أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أماني أبو رحمة - واقع كيانين فاشلين وتطلعات نحو نموذج جديد الدولة الديمقراطية الواحدة على كامل فلسطين التاريخية ورقة مقدمة إلى الندوة الدولية: -الذكرى 38 ليوم الأرض : المقدمات، التحدّيات والتوقّعات المستقبلية- تونس 28 29 مارس 2014















المزيد.....


واقع كيانين فاشلين وتطلعات نحو نموذج جديد الدولة الديمقراطية الواحدة على كامل فلسطين التاريخية ورقة مقدمة إلى الندوة الدولية: -الذكرى 38 ليوم الأرض : المقدمات، التحدّيات والتوقّعات المستقبلية- تونس 28 29 مارس 2014


أماني أبو رحمة

الحوار المتمدن-العدد: 4474 - 2014 / 6 / 6 - 14:26
المحور: القضية الفلسطينية
    


واقع كيانين فاشلين وتطلعات نحو نموذج جديد
الدولة الديمقراطية الواحدة على كامل فلسطين التاريخية
ورقة مقدمة إلى الندوة الدولية:
"الذكرى 38 ليوم الأرض : المقدمات، التحدّيات والتوقّعات المستقبلية"
تونس 28 ـــ 29 مارس 2014

أماني أبو رحمة
مقدمة:
إن التطهير العرقي واقتلاع سكان البلاد الفلسطينيين الأصليين ليس "حدثًا" تاريخيًا ومأساة إنسانية فحسب، بل هو صُلب المشروع الصهيوني الاستيطاني الكولونيالي منذ إنشائه وحتى هذه الأيام .
فكرة أن إسرائيل (الدولة اليهودية/ الصهيونية) لها الحق في امتلاك الأرض، أو الحق الأكبر في الأمن، أو الحق في الحصول على قدر اكبر من اقتصاد مزدهر، أكثر من الناس الأصليين على هذه الأرض هي غاية العنصرية ولكنها لا تختلف كثيرا عن مبررات نظام الفصل العنصري الأبيض في جنوب إفريقيا وعن الأساس المنطقي لجميع النظم (العنصرية) للاستعمار الأوروبي التي استغلت الموارد البشرية والطبيعية لإفريقيا، والشرق الأوسط، وآسيا ، وأمريكا اللاتينية على مدى قرون وفقط لصالح المستعمرين.
العنصرية إذا هي جوهر حل الدولتين الذي ينادي به المجتمع الدولي اليوم والذي قبلت القيادة الفلسطينية منذ أوسلو أو قبولها بفكرة دولة على حدود ال67 . فالنظام العنصري الذي يدعو إلى حكم الأغلبية التي نشأت من خلال طرد وعزل وقمع الأغلبية الأصلية لا توجد أية صلة بينه وبين الديمقراطية. مصير اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، ومعاناة الأهل تحت الاحتلال العسكري المباشر في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلّين منذ 1967، ومصير البقية التي استطاعت التمسك بأرض الوطن بعد التطهير العرقي والنكبة الفلسطينية عام 1948 وتعاني من كل أنواع التمييز العنصري والقمع والتشريد، كلّها مركبات أساسية للقضية الفلسطينية الواحدة.
منذ سنوات عديدة افترض أغلب المتعاطفين، مع الطموحات الوطنية للفلسطينيين أو المتحمّسين لاستمرارية الصراع أو ربما للخطورة السياسية التي تحملها الطموحات الوطنية الفلسطينية، أن الحل الدائم للصراع العربي الإسرائيلي يكمن في إقامة دولة فلسطينية في المناطق الضيقة التي لم تمتد إليها سياسة الضم الإسرائيلية، مما تبقى من أراضي فلسطين التاريخية.
تكونت السلطة الفلسطينية ذاتها من عملية أوسلو كمشروع كيان (ما قبل الدولة)، ويهدف إلى تشكيل حكومة فلسطينية وبرلمان فلسطيني مستقل كمقدمة للسيادة على دولة منزوعة السلاح مغلقة وغير مستقلة. مع تحالف مسئولين فلسطينيين وإسرائيليين، في محاولة لبث الروح في حل الدولتين عن طريق اتفاقات تفصيلية وجلسات مفاوضات مملة وطويلة اتضح أن هدفها هو التفاوض من أجل استمرار التفاوض لا غير. ولا بد أن نذكر أن هذه الجهود أشارت ضمناً أو بوضوح (خصوصا في بداياتها) إلى ضرورة إزالة المستوطنات اليهودية، وإلا فان الحديث عن دولة فلسطينية متصلة الأراضي سيكون بلا معنى.
في لحظة من العقد الماضي, أصبح الجانب الأخلاقي الذي ارتكزت عليه عملية التسوية مجرد سراب. لقد أقنع الناس أن فرص إقامة دولة فلسطينية مستقلة قد انتهت وبلا عودة بسبب الاستيطان في الضفة الغربية وعزل قطاع غزة، ولذا فان حل الصراع عن طريق إقامة دولتين (فكرة واحتمالات) قد قضى عليها الزمن. موتها الغامض، والذي يحرصون على إخفائه عمداً عن طريق الدعاية الإعلامية المتكررة عن قرب الوصول إلى اتفاق أو حل نهائي، صار عديم الجدوى. وتدلل دائرة العنف المفرط المستمرة في شكل الاغتيالات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة والأوضاع المزرية للفلسطينيين وهدم البيوت وأعداد الشهداء على أن الصراع لا يزال سيد الموقف كما كان سابقاً.
الواقع على الأرض في ظل ترتيبات حل الدولتين:
مأسسة نظام فصل عنصري جديد وتشريع التهجير القسري .
الاستيطان: يوما بعد يوم يقوم عمال البناء الإسرائيليون بقضم مساحات من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، يرصفون الطرق ويقيمون آلاف الوحدات السكنية الجديدة في تجمعات جيدة التخطيط ويدعي الاستيطان أنها مجرد كرفانات على قمم التلال لحماية المتدينين ولكن ما نلمسه حقيقة هو تقطيع مكثف ينخر بقوة أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة ويؤوي ما يقارب 250,000 مستوطن، إضافة إلى 180,000 مستوطن في القدس الشرقية التي لا يتوقع أحد أنها ستُطوّع أبدا. عشرات الآلاف من الشقق والمنازل تخدمها مدارس، أسواق، مسارح، مراكز فنية، مرتبطة بشبكة طرق رئيسة وإمدادات مياه وكهرباء وجدران وأسوار ونظام حماية، الأمر الذي جعل الشبكات الاستيطانية غير قابلة للإزالة أو النقل بسبب ضخامة بنيتها التحتية أو بسبب نفسية قاطنيها. قبل عقد من الزمان، كان بالإمكان لجهد دولي منظم أن يوقف نموها أما الآن فقد ذهبت الأمور بعيداً، لا شي يقف في وجه توسعها. إن الضفة الغربية وقطاع غزة محاطتان بمستوطنات مأهولة باليهود الإسرائيليين، ولا يمكن أن يشكلا أرضا وطنية قابلة للحياة، ويتبع ذلك انه ما لم يحدث تغير جذري في سياسة الاستيطان، فان إقامة دولة فلسطينية على أساس حل الدولتين أمرٌ غير قابل للتطبيق.
