أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - العيش في دنيا الأساطير














المزيد.....

العيش في دنيا الأساطير


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 4425 - 2014 / 4 / 15 - 16:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المشكلة أن الحديث الكاذب يصاغ بحيث يكون جميلاً ومريحاً للمستمع إليه، فيما حديث الحقائق كثيراً ما يكون موجعاً ومريراً. تتميز بعض الشعوب بقدرة على التعايش مع الأكاذيب، جنباً إلى جنب مع حقائق الحياة. تظهر المشكلة أو المأساة، إذا قرر بعضهم فجأة، أخذ الأكاذيب على محمل الجد، والسعي للعيش بموجبها. عادة تكون ثورات الشعوب قفزة في الفراغ، لكن ثورة الشعب المصري، جاءت قفزة إلى بيارة صرف صحي!!
كنت أتصور أن اندحار الإخوان المسلمين سيبدأ من مصر. الواضح الآن أن علينا أن ننتظر أن يحدث ذلك بداية من سوريا. مشاركتي (المتواضعة) في مظاهرات يناير 2011، هي الخطأ الفادح، الذي أعتز به. فما أجمل وأروع الثورة على النظم المستبدة الفاسدة المتخلفة المتيبسة. الثورة بلدوزر يفتح طريق الحياة، متى سدت مجراها الصخور. لم يكن لي وقتها أن ألجأ للتحليلات والتنظيرات، التي تقود إلى أن تلك الحشود كائنات بائسة، تتلاعب بمصيرها ذئاب وعقارب وصراصير. لقد ثرت مع الثائرين، وكان الثمن أن كدنا نهدم مصر فوق رؤوسنا جميعاً، ومازلنا غير قادرين على وقف التداعيات والانهيارات، مع هذا ستبقى الثورة جريمتي العزيزة، التي أفتخر بها، ولو بيني وبين نفسي!!. . بالتأكيد هناك شباب مصري ثائر وطاهر وجميل، هؤلاء لا تستهدفهم وزارة الداخلية، وإنما يدمرهم من يتصيدونهم من الهتيفة العروبجية واليسارجية. يتلقفهم هؤلاء المرتزقة فلول عصور الاستبداد والإيديولوجيات البائدة، ويلقون بهم للأتون، وهم جلوس في غرز التحشيش، وفنادق الخمس نجوم!!
التربة المتعفنة إذا تم تقليبها، لن يخرج منها سوى الروائح الكريهة. كذا الشعوب التي فسدت وانحلت أخلاقياتها متى ثارت. ما نحتاجه الآن بحق، ليس برنامج الرئيس القادم. ولكن برنامج الشعب. هل ستظل سلوكيات الشعب وأداؤه على ما هي عليه، أم ينتوي تغييراً يحقق له ما يطالب به من حياة كريمة؟. . لو فرض وتخلصنا من كل القمامة المادية والفكرية، سيسود في الشرق الأوسط فراغ هائل. للأقليات في أي مجتمع دور حيوي في إنقاذ الأغلبية من نفسها، بأن تلعب دور "العوامة"، التي تنقذ الأغلبية من الغرق، إذا ما استبدت بها أيديولوجيات فاشية ديماجوجية. لكن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية حرمت المجتمع المصري من مثل هذه "العوامة"، إذ فوجئ كل من حاول الاستعانة بها، أنها "عوامة" مثقوبة. في غياب الرؤى المستقبلية الحداثية، يدور الصراع بمصر الآن، بين قوى ماض قريب، وقوي ماض بعيد، وقوى حاضر بالغ السوء. كلما أمعن الإخوان في عزف أنغامهم الإرهابية، كلما اشتد حماس الشعب في الرقص بمولد "سيدي السيسي"!!
أوجه التشابه بين الفكر اليساري وفكر الإسلام السياسي عديدة، ولعل أبرزها أن كليهما يستهدف هيمنة الدولة وشموليتها، اليساريون يريدون هيمنة اقتصادية، تكفل للفقراء جنة أرضية، وتستهدف الأغنياء باعتبارهم أعداء الشعب، والمتأسلمون يريدونها هيمنة أخلاقية، تضمن للمؤمنين دخول الجنة السماوية، وتستهدف الذين كفروا، باعتبارهم أعداء لله ورسوله.
يتكون أي نظام سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي من ثلاثة عناصر. العنصر الإنساني، العلاقات واللوائح والقوانين التي تربط هذه العناصر، وتشكل منها وحدات تتفاعل مع غيرها، ثم الفكر أو الفلسفة التي تحكم عمل النظام ككل. النظم المستقرة، سواء الناجحة أو الفاشلة في تحقيق أهدافها، يكون هناك تآلف بين عناصرها الثلاثة. النظم غير المستقرة، لابد وأن تكون فاشلة ولو نسبياً في تحقيق الأهداف، ويمكن نقلها من حالة عدم الاستقرار أو الفشل، بتغيير واحد أو أكثر من العناصر الثلاثة. أما إذا أردنا تغييراً جوهرياً في فلسلفة النظام، وفي طبيعة الأهداف ومستوى النجاح في تحقيقها، فلابد أن تكون العناصر الثلاثة، وليس واحداً فقط منها، محل دراسة وتغيير كيفي ونوعي، لتشكيل منظومة جديدة متآلفة، وقادرة على تحقيق الأهداف الجديدة.
. . . . . . . .
المهم هو مواصفات البطل أو المثل الأعلى الذي نحتفظ به في مخيلتنا، تتضاءل هنا إلى حد الصفر أهمية الحقيقة التاريخية، وما سجلته عنه النصوص. الفارق بين النصوص وبين قراءاتها، أي المفاهيم التي نخرج بها منها، أكبر وأخطر مما نتخيل، هذه المساحة يمكن أن تكون رحمة أو لعنة، كما يمكن أن تكون هياماً في عوالم أخرى مفارقة. ما يحدث واقعياً ليس تقديس النصوص المدعوة مقدسة، وإنما الاستناد إلى قداسة تلك النصوص في مخيلة العامة، لاكتساب التقديس لرؤى شخصية، تستند لما تقتطعه من النصوص بمنهج تعسفي، يحقق لها ما تصبو إليه. المشكلة إذن في فكرة "القداسة" ذاتها، والتي يتم التلاعب بها والتوظيف لها، من قبل المحترفين للدجل وللهيمنة على عقول العامة. . كانت الكنيسة الكاثوليكية تمنع تداول نسخ الكتاب المقدس في أروربا في العصور الوسطى، لكي يظل الكهنة هم مصدر المعرفة الدينية، حتى قام يوهان جوتنبرغ في سنة 1447م بتطوير المطبعة، فانتشرت نسخ الكتاب المقدس، واستطاع العامة معرفة دينهم بأنفسهم. هنا في الشرق، بقى الحال على ما هو عليه، من هيمنة رجال الدين، واحتكارهم للمعرفة الدينية، بإقناع الناس أنهم لا يستطيعون وحدهم فهم النص المقدس، وأن لابد لهم كيلا يضلوا، أن يعتمدوا على تعاليم وشروحات الآباء المقدسين.
هي حيلة فكرية سيكولوجية، لتخفيف التوتر الفكري والنفسي، الناجم عن التفاجؤ بنقد لما نعده مقدساً، أن نسارع بتصنيف الناقد بما يخرجه من الجماعة، ويضعه في مصاف أعدائها. ففي مجال الوطنية يصنف خائناً وعميلاً، وفي المجال الديني يصنف مرتداً أو ملحداً، وفي التفريعة الطائفية يصنف متحولاً إلى الطائفة المنافسة. المهم لتخفيف التوتر، أن يصنف الناقد باعتباره خارجاً عن الجماعة. فالاعتراف بانطلاق الناقد من أرضية الانتماء، يوجع المستريحين أو المنطرحين على أرصفة اليقين المقدس.
قد هرمنا من العيش في دنيا الأساطير!!



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرثوذكسية وتأليه الإكليروس
- جولة في ظل العبث والإرهاب
- بوضوووووح
- العبعاطية تجتاح مصر الوطن
- حكايتنا مع الغرب
- كمال غبريال مرشحاً رئاسياً
- مصر تعادي نفسها
- مجرد سيناريو
- ثورة وثوار ودستور
- خربشات على زجاج الوطن
- خربشات في فضاء عشوائي
- فضيحة باسم يوسف
- سؤال للفريق أول/ عبد الفتاح السيسي
- سلفيون بلا حدود
- هواجس علمانية
- بين الماركسية والإسلام السياسي
- خربشات على وجه العواصف
- ثورة أمة على المحك
- مصر العظيمة تنتفض
- نحو عالم بلا إرهاب


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - العيش في دنيا الأساطير