاومه بشدة، وأحاول ما أمكن أن أتكلم بلغتي العربية باعتبارها لغتي القومية، ودليل كونيتي وكينونتي . لقد خنت العربية حينما صادفت طفلين فرنسيين على متن الحافلة المتجهة نحو وجدة، وتكلمت معهما بالفرنسية، أما كان يجدر بي أن أتحدث معهما بالعربية ؟ لماذا دخلا البلد وهما لا يعرفان العربية ؟ لماذا نحن نجبر على الحديث بالفرنسية في فرنسا وحتى المغرب ؟؟؟!!! لماذا الفرنسيون لا يتحدثون معنا بالعربية احتراما لنا كعرب يتكلمون العربية ؟؟ تلك هي إذن علاقة الهيمنة التي تتضمن مهيمنا ومهيمن عليه..في المقعد الأخير من الحافلة، جلس بالقرب مني كل من يوسف وجيريمي، والدهما فرنسي وأمهما مغربية، يوسف يبلغ من العمر 14 عشرة عاما، وجيريمي عشرة سنوات، كان هذا الأخير يملك لعبة على شكل ساكسفون، ينفخ فيها، فيحدث صوتا، سألته لماذا تستعمل هذه اللعبة ؟ قال لي، إنه يقلد أحد ممثلي الكرنفالات، إنه يحلم أن يكون كرنفاليا، فالكرنفال هو المدخل الأساسي ليصبح الإنسان ممثلا حقيقيا في الحياة، أعجبتني الكيفية التي يتكلم بها جيريمي، إنه يتكلم بسلاسة، ويعبر عن أفكاره بكل حرية كشرب الماء، لكن ماذا عن طفلنا نحن ؟ إنه يخضع لتنشئة منافقة، تحثه على الكذب حثا، وتطمس أية سلاسة في التعبير، ذلك هو المرض بعينه ...لما وصلنا إلى إذرار، لاحت الحدود بين المغرب والجزائر، سألته لماذا هذه الحدود ؟ أجابني إنها السياسة يا سيدي، ففي فرنسا الجزائريون والمغاربة إخوة، لكن الذين يتحكمون في السياسة هم الذين يخندقون شعوبهم في علب كعلب السردين، فعندما تعانق هذه الشعوب الديمقراطية، سيصبح المغرب العربي واحدا ....تقبع مدينة إذرار على منبسط يشارف جبالا على الحدود الجزائرية من ناحية الشرق، وجبالا أخرى من ناحية المغرب، كان الجو حارا متلفعا برياح الشركي التي تهب من الجنوب، كانت النوافذ مشرعة، فكانت تصفعنا الرياح على وجوهنا، بينما الحافلة تسير ببطء شديد، لم تكن لوحات التشوير تشير ناحية الشرق، كل اللوحات تشير إلى الشمال والغرب، إننا على مشارف الحدود، والرايات المغربية حاضرة بكثافة، والهاجس الذي يسيطر على الركاب هو لماذا الحدود معلقة ؟ لماذا لا نعانق الجزائر مع العلم أنها هي أرضنا الثانية ؟ أليست هي عمق المغرب الكبير ؟ كان حلمي منذ زمان هو أن أرى الحدود، أرى الهوامش والتخوم، أن أرى الآخر، المنفصل عني، المستقل عن شخصيتي، طيلة المسافة بين وجدة والسعيدية، لم تفارق نظرتي الحدود، كنت أريد أن أرى العلمين المغربي والجزائري، يرفرفان معا بالقرب من بعضهما البعض إيذانا بالمغرب الكبير، منذ طفولتي الغابرة كنت أقرأ تاريخ المغرب وأقرأ في الآن نفسه تاريخ الجزائر، إن تاريخهما تاريخ واحد، والمقاومة الباسلة التي قادها الشعب الجزائري ضد الاستعمار الغاشم هي مقاومتنا نحن، عندما رفع العلم الجزائري في الذكرى المئوية للاحتلال الفرنسي للجزائر عام 1930، أحسست بنوبة حب، وزاد هذا الأمر عقب اتفاقية إيفيان التي عجلت باستقلال الجزائر، أما درس الجغرافيا المغرب العربي هو تجسيد لوحدة المغرب العربي، لكن السياسة وألاعيبها بمعنى غياب الديمقراطية هو الذي يحول دون رؤية مغرب عربي واحد بثقافاته المتعددة وأديانه المختلفة، أما وقد آن ذلك ؟ سيتحقق ذلك، لما يعود الصحراويون المحتجزون في مخيمات تيندوف إلى بلاد المغرب ويعيشون كمواطنين مغاربة بدون عنجهية في إطار نظام ديمقراطي يحترم إرادة الشعب المغربي، ونفس الأمر ينطبق على الجزائر، فهي بحاجة إلى نظام ديمقراطي يقوم على توزيع ثروات البلاد باقتدار بين أبناء الشعب الجزائري، عندها يطوى ملف البوليزاريو، إن هذه العصابة هي صنيعة استعمارية لخلق توازنات تخدم المصالح الامبريالية للحيلولة دون نهضة المنطقة لتصبح منافسا صريحا للطبقة الطفيلية التي تهيمن على الاقتصاد العالمي، والذين يستحوذون على ثروات الجزائر والمغرب، هم أكبر المستفيدين من هذا الصراع، ففي البلدين معا يتم إلهاء الشعبين بهذا الصراع، بينما يتم تجاهل التنمية، ويكفي في هذا الإطار ما يذره كل بلد في قضية الصحراء، وما يغنمه المسؤولون في جولاتهم المكوكية من ميزانية البلد، بينما الشعب يتضور جوعا في دولتين تنصلتا من مهامهما .
