محمّد بن آمنة، رسول الشّياطين: الشّياطين تكسر تحدّي القرآن وتأتي بقرآنها الخاصّ

مالك بارودي

الحوار المتمدن-العدد: 4535 - 2014 / 8 / 6 - 00:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

محمّد بن آمنة، رسول الشّياطين: الشّياطين تكسر تحدّي القرآن وتأتي بقرآنها الخاصّ

في "صحيح مسلم"، نقرأ الحديث التّالي: "حدّثني محمّد بن رافع حدّثنا عبد الرّزّاق أخبرنا معمر عن بن طاوس عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «إنّ في البحر شياطين مسجُونة أوثَقهَا سُليمان يُوشك أن تخرج فتقرأ على النّاس قُرآنا»". ("صحيح مسلم"، مقدّمة صحيح مسلم، باب النّهي عن الرّواية عن الضّعفاء والإحتياط في تحمّلها)
عندما نقرأ هذا الحديث بتأنٍّ ونفكّر فيه مليّا، نجدُ أنّه حديث ملغومٌ مليء بالإشكاليّات. وهذه الإشكاليّات يمكن تلخيصها في ما يلي:
1.. هذا الحديث تكذيب صريحٌ من أحد الصّحابة لقول كاتب القرآن: "قُل لئن اجتمعت الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا". (الإسراء، 88) فهاهي الشياطين المسجونة يُوشك أن تخرج فتقرأ على النّاس قرآنا وتحطّم التّحدّي القرآني ودُون تلقّي مساعدة لا من الإنس ولا من الجنّ. إذن، حسب هذا الحديث، لو أُطلقت هذه الشياطين من سجنها ستقول قُرآنا. فالشّيء الذي يمنعها من أن تقول قرآنها ليس عدم القدرة على الإتيان بمثله كما تزعمُ الآية بل كونها مقيّدة وسجينة فقط.
2.. هل القرآن المذكور في الحديث يُشبهُ قرآن محمّد بن آمنة الذي يزعم أنّه منزّل؟ إذا قلنا أنّهُ يُشبهه ويقاسمُه صفاته، فما الفرق بين هذه الشياطين وربّ محمّد الذي يُنسب إليه القرآن حسب الخرافة الإسلاميّة؟ فالله والشّيطان متساويان في القدرة على الإتيان بقرآن. وإذا قلنا أنّه لا يُشبهُهُ، فكيف يُسمّى قرآنا؟ فالقول: "فتقرأ على النّاس قُرآنا" عندما نربطه بإسم الباب الذي ذُكر تحته "النّهي عن الرّواية عن الضّعفاء والإحتياط في تحمّلها" يُفهمُ منه تحذيرُ النّاس من رواة الأحاديث الذين يأتون بأحاديث كاذبة تُنسب إلى محمّد بن آمنة ويصدّقها النّاس. فإذا كان هذا حالُ الأحاديث، فالأمر نفسه ينطبق على القرآن الذي ستأتي به الشياطين المسجونة لو إنطلقت من سجنها، أي أنّه قرآنٌ ستتلوه الشّياطين على النّاس فيصدّقون كلامها وبالتّالي سيُخدعون به: أي أنّه مثل قرآن محمّد بن آمنة وقادر على التّأثير على النّاس. ولو لم يكن القصد من ذلك قدرة الكلام (سواء تعلّق الأمر بالأحاديث المزوّرة أو بقرآن الشياطين) على التّأثير على النّاس، لما وضع مسلم هذا الحديث في ذلك الباب المذكور.
3.. لنفرض أنّ خرافة أنّ هناك شياطين مسجونة وأنّ من سجنها هو سليمان... حسب الخرافات الإسلاميّة هناك شياطين أخرى طليقة، بل وتُصاحبُ النّاس مثل ظلّهم وتجري منهم مجرى الدّم أيضا. فقد ورد في الأحاديث أنّ لمحمّد بن آمنة نفسه قرينًا من الشّياطين: "حدثني هارون بن سعيد الأيلي حدثنا بن وهب أخبرني أبو صخر عن بن قسيط حدثه أن عروة حدثه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلا قالت فغرت عليه فجاء فرأى ما أصنع فقال مالك يا عائشة أغرت فقلت وما لي لا يغار مثلي على مثلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقد جاءك شيطانك قالت يا رسول الله أومعي شيطان قال نعم قلت ومع كل إنسان قال نعم قلت ومعك يا رسول الله قال نعم ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم" ("صحيح مسلم"، كتاب صفة القيامة والجنّة والنّار، باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وأنّ مع كلّ إنسان قرينا). وورد في حديث آخر: "حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مع إحدى نسائه فمرّ به رجل فدعاه فجاء فقال يا فلان هذه زوجتي فلانة فقال يا رسول الله من كنت أظنّ به فلم أكن أظن بك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنّ الشّيطان يجري من الإنسان مجرى الدّم" ("صحيح مسلم"، كتاب السّلام، باب بيان أنّه يُستحبّ لمن رؤي خاليا بإمرأة وكانت زوجة أو محرما له أن يقول هذه فلانة ليرفع ظنّ السّوء به). وبما أنّ الحال كذلك، فإذا كانت الشياطين المسجُونة قادرة على الإتيان بقرآن خاصّ بها، فما الذي يمنع الشّياطين الطّليقة من أن تكون هي أيضا قادرة على إتيان نفس الشّيء، خاصّة أنّها طليقة وتتنقّل بحرّيّة وتُصاحبُ النّاس وتجري منهم مجرى الدّم؟ بل ما الذي يمنعها من أن تكون قد أوحت إلى محمّد بن آمنة بما إدّعى أنّه "قرآن" و"منزّل" و"كلام الله" و"محفوظ" و"لا يأتيه الباطل"؟ ثمّ، ما الذي يُثبت أصلاً أنّ القرآن الذي أتى به محمّد بن آمنة ليس هو نفسه قرآن الشّياطين الطّليقة أو قرآن قرينه الشّيطانيّ "الذي أسلمَ" وفي رواية أخرى "سَلِمَ من أذاهُ محمّدٌ"؟ ما الذي يُثبت أنّ قرآن محمّد بن آمنة ليس سوى مجموع وسوسات زعم مصدرها (أي شيطان محمّد أو شياطين أخرى) أنّه "كلام الله" أو إنخدع محمّد فظنّ أنّها كذلك أو كذب محمّد متعمّدا فإدّعى أنّها كذلك؟
4.. كاتب القرآن نفسه يقول: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (الحجّ، 52) وهذا إعتراف من كاتب القرآن بأنّ الشّيطان قادرٌ على الإتيان بآيات قرآنيّة. ومن الأحاديث التي أتى بها جلال الدّين السّيوطي والتي تؤكّد هذا الأمر والتي وردت في تفسيره للآية السّابقة: "وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة بِسَنَدٍ رِجَالهُ ثِقَات من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {أَفَرَأَيْتُم اللّات والعزّى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى} تِلْكَ الغرانيق العلى وَإِن شفاعتهن لترتجى، ففرح الْمُشْركُونَ بذلك وَقَالُوا: قد ذكر آلِهَتنَا، فَجَاءَهُ جِبْرِيل فَقَالَ: اقْرَأ عليَّ مَا جئْتُك بِهِ فَقَرَأَ {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى} تِلْكَ الغرانيق العلى وَإِن شفاعتهن لترتجى. فَقَالَ: مَا أَتَيْتُك بِهَذَا هَذَا من الشَّيْطَان. فَأنْزل الله {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي إِلَّا إِذا تمنى} إِلَى آخر الْآيَة". (السّيوطي، "الدّرّ المنثور في التّفسير بالمأثور") نفهم من هذا الحديث أنّه، في الفترة بين نطق محمّد بن آمنة بـ"آيات الغرانيق" ومجيء جبريل (المشكوك في وجوده، بطبيعة الحال، ذلك أنّه قد يكون هو نفسه الشّيطان) كان محمّدٌ يعتقد أنّ ما تلاه على "المشركين" من القرآن. إذن، فبما أنّ رسول الإسلام المزعوم هو نفسه لا يستطيع التّفريق بين القرآن الحقيقي وكلام الشيطان، فمن يستطيع التّمييز والتّفريق؟ وبالتّالي، هذه الحادثة الصّحيحة والتي يقول السّيوطي أنّ من نقلوها من الرّجال "ثقات"، تنسف كلّيّا خرافة الإعجاز اللّغوي القرآني وتُسفّه كلّ من يتحدّث عنها. فإذا كان القرآن فيه إعجاز لغويّ لا يأتي بمثله أحد، فقد أتى الشيطان بآياتٍ ظنّ محمّد أنّها قرآن وما هي بقرآن. وهذا يعني: إمّا أنّ الشّيطان أيضا قادر على فبركة آيات فيها إعجاز لغوي كالذي في آيات القرآن، وهنا يُصبحُ الإعجاز اللّغوي مجرّد حكاية تافهة لأنّ المعجزة كسرها الشيطان وإمّا أنّ آيات الشّيطان ليس فيها إعجازٌ لغويّ وهنا نتساءل، كيف إنخدع بها محمّد بن آمنة وظنّها قرآنا؟ والجواب على هذا السّؤال بسيط جدّا: الإعجاز اللّغوي مجرّد خرافة أُلصقت بالقرآن دون أن يكون هناك أيّ دليل أو مقياس، وبالتّالي تسقُطُ خرافة الإعجاز اللّغوي.
5.. ثمّ، إذا كان الشّيطان قد خدع محمّدا وألقى في تلاوته لسورة الحجّ كلاما ظنّ أنّه من القرآن، فما الذي يمنعه من أن يلقي كلامه في سورٍ أخرى؟ بل ما الذي يمنعُ من أن يكون القرآن كلّه كلام الشّيطان وما الزّعمُ بالنّسخ وإحكام الآيات إلاّ خدعة أخرى من الشّيطان مؤلّف القرآن لمزيد إحكام السّيطرة على نبيّ الإسلام المزعوم؟ كأن يكذب شخصٌ على صديقه آلاف المرّات ويأتيه مرّة فيقول له: "لقد حدّثتك بحكاية زائفة في المرّة الماضية، نقلتها عن شخص كنت أثق فيه ولكنّه كذب عليّ ولم يخطر ببالي أن أتحرّى صحّة ما رواه قبل أن أحدّثك به. وبما أنّي صادق مع نفسي وأحبّ الصّدق وليس من عادتي الكذب أو نقل حكايات مشكوك فيها، أردت أن أصارحك بالحقيقة. وفي المرّات القادمة لن أحدّثك إلاّ بما تأكّدت صحّته." فهو قد كذب عليه آلاف المرّات وصارحه بكذبة واحدة ليثبّته على تصديقه في الأكاذيب اللاحقة.
كلّ هذه إشكاليّات نطرحها على المسلمين ليفكّروا فيها مليّا... كما ننصحهم بإستبدال الآية: "والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربّنا" (آل عمران، 7) من قرآنهم بهذه الكلمات: "والرّاسخون في الجهل يقولون آمنا به كلّ من عند ربّنا".

--------------------------
الهوامش:
1.. المقالات السابقة من سلسلة "محمد بن آمنة، رسول الشياطين":
- "محمّد بن آمنة، رسول الشياطين: خاتم الأنبياء والرّسل يُرضعه جنّ أو شيطان - ج1"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=425302
- "محمّد بن آمنة، رسول الشياطين: خاتم الأنبياء والرّسل يُرضعه جنّ أو شيطان - ج2"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=425305
- "محمّد بن آمنة، رسول الشياطين: خاتم الأنبياء والرّسل يُرضعه جنّ أو شيطان - ج3"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=425449
- "محمّد بن آمنة، رسول الشياطين: خاتم الأنبياء والرّسل يُرضعه جنّ أو شيطان – ج4"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=426164
- "خرافات إسلاميّة: علاقة محمد بن آمنة بالشيطان بدأت عند ولادته"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=413390
- "محمّد بن آمنة، رسول الشّياطين: شيطان محمّد الذي أسلم – ج1"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=413611
- "محمّد بن آمنة، رسول الشّياطين: شيطان محمّد الذي أسلم – ج2"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=413609
2.. للإطلاع على بقية مقالات الكاتب، الرّجاء زيارة مدوّنته:
http://utopia-666.over-blog.com
3.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية":
http://www.4shared.com/office/fvyAVlu1ba/__online.html

#مالك_بارودي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات