أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ليلو كريم - مناقشة في ثقافة الفقه2















المزيد.....

مناقشة في ثقافة الفقه2


محمد ليلو كريم

الحوار المتمدن-العدد: 4457 - 2014 / 5 / 19 - 11:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أخبرني بأنهم لا يذبحون الدجاج , بل يخنقوه , تعجبت من قوله ورحت أتصور دجاجة مسكينة تصارع الموت بين يدي إنسان لا يعرف الرحمة والشفقة أمسك برقبتها بشدة واستمر يعصر حتى أعتصر حياتها وأزهق روحها , وماتت الدجاجة المجني عليها في أبشع عملية قتل رغم أنها لم ترتكب جرما" تستحق به عقوبة الأعدام خنقا", والأنكى أن الدجاجة لم تُدفن , بل ذهب جثمانها للقدر الذي يغلي على النار وعائلة تنتظر أكتمال طبخ الدجاجة المقتولة , وطُرح الجسد المطبوخ على مائدة الطعام وانقض عليه افراد الأسرة , وما هي إلا دقائق وليس على المائدة سوى العظام , وليس كل العظام , فالبعض يتمتع بتكسير العظام بأسنانه و( شفط ) محتواها , ولم تنتهي القضية الجنائية , فقد ذهب ما تبقى من العظام الى مائدة السيدة ( بزونة ) , وهكذا اختفت الدجاجة من على وجه الأرض , والإبادة جماعية , وتتكرر يوميا", ولم تتدخل منظمات الدجاج , أو مؤسسات الدفاع عن أم البيض , مع أن عقوبة الإعدام تلقى انتقادا" ورفضا" دوليا" , حتى وإن كان المعدوم سفاحا" , فما بالك بإعدام كائن بريء بالفطرة , يؤكل هو وبيضه وزوجه وكل اقرباءه .
يا له من ظلم كبير , يا لها من جريمة مؤثرة , أين العدل , والشفقة , والإنسانية , لماذا تُخنق الدجاجة , من أفتى شرعا" بخنق أي فرد من أمة الدجاج , لماذا توسع هذا التشريع فشمل البط والأوز وأمم من الطيور نزل بها هذا البلاء , ألا تكفي عمليات الخنق التي يتعرض لها البشر في أرضنا التي اختنقت بالقتل ؟؟؟..
لطالما سمعت أن الكائنات الحية على اختلاف اصنافها واحجامها تتكيف مع تغيرات الظروف المحيطة لتحافظ على صنفها من الانقراض , وتساءلت : هل سنشهد طفرة عضوية وجينية في الدجاج لمواجهة حملة الخنق التاريخية فيظهر جيل يُقاوم الإنسان السفاح بأسلحة عضوية زودته بها الطبيعة , وعدالة السماء ؟؟؟
استفقت جزئيا" من الغضب والصدمة ورحت أبحث عن أي صابئي لأعاتبه على هذه الطريقة المروعة , وأرجوه أن يستبدلها بالسكين كما بقية البشر , فدفن الميت غير تقطيعه أربا", وذبح الدجاج غير خنقه , واجتهدت لأيجاد مندائي , وفي غمرة البحث والتقصي ظهر لي صابئي من شاشة التلفاز ممسكا" بدجاجة وسكين , قلت ؛ يا الله , سوف يطعنها قبل خنقها , وصرخت بوجه التلفاز , توقف . . طبعا" لم يسمعني المندائي , وفجأة , ذبح الدجاجة , ذبحها ؟؟؟!!! ... معقولة , لا أصدق , هل هذا صابئي صبأ عن دين آباءه وأجداده ؟؟ . .
أكمل المندائي ذبح الدجاجة بطريقة هي أفضل من طريقة كثر من المسلمين الذين يتجاهلون الشرع ولا يكترثون به , وبأرتداء الصابئي للثياب البيض , والتصاقه بالماء , ومسحة اللطافة على وجهه ووجوه الحاضرين معه من أبناء جلدته , صرت أعتقد بأن الدجاجة المذبوحة لم تتألم لأنشغالها بالنظر الى الوجه اللطيف الوديع , ولم تشعر بالخوف بين يدين رقيقة ومشفقة .
تركت البحث عن الصابئي ورحت أبحث عن صاحبي الذي أتهم المندائيين بخنق الدجاج , ووجدته , كان يضرب أبنه الصغير ضربا" مبرحا" جعلني أشعر بالوجع وأنا على مسافة مئات الأمتار منه , وصلت وتدخلت لصالح الطفل المنهك من الضرب , وبعد أن أفلتت الفريسة من مخالب المفترس , طالبته بالهدوء وترك الغضب , وبشق الأنفس تحقق طلبي , وبعد ساعة , وقد انتقلنا الى مكان آخر يزهو بالأخضرار , دخلنا تدريجيا" في عدة مواضيع لم تفضي الى ما كنت أقصده من توجيه الحديث فاضطررت للخوض في رواية افتراضية لخدمة الغرض , ولجذب صاحبي الى المساحة التي أريد أن أُدخله فيها , وما كنت أقبل بتأجيل النقاش في أصل الموضوع الذي جئت من أجله , فبادرت بسرد الرواية الافتراضية :
كم شعرت بالغضب والأمتعاض ليلة البارحة بينما كنت اتابع برنامج ديني لمذهب آخر يناقش عقائد مذهبنا , ولم كان منصفا" في الطرح , فقد أتهمنا بكذا وكذا .. ورحت أنقل لصاحبي ما تَقَولَ علينا ضيف البرنامج وألصقة بنا من عقائد وتشريعات لم تكن موجودة في عقيدتنا وشرعتنا , وما كدت أبلغ من النقل النزر اليسير حتى ثار صاحبي وتفجر غضبه وقاطعني بأنشغاله بالسب والشتم والأنتقاص من البرنامج , والضيف , والطرح , والمذهب الآخر , تعجب من هذه التهم العارية عن الصحة , وتساءل عن السبب الحقيقي لأطلاق هذه التهم الباطلة التي لا تستند للواقع , واقع تطبيقنا للشرع والعقيدة , ولماذا يلجأ البعض لكيل الأتهامات بدون الرجوع لأصحاب العقيدة وتوجيه الأسئلة والاستفسارات لهم , أو الكف عن الخوض في هذه المواضيع واحترام خصوصية الآخر ومد جسور التواصل على أسس المشتركات الايجابية والعلاقات المحترمة ونقاط الوصل لا القطيعة .
كنت أنظر بذهول لهذا المثقف المفوه , المتحدث المخضرم , المدافع عن خصوصية الأديان والمذاهب , الرافع لشعار احترام الآخر , الممتعض من كل انحطاط فكري وتردي ثقافي واساءة دينية , وتصورته خير من يحمل رسالة التقريب بين العقائد والتشريعات المختلفة والأديان المتنوعة , فهو يملك فكرا" منفتحا" لا يعرف القطيعة والانتقاص والتزييف , وكم يحتاج العالم لهكذا شخص متطور الفكر , واسع التقبل , مستوعب للأختلاف , يضم في طيات أفكاره مشروعا" عملاقا" انسانيا" سيُحقق حالة من التقارب بين الأديان والمذاهب , ويدفع حوارها وملتقياتها الى خطوات متقدمة .
قلت له : أنهم يتهمونا بعدم اكمال الشروط الشرعية للذبح , وعليه ؛ فأن اللحوم التي نتناولها فيها أشكال شرعي يدخلنا في مسائل الحرمة والمُكره .
قال : هذا ادعاء باطل , لا أساس له من الصحة , وغير مقبول , وأنا أعرف القصد من وراء فتح هذه المواضيع .
سألته : وما القصد
أجاب : القصد يا صاحبي واضح , أنهم يُشيرون الى مسألة النجاسة وعدم الطهارة , ويستخدمون وسائل وحجج واهية للوصول الى أغراضهم الدنيئة
قلت : لماذا لا نعطيهم العذر لأنهم لا يعلمون الحقائق , ويجهلون شرعنا ( والمسامح كريم )
قال بغضب ؛ لا , لا عذر لهم , فالإمام علي بن أبي طالب يقول (( لا عذر في جهالة )) .. وأنت قد علمت تلك القصة التي رد فيها الإمام على أحد اتباعه حينما نظر الى أطلال دير مسيحي , فقال التابع : لطالما ثُلث الله هاهنا .. فرد الإمام : لطالما عُبد الله هاهنا .. حتى أن الإمام لم يُخفي امتعاضه من قول التابع ووبخه ..
قلت : يمكن أن نلتمس لهم العذر لأن ما ألصقوه بنا كان نتيجة النقل غير الدقيق والأمين , والعهدة على القائل , والذنب في رقبة الناقل
قال : يا صاحبي العاقل , يقول علي بن أبي طالب (( بين الحق والباطل أربعة أصابع )) وقد وضع أصابعه بين أذنه وعينه , فالعين أكثر مصداقا" في النقل من الأذن , ونحن لنا أسوة حسنة بهذه الأحاديث وقائلها , فهي ميزان اعمالنا وحتى علاقتنا بالآخر , فكيف نعمل ونفكر بخلافها
سألته : أصدقني القول , هل تسمح وتتقبل أن يتهجم أو ينتقد رجل دين من مذهبنا عقائد وتشريعات في المذهب أو الدين الآخر ويتضح لك أن تهجمه ونقده عارٍ عن الصحة , وليس له مصداق في واقع الآخر ؟؟
