أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - أيُّها الطائرُ الغريبْ














المزيد.....

أيُّها الطائرُ الغريبْ


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 4430 - 2014 / 4 / 20 - 23:57
المحور: الادب والفن
    


أيُّها الطائرُ الغريبُ
من أينَ جئتَ بهذه الرعشةِ التي تعلنُ عن الصباحِ كلَّ فجر؟ وكيفَ لسبعين لوناً أن تخفق في ريشةٍ واحدة؟
وأنت تحُكُّ العمى عن جلدِك بلا ريشٍ يُذكرُ، وما زالت القشرةُ البيضاءُ تعبّئُ نصف العشِّ، كنتَ ترى الوقتَ القادمَ كحلمٍ إضافيٍّ وتخزّنُهُ كحروفٍ للزقزقة، كنت تخرجُ من صمتِ الجوعِ إلى كلامِ الأمانِ حين تحسُّ ريشَ أمِّكَ يطغى على برد الأمسيات، كم نسراً كان في السماءِ يختطفُ سيرةَ الطيورِ من الهواء؟ وحدَكَ نجوتَ وظلّت الشجرةُ في مأتمٍ موسمين وأغنية.

أيُّها الطائرُ الغريبُ
حينَ اكتشفتَ الفضاءَ أوّلَ طيرانِكَ الخجول، لم تفهم ضيقَ العُشِّ مع اتساعِ العالمِ، ولم تفهم لماذا تسيرُ بعضُ الكائناتِ على الأرض فيما الطيرانُ ممتعٌ يجعلُ كلَّ شيءٍ ممكناً، لم تعرف لماذا بعضها كان يملكُ أجنحةً ويعيشُ على إحسانِ البشريين وجوار بيوتهم، أخذك عالمُ المعرفةِ إلى بلادٍ وبلادٍ وبلاد، إلى فصولٍ وغابات، إلى بحارٍ ومخلوقات، وكلّما عرفت شيئاً خنقَكَ الجهلُ من جديد، فبقيتَ تدورُ حولَ الأرضِ مرّتين كلَّ سنةٍ، وكلما عدتَ إلى بدايتِك، وجدتَ عالماً جديداً لم تعرفه من قبل.

أيُّها الطائرُ الغريبُ
لم تؤاخِ شجرةً لتعلنَ وطناً على الملأ، امتلأتَ بالحزنِ والترحالِ إلى آخرِ ريشةٍ في ذيلِكَ الخمريّ، دائماً كنتَ أوّلَ مهاجرٍ وأوَّلَ من يعود، تمرُّ فوقَ العالمِ مثلَ نقطةِ الفاءِ في اللغة، لا أحد يذكرُ أنّهُ رآكَ في سربٍ يوماً، ولم يذكر أحدٌ أنه رأى هذا الجمالَ في الكونِ من قبل، كلُّ خفقةٍ من جناحكَ المتآمرِ مع الهواء، كانت تعبث بطقس العالمِ فتزيدُ أمنياتُ المزارعينَ فيحلمونَ بغلّةٍ خارجَ المنطقِ والحساب، كنتَ وحدَكَ كأنك بلا سلالةٍ، وحدكَ كأنّ العالمَ لا يعنيك، وحدكَ، لكن في كلّ هبّةِ ريحٍ تفرضُ لونَكَ وإيقاع صوتِك الناريّ الخفيف، توقظُ الكسالى من حروبهم مع ذواتهم، وتمضي كأنك لم تكن يوماً هناك، وتأتي وكأنك لم تغادر لحظةً من هنا.

أيُّها الطائرُ الغريبُ
لا تحمل سلاماً، أو خبراً إلى أحد، وطِرْ كي تلوِّنَ الأشجارَ بالمواسمِ، ودع ألوانَكَ في غيّها الفاتنِ تقلبُ مزاجَ العاشقين، واحمل دولةً على جناحِكَ لتسكنَها الريحُ، وضَعْ في حسابكِ البرّيِّ أنّ كلَّ أعدائكَ أرضيونَ ولا يملكونَ ريشاً ولا أغنيات، زقزِق للفضاءِ وللحريرِ الذي يملأُ ذاكرتَكَ الوحشية، فلا تلزمُكَ خيولٌ ولا جيوشٌ لتدافعَ عن فضائك، وفي آخرِ الشمسِ التي تشبهُ آلةَ ضوءٍ لا أكثر، لا تتجه إلى عشِّكَ الذي حفظهُ الأولادُ الذين سيصيرونَ لؤماً خالصاً بعد قليل من الوقت، وامضِ فقط، امضِ إلى أن يتعبَ المضيُّ من المسافاتِ والأوقاتْ، وفي لحظة الجنونِ تلكْ، أعني حين يوقفكَ الخيالُ عن الأغاني، يمكنُ لك بكل بساطةٍ أن ترمي ريشَ جناحيكَ وتهبطَ مثل قطرةِ مطرٍ على الأرضِ، ميّتاً كإعلانٍ صاخبٍ عن خلاصِكَ من جفافِ النغمةِ في منقاركَ الناي.

الثاني عشر من نيسان 2014



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تضحك وأنت ميتٌ جوعاً؟
- لا أريدُ شيئاً من هذا العالم...
- مملكة جرجيريا قصة للأطفال
- ربَّما يَحْدُثُ شيءٌ كهذا...
- كلبٌ أعمى
- أقلُّ من بلادٍ قليلةٍ وأقلّْ
- على من سأبكي أولاً؟ قصة قصيرة
- وجاء في كتابِ البلاد
- محمد عساف: أذهب بعيداً حيث يحلق البلبل
- خالد يطلق العصافير قصة للأطفال
- مثل كركزانٍ حزين
- غْزِيْزْلِة وخْنِيْنِص قصة للأطفال
- أنا من سرقتُ الخيلَ
- سامر العيساوي، لم أرَ من قبلُ جيشاً في نظرةِ عين...
- استشهد ميسرة أبو حمدية، ماذا عن الآخرين؟
- أنا مَنْ قالوا لكِ عنْهُ
- أجل، ستناغيك الوردة
- فيما كنتُ بذرة موسيقى
- تدمر دمشق تدمر
- يا صاحب المقام


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - أيُّها الطائرُ الغريبْ