أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد القبانجي - الدين وسعادة الانسان !















المزيد.....

الدين وسعادة الانسان !


أحمد القبانجي

الحوار المتمدن-العدد: 4418 - 2014 / 4 / 8 - 12:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قالوا وقلنا:........

يقول القرآن: ( ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى)-طه 124-
ويقول ايضا: (الا بذكر الله تطمئن القلوب)- الرعد 28-

اقول: الآية الثانية هي عكس النقيض للآية الاولى ولا يعني انهما متفقان في النتيجة كما يتوهم البعض ولكنهما متلازمتان, اي ان القرآن يقرر هذه الحقيقة, وهي ان المعرض عن ذكر الله سوف يعيش حياة بائسة في الدنيا والآخرة بعكس الشخص الذي يذكرالله فانه يعيش بقلب مطمئن بعيدا عن حالات القلق والتوتر في الحياة مما يعني الحياة المريحة والطيبة, واضاف المشايخ والاسلاميون ان الالتزام بالاسلام يكفل للانسان سعادة الدنيا والآخرة وان المعرض عن الله والدين يعيش حياة صعبة وبتعبير الاية اعلاه: معيشة ضنكا في الدنيا والاخرة..

هذا الكلام يستحق التوقف عنده وتسجيل بعض الملاحظات:
1) ان الواقع يكذب هذه المقولة, فالكثير من المتدينين في مجتمعاتنا الاسلامية بعيشون حياة بائسة وصعبة من جميع الجهات والكثير منهم مصاب بامراض وعقد نفسية وازمات حادة مع انهم يصلون ويذكرون الله كثيرا, وفي المقابل نجد ان الكثير من الناس اللادينيين في الغرب وخاصة في الدول الاسكندنافية يعيشون بسعادة كما اثبتت الدراسات والاحصاءات, وهذا يعني عدم وجود ملازمة بين عدم ذكر الله والشقاء في الحياة كما تصرح به الاية المذكورة, ولا بين اعتناق الاسلام والسعادة في الحياة كما يدعي مشايخ الدين.. هذا في الدنيا, اما في الآخرة فالآية تقول بانه سيحشر اعمى, ونسأل: اذا كان مصيره الى النار فسواء كان اعمى ام مبصرا فحاله واحد, ومن يعذب بالنار ماذا ينفعه البصر؟

2) على فرض ان الدين يجلب السعادة للانسان فربما تكون سعادة موهومة كما يشعر المدمن بنشوة عند تناوله للمخدرات, ولا احد من العقلاء يقبل بهذه السعادة الزائفة كما يقال مثلا للطفل اليتيم بأن اباك قد سافر الى الصين وسيأتي لك بهدية عندما يعود, فربما يقبل الطفل بهذه الخدعة ويرتاح مؤقتا, وربما وعود الدين بالجنة وحور العين من هذا القبيل, اي ان الدين قد ينفع في بث الصبر والسكينة في نفس المتدين الذي يواجه مصاعب ومصائب في حياته وقد يمنحه السعادة ايضا ولكن ليس كل سعادة مقبولة ومحبذة ولو كانت من طريق الخداع لا سيما وان الدين قد وعد الناس وعودا كثيرة ولكنه اخلف وعده كوعده بالاستجابة للداعي (ادعوني استجب لكم) وكذلك (صلة الرحم تطيل العمر), والمسلمون اكثر من الغربيين في صلة الرحم ومع ذلك اقل عمرا منهم حسب تقارير الاحصاء, وكذلك (ان تنصروا الله ينصركم),وقد نصروا الله والدين ولم ينتصروا على اسرائيل وامريكا ولا حتى على صدام والقذافي الا بعد ان نصرهم الغرب الكفار ولازالوا يطلبون النصر من الله في سوريا ضد الحكومة العلمانية اكثر من ثلاث سنوات ولا من مجيب رغم التضحيات الجسيمة والدمار الهائل الذي حل بسوريا, وكذلك (الصدقة تدفع البلاء) وحوادث السير في البلدان الاسلامية والامراض اكثر من بلاد الغرب رغم تصدق المسلمين قبل الحوادث وبعدها, وقال(ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا), واليوم نرى عكس ذلك, وكذلك ماورد في الاية اعلاه من هذا القبيل و.. والقائمة تطول, فاذا اخلف الدين وعوده للمسلمين في هذه الحياة فربما يخلف وعده ايضا في الحياة الاخرى ونذهب الى هناك ولا نجد شيئا.. اي ان هذه الوعود ذات فائدة نفسية فقط كما يعطي الطبيب احيانا بعض اقراص الفيتامين للمريض بمرض نفسي كالعصاب وربما تؤثر هذه الاقراص الوهمية في التخفيف من مرضه... المصيبة ان المتدينين يعلمون بهذه الحقيقة ولكنهم مع ذلك غير مستعدين للتخلي عن وعود القرآن لانهم يتصورون ان اله القرآن هو الله الحقيقي, ومعلوم ان الله الحقيقي لا يكذب ولا يخلف وعده, ولكن لو علموا ان اله القرآن هو اله محمد الشخصي لا الله الحقيقي لانحلت المشكلة.