إن من يملك الثروة عليه أن يدفع الضرائب تبعا لكمية هذه الثروة، وعلى الدولة أن تتحمل مسؤولياتها، فهي التي عليها أن تقوم بالأشغال العامة، وهي التي عليها أن تقوم بمهمة التطبيب المجاني، والتعليم المجاني . لكن كل هذه الخدمات رديئة في الدولتين، بل هما جادتان في التسليح، وفي عسكرة المنطقة، لو كانت هناك ديمقراطية لما تنامى الخوف بينهما، ولما تنامت التهديدات الإرهابية، فتقارير حقوق الإنسان تفيد أن البلدين ينتهكان حقوق الإنسان، بمعنى أنه مازالت هناك المقاربة الأمنية، ومن ثمة فكل فعل هو نتاج لرد فعل .
نغادر وجدة، وندخل إقليم بركان، نقترب من منطقة غابوية على مشارف الحدود، تطفو براميل فارغة يظهر عليها اللون الأسود، يبدو أنها كانت تحمل في طياتها الذهب الأسود الذي تم تهريبه من الجزائر، بين انعراج وآخر، ها نحن على الحدود مباشرة، ترفرف الأعلام المغربية والجزائرية جنبا إلى جنب لا يفصلهما سوى واد، من هذا الجانب مغاربة، ومن الجانب الآخر جزائريون، إن هذه الهوة البسيطة تكسر تاريخا من التلاقح بين الجزائريين والمغاربة، بعد لحظات سوف نصل إلى السعيدية، وبعد برهة تلفنا المحطة لفا بأجوائها الصاخبة، وأدخنتها المتصاعدة إلى عنان السماء، كان الجو حارا، وطقس الجنوب يرخي بظلاله على هذه المدينة الساحلية المتاخمة للحدود . غادرت الطفلين الفرنسيين، والتحقت برفاقي، يكاد النوم يستولي علي، أما الآخرون فلا حديث ولا حرج، تتبدى على وجوههم خيبة الأمل، وحزن كئيب يذكرني بصدفة وجودهم في هذا العالم الكئيب، أعتقد أن الوضعية الحرجة بمثابة غربال يصفي الأشياء، ويميز بين الصالح والطالح، زيزو منفلت هارب، ميخو نادم على مجيئه، ونينو ماكر- كاذب، لم نجتمع على طاولة واحدة، كنا كتلة متنافرة، فعوض أن تنسى مشاكلها، راحت تطارحها في صمت مطبق مفضوح، فمن نظرة إلى أخرى كان هناك بركان هائج ينتظر لحظة الانفجار .
يدفع كل واحد نصيبه، نتجول في السوق تائهين، نغادر صوب الشاطئ، نكتري مظلة وكراس، نأخذ صورا على مشارف الحدود، يطفو في البعيد مصطافون جزائريون، ومدن جزائرية مكتنزة بين الجبال، إضافة إلى حرس الحدود المغاربة . كان البحر هادئا ولطيفا، وفسيحا، لكنه كان خاليا من التوت، أجل لقد كان البحر كالزهرة الفاقدة لتاجها في الربيع، ورغم هذا سبحنا، ولم نفارق البحر إلا عندما شارفت الشمس على الغروب ...نأخذ دوشا، وبعدها نتوجه صوب المحطة، أغادرهم بحسرة، استولفتهم حتى أصبحوا جزءا من كياني، صافحتهم وغادرتهم حزينا، امتطيت سيارة وطرت نحو بركان، هناك استقبلني صديقي محمد استقبالا حارا، لم أره منذ سنة، كنا قد التقينا في الجديدة، وها أنا أزوره بعد أن عين في المغرب الشرقي، سرنا نتجول أطراف المدينة، ورحنا نتحدث عما هو عائلي وفكري وثقافي...وعند دخولي للمنزل حضر لي فاكهة التين المحلية، تناولناها معها في جو ساده النقاش والحوار، محمد شخص طيب وهادئ، متسامح، ميال إلى النقاش، متسم بحس فلسفي، يهتم بقضايا الجندر والجنسانية، ينشر في العديد من المواقع والمجلات التي تهتم بهذا المجال .
