أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - نبوءة العرافة -رجب أبو سرية-















المزيد.....

نبوءة العرافة -رجب أبو سرية-


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4410 - 2014 / 3 / 31 - 00:11
المحور: الادب والفن
    


نبوءة العرافة "رجب أبو سرية"
الرواية صادرة عن مركز "اوغاريت" في رام الله عام 2003، والتي تتحدث عن ما يشبه السيرة الذاتية للمقاتل الفلسطيني، علاقته بالمرأة والفكر والسياسية، وكيف أن هذا المقاتل ترجل وأمسى رجل سلطة، فرغم ما قاله في نهاية الرواية "لم أمت بعد" ص87، إلا أن القارئ يتأكد بان المقاتل السابق لم يعد ما كان عليه وان الواقع الجديد فرض نفسه وبقوة، الرواية تحدثنا عن أخلاق وأفكار المقاتل الفلسطيني عن المرأة وكيف انه ضحى بحبه وحبيبته، لكي تكون سعيدة وبعيدة عن الشقاء معه، فهو كان يعلم علم اليقين بأنه كمقاتل يحمل روحه على كفه، وفي أحسن الحالات يحمل جسده من مدينة إلى أخرى أو من بلد إلى آخر، فضل "أسامة" التخلي عنها لصالح "أمجد" لكي تنعم في الحياة، وهذا الموقف اتجاه "أسماء" حبه الأول النقي الصافي، كان بمثابة إحدى العطاءات التي قدمها المقاتل الفلسطيني لمحبوته، "أسماء" "أيها الحب المستحيل، لقد نجوت من الموت بأعجوبة، ما زال مصيري مجهولا، ومستقبلي غامضا، ولأني احبك، وأتمنى لك الحياة السعيدة، فأنني أتوسل إليك أن تقبلي امجد عريسا لك، .. أنا لا أناسبك، ليس لأني اشك في حبك لي، وليس لأني لا احبك، بل لان ظروفي ستجعل من حياتك، وحياتي جحيما لا يطاق" ص7، الخوف من المستقبل المجهول السبب الرئيس في جعل "أسامة" يتخذ هذا الموقف، فالصراع الداخلي عند بطل الرواية بين الانغماس في الحياة العادية، كأي إنسان عادي وبين القيام بواجبه الوطني اتجاه الأرض والشعب والفكر الذي ينتمي له، يعد من المسائل المهمة في الرواية، فبدون هذا الصراع كان يمكن أن تكون الرواية مجرد سرد تاريخي عادي لسيرة مقاتل.
ينتقل البطل من مكان إلى آخر وفي كل مكان كان يلتقي بامرأة "مليكة، فاطمة، انتصار" التي يتزوجها رغم أنها زوجة شهيد وأم لولد وبنت، ضمن هذه المسيرة يحمل أسامة أفكاره الخاصة عن المرأة، وبالتأكيد هي أفكار ثورية متطرفة على المجتمع "ـ ... فلتذهب إلى الجحيم، التقبيل وحتى الجنس إنما هو ممارسة عاطفية، تكتسب شرعيتها من تحقيق العاطفة المتبادلة" ص19 فهنا ما زال الثائر يحمل ثوريته الفكرية ولم يتخلى عنها، رغم تغير المكان والزمان معا.
يعود الكاتب إلى وصف حالة الفلسطيني المهاجر فيقول "ـ نحن يا صديقي في حالة من ترحال الدائم" ص26، فعدم الاستقرار في الجغرافيا مسالة واكبت الفلسطيني ومازالت إلى هذه الساعة، وكأنه قدر عليه الترحال والهجرة أبدا ما بقى الفلسطيني موجودا، حتى المدينة بالنسبة للمقاتل كانت زيارتها محدودة، في ظل الحصار الذي فرضه النظام الرسمي العربي على المقاتلين الذي خرجوا من بيروت "نحن هنا لا نرتاد المدن، مرة في الشهر" ص27، هذا الوصف يؤكد على الحالة غير السوية التي يمر بها الفلسطيني، فما بالنا إذا كان هذا الفلسطيني المطارد مقاتلا!،