3) نسأل: ماالمقصود من طمأنينة القلب الذي يترتب على ذكر الله, ومنه يعلم الشقاء المترتب على عدمه؟ اذا كان القصد راحة البال والنفس فالبهائم ايضا تعيش راحة البال وسكينة النفس ولا أظن ان القرآن يدعو المسلمين ليكونوا كالبهائم, او يكون القصد راحة البال مع الرقي في الانسانية, ونحن نرى ان الانسان كلما ازداد انسانية وسار في طريق الكمال المعنوي والاخلاقي قلت سعادته وازداد شقاؤه كما هو حال المصلحين.. هل كان الامام علي سعيدا ومرتاح البال وهو يرى عشرات الالوف من الارامل واليتامى الذين فقدوا معيلهم في حرب الجمل وصفين وهو الذي يقول بعد ان أغار جند الشام على قرية من قرى العراق وسلبوا سوارا من امرأة كتابية:.. ولو ان امرأ مات من بعد هذا اسفا لما كان عندي ملوما !!.. او يكون المقصود بطمأنينة القلب قوة الايمان واليقين الذي لا يشوبه شك وتردد في ايمانه, فالارهابيون والسلفيون يعيشون هذه الحالة ايضا بحيث انه مستعد لتفجير نفسه وقتل من حوله لشدة ايمانه بدينه, ولا أظن ان القرآن يدعونا لذكر الله حتى نكون مثلهم..

4) في تقديري ان السعادة التي ينشدها كل انسان في الحياة على نوعين: سعادة مجازية ومؤقتة, وسعادة حقيقية ودائمة, فربما يشعر اغلب الناس بسعادة عندما تسير معيشتهم كما يرام وعند توفر الحاجات الاولية من الطعام والمسكن والصحة والامن والزواج وامثال ذلك, او يشعر العاشق بسعادة اذا تزوج بمعشوقته, او حصل المرء على ثروة كبيرة من ميراث ويتمكن بواسطته ان يوفر لنفسه كل مايحتاجه في حياته, ولكل مثل هذه السعادة مهزوزة ولا تدوم فربما يقوم حاكم جائر بزجه مع الملايين من الناس في حروب طاحنة او يتعرض هذا الشخص او ابنه لمرض عضال او يخسر ثروته او تفقد معشوقته جمالها الساحر او تتركه بعد فترة و.. من هنا كانت هذه السعادة غير مطلوبة لاصحاب العقل والوجدان..