جدار الفصل العنصري. الجدار اللعين ليس إلا توسعة أبدية لإسرائيل الكولونيالية على الأراضي التي احتلتها عام 1967، إضافة إلى كونه يتمم نظام الطرق المخصصة لليهود فقط، ويكمل نقاط التفتيش التي تفتت الضفة الغربية، كما يركز الفلسطينيين في مناطق مأهولة عالية الكثافة فقيرة وبلا موارد ويضمن بذلك سيطرة إسرائيل التامة على موارد البلاد الثمينة ويمنحها أرضا مفتوحة وماء. كثير من التجمعات الفلسطينية في الضفة الغربية محاصرة اليوم بالجدار من كل الجهات بنظام أنفاق وجدران إسمنتية وأسلاك شائكة بل "وفي بعض الأحيان يخترق الجدار بعضها"، وغزة أيضا مغلفة. والحركة بين الجيوب الفلسطينية صعبة للغاية، الحصول على الرعاية الصحية والتعليم والعمل محدود إن لم يكن مستحيلا، الفقر في كل مكان. 60% من السكان تحت خط الفقر بأقل من دولارين يوميا , وفي غضون أشهر قليلة سيكتمل المشروع وسيحشر الفلسطينيون في غيتوهات صغيرة موصولة بطرق غير ظاهرية تسيطر عليها إسرائيل. لن يكون هناك مطار أو ميناء والسفر الأرضي إلى دول الجوار سيتحكم به جنود إسرائيليون والنتيجة النهائية، كما في غزة الآن وكما في بعض مناطق الضفة الغربية, هي قطاعات: نظام سجون مفتوحة ومكتظة وإذا ما حاول النزلاء الخروج أو التمرد فان السجان سيلاحقهم بغارات جوية وبسلاح المدفعية.
الحدود: تعريف الأراضي بعد الخط الأخضر بأنها "أراض محتلة" يبدو أمرا لا لبس فيه من قبل المجتمع الدولي . ويعتبر هؤلاء، الذين يستخدمون المصطلح، الأراضي المحتلةَ أراض غريبة وبالأساس مختلفة عن الأراضي داخل الخط الأخضر، التي تعني أراضي "السيادة الإسرائيلية"، وليس هذا التمييز بدون تعقيدات: فأين هي بالضبط الحدود بين الأراضي المحتلة والدولة العبرية؟ وهل حددت إسرائيل بوضوح في أي وقت مضى حدود "الدولة" خاصتها؟ ماذا يحدث عندما يكون جزء من عاصمة الدولة ـ عرش السلطة ـ في الأرض المحتلة (القدس الشرقية) وجزء في الدولة؟ وكيف يعرف أولئك الذين يستخدمون مصطلح" الاحتلال" "الكتل الاستيطانية" معاليه ادوميم وغوش عصيون واريئيل، التي يعتبر سكانها، وبإجماع الرأي العام، أكثر إسرائيلية من أولئك القاطنين في (تل أبيب أو حيفا) ويعاملون كمواطنين إسرائيليين في كل مكان. هل هم في الأرض المحتلة أم في الدولة العبرية؟
التقاسم غير العادل للأرض والثروة والموارد الطبيعية: لا يمكن لمصطلح في قاموس الاحتلال العسكري أن يعكس "البانتوستانات" التي أنشئت في المناطق المحتلة، التي تفصل سكاناً أغنياء ومزدهرين يتمتعون بناتج قومي إجمالي يصل إلى 26,000 -$- للفرد، عن سكان مضطهدين لا يستطيعون تشكيل مستقبلهم ولا يزيد الناتج القومي المحلي لهم عن 1.600 دولار للفرد ( في غزة أقل بحوالي 40% من معدله في الضفة). كما لا يمكن لأي مصطلح في قاموس الاحتلال العسكري أن يصف كيف ضُمّ نصف المناطق المحتلة، وتُرك السكان في المناطق المحتلة بلا أراض متصلة جغرافياً وبلا مقومات للبقاء. فقط إستراتيجية الضم والرغبة في السيطرة الدائمة يمكنها أن تفسر مشاريع الاستيطان الواسعة والاستثمارات المتعددة في البنية التحتية، التي تزيد عن 10 بلايين دولار. لا يسيطر الفلسطينيون على أي من المقدرات الطبيعية لا في الأرض ولا في السماء. يفتقرون إلى المياه والطاقة والاهم إلى الأرض المتصلة التي ستقام عليها التنمية الحقيقية، لا تلك التي يتشدق بها المسئولون الفلسطينيون المتورطون في السلطة الحالية وما قبلها منذ أوسلو سيئة الصيت.