الأحلام والفكرة النبيلة تواكب الإنسان صاحب المبدأ، فهي الرئة التي يتنفس بها، وهي من تمنحه الأمل في مواكبة الحياة الاستمرار في الكفاح، "ـ حين تفرغ الأحلام يا صديقي من رأسك سيفرغ قلبك من الحياة" يمكن أن تشكل هذه العبارة حكمة لكل إنسان، فبدون الأمل والأحلام ـ وكل الأدباء والشعراء حالمون ـ لن يكون هناك إنسان مبدع متميز، وإنما الإنسان العادي، الذي يأكل وينام ويمارس الجنس.
يتناول الكاتب مرحلة التفاوض والبرنامج السياسي، والحل المرحلي، وكيف أن عدم التوازن النفسي عند الفلسطيني يشكل أهم عائق في العمل ضمن برنامج استراتيجي واضح "نحن شعب بلا ذاكرة موثقة، الوثيقة تلغي الانفعال، ونحن قوم لا يمكننا أن نعيش دون أن نكون منفعلين.
أودنيس يا صديقي كتب كثيرا حول الفرق بين أن تكون فاعلا أو منفعلا، بين الإبداع والإتباع" ص31، هذا الحوار الفكري لم يكن أكثر من ترف للمثقفين والسياسيين الفلسطينيين، فالغالبة في النهاية كانت عمليا مع العودة المنقوصة والمشروطة للوطن، كل هذه الثقة ناتجة عن الاقتناع بان الفلسطيني مبدع ويستطيع أن يتكيف مع كافة الأحوال والظروف، فهو صاحب تجربة رائدة في مجال التكيف والإبداع، "متى ستدرك القدرة العجيبة للفلسطيني على التأقلم، بعد أن عجنته التجارب الصعبة، صار بمقدورك أن ترميه من الطائرة في صحراء قاحلة، وان تعود إليه بعد عام، لتجد أنه صار في الجنة" ص40، ثقة كبيرة في النفس، جعلت المعارضة أو المتشكك في اتفاقيات اوسلو وان يكون جزءا منها، فبمجرد قبوله المشاركة في مؤسسات السلطة أصبح فاعلا وعاملا ضمن الاتفاقيات، وهنا حدث تغير جذري في حياة المقاتل الفلسطيني وذلك من خلال "من كانوا يتقاسمون علبة السردين، ولفة السجائر، يتنافسون الآن على جمع الدولارات، وعلى اقتحام معاقل النساء، وصاروا أكثر طراوة من الحليب، بعد أن كانوا ..كانوا" ص 47، هنا كان التغير الجذري والعمق في حياة المقاتل والثائر الفلسطيني والعربي، فقد تحولوا من حالة إلى أخرى فرضت نفسها عليهم وبقوة، فيتشكل صراع جديد لا بد من التكيف معه، أو سيكون وبالا على من ينزوي منعزلا، فلا مجال إلا للخوض غمار هذه التجربة رغم ندرتها في الحالة الفلسطينية، فالفلسطيني لم يعهد أن يكون وزيرا أو مديرا عاما، "ـ لكن عودتنا ليست ذليلة على كل حال.
ـ لكنها إشكالية، ولا يمكن أن ننكر أنها جاءت نتيجة صفقة .
ـ صفقة سياسية من فضلك.
استقبال الناس لنا كان خرافيا، ومشاعرهم العفوية فاقت حدود التصور أو التوقع، أنستنا مفاجأة العبور إلى الوطن" ص64، إذن مواكبة المشاعر والأفكار الثورية التي يحملها المقاتل والثائر ما زلت حاضرة في وجدانه، من هنا لم يتخلى عن معتقداته وأفكاره، رغم هذه النقلة النوعية التي حدثت ـ دخول الوطن ـ