5) اما السعادة الحقيقية كما يراها العرفاء وبعض علماء النفس الانسانويين كأميل فرانكل وجوردن بورت وآيزيا برلين, فتتحقق فقط عندما يحقق الانسان المعنى لحياته ويحقق بذلك ذاته الحقيقية ويرضي وجدانه( طبعا تحقيق المعنى يختلف عن تحقق الذات ولكنهما متلازمان), فيعيش البهجة والراحة الباطنية باستمرار رغم وجود تحديات وظروف صعبة في الحياة, وهذه المرتبة من تحقق الذات ورضى الوجدان لا تتحقق بذكر الله كما يتوهم المتدينون, فلا معنى لأن تطلب من صديقك ان يضحك بدون ان تحكي له نكتة او طرفة لأنه لو ضحك بدونها فسيكون ضحكه مجازيا ولا يعبر عن انشراح نفسي, ومع حكاية نكتة سيضحك حقيقة دون حاجة لأن تطلب منه ذلك.. وهكذا حال من يطلب من الانسان ان يذكر الله من دون الشعور بالارتباط القلبي معه والعشق له كما تطلب الآية ذلك, ومع وجود الحب لله لا داعي لأن يطالب بالذكر لأن حبه لله يكفي لأن يذكره دوما, وهل تحتاج الام لمن يذكرها بطفلها؟ بمعنى ان الذكر الصادق مترتب على وجود الحب ومعلول له لا انه علة للحب فيما بعد, فالحب لله لا يكون من خلال الذكر اللساني, وربما يكون مثل هذا الذكر بدافع من الانا والنفس الامارة للحصول على الثواب او لاقناع صاحبها انه مؤمن ومتدين, ولذلك نرى السلفيين هم اكثر الناس لذكر الله وتلاوة القران والصلاة مع انهم لا يفهمون معنى الحب اطلاقا.

هذا احد الطرق لتحقيق الذات ونيل السعادة في الحياة وهو طريق الحب لله, ولكن طريق السعادة الحقيقية وتحقيق الذات واضفاء المعنى للحياة لا ينحصر بذلك.. فبوذا مثلا لم يكن يعتقد باله ولكنه وصل الى قمة الكمال المعنوي والسعادة الحقيقية من طريق التأمل وتهذيب النفس من رغبات الانا, وهكذا حال المصلحين الانسانويين في البلدان المتقدمة..القاسم المشترك بينهم الخلاص من الانا والانانية وتكريس الشعور بالحب للانسانية والفضيلة حتى تتغلب على مصالحه الشخصية بأن يهتم المرء بتأسيس ميتم او مدرسة وروضة للاطفال الفقراء او يبني مشفى او يشترك في احدى المؤسسات الخيرية ويصرف بعض ماله ووقته على الامور الانسانية والخيرية او يناضل ضد قوى الهيمنة والمافيات الموجودة في بلده او يعمل على تثقيف الناس وتنوير عقولهم دون طمع شخصي من كل ذلك, او يساهم في الاختراعات والاكتشافات العلمية التي تخدم البشرية مثل اديسون ونيوتن وانشتاين وغيرهم من عمالقة العلم والحضارة, او يبدع في احد الفنون اذا كان يملك الحس الفني كالرسم والنحت والموسيقى والقصة وغيرها.. مانريد قوله ان الطرق لتحقيق الذات واضفاء المعنى للحياة وبالتالي نيل السعادة الحقيقية الوجدانية متعددة وكل انسان يملك طريق او اكثر للوصول اليها ولكن اكثر الناس عن هذا غافلون... ........... وشكرا لكم.



#أحمد_القبانجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشريعة والشعور بالذنب !
- كيف نعرف النفس؟
- حماقة الدفاع عن الله !
- كيف نفهم الشعور بالمسؤولية؟
- بين الدين والتدين!
- علاقة الدين بالاخلاق.
- لماذا يجب ان نكون اخلاقيين؟
- كيف نفهم الايمان؟
- ماهو جوهر الدين؟
- كيف نعرف الحق؟
- كيف نفهم العرفان؟
- كيف نفهم الله؟
- كيف نفهم خطوات الشيطان؟
- کيف نفهم الشيطان؟
- كيف نفهم العقلانية؟
- كيف نفهم الوحي؟
- كيف نفهم العقل؟
- كيف نفهم الحب؟
- كيف نفهم موسى وفرعون؟
- كيف نفهم الموت؟


المزيد.....




- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد القبانجي - الدين وسعادة الانسان !