الفلسطينيون في الأراضي التي احتلت عام 48: أما الفلسطينيون الذين بقوا في أرضهم بعد 1948، فقاوموا محاولة الطرد عام 1950، ومُنحوا المواطنة الإسرائيلية، وأصبحوا اليوم يشكلون 20% من سكان إسرائيل، إلا أن سياسة التهجير وقضم الأرض لا تزال مستمرة تمارسها إسرائيل ضد مواطنيها العرب. ففي النقب على سبيل المثال يعيش أكثر من 80.000 بدوي في قرى غير معترف بها من قبل السلطات التي ترفض تزويد هذه القرى بالماء أو الكهرباء أو المدارس الكافية أو الرعاية الصحية. وتسعى السلطات الإسرائيلية بجدية إلى إرغام هؤلاء السكان على العيش في مناطق مزدحمة وغير لائقة ولا يكاد يمر يوم دون أن يُهدم منزل وأحيانا قرية بأكملها مع مصادرة قطعان الماشية وتجريف الحقول، فيما توزع السلطات الأراضي في المنطقة بكرم على المستوطنين اليهود. هذا جانب واحد من سياسة الشد والجذب التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية وفوق ذلك فان الرأي القائل بضرورة نزع المواطنة عن السكان العرب ومحاصرتهم أو حتى طردهم إلى الخارج أصبحت رائجة بين اليهود الإسرائيليين.
القدس: يوفر حل الدولتين لإسرائيل أكبر مساحة قدس في التاريخ على الإطلاق بعد ضم الكتل الاستيطانية وتوابعها المحيطة بالمدينة المقدسة. ومع الأيام اتضح أن ما تطمح إليه إسرائيل أيضا هو سيطرة كاملة على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة مما يهدد وجودها وحرية العبادة فيها. لن تفاوض إسرائيل على القدس أبدا وأعلنت مرارا إنها عاصمتها التاريخية الأبدية، في حين صمت الفلسطينيون والعرب والمسلمون بشكل مخزٍ مما شجع على مواصلة الأسرلة للمدينة المقدسة التي باتت تنطق بالعبرية.
اللاجئون: وبالرغم من إنكار المسئولين الفلسطينيين لحقيقة أن مفاوضاتهم وبالتالي حل الدولتين لن يتضمن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم التي هُجّروا منها قسراً عند قيام دولة إسرائيل، إلا أن ذلك ترك بالتالي مصير خمسة ملايين فلسطيني في الشتات تحت رحمة الدول التي تستضيفهم والتي تزداد عنصرية وعدائية لهم يوماً بعد يوم. إن تنازل القيادة الفلسطينية عن حق العودة من اجل أن تحظى بكيان مسخ يؤكد بوضوح فساد القيادة وظلم الحل وهشاشته وصعوبة استمراريته حتى لو تحقق.
والآن ماذا ستفعل إسرائيل بالناس إذا كنت تريد الأرض فقط؟
خياران لا ثالث لهما: إما الترانسفير القسري من الضفة الغربية ومن أراضي الداخل المحتل أو أن يبقى الفلسطينيون في الأراضي المحدودة مع سلطة حكم ذاتي مقررة لفرض ترتيبات معينة والحقيقة التي يحاول المسئولون في الطرفين تغيبها هي أن دولة حقيقية للفلسطينيين لن تكون ضمن هذه الترتيبات أبدا وكما صرح شارون نفسه (اقتصادهم سيبقى متعثرا ومجتمعاتهم ستتيبس تدريجيا إلى آثار قوميات غير ذات علاقة).
ونرى هنا أن حل الدولتين المزعوم، القضايا الحقيقية العميقة ـ "المركزية " ـ والتي هي وضع القدس، ومصير ومستقبل المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وقابلية الدولة الفلسطينية المستقبلية على البقاء إلى جانب الدولة اليهودية، ومصير أبناء وأحفاد أولئك الـ 750000 فلسطيني الذين تعرضوا للتطهير العرقي عام 1948 والملحة الآن، والتي ستستمر حتى بعد تنفيذ حل الدولتين، ودولة إسرائيل، تمثل "مشكلة" لكنها ليست "قضية"، لأن، والعياذ بالله، جعلها قضية على بساط البحث سيكون تهديداً لوجود إسرائيل كدوله يهودية. وجود إسرائيل كدوله يهودية يجب ألا يصبح قضية مركزية أبداً.
طريق الدولتين إذا هو طريق الفصل. وتحقيقه سيعني ترسيخ الاقصائية القومية لسنوات عديدة. وهو ما يعني أن عودة المهجرين، والمساواة بين أولئك الذين يعودون والعرب غير اليهود - وهم هناك الآن، مع اليهود، سيتعين إرجاؤها إلى أجل غير مسمى وإيداعها على رف مترب في تاريخ الظلم. مثل هذا السيناريو بالتأكيد سيؤدي إلى إثارة المزيد من العنف كما سيُنشئ واقعا وشرعيًة للعنصرية الصهيونية والامبريالية.
ما العمل إذا؟ حل الدولة الواحدة الواقع والآفاق
لماذا لم تنجح خطط بلا عدد وحروب مستمرة ومفاوضات بلا نهاية في تقسيم الأرض التي بين البحر والنهر وتحقيق العدل والسلام؟ هل لأنّ هذه الأرض لا يمكن تقسيمها؟ متحديةً هذه القطعة الصغيرة من الأرض في رفضها أن تقطّع إرَباً. وكأنها أرادت أن تبرهن على حكمة أحد زعماء السكان الأصليين في أمريكا الشمالية، الذي عندما طلب منه الرئيس الأبيض التفاوض حول تقسيم الأرض أجاب: "الأرض ليست ملكاً للإنسان كي يقسمها".
هناك العديد من الأسباب التي تجعل التقسيم غير ممكن:
1.الهوية والتاريخ الميثولوجي للفلسطينيين واليهود يرتكزان على المساحة الكلية للأرض. ولا يمكن لأي طرف منهما أن يقبل إلى الأبد أن يبقى محروماً مما يعتبره وطنه.
2.المزيج الديمغرافي: 450,000 يهودي يعيشون في "مستوطنات" على أراضٍ احتُلت عام 1967. و 1.25 مليون فلسطيني يعيشون داخل خط الهدنة المرسوم عام 1949. علماً أن معظم اللاجئين الفلسطينيين قد طُردوا من أراضٍ داخل خط الهدنة.
3.نظراً للجغرافية وتوزيع السكان، فلا يمكن رسم أي حدود. كما لا يمكن تقسيم القدس والأماكن المقدسة، فهذه مشكلة معقدة للغاية.
4. المصادر الطبيعية الشحيحة، خاصة المياه، في قطعة من الأرض صغيرة إلى هذا الحد، لا يمكن تقسيمها وستبقى مصدر توتر.
5. الاقتصاد والتجارة والقوى العاملة متداخلة.
6. الشرعية السياسية القانونية: الدول القائمة على العِرقية بدلاً من المواطنة دول تمارس التمييز وتخرق القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان.
إن كل هذه البقعة من الأرض، في هذا الوضع الراهن، هي كيان واحد بحكم الواقع. إنها جغرافية واحدة، بموارد مشتركة وديمغرافية مختلطة واقتصاد مشترك. غير أن فيها الآن فرقاً شاسعاً في القوة السياسية والثروة الاقتصادية وفي توزيع الموارد، إضافة إلى إنكار حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم. لا يمكن تحقيق السلام إلاّ بمعالجة اختلالات كتلك، وهذا ما نعمل من أجله.
وما نقترحه هنا هو نظام سياسي ديمقراطي واحد، لا يوجد فيه تمييز على أساس الاثنية أو القومية بين المواطنين. نظام يقوم على أساس الحقوق الفردية، كما هو الحال في مرحلة ما بعد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. دولة ديمقراطية علمانية تقام على كامل فلسطين التاريخية لجميع سكانها على أساس دستور ديمقراطي يستند إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ويضمن الحرية والعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات دون أي تمييز على أساس العرق أو الجنس أو الدين أو اللغة. وحتى تتحقق العدالة في هذا الحل لا بد أن يرتكز على جملة إجراءات يجب تنفيذها بوصفها أسسا للحل الموعود:
حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها قسرا حق مقدس لا يسقط بالتقادم ولا يقبل المساومة وهو شرط أساسٌ لأي حل يهدف لإنهاء الصراع سواء كان هذا الحل دولة واحدة أو غير ذلك. إن قضية اللاجئين هي قضية ضمير إنساني لا يجوز للبشرية أن تتجاهلها إذا ما أرادت للسلام أن يجلل الأرض المقدسة.
إلغاء قانون العودة العنصري الذي يمنح المولود لأم يهودية في أي مكان في العالم حق المواطنة في فلسطين المحتلة متى شاء بدعوى حماية اليهود من هولوكوست آخر. وهي دعوى باطلة من ناحية وتمثل ظلما صارخا لمن لم يشاركوا أصلا في المظالم التي تعرض لها اليهود من قريب أو بعيد فضلا عن انه يجب على العالم كله ضمان حماية الأقليات دون الإضرار ببشر آخرين في أي مكان في العالم. لن تكون لليهود ـ عدا المقيمين بحكم الأمر الواقع ـ أي امتيازات للإقامة في الدولة المستقبلية إلا على أساس القوانين المعمول بها في الدولة والتي تنطبق على كل الغرباء عنها دون تمييز.
إن فلسطين التاريخية وحدة جغرافية واحدة غير قابلة للتجزئة. وحتى لو كان ممكنا من الناحية اللوجستية، فان حل الدولتين سيتضمن تقسيماً غير عادلٍ للأرض إذ ستشكل الدولة الفلسطينية ما نسبته 22% من فلسطين التاريخية ولن تستوعب حل قضية اللاجئين على أساس حق العودة المشروع إلى ديارهم.
إن هدف الفلسطينيين في استعادة أرضهم المفقودة وعودة لاجئيهم وبناء مجتمعهم الطبيعي لن يتحقق في ظل وجود إسرائيل كدولة يهودية صهيونية اقصائية وعنصرية.
إن أرض فلسطين جزءٌ من الجغرافية العربية، ويتطلب ذلك الحفاظ على علاقاتها المميزة بمحيطها العربي فضلا عن ارتباطها بعلاقات صداقة مع دول العالم على أساس القانون والمواثيق الدولية، وان أي محاولة لتغيير هويتها ستكون محكومة بالفشل تاريخيا وجغرافيا.
إقامة النظام الديمقراطي العلماني على أرض فلسطين: يتطلب هذا النظام إقرار دستور مدني يكفل حقوق الأفراد على أساس المساواة وتكافؤ الفرص. ويتبعه قيام مؤسسات رسمية وغير رسمية تحقق هذا المبدأ. لن يكون هناك مستوطنات أو جدار عازل أو طرق أو جامعات أو مدارس أو وظائف أو مصانع لليهود فقط أو لأي دين أو عرق آخر. يجب أن تُضمن الحقوق الوطنية والامتيازات لكل المواطنين، وهي الامتيازات المقصورة الآن على اليهود عن طريق ربطها بالخدمة العسكرية أو بطريقة غير مباشرة بقانون العودة. مثل قروض الإسكان وقروض التعليم والوظيفة العامة وغيرها. يجب أن يتغير ذلك وان يُعاد توزيع الموارد: 93% من الأراضي في إسرائيل مملوكة لليهود فقط أو لاستخدامات اليهود، ذلك أيضا يجب أن يتغير. الإسكان يجب أن يُنتزع من كونه حكراً على اليهود وطبيعة (لليهود فقط) التي تصبغ المستوطنات، يجب أن تنتهي والى الأبد.
وضع دستور مدني علماني يكفل حقوقاً متساوية للمسلمين والمسيحيين واليهود. لكن هذا التغيير قد يتطلب سنوات من النقاش والنضال في ظل الغياب المطلق لإرادة سياسية محلية ودولية. العلمانية لا تعني الإلحاد أو الكفر بالأديان السماوية في مسقط رأسها ولكنها تعني بقوة رعاية الدولة للأديان كافة دون تميز وتوفير حرية العبادة والوصول إلى المقدسات كافة وصيانتها والحفاظ عليها ومنع التحريض أو ازدراء الأديان من قبل أي طرف كان. إنها نهاية الاستعلاء استنادا إلى نصوص دينية يمتلكها في الواقع كل طرف كما أنها ستصيب نفاق الدولة العبرية الحالية في مقتل ، فليس باستطاعتها بعد الآن التشدق بيهوديتها وديمقراطيتها في آن .
