محمّد بن آمنة، رسول الشّياطين: شيطان محمّد الذي أسلم – ج1

مالك بارودي

الحوار المتمدن-العدد: 4445 - 2014 / 5 / 6 - 07:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

محمّد بن آمنة، رسول الشّياطين: شيطان محمّد الذي أسلم – ج1

ورد في صحيح مسلم ما يلي: "حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم قال إسحاق أخبرنا وقال عثمان حدثنا جرير عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن قالوا وإياك يا رسول الله قال وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلمَ فلا يأمرني إلا بخير". وأضاف مسلم: "حدثنا بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا عبد الرحمن يعنيان بن مهدي عن سفيان ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن آدم عن عمار بن رزيق كلاهما عن منصور بإسناد جرير مثل حديثه غير أن في حديث سفيان وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة". وذكر أيضا حديثا آخر كما يلي: "حدثني هارون بن سعيد الأيلي حدثنا بن وهب أخبرني أبو صخر عن بن قسيط حدثه أن عروة حدثه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلا قالت فغرت عليه فجاء فرأى ما أصنع فقال مالك يا عائشة أغرت فقلت وما لي لا يغار مثلي على مثلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقد جاءك شيطانك قالت يا رسول الله أو معي شيطان قال نعم قلت ومع كل إنسان قال نعم قلت ومعك يا رسول الله قال نعم ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلمَ". (صحيح مسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وأن مع كل إنسان قرينا)
إذن، محمّد بن آمنة، رسول المسلمين وخير خلق الله، كان له شيطان... سيتساءل البعض: نبيّ ومعه شيطان؟ نعم. وهذا بإعترافه. صحيح أنّ بعض الرّواة يروُون هذه الأحاديث بصيغة أخرى فيعوّضون اللّفظ "فأسلمَ" العائدة على الشيطان إلى "فأسلمُ" أي أن محمّدا بن آمنة يسلمُ من شرّه، ولكنّ معظمهم يستنكرون هذه الرّواية ويعتبرون أنّ الأصحّ أن يُقال "فأسلمَ". وقد قال إبن تيميّة في ذلك: "في الصحيح عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما منكم من أحد إلا وُكِّلَ به قرينُه من الجنّ قالوا وإيّاك يا رسول الله قال وإياي ولكن ربّي أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير. وفي الصحيح عن عائشة قالت: يا رسول الله أو معي شيطان، قال: نعم، قالت: ومع كلّ إنسان، قال: نعم، ومعك يا رسول الله قال: نعم ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم والمراد في أصحّ القولين استسلم وانقاد لي ومن قال حتى أسلمَ أنا فقد حرّف معناه ومن قال الشّيطان صار مؤمنا فقد حرّف لفظه". (منهاج السنّة النبوية، ج8، ص271) ولكن في الحالتين تبقى هناك مشاكل عويصة تضربُ كلّ الإدّعاءات والخرافات التي يؤمن بها المسلمون بخصوص محمّد والقرآن والإسلام بصفة عامّة.
فإذا قيل "فأسلمُ"، فهذا معناه أنّ الشيطان معه، ملازم له ويوسوس لهُ ولكنّه يسلمُ من شرّه، فالإشكالية الأولى (أن يكون لنبيّ المسلمين شيطان) باقية وتُضاف إليها إشكاليّة أخرى: إذا كان الفرق الوحيد بين الوضعيّتين (قبل إعانة ربّه له عليه وبعدها) لا يتجاوز كونه يسلمُ من شرّه، فهذا يعني أنّه شيطانٌ في كامل قوّته وبجميع مواهبه وقدراته، فما الذي يضمن أنّه لم يوسوس لمحمّد ولم يسرّب عبر أحاديثه وأفعاله وحتّى قرآنه (قصة الغرانيق) تعاليمه وعاداته وتشريعاته الشّيطانيّة؟ من الذي يضمن أنّه - إن كان لا يضرّ محمّدا بن آمنة - لا يمرّر ما يريد عبره فيصبح محمّد رسولا له، ناطقا بإسمه؟ ألا يضربُ هذا بالإسلام كلّه عرض الحائط؟ وحتّى إذا سلّمنا بأنّ شيطان محمّد أصبح أبكما لا يوسوس لصاحبه بشيء ولا يتدخّل لا في قرآنه ولا في أفعاله وأقواله، فمن يضمن لنا أنّ شياطين زوجات محمّد (وفي الحديث "إقرار" بأنّ لزوجته عائشة شيطان، فمن المنطق أن يكون لكلّ واحدة من زوجاته شيطانها - هذا دون أن نتطرّق لحساب عدد ملكات يمينه وعبيده وأبنائه) اللواتي لم يُعنهنّ ربّ محمّد عليهم فيَسْلمْنَ من شرّهم (بما أنّ الإستثناء الوحيد حسب الأحاديث هو شيطان محمّد)، من يضمن لنا أنّ هؤلاء الشّياطين لم يؤثّروا على محمّد ولم يعوّضوا شيطانه في مهمّة الوسوسة فنشروا شرّهم في كلّ شيء، بداية من قرآنه؟
وإذا قيل "إستسلم وإنقاد"، كما يزعمُ إبن تيميّة، فكيف يكون لرسول الإسلام وخاتم الأنبياء والرّسل وخير خلق الله شيطان أصلا... ثمّ إذا كان هذا الشّيطان قد إستسلم وإنقاد، فماذا عن "عشّ الشّياطين" الذي كان يعيش فيه محمّد...؟ سيقول البعض: ولكنّ رسولنا إنسان وبشر بشهادة القرآن "قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ" (الكهف، 110)، وأنّ كلّ الرّسل (عدا عيسى بن مريم وأمّه، بطبيعة الحال، وبشهادة القرآن) كانوا عُرضة لوسوسة الشيطان وألاعيبه وسيقولون قد قال موسى لما قتل القبطي: "هذا من عمل الشيطان إنه عدوّ مضلّ مبين" (سورة القصص، 15) وقال فتى موسى: "وما أنسانيه إلا الشّيطان أن أذكره" (سورة الكهف، 63)... والجواب على هذه المحاولة في الخروج من الورطة يكمن في التّالي: هذا ما يقوله كاتب القرآن (وقولنا "كاتب القرآن" يعني عدم تصديقنا لما فيه ولا لنسبته للكائن الوهمي المسمّى "الله) عن الآخرين وهو شيء لا يُحتجّ به. فالفرق كبير بين أن يُصرّح شخص بشيء مّا وأن أدّعي أنّ شخصا قاله: فالأوّل إعتراف صريحٌ أمّا الثّاني إدّعاء لا دليل عليه (والدّليل يكون إمّا شهودا وإمّا إعترافا كالذي نجده في الأحاديث المذكورة، فإن لم يوجد شيء منهما فلا يُقبل الحديث على صحّة ما نُقل). وحتّى لو فرضنا أنّ موسى قال ذلك أو وقع تحت تأثير شيطان، فهل هناك نصّ صريح ورد عن موسى يقول فيه أنّ له شيطانا (ولن نقول أنّه تهوّد)...؟ فمثلما أنّ هناك فرقا بين أن ينسى الإنسان أشياء (فكلّ النّاس عرضة لنسيان بعض الأشياء) وأن يكون مريضا بألزهايمر (أي أن يكون النّسيان مستمرّا وكأنّه إستعمر دماغ صاحبه)، هناك فرق بين أن يقع الإنسان تحت تأثير الشيطان وأن يكون الشيطان صاحبه وقرينه (ولو كان مسلما موحّدا يتلو الشّهادتين ويُصلّي ويصوم ويزكّي ويحجّ)...
أمّا إذا قيل أنّ الشّيطان هو الذي "أسلمَ" فالإشكاليّة الثّانية تُصبح أعظم وأخطر، مع بقاء الأولى على حالها... وهنا، حين نعود إلى صحيح مسلم نجد حديثا آخر في قمّة التّناقض مع الأحاديث التي ذكرناها أعلاه، يقول: "حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل صلى الله عليه وسلم وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة فقال هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه ثم أعاده في مكانه وجاء الغلمان يسعون إلى أمه يعني ظئره فقالوا إن محمدا قد قتل فاستقبلوه وهو منتقع اللون قال أنس وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره". (صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات) فكيف يُنزع حظّ الشيطان من قلبه ويبقى الشيطان نفسه مصاحبا له في حياته؟ وما الفرق بين أن يُنزع حظّ الشيطان من قلبه أو أن يبقى مادام شيطانه مازال مقيما معه، ملازما له، لا يفارقه؟

----------------------------
هوامش:
1.. للإطلاع على بقية مقالات الكاتب على مدوّنته:
http://utopia-666.over-blog.com
2.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية":
http://www.4shared.com/office/fvyAVlu1ba/__online.html

#مالك_بارودي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات