أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طالب الجليلي - قطط وأشباح ...3















المزيد.....

قطط وأشباح ...3


طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)


الحوار المتمدن-العدد: 4408 - 2014 / 3 / 29 - 11:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قطط وأشباح .. 3

وزعت ما تبقى من سريتي على مواقعهم .. اربعة في عجلة الهمر الاولى وأربعة آخرين في العجلة الثانية خلفها وفي الجانب الاخر من الشارع الفرعي تفصلهم مسافة خمسون مترا .. خمس جنود على السطح وأربعة في الطابق الثاني خلف الشبابيك اما الثلاثة الاخرين فقد كان احدهم متمترسا خلف باب الدار واثنان كانوا معي ... كانوا يشكلون ما تبقى من سريتي التي يربط بينها وبين السرية التالية خلفنا فتحات في جدران المنازل المتجاورة كنا قد قمنا بفتحها لكي نديم التواصل بعيدا عن أعين العدو !! 
اه العدو ... من هو ذلك العدو يا ترى ؟! سألت نفسي وكأني اكتشف تلك الحقيقة المرعبة للمرة الاولى !! اختلطت الاوراق وتعددت التسميات وما عدت اعرف من هو العدو ...
كان ذلك الضابط الشاب يحاول جاهدا ان يعرف من هو العدو .. قال مرة ان اعدائه كانوا ثلاثة .. داعش والبعوض والقطط ..حين سألته عن الكلاب قال لي بسخرية: لقد اختفت الكلاب لانها لم تتحمل الجوع والخوف !!
عدت الى الماضي .. تذكرت .. تذكرت القادسية الثانية وحرب البسوس !! كنا في البسيتين .. اندلعت معركة ( تلول الله اكبر) وراحت المدفعية تصب حممها على فوجنا .. كانت هناك مجموعة من الكلاب اعتادت على التواجد بين مواضعنا وهي تعتاش على ما يفضل منا من الطعام الذي كان يحمل لنا من مطابخ المواقع الخلفية والذي كانت القيادة تغدق به علينا .. الكلاب ليست كالقطط .. الكلب وفي في طبعه .. لم ار كلب يأكل من جثث البشر .. اما القطط فقد رأيتها وهي تنهش الجثث التي انتشرت في شوارع المدينة حين أقتحمها الجيش بعد اندحار انتفاضة اذار !! والتي منعت القيادة رفعها لعشرة ايام .. كم هي حقيرة هذه القطط علما ان ديننا يسمح لها ان تعيش بيننا وتشاركنا فراشنا ويعتبر الكلب نجسا ... ما ان تسمع صوت المدفعية حتى تشاركنا تلك الكلاب بالركض نحو جحورنا وتزحف معنا خائفة وهي تهوهو نحو تلك المواضع الشقية ... 
من هو ذلك العدو الذي نقاتله في تلك المدينة ؟! 
قال وهو يسحب نفسا طويلا من سيجارته: فجأة وفي وضح النهار رصد احد الجنود الرابضين على سطح البيت مجموعة من قواتنا الخاصة تتجول ليس بعيدا عنا ببدلاتهم المميزة السوداء وتجهيزاتهم الخاصة بهم وكأنهم يفتشون بيوت الحي !! ترى من اين مروا ولماذا لم تخطرنا قيادة الفوج ؟! تسرب الشك في داخلي حين سارع احد الجنود بإخطاري فرحا بقدومهم !! إمرته بالعودة الى مكانه وانتظار امري ورحت اتصل بامر الفوج  مستفسرا.. قالوا سوف نتأكد وثم نخبرك .. دوى انفجار مرعب اهتزت معه اركان البيت وانتشر الغبار وتساقطت قطع الأسمنت من السقوف والجدران .. القوا قنابل حرارية على دبابة إبرام التي كانت تقطع الطريق خلفنا .. قاموا بحركة التفاف خلفنا وهاجموا السرية التي تتمركز خلفنا .. اشتعل الجو باصوات الرصاص .. دخلت مذعورة مجموعة من القطط وراحت تبخث على غير هدى عن مكان تختبئ به !! راح جنودي المتواجدون في السطح يطلقون بكثافة على القوة المهاجمة ..نقلت الموقف الى قيادة الفوج فرد علي شخص بوابل من الفشار والكلمات المبتذلة!!! كان العدو قد دخل على موجة الجهاز اللاسلكي الذي نستعمله .. قاطعه امر الفوج واعدا إيانا بالإسناد وأجابه الصوت بسيل من الشتائم .. !! بعد ساعتين من القتال وصل امر السرية الاخرى مع افراد سريته بعد ان يأس من وصول اي دعم من الفوج .. فقدت ثلاث مقاتلين وهرب ثلاثة في عجلة الهمر .. ألقينا القبض على جريحين .. كان احدهم سعوديا والآخر عراقيا ..أولئك هم الاعداء!! لدى اسنطاقنا للسعودي قال انه جاء لكسب الأجر بقتل الشيعة !! سألته: وهل قتل الشيعي اهم من قتل اليهودي فأجاب بثقة وبرود: الشيعي مشرك بالله وقتله واجب اما قتل اليهودي فإنه مستحب!!