لجان ثقة وربما عفو عام يمكن أن يساهم في تجاوز الكراهية والعنف، لكن مثلما بعد أي صراع طويل قد تستغرق العملية أجيالا.
الطريق إلى الدولة الواحدة:
على المستوى الرسمي: لم يتغلب الحديث عن خيارات الدولة الواحدة بعد على التيارات القوية التي تؤيد الانفصال والحل القائم على أساس دولتين. ولكن كلما طال أمد حالة الجمود الدبلوماسي والمضيّ قدما بلا هوادة في التوسع الاستيطاني، فان الإسرائيليين والفلسطينيين خائبي الرجاء سيصبحون أكثر قربا من صيغة التشارك في الأرض والموارد. إن فشل السلطة الفلسطينية في تطوير مؤسسات تتسم بالمصداقية والشفافية ساهم في توليد إحساس أن سنوات أوسلو "أثبتت أن الأهداف الوطنية [الفلسطينية] غير قابلة للتحقيق". وارتبط الحل القائم على دولتين بالطبقة الحاكمة، وينظر إليها من قبل العديد من الفلسطينيين بالفاسدة وعديمة الكفاءة. خلق توفّر مبالغ طائلة من المعونة الدولية دولة تعيش على المساعدات فشلت فيها النخبة التي تعتمد على السلطة الفلسطينية في التوافق مع دوائرها الانتخابية. وحتى الآن، فان التيار الأساسيّ الفلسطيني يمتنع عن تأييد دولة واحدة في ظل ما استثمرته السلطة الفلسطينية على طريق التفاوض في الحل القائم على دولتين. أما إسرائيل فلا تريد حلّ دولة واحدة، ولا حتى حلّ دولتين؛ بل تريد العودة إلى المفاوضات وبدون شروط مسبقة. إن إستراتيجية حزب اليمين المتطرف هي العودة إلى المفاوضات من أجل المفاوضات ومن أجل كسب الوقت لمواصلة سياسة الاستيطان والتوسع، والسيطرة على مزيد من الأرض الفلسطينية، وبالتالي إبقاء الوضع الراهن كما هو، وتترجم ذلك في مجموعة من الادعاءات الإسرائيلية بعدم وجود شريك فلسطيني للمضي في عملية السلام بالإضافة إلى تبني إسرائيل حملة إعلامية ضد السلطة الفلسطينية بعدم جديتها في عملية السلام وعملية المفاوضات.
لذلك لا نعول على القوى السياسية الحالية التي تتصدر المشهد الآن، والتي تتلقى الدعم المالي الكبير من اجل الحفاظ على عملية (صناعة حل الدولتين) بحيث يتغاضى المانحون عن فسادها أو حتى يشجعونه كي يستمر الوضع القائم بما يحفظ مصالح القوى المهيمنة الاستعمارية والامبريالية دون الالتفات لمصالح الشعوب.
ما نطلبه الآن هو العمل على ترويج الفكرة بين الجماهير العربية واليهود في العالم وفي فلسطين المحتلة لتتشكل قيادات مخلصة ملتحمة بالجماهير وغير متورطة بقضايا فساد تحمل على عاتقها المطالبة بهذا الحل أمام المحافل الدولية وتتحدث باسم الشعبين لا باسم الدول. حينها ستضع هذه القوى العالمَ ومؤسساته الدولية أمام مسئولياتهم في إنهاء العنصرية والاحتلال وتطبيق المواثيق الدولية التي تنادي بالحرية والعدالة والمساواة دون تميز بين البشر على أي أساس كان.
على داعمي المشروع الصهيوني أن يفهموا أن الصهيونية فكرة فرضت على الفلسطينيين وان إسرائيل قد خُلقت على ارض فلسطينية وان الفلسطينيين هم الذين دفعوا ثمن قيامها لأسباب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وعليه فان بقاء إسرائيل بوصفها دولة يهودية ليس مشكلة الفلسطينيين أو العرب بل مشكلة أولئك الداعمين للمشروع الصهيوني وعليهم أن يحاولوا تنفيذه بعيدا عن أرضنا، بل وفي زمان آخر غير هذا الزمان الذي عرف فيه كل فرد أن الحرية أثمن ما في الوجود، ودفعت البشرية أثماناً باهظة وقدمت شهداء من كل البشر في نضالها ضد الهيمنة والاستعمار والعبودية والفصل العنصري والاحتلال واغتصاب الأرض والمقدرات.
ماذا لدينا غير التاريخ يخبرنا كيف ستجري الأحداث؟ كلما فشل المستعمرون في إبادة السكان الأصليين، انتهى بهم الأمر إلى أن يكونوا في كيان سياسي واحد. ولن تكون فلسطين استثناء. لقد تخلصت الإنسانية أثناء تقدمها الواضح، وإن لم يكن مطّرداً، نحو الكمال الأخلاقي من العبودية وسوف تقضي على الاستعمار والإمبريالية.  ومن المشجع أن فترات التاريخ التي تسود فيها غلبة المستبد قد قاربت خط النهاية. يسارع إجرام المستبدين غير المسبوق، وتزايد الوعي بأهمية وجدوى مقاومته مقابل اليأس التام من كل الحلول التي حاول المتحالفون مع المغتصبين الترويج لها خلال العقود الماضية، وصولنا إلى الخلاص المنشود.
معارضات كثيرة ستعلو بلا شك، ضد هذا الطرح لكنها ستذوب أمام الحقائق السياسية الحالية وسيعارض الإسرائيليون دون شك تفكيك حلمهم وسيكون ميزان القوى إلى جانبهم ولكن القوة الأخلاقية لهذا الحل وغيره من الحلول القائمة على المبادئ الأخلاقية والإنسانية ستبعث الروح في النبوءة وستغير وجه التاريخ والسياسة.
إن رفض هذا الحل الآن باعتباره صعبا جدا سيكون بمثابة التخلي عن النصر قبل بدء المعركة.




#أماني_أبو_رحمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس تحرير جريدة الوحدة السورية بخصوص ...
- الشعر المعاصر و مهمة ابتكار جماليات مغايرة معن الطائي و(العا ...
- أسلافنا يحاكمون القرن سعد هادي* والحنين إلى الأسلاف في مكان ...
- تحت سماء الثلج...خلود المطلبي تجربة متفردة بين الشاعرات والش ...
- تفاصيل اللذات الآسرة: قراءة في مجموعة نوافذ تحتشد بالمسافات ...
- التحليل النفسي والادب والثقافة
- جلعاد عتصمون* :تفكيك دافيد غروسمان.إذا كان غروسمان إسرائيليا ...
- يومان بعد المحرقة
- تذكر ما فعله بك -عماليك - !
- شهادات حية لأطفال من غزة نجوا بأجسادهم من محرقة الرصاص المسك ...
- أطفالُ للموت ... بيوتُ للخراب
- وغضبت اسرائيل
- حاييم بريشث*: دولتان: ضئيل جداً , متأخر جداً
- نويل اغناتيف:نحو حل الدولة الواحدة,الصهيونية ومعاداة السامية ...
- أليكس كالينيكوس - لماذا -دولتان- ليس هو الحل في فلسطين
- جورج حبش
- المفاوضات في جنوب إفريقيا ؛ الدروس لفلسطين
- اللوبي الإسرائيلي و-المصلحة الوطنية-
- إسرائيل / فلسطين : -هل هو معقد!-… أم انه ؟
- تحدي حل الدولتين


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أماني أبو رحمة - واقع كيانين فاشلين وتطلعات نحو نموذج جديد الدولة الديمقراطية الواحدة على كامل فلسطين التاريخية ورقة مقدمة إلى الندوة الدولية: -الذكرى 38 ليوم الأرض : المقدمات، التحدّيات والتوقّعات المستقبلية- تونس 28 29 مارس 2014