بعد أن يصبح "أسامة" مديرا عاما، تأخذ زوجته "انتصار" في تهيئته نفسيا، وأحداث تغيرات سلوكية ـ شكلية ـ في اللبس، حمل الخلوي، ركوب السيارة، المكتب، كل هذا يقوم به "أسامة" رغم معرفته بأن تغيرا رجعيا قد حدث في سلوكه، يتناقض مع أفكاره "نحن الآن لا نفعل شيئا، كل وقتنا فائض عن الحاجة، يمكننا أن نقضيه في النوم، في الراحة، وحتى أنه بمقدورنا أن نسهر، أن نسافر، أن نأكل وان نلبس ما نريد، لكننا لا نشعر بأية متعة على الإطلاق، نحن الآن مشكلة" ص85، هذه الوضعية التي وصل إليها المقاتل، يحمل ـ أوهاما قديمة ـ الواقع المادي أقوى منها، يمارس حياة لم يعهدها من قبل، ولا تتناسب مع أفكاره الثورية والطبقية التي حملها، لكنه ينساق أو ينجر ـ بإرادته أم مجبرا ـ إلى هذا الحال، ف "أسامة" يقول قي نهاية الرواية ما يشكل تبريرا لكي يقنع ذاته، بأنه مازال "أسامة" الثائر المتحمس النقي فيقول: "فلا النبوءة، ولا الأفكار المجردة غيرت من طبيعتي، أنا ما زلت جسدا وروحا قادرا على الحياة وفق التجربة، بكل ما فيها من مرارة، لم أمت بعد، وان كنت وصلت إلى الحافة الخطرة بين الشباب والشيخوخة، ولو جاء الموت غدا ... فلن اكترث، في أن أعيش حياتي حتى الرمق الأخير" ص87، هكذا ينهي رجب أبو سرية روايته "نبوءة العرافة" يحاول أن يقنعنا بأنه ما زال يحمل أفكار الشباب الثائر، لكنه في الواقع هو شيخ هرم، فالأفكار داخل النفس لا تفيد إن لم تكن حية على ارض الواقع.
في نهاية هذه العمل الروائي نقول بان الكاتب تجاهل جمالية المكان تمام، حتى أننا لا نجد صورة للجغرافيا أو الطبيعة في النص، واعتمد فقط على الأفكار والشخوص في إظهار قدرته الإبداعية، من هنا نجد بعض العبارات التي يمكن أن تشكل حكمة.
النص وضع بلغة سهلة بسيطة، تخلوا من الصور الأدبية والفنية، استخدم الكاتب ـ أحيانا ـ اللغة المحكية، كإشارة على تغير المكان والشخوص معا، فكانت اللهجة المصرية والفلسطينية واضحة في الرواية، كما أنه أعطى الشخوص حرية الحديث ليبدي كل طرف بأفكاره عما يحدث ويمارس.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النزيل وأمله -بابلونيرودا-
- الوحدة
- مصرع احلام مريم الوديعة -واسيني الاعرج-
- الدار الكبيرة محمد ديب
- المراوحة في المكان
- مع كابي وفرقته -ريمي-
- ملكوت هذه الارض -هدى بركات-
- أستمع أيها الصغير
- خربشات عربية
- طريقة تفكير العربي
- مسرحية الإستثناء والقاعدة بريخت
- المرأة بكل تجلياتها في رواية -الوطن في العينين- لحمدة نعناع
- الحضارة الهلالية والتكوين التوراتي (النص الكامل)
- الحضارة الهلالية (الفلاح والراعي)
- قصة حب مجوسية
- الحضارة الهلالية (الجنة)
- الحضارة الهلالية (البعل راكب السحب)
- اللغة في غير محلها
- سفر الموت في -مفتاح الباب المخلوع
- الحضارة الهلالية (قدسية رقم سبعة)


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - نبوءة العرافة -رجب أبو سرية-