اما الجريح العراقي فقد كان ضابطا في الأمن الخاص في زمن صدام ... قال انه مجبر على القتال ... : انتم اجبرتمونا على سلوك هذا الطريق .. أردف : ان لم تغتالني فرق الموت ، كيف وباي وسيلة أعيش ؟! لا راتب ، لا أمان ، لا مستقبل .. خياري الوحيد هو هذا الذي سلكته .. فيه المال وفيه التنفيس عن حقدي و غضبي وكرهي لواقع مزري...
القصة لم تكتمل ولها وجوه وجوانب اخرى !! هكذا قلت لنفسي وانا اسمع من ذلك الضابط الشاب ...
قال لي شرطي جريح : جائوا بنا ووزعونا في حركة غبية على شوارع الحي وازقته .. كانت عجلاتنا تحمل عنوانا استفزازيا واضحا   لاحدى محافظات الجنوب .. بل قام بعض الأميين من زملائي برفع رايات على مقدمة العجلات تحمل صورة الامام علي وعبارات استفزازية اخرى... فجأة صدحت سماعات الجوامع بالتكبير والدعوة للجهاد !! اشتغل علينا الرمي من كل جانب.. نزلت الى الشارع مجاميع ملثمة وراحت ترمي وتحرق العجلات .. قتل اثنان منا واصبت في كاحلي باطلاقة .. رحت اركض وانا اسحل بقدمي كأني قطة عرجاء تهرب مذعورة .. مرت بجانبي احدى عجلاتنا مسرعة فتح بابها ومد يده احد الاشخاص ومسكني من أبطئ وساعدني بالصعود .. رميت بنفسي متهالكا داخل العجلة وراحت الدنيا تدور بي .. كان ينبوع من الدم يتدفق من كاحلي المصاب .. رجوت السائق ان يرميني في المستشفى الذي يبعد قليلا فقط .. قال لي سوف يقتلونك !! قلت له : الى الجحيم .. المهم اصل المستشفى وليكن ما سوف يكون ..القوني في باب المستشفى وهربوا .. قام المضمدون بسرعة بخلع ملابسي العسكرية وضمدوا جرحي ثم سارعوا بنقلي الى ردهة اخرى بعيدة ثم البسوني بدلة رياضية وغطوا جسمي ووجهي .. دخل افراد مسلحون يرتدون ملابس  وكوفيات سوداء .. راحوا يبحثون عني ويبدوا انهم اخبروا بوجودي .. نفى المضمدون ذلك الخبر .. كانت لهجة المضمدين تدل على انهم من عرب المدينة... حين حل الظلام قام مضمد بنقلي بسيارته الخاصة الى بيت اهله .. رحب بي والده اشد ترحيب وهو يلعن الزمان الذي نعيشه ويستنكر ذلك الخلاف المصطنع بين ابناء الوطن الواحد والدين الواحد .. كان هناك شابا ينام على الارض قبالة الفراش الذي هيأ لي .. كانت ساقه مبتورة وبين الحين والآخر يسخر منه والده الذي يضيفني .. كان يلومه ويقول : هل فآدتك تلك الورقات الخضر اللعينة؟! .. كان ذلك ابنه الثاني وشقيق المضمد وقد أصيب باطلاقة نارية اثناء اخلاء الجيش لساحة الاعتصام ..!! 
بعد ثلاثة ايام من الضيافة والعناية والعلاج الذي دأب المضمد على جلبه لي من المستشفى، وبعد ان استطعت ان اتعافى نوعا ما، البسوني ملابس عربية وقام الاب بنقلي بسيارته البيك اب  من الرمادي الى سامراء وهو يسلك طرقا جانبية .. هناك أصر على إعطائي مبلغا  قال لي تلك اجرتك التي سوف توصلك الى مدينتك الجنوبية .. أخذ رقم هاتفي .. استلمني احد الاصدقاء الذي يعمل جنديا في سامراء والذي اتصلت به مسبقا .. ودعني الرجل الدليمي الغيور وهو يعتذر مني وقد ادمعت عيناه ....

تمت ( قصة حقيقية رواها لي مؤخراً  ضابط شاب وشرطي جريح في الرمادي ) 



#طالب_الجليلي (هاشتاغ)       Talib_Al_Jalely#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وشم
- رباعيات متأخرة ..كاملة
- واقعة ثور القاضي وبقرة جحا
- كامل شياع و محمد بديوي
- قطط وأشباح 2
- قطط وأشباح
- هذا وطن إم مبغى ؟!
- اوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة آذار 1991 ..20
- اوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة آذار 1991..19
- أحلام
- اوراق على رصيف الذاكرة ..1991..18
- اوراق على رصيف الذاكرة..انتفاضة اذار 1991 ..17
- اوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة اذار 1991..16
- عشك السواجي
- اوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة آذار 1991 ..15
- اوراق على رصيف الذاكرة .انتفاضة آذار 1991 14
- اوراق على رصيف الذاكرة..انتفاضة آذار 1991 ..13
- اوراق على رصيف الذاكرة .. انتفاضة آذار 1991 ..12
- اوراق على رصيف الذاكرة..انتفاضة آذار 1991..11
- اوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة آذار 1991.. 10


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طالب الجليلي - قطط وأشباح ...3