في اليوم الموالي رحنا صوب منطقة رأس الماء، هناك قضينا يوما رائعا، لعبنا كرة المضرب، بحثنا عن التوت، سبحنا كثيرا، محمد يحب المشي كثيرا جنبات الشاطئ وأنا يعجبني ذلك، لهذا جبنا أطراف البحر باحثين عن التوت . في المساء جلسنا فوق الصخور، وراقبنا الغروب، كان المنظر مذهلا، غير أنه حز في قلبنا كثيرا أن الجزر المتاخمة لرأس الماء تستحوذ عليها إسبانيا، هنا يطرح السؤال عن استقلالنا الناقص ؟؟! حل الظلام، ولم نجد طاكسي، وبتنا ننتظر، رحت أفكر في المبيت في العراء، فالقرية صغيرة، ولا تتوفر على فنادق، لكننا في الأخير حصلنا على خطافة، فاقتحمنا بركان في لجة الليل ....لم تعجبني هذه المدينة الصغيرة المفعمة بالحرارة، باستثناء وفرة العصائر، والسمك الصغير المقلي الذي فتح شهيتي بشكل كبير .
في ذاك الصباح، استيقظت وغادرت محمد، لقد طلب مني أن أبقى معه، لكنني وعدته مرة أخرى بالمجيء، أحسست بخيبة كبيرة، ولكن لابد من المغادرة، لا أحب أن أعمر في الأمكنة كثيرا. أنا عاشق للتنقل كثيرا . بات الرباط هو الأفق، ذهبت إلى المحطة التي لا وجود لها، ورحت أبحث عن حافلة، لم أعثر عليها، وبعد بحث مطول، وجدت حافلة مهترئة متوجهة نحو العرائش، لكنها ستعبر مكناس، فأخذتها، كان يسوقها رجل سمين ذو مؤخرة مكتنزة، فبين لحظة وأخرى كانت الحافلة تتوقف، أحسست بتذمر كبير، فاشتعلت في وجهه حاثا إياه على الانطلاق، ولا أحد من الركاب المغبونين حرك ساكنا ؟؟!!! كأن الأمر لا يعنيهم، فهم ليس لديهم وقت !!! وحتى إذا كان لديهم هذا الوقت، فهو ليس ثمينا !!! وإذا كان ثمينا فهو لا يساوي شيئا لأنها لا تساوي شيئا، فالنعجة ليست في نظرها نعجة... وهكذا...وصلنا إلى وادي أومليل، توقفت الحافلة زهاء الساعتين، وفي مكناس ربضت الحافلة الأخرى زهاء الساعة، وفي الطريق وقفت ثلاث مرات، وفي الطريق السيار نصف ساعة من الاختناق المروري...هذه هي سياسة الهدر والترويض لكي تكون أيها المغربي قطيعا من القطعان، لا تجيد التفكير، بل الصياح في وطن النعاج .
أصل إلى الرباط، فأشتعل ثانية، المواطنة مهددة دائما بالفقدان، فإذا لم تدافع عنها تموت أو تغتال من طرف الحكام أو جماهير الرعاع ....
انتهى كل شيء، غير أن شيئا واحدا لم ينته هو الجواب . جوابها هي، تلك التي التقيت، وفي انتظاري ذلك أضيع في زحمة الحياة متنفسا عبيرها . الذي يجعلني أستمر آملا في أن ألتقطه ذات يوم .

النهاية / عبد الله عنتار / 17 غشت 2014/ بنسليمان – المغرب



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قريتي العائمة
- أولى المحاولات
- رحلتي أنا و زيزو : بحث عن المواطنة الضائعة
- هارب من المنفى
- سطوة الأفول
- لا تثق فيهن
- البون الذي ينزف دما
- فلتكبري في حلمي
- منزلنا الريفي (54)
- إسفين على جرحي الثخين
- لأن عيوني ماتت
- أرحل مضارعا السماء
- منزلنا الريفي (53)
- في انتظار اللحظة التي يبكي فيها العصفور
- منزلنا الريفي (52)
- راحلتي
- الشفق الراحل
- منزلنا الريفي (51)
- منزلي توقد بالنار
- حلمي المصلوب


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - رحلة بطعم الهدر