أجاب : هذا أمر مرفوض , وهو معيب , ولا يحق لأي كان مهما بلغ من المراتب الدينية أن يستخدم التلفيق والكذب للطعن بالآخر , ولا شك أنه مأثوم أمام الله , والقرآن أوضح مسألة مهمة في علاقتنا حتى مع أهل الأديان الأخرى (( بسم الله الرحمن الرحيم أن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا" فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون 1 )) .. ولو لاحظت النكتة اللطيفة في الآية القرآنية , إذ ( أن الذين آمنوا ) تشير للمسلمين , وكأنها تؤشر مسألة الأختلاف بين المسلمين أنفسهم , لا بل بينت أن الاختلاف قد يحدث بين المؤمنين من المسلمين , مع أن صفة ( المؤمنين )أعلى درجة من صفة ( المسلمين ) فقد قالت الأعراب آمنا , فرد القرآن عليهم (( قل لم تؤمنوا ولكن ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم * إنما المؤمنون الذين ءامنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا - سورة الحجرات 14-15))..
أن الاختلاف موجود حتى بين رجال الدين في المذهب الواحد رغم أنهم فقهاء من نفس المدرسة المذهبية , وهناك حديث للرسول محمد ( ص ) يقول فيه (( أختلاف أمتي رحمة )) , فالأختلاف أثراء وتنوع وغنى مالم يكن أجتهادا" بتعنت أعمى , ونقرأ في القرآن عن عدة أديان وطوائف كان لها نصيب من الثواب والقبول الإلهي كما بينت في الآية السالفة الذكر , وقد توسع القرآن في الحث على تقبل الاختلاف , ودعى لتقبل التعايش السلمي , وذهب الى أبعد من ذلك داعيا" المسلمين للأنخراط في المجتمع الانساني وأزالة الحواجز والممنوعات , يقول النص القرآني (( اليوم أُحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حلٌ لكم وطعامكم حلٌ لهم 2)) , وعلى هذا الأساس النصي المقدس لزم أن تكون العلاقة بين المسلمين , وبين المسلمين وأتباع الأديان الأخرى , ففي نفس الآية السابقة نقرأ (( ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين 3 )) .
قلت في نفسي : ياالله , صاحبي يتفلسف عقائديا" بحجج دامغة واستشهادات نصية تدل على سرعة بديهية وثقافة رفيعة يفتقر لها كثير من الناس , ولست أعتقد بأن ما قاله سيحبطه مجادل معترض , فأين الأمة الاسلامية من هذا المفكر الرباني , ولماذا لا تجد أفكاره طريقها للرواج ليعم السلام والتعايش الايجابي والعلاقات الحميدة , وفجأة ؛ تذكرت , نعم تذكرت , تذكرت الدجاجة المقتولة خنقا" , والتي أختفت من على وجه الوجود بعد أن استقر ما تبقى من عظامها في جوف ( البزونة ) الشرهة , نظرت الى وجه صاحبي الفيلسوف الانساني , وتمعنت في ملامحه لعلي استطيع التمييز بين شخصيتين ( مختلفتين ) عن بعضهما تمثلان شخصية واحدة هي شخصية صاحبي , وتحيرت .......
في نهاية المقال أنقل الآتي لصاحبي المتناقض ((لا تأكلوا الدم , ولا الميت , ولا المشوه , ولا الحامل , ولا المرضعة , ولا التي أجهضت , ولا الجارح , ولا الكاسر , ولا الذي هاجمه حيوان مفترس . وإذا ذبحتم فاذبحوا بسكين من حديد . أطمشوا , واغسلوا , وطهروا , واطبخوا , وسموا , ثم كلوا . -- الكتاب المقدس للصابئة المندائيين , اليمين , التسبيح الثاني , الوصايا , 137-139 )) .
---------------------------------------------------------------
1- القرآن , سورة البقرة 62
2- القرآن , سورة المائدة 5
3- نفس الآية السابقة



#محمد_ليلو_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية ..بين النظام والشخصنة
- النظام الديمقراطي ..بين انقسام الشعب وضرورة التحالفات الخارج ...
- رسالة الى الضائع والخائن
- البرلمان الشاحب
- مناقشة في ثقافة الفقه
- تجربة في زمن العولمة
- عائلة السلطة
- رأي في عقيدة
- الصراع والنظام
- انثيال على قارعة النور
- الديمقراطية المحترمة.. والديمقراطية المبتذلة نظرة للديمقراطي ...
- قانون التقاعد الموحد.. وتعاملنا مع ميزات النظام الديمقراطي
- الحاكم الفاصل (الجزء الثاني)
- يجب أن يحارب
- الحاكم الفاصل (الجزء الاول)
- ديمقراطية بلا تعقل
- الديمقراطية الأميركية.. والديمقراطية العراقية الاميركية مقار ...
- ثلاثة أصناف
- تديننا.. أضاعنا عشرة اعوام يا ليلى
- كابوس المعادلات العراقية


المزيد.....




- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ليلو كريم - مناقشة في ثقافة